على مدار الساعة

كل معارض موافق وينعكس

8 مايو, 2019 - 16:48
محمد يحيي ولد العبقري

وددت لو نجحت عبر مكتوبي هذا في تبيان أن: كلّ معارض موافق وينعكس، سنرى...

 

بداية نبارك للمعارضين وهم المعارضة وللموافقين وهم الأغلبية مواقفهم من "الأحوال" السّياسية والاقتصادية: كل واثق أنه في الجانب المبارك.

 

 كما لا نريد أن نُزايِدَ على أحد في حبِّ الوطن لأن حبّ الوطن بالإضافة إلى كونه من الإيمان غريزي أيضا.

 

ولقد بينت لنا التجربة غير العلمية التي نكنّي عنها بالواقع أن المعارضة والأغلبية في تبادل شبه دائم للمواقع: المعارضُ طمعا في معروفٍ، والموافقُ لعدم نيل المرجوّ ما يؤثر علي انبساطه الولائي.

 

هذه المواقف منهم لم تعد تجلب انتباها أو تسبب انتقادا ومكتوب لها البقاء حتى اكتمال بناء الوعي العام لمواجهة التلون وعدم التمسك بالمبادئ.

 

هذا التبدّل في الانضواء لا يخضع لمعايير كما لم يعد الاعتذار لازما فيه فيكفي منه العودة إلى خط الجماعة، وتقمّص قول الشاعر:

قد تطرف الكفُّ عينَ صاحبِها *** ولا يُرى قطعُها من الرّشَدِ

 

ولقد قمت ببحث في الأسباب وراء ظاهرة التحوّل من المعارضة إلى الأغلبية، ومن الأغلبية إلى المعارضة، فوجدت في دروس الجامعة أن من يحسن ضربا يحسن ضدّه وتفصيلا: من يجيد الهجاء يتقن المديح، وهكذا.

 

ولقد رتبت عليه أن كلّ معارض موافق بالقوّة وينعكس، كون العلم بالشّيء يلزم المعرفة بضدّه.

 

وقد عرفت من ذلك أن باب التغاير بين المعارضين والموافقين شكلي، فما إن تظْهر مصالحُ يُشْرع في التحوّل إلى الجانب الآخر.

 

ولقولهم إن السياسة فن "التّمصلح" وأن لا صديق يدوم ولا عدوّ أبديّ فهذا أيضا يدعم ما ذهبنا إليه.

 

وبقليل من التّفطّن ندرك أن المعارضَ إنما فعلها أوّلا للفت الانتباه إليه فلما تمّ له ذلك رجع إلى الأصل (الأغلبية)، وخطب ودّ النظام بعدما برهن على صلابة عوده وأنه موجود.

 

ويذهب البعض إلى القول بأن من هم في الواجهة الآن قادمون من الجانب الآخر وهم الآن في الوضع المناسب بينما لا يزال من التحقوا بالأغلبية أولا وبداية في الانتظار.

 

وهذه الرواية تثبت وجاهة طرح السؤال: هل المرور بالمعارضة أخيرُ من الانتماء ابتداء؟  

 

هذا الحراك جيئة وذهابا والّذي يتم من الجهتين هو في الحقّيقة تعبير عن التنكّر للمواثيق؛ إن كان في السياسة مواثيق.

 

ولأن هذه المواقف لا تعبّر عن رأي عام، فعلينا عدم فقدان الأمل في الطبيعة الإنسانية التي هي في الأصل تطمح إلى الحق والالتزام في المواقف.

 

لكأن الانتماء للمعارضة هو بمثابة التمهيد تماما كما يفعل مُقْصِدَ القصيدة: يبكي، ويخاطِبُ الربع، ويستوقف الرّفيق، ليجعل كل ذلك سببا في ذكر أهلها الظاعنين عنها.

 

فالمعارض يناضل ويشدّد ويذكر مساوئ الحكم لتهيئة الظرف المناسب لمغازلة النظام في الاستحقاق المنتظر.

 

وختاما، يمكن القول: إن السياسة - لمن يفقهها - مسرحٌ كيْديٌّ تتقمّصُ فيه النخبة أدوارا مختلفة عن وعي، بينما يتمثل دور المواطن العادي في الوقود، يُحمى عليه، وتُقطعُ به المراحلُ.

 

فمتى إذا ستعامل الأحزابُ والأنظمة النّاسَ على قاعدة من الصّدق في القول، والإخلاص في العمل؟

 

ومتى يكون التحوّل من جهة سياسية إلى أخري بدافع المراوغة والنفع عارا وفهما سقيما؟

 

أمّا الشّعوب الكادحة فجميلٌ إدراكُ أنّ حسابَها إذا ما تقرّرَ عسير لا يُتَصوّر.

 

 أدام الله عافيته على الجميع...