على مدار الساعة

السباق الانتخابي التونسي: الرهانات والتوقعات

10 سبتمبر, 2019 - 02:05
محمد محمود الحمد الملقب عزيز

خلال هذه الأيام تشتد حدة التنافس بين مرشحي الانتخابات الرئاسية التونسية السابقة لأوانها، فقد انتصفت الحملة الانتخابية، واقترب المتنافسون من اكمال المارتون، حيث سيكون الشعب التونسي علي موعد مع التاريخ لاختيار رئيسه منتصف سبتمبر الجاري.

 

امتازت هذه الانتخابات بغموض لم يسبق له مثيل في العالم العربي. في علاقة بالنتائج التي ستسفر عنها حيث يجمع المراقبون على استحالة التنبإ بالمرشحين الذين سيعبران إلى الشوط الثاني رغم استخدام كل وسائل الاستشراف من طرف الإعلام والمراقبين ومنظمات المجتمع المدني والمحللين بمختلف توجهاتهم. .

 

الأمر الوحيد المتفق عليه، هو وجود شوط ثان في هذه الانتخابات وتعذر الحسم في الشوط الأول.

 

مع أن هذا لم يمنع من تحديد سبعة مرشحين، باعتبارهم المتنافسين الجديين في هذه الانتخابات. مع تفاوت نسبي بينهم، حيث من المرجح أن تنحصر المنافسة الحقيقية في هذا السباعي وهم على التوالي وبترتيب اعتباطي: عبد الفتاح مورو - عبد الكريم الزبيدي - يوسف الشاهد - نبيل القروي - قيس اسعيد - عبير موسي - محمد عبو.

 

هذا وقد شكلت الوفاة المفاجئة للباجي قائد السبسي إرباكا للساحة السياسية التونسية، مما تسبب في انهيار تحالفات وانقطاع حوارات كانت كفيلة بتقليص عدد المترشحين للانتخابات من هذا الرقم الكبير (26 مرشحا) إلى عدد معقول يشكل التمثيل الحقيقي في الساحة لمختلف العائلات السياسية لكن الجميع أخذ علي حين غفلة، مما أدى إلى ترشحات عشوائية أربكت المشهد حيث أن تغير الرزنامة الانتخابية وتقديم الرئاسية على التشريعية دفعت مختلف الأحزاب إلى الحرص على ايجاد قدم في الانتخابات الرئاسية حتى لا تبقي الساحة خالية للأحزاب الأخرى في الفضاءين السياسي والإعلامي. الشئ الذي كان ليتغير لو بقيت الرزنامة كما كانت وتم تقديم الانتخابات النيابية.

 

وعودة إلى المرشحين سأحاول التعريف بنقاط القوة والضعف التي يركن إليه المرشحون الكبار مع الإشارة إلي العائلات السياسية التي يراهنون عليها في هذا الاستحقاق الانتخابي.

- عبد الفتاح مورو: هو رئيس البرلمان بالنيابة وهو مرشح حركة النهضة التي عدلت عن موقفه السابق - بالبحث عن ما وصفه الشيخ راشد الغنوشي بالعصفور النادر الذي تجتمع عليه مختلف الحساسيات السياسية - وقررت الترشيح من داخل صفوفها، ورغم ان النظام الداخلي ينص علي أن أولوية الترشيح تبقي لرئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي إلا أنه اختار التنازل . وقدم رفيق دربه والرجل الثاني في الحركة تاريخيا الشيخ عبد الفتاح مورو، كمقترح لمجلس شوري الحركة الذي صوت بشبه إجماع علي هذا الخيار.

 

ومثل ترشيح الرجل مفاجأة كبيرة للساحة السياسية خصوصا اذا أخذنا بعين الاعتبار، ما عرف عن الرجل من مواقف متناقضة مع مواقف الحركة وتوجهاتها.

 

ويتكئ مورو علي خزان حركة النهضة الانتخابي الذي شهد مدا وجزرا خلال السنوات الماضية حيث يتأرجح بين 30% و20%.

 

ويواجه مورو تحديا كبيرا. يتعلق بقدرة مرشحين آخرين يغازلون نفس الخزان الانتخابي على انتزاع مساحات داخله وهم: منصف المرزوقي الرئيس السابق وحمادي الجبالي القيادي السابق في حركة النهضة.

  

- عبد الكريم الزبيدي: هو طبيب شغل منصب وزير الدفاع بعد الثورة على فترات متقطعة، وهو وزير الدفاع الحالي أخذ إجازة للترشح للانتخابات الرئاسية.

 

يوصف بمرشح المخزن ومقربين من الباجي، ويتهمه البعض بأنه مدعوم من محور الإمارات تسبب في مشاكل اتصالية بعد خرجاته الإعلامية الأخيرة.

 

يعول علي الخزان الندائي الذي أوصل الباجي قائد السبسي للحكم وهو خزان كبير يفوق 40% لكن مشكلته في وجود عشر مرشحين من نفس المجال الذي يسمي بالوسط الدمقراطي وهم على سبيل المثال لا الحصر؛ يوسف الشاهد - محسن مرزوق - مهدي جمعة - ناجي جلول...

 

- يوسف الشاهد: هو رئيس الوزراء الحالي صعد إلى السياسة بطريقة مفاجئة حيث دخل بعد توليه رئاسة الوزراء في صراع صلاحيات مع الرئيس السابق الباجي مما أعطاه قدرة على المناورة، حيث شكل حزبا وريثا لحزب الباجي ترشح من خلاله للانتخابات الرئاسية، وقد اخترق التوافق بين الباجي وراشد، حيث حل مكان الباجي في الأشهر الأخيرة، وكان لحركة النهضة الفضل الأكبر في بقائه على رئاسة الوزراء رغم المشاكل التي واجهها مع الباجي الذي جاء به إلى رئاسة الحكومة.

 

يراهن علي نفس الخزان الندائي الذي يراهن عليه عبد الكريم الزبيدي مما يجعل المنافسة بينهما شديدة تصل حد تسريب معلومات الأصل فيها أن لا تخرج إلى العلن.

 

- نبيل القروي: هو مدير قناة نسمة موجود في السجن متهم بتهم تبييض أموال، وخروج على القانون.

 

يوصف في أوساط كثيرة بمرشح المافيا، يشبه كثيرا المرشح الهارب إلى فرنسا  سليم الرياحي، يمتلك نبيل منظمة خيرية تهتم بتوزيع المساعدات الغذائية والطبية.

 

صعد صعودا جنونيا خلال الأشهر الأخيرة في استطلاعات الرأي.

 

يعول على اختراق مختلف الخزانات الانتخابية خصوصا الخزان الندائي وأحزمة الفقر الموجودة في الجهات الداخلية وبعض ما يسمي بالأوساط المافيوية.

 

- قيس اسعيد: هو ظاهرة عجز كثيرون عن دراستها. عرف كأستاذ قانون دستوري، وأعجب الناس بطريقة تعبيره.

 

لم تعرف عنه مواقف واضحة إلا أنه تسلل الي استطلاعات الرأي مسجلا مراكز متقدمة.

 

ويتوقع كثيرون أن ياخذ من الخزان المحافظ القريب من حركة النهضة والحركات الثورية.

 

- عبير موسي: محامية تحاول إحياء تراث بن علي من خلال اعتبار الثورة كارثة على الشعب التونسي.

 

تهدد بحل أحزاب مثل حركة النهضة، ويكبر فيها كثيرون وفاءها للرئيس بن علي رغم تخلي الكثيرين عنه.

 

تعول على الناقمين على الثورة وبعض الدستوريين الذين لا يجدون أنفسهم في المرشحين الآخرين.

 

- محمد عبو: هو مرشح الطهر الثوري أو هكذا يصف نفسه، يرفع شعار محاربة الفساد.

 

شاب طموح يلقى خطابه قبولا في أوساط مختلفة وهو أقل السبعة حظا في العبور إلى الشوط الثاني حيث ينقصه ما يسميه التونسيون الماكنة الانتخابية، إضافة إلى ما سبق هناك مرشحون آخرون لا يمتلكون حظوظا حقيقية إلا أنهم يمثلون عناوين ومدارس تاريخية، لذلك وجب التنبيه إليهم وهم:

- صافي السعيد: مرشح قومي مدعوم من حركة الشعب مع العلم أن التيارات القومية منقسمة بين عدة مر شحين أغلبهم من خارج التيار القومي.

- حم الهمامي: مرشح جزء من اليسار حيث ينازعه مرشحان آخران - هما منجي الرحوي وعبيد لبريكي - تمثيل اليسار.

 

يتصارعون علي خزان انتخابي لا يتجاوز7%.

 

كل ما سبق يبقي تحليلا وقراءة في ساحة تقف علي رمال متحركة سريعة التشكل والتغيير، المحدد الأساسي فيها هو المواطن التونسي، وما سيقرره يوم الاقتراع

 

فلنترقب ولننتظر...