على مدار الساعة

عفوا أيها السادة!

8 أكتوبر, 2019 - 16:26
محمد طالب محمد المختار ناجم - مفتش تعليم أساسي

عفوا أيها الكتاب المبدعون وصفا وتأنقا وتنظيرا للتعليم فأنتم عالمون حد النبوغ في التنظير جاهلون حد الغباء بالواقع الذي له بحماس تنظرون!، عفوا أيها الخطباء المتحذلقون وفقا للمتاح من توجيهات السيد الأول الماضغون فوق أرائكهم العاجية مصطلحات ليس يفهمها غيرهم وإن أكلوا بها مع كل الحكومات من رشح مخصصات طباشير سبورة كل صامد في حجرة درس!.

 

عفوا أصحاب الدالات الكبيرة والذالات المتوسطة!، عفوا أيها المزايدون أبدا على كل ممتهن، السالكون في التنظير للتعليم طرقا لا معنى لها لو لم تكن طريقا محتملة للظهور أو التعيين!.

 

أما كفاكم أيها السادة؟ فلطالما تزودتم من تجارة مضغ الكلام وتمطيطه وفق توجه كل قائد جديد، ولطالما راعيتم بطونا ليا بألسنة وطعنا في كل ممتهن!، عفوا أيها السادة فقد والله مللنا ترفكم وسئمنا تجاسركم ووالله ما عدنا نحس منكم من أحد ولا نسمع مما تنظرون ركزا!، وقد بتنا لا نرى لكم من سديد الرأي غير إعمال التوبة تأسيا بـ"العقيلي" يزيد بن الصقيل:

ألا قل لأرباب المخائض أهملوا *** فقد تاب مما تعلمون يزيد

وإن امرؤا ينجوا من النار بعد ما *** تزود من أعمالها لسعيد

 

أيها السادة الكرام عفوا فلطالما استمعنا بصبر لثرثرة ترفكم الفكري ونحن نتثاءب من النعاس أمام مطولاتكم المتحدثة بكلامنا في كلامنا بما ليس من كلامنا!، فهل تسمعون منا ولو لمرة واحدة؟!.

 

لقد مر من غير لفت لانتباهكم اليوم العالمي للمدرس (5 أكتوبر) فعذرناكم لما عهدنا منكم أزلا من كونكم لا تتكلمون في غير توجه الحكومة ورأس النظام وقد علمنا أن المدرس ومنذ السبعينات هو الكادح خارج دائرة الاهتمام لتوجهات الحكومات ورؤوس أنظمتها المتعاقبة!.

 

لقد مرت عليكم دون أبسط ملاحظة استقالة بعض مفتشي قطاع التعليم غيرة لقطاعهم وإعلانا لموته السريري وذلك بعد يومين فقط من صدور مذكرات عملهم!، نعم عليكم مرت استقالتهم دون أية وقفة من وقفاتكم المنسجمة دائما مع التوجه الحكومي، ولا أحد يعتب عليكم في ذلك فأنتم ملتزمون أبدا بدائرة اهتمام الحكومة ورأس نظام الحكومة وليست مفتشيات التعليم ومنذ عقود بالداخلة في دائرة الاهتمام تلك!.

 

كل ما في الأمر أن رأس النظام وحكومة رأس النظام تكلموا عن إصلاح التعليم فتكلمتم عن إصلاحه!، ولأنهم لم يسألوا فلم تتساءلوا ولو من باب ترف عودتمونا إياه عن ماهية ووسيلة وكيفية هذا الإصلاح المزعوم وكأنكم والحكومة تجدون في تعهدات السيد الأول وإدمان التطبيل لها والدندنة حولها ما يكفي بديلا عن إصلاح وضعية تعليم يموت سريريا وقد بدت من هزاله كلاه وسام ممتهنه كل مفلس ضمير ورأي وإن "تأستذ" في غير شعور بهموم الأستاذ و"تدكتر" في غير ما إحساس بإكراهات الدكتور وحتى "تشوهر" في التنظير للتعليم كل مكن نفسه زورا بفني تعليم!.

 

لأنني لا أراهن كثيرا على قراءتكم للواقع خارج النص الرسمي ولا على رؤيته بغير عين التلفزيون الوطني فإنني أريد أن ألفت انتباهكم هنا لنقاط سريعة وملاحظات على كبرها قد تتصورونها مجهرية وأتصورها من أدق نقاط واقعنا التعليمي الموشك على الإنهيار:

- مرور اليوم العالمي للمدرس دون ملاحظة في كل سنة وفي سنة المكاء والتصدية هذه دون استحضار مادي محسوس أو معنوي ملموس لهذا المدرس ينبئ بعدم الجدية في التعاطي مع إصلاح التعليم!.

- استقالة بعض شرفاء المفتشيات وإعلان براءتهم من التواطئ على جريمة التستر بغية الإجهاز على تعليم يموت عمل شريف سوف تضغط مافيات الفساد في وزارة التعذيب للتراجع عنه متمسكة بخيار إبدالهم بكل متطوع راض بلعب الدور مقابل تعيين رمزي لم يسمن يوما ولم يغني من جوع.

- تململ المدرس المتزايد من وضعيته المزرية وتذمره من إدمان الضحك عليه لعقود قضاها صابرا محتسبا بين جدران سجن أطلال ابتدائية وأشباح هياكل ثانوية بات أمرا باديا ومقلقا لغير باعة الوهم من الكتاب ومافيات الإصلاح تحت مكيفات الوزارة وبات تجاهله منذرا باستقالات جماعية من إدارات مؤسسات تعليمية عدة بسبب غياب أبسط وسيلة مساعدة على العمل الإداري، وهو أمر إن حدث فقد تعجز أمامه ترقيعات الوزارة وذلك بفعل التزايد للشعور بالمسؤولية أمام مشكل انعدام أبسط الوسائل المعينة على إدارة هذه المؤسسات التعليمية المنهارة.

 

أخيرا لم أقصد المعاتبة ولا التحريض بل لعلي ملتزم بالعرف الإداري الذي يطالبني بعدم الدعوة للاضراب أو الاستقالة ولكنني من منطلق الأمانة أردت دق ناقوس الخطر ومخاطبة الكبار – باللين! – رجاء أن يرحمنا بعضهم من تدخلاته الثقيلة و"حشريته" الزائدة، وأن يفهم المكيفون في مكاتب وزارتنا أن يد المكتوي بالنار لا تشعر بالضرورة شعور يد من يحط في "الزبدة" يده!:

 

إنا إذا مالت دواعي الهوى *** واختلط الحابل بالنابل

لا نجعل الباطل حقا ولا *** نلط دون الحق بالباطل

 

كامل الود