على مدار الساعة

مقترحات إلى صانع القرار الإعلامي الوطني

5 ديسمبر, 2019 - 13:49
محمد الشيخ

الشفافية.. وبناء الصورة الخارجية  ملاحظات من واقع التجربة 

 لم يعد خافيا على أحد، خاصة من ذوي الاختصاص في الشأن السياسي والإعلامي إمكانية الاستفادة من القدرات الهائلة التي تتميز بها وسائل الإعلام وإدارات العلاقات العامة في التأثير على البرامج والأهداف التنموية، مهما اختلفت خطط التنمية التي يتبناها كل نظام سياسي بغض النظر عن الأيديولوجية التي يتبناها.

 

ومن الأكيد أن دور الإعلام يزداد تعاظما كلما فهم صانع القرار السياسي ذلك الدور لجهة دعم نفوذه أو توجيه رسائله للجمهور المستهدف سواء كان الشعب المراد سياسته أو القوى الحية في المجتمع بأفكارها وسياساتها ورؤاها المختلفة والمتصارعة أحيانا، ولذلك فإن من المهم وضع الخطط اللازمة للتعامل مع المتغيرات المختلفة التي تطرأ على المجتمع وتوجيهها لمصلحة المشروع السياسي والاقتصادي المراد تنفيذه، مع التأكيد على أن وجود خلل في السياسة الإعلامية أو عدم وضوح الرؤية من شأنه التشويش على مجمل السياسة التنموية في الدولة لأن المعوقات الناتجة عن رغبة المنافسين في حجب الإنجازات أو الجهل المطبق بما يتم القيام به أو الفشل في إنارة الرأي العام بالسياسات المقام بها كلها امور تجعل الخطط التنموية لا معنى لها بل إنها قد تتحول إلى عامل عدم استقرار يهدد النظام بأسره ويجعله في أية لحظة قابلا لأن يجد نفسه محل عدم ترحيب من الجماهير التي يستهدفها بخططه التنموية.

 

وتحاول هذه الورقة وضع سياسة إعلامية شاملة تنطلق من مجموعة من الأسس والمرتكزات التي لا غنى عنها كمفاتيح لأي عمل إعلامي مدروس، كما تتضمن الخطة آليات تنفيذ قابلة للتطبيق العملي وبوتيرة تضمن لها الديمومة، وتجعلها محل قبول من الخصوم والداعمين على حد سواء لأنها تتعامل مع الجميع من منطق الرغبة في التركيز على نقاط الاتفاق وترك النقاط الخلافية لمراحل لاحقة، والتعامل مع المعلومات على أنها حق مقدس لا يجوز التحريف فيها، ولا تلوينها من أي جهة، كما تفترض في من يقومون بتقديم المعلومات الأمانة العلمية والأخلاقية لتوصيلها للشعب ولصانع القرار في مراحله المختلفة .

 

نحو بلوغ الهدف

من المؤكد أن معلومة صغيرة قد تجد طريقها عبر وسائل الإعلام أو أدوات التواصل الاجتماعي يمكن أن تقلب الموازين رأسا على عقب، وتعكس هذه الحقيقة وجهين هامين من أوجه عمل العلاقات العامة والإعلام هما: أهمية المصداقية في التأثير على الناس وعلى ردود أفعالهم، وكذلك أهمية الدور الذي تلعبه العلاقات العامة والإعلام في عالم اليوم.

 

لذلك من الأهمية بمكان منح التدريب والتأهيل أولوية لخلق جيل جديد من المهنيين والمهنيات ورفع مستوى القائمين على مهنة العلاقات العامة والإعلام وخلق فرص عمل جديدة ونوعية، وهنا فقط يبرز الدور الهام للعلاقات العامة والإعلام كجسر بين المؤسسات الحكومية وبين مختلف شرائح المجتمع.

 

وعلى المؤسسات الوطنية أن تدرك أن "مهمة الإعلام والعلاقات العامة لا تنجز أبدا" إذ أنها عملية مستمرة ما دامت الرسالة موجودة ومستمرة، ومن ثم فإن التحدي الأكبر هو كيفية التأقلم مع هذه المتغيرات، والارتقاء بالمهنة لمستويات جديدة تتناسب مع هذا الواقع الجديد وكيفية التطوير المؤسسي لعمل واستراتيجيات العلاقات العامة، وبناء القدرات، وتعزيز المقدرة على التنافس، والاستعداد الدائم لمواجهة الأزمات. 

كما أن عمل العلاقات العامة والإعلام لا يتضح ويبرز كوظيفة إستراتيجية إلا عند مواجهة الأزمات، إذ من النادر أن نرى الازمات قبل أن تضرب، فعدم الاستعداد للأزمة يفوت معظم احتمالات النجاح في امتصاص آثار الصدمة.

حيثيات التعاطي الرسمي مع الإعلام (داخلي وخارجي) 

من المهم الإشارة بداية إلى أن تعميم البث التلفزيوني والإذاعي وشبكات الانترنت على جميع أنحاء التراب الوطني، مسألة ملحة وجوهرية في صياغة الرأي العام الوطني وأخذه في الاتجاه الذي تستهدف هذه الورقة الوصول إليه.

ومع أنه لا مناص من الاعتراف هنا بأن موريتانيا حققت الكثير من التقدم في مجال الإعلام وحرية الكلمة، فإن على جميع وزارات الدولة وإداراتها وأجهزتها أن تدرك أهمية العمل على ترسيخ المصداقية والدقة والمهنية العالية كنهج رئيسي لعمل العلاقات العامة والإعلام، خصوصا في التعامل مع الأحداث الطارئة والحد من الضرر الذي قد يلحق بسمعة المؤسسات.

 

كما يجب أن تهتم بإبراز شخصية موريتانيا المتميزة وأن تسعى مع وسائل الإعلام لتعميق عاطفة الولاء للوطن الموريتاني الواحد في نفوس المواطنين وأن تحرى عند التعامل مع الإعلام الموضوعية في عرض الحقائق والبعد عن المبالغات والمهاترات وأن تقدر بعمق شرف الكلمة ووجوب صيانتها من العبث وتبتعد عن كل ما من شأنه أن يثير الضغائن والاحقاد.

كما يجب أن يصار إلى وثيقة إعلامية تتم طباعتها وتوزع على جميع الإعلاميين وتقام حولها ندوات لتبيانها وشرحها للعاملين في وسائل الإعلام واعتماد جوائز سنوية لكل من يكرس مفهوم الوطن والمواطنة على حساب المفاهيم الضيقة الأخرى. 

وهنا لابد من أن تدعم الدولة قيام مراكز الأبحاث الاستراتيجية وتمدها بالمعلومة الصحيحة، وأن تعيد النظر في سياستها الإعلامية الخارجية (عدم إعلان الدولة وجهة نظرها في العديد من القضايا الدولية) التي تحاشت في كثير من الأوقات التعليق على أزمات أو قضايا يقع الموريتاني في المرتكز منها وربما تمس حياته اليومية، فضلا عن غيابها الواضح عن الكثير من المنتديات العالمية المهمة. 

 

 الإعلام في مواجهة التحديات ( النموذج الموريتاني لحل الأزمات) 

 

إن نجاعة هذه الخطة وتطبيقها الناجح ستحدده إلى حد كبير كيفية تعاطي الرسمي مع بعض المشاكل والظواهر المزمنة في موريتانيا مثل مخلفات الرق (العبودية) والبطالة وارتفاع الأسعار ومكافحة الفساد بأنواعه ونفاذ الجميع على قدر التساوي إلى أماكن العمل وتطبيق سياسات تعلي من شأن المواطنة وتحد من تأثير القبيلة ودورها المجتمعي.

كما سيلعب دورا كبيرا في هذا المجال بناء سياسة إعلامية منسقة ومتكاملة موجهة للداخل والخارج في آن واحد، بحيث تخطط وفق منطق متوازن وتدرس التفاصيل دون أن تترك مجالا للصدفة.. وتتصدى بشكل واع ومدروس لأبرز القضايا التي تعانيها الدولة وسنوضح ما قصدناه في النقاط التالية:

 

• العبودية: يجب أن تبنى البلاد سياسة إعلامية شاملة تتعامل بجد وحزم في نفس الوقت مع مخلفات هذه الظاهرة بحيث لا تترك للوصوليين ومقدمي أنفسهم لهذه الشريحة على أنهم المخلصون الجدد من مفرزاتها. 

• البطالة والتوظيف: فعلاوة على ما تقوم به الدولة محليا وكما هو شأن كل الحكومات من الضروري العمل والسعي إلى إبرام عقود توظيف للموريتانيين في الأماكن الجاذبة للعمالة ومن أهمها دول الخليج في الوقت الحالي لما يدره ذلك من عوائد مجزية على الاقتصاد الوطني.. وفي هذا السياق يجدر  بالدولة الموريتانية أن تكافح عمليات غسل الأموال وتجريم هذه الظاهرة التي تحول دون ضخ العملات الأجنبية في شرايين الاقتصاد الوطني.

 

كما أن من الأهمية بمكان تكثيف الحملات الدعائية التي تروج للبلاد كبيئة للأعمال والاستثمارات الاقتصادية وكوجهة سياحية وفي هذا المجال ننصح بتصوير فيديوهات معززة بالأرقام تشرح المناخ الاستثماري في الجمهورية وتعرّف بها وتُعرض في زيارات رئيس الجمهورية لكل البلدان المستهدفة.

 

• ارتقاع الأسعار: تنتج هذه الظاهرة بأحد طريقين أما الأول فهو السوق العالمي الذي لا يمكن لبلادنا أن تنفصل عن تقلباته وهنا يأتي دور المؤتمرات الصحفية التي توضح هذه الحقيقة بالأرقام وتضعها أمام الجمهور، أما الطريق الثاني فهو جشع التجار وزيادة الأسعار دون مبرر سوى الكسب السريع على حساب المواطن العادي وهنا لا بد من الضرب بيد من حديد كل من يثبت تطوره في الإضرار بمصالح المواطنين لمصلحة شخصية أو مصالح ضيقة.. كما يرتبط بهذا الموضوع ظاهرة الغش التجاري التي ضربت السوق الموريتاني ولم تترك له سمعة بحيث يعاقب بصرامة كل من يعرض حياة المواطنين للخطر.

• القوانين والتشريعات: يجب أن تلجأ الحكومة الموريتانية إلى بناء ترسانة قانونية تحدّث في القوانين والتشريعات الموجودة فعليا وتبتكر قوانين لكل حالة على حدة يطبق على الجميع دون استثناء على أن تكون متماشية مع أهم القوانين الدولية وذلك بالاطلاع على مجموعة منها وتفصيل قوانين مورياتنية حديثة تطول كل المجالات.

• المعارضة وخرجاتها والموالاة وأطماعها: من المؤكد أن بين صفوف الاثنين (المعارضة والموالاة) الصالح والفاسد ولن يتسنى بناء الدولة وهيبتها دون إثابة الصالح ومعاقبة الفاسد وفي هذا السياق لا مناص في مجال الإعلام والنشر من متابعة لصيقة لكل من يكتب والتقييم الدقيق لما يكتبه.

 

نقطة ارتكاز أساسية.. 

وقبل الخوض في تفاصيل الخطة يجب التركيز على نقطة جوهرية وإيلائها الأهمية القصوى لما لهما من أهمية في تغيير المشهد الإعلامي الوطني وهي :

أولا : تشخيص المشكلة : 

مشكلة حجب المعلومات: فمن المعروف أن الكثير من الدوائر الحكومية لا تعطي للصحافة نشرات يومية عن أنشطتها المختلفة وتترك للصحفيين مهمة البحث بأنفسهم عن المعلومات! وهو أمر في غاية الخطورة حيث يتسبب البحث عن السبق الصحفي والرغبة في الحصول على الخبر المثير في مشكلات لاحصر لها منها اللجوء إلى اختلاق الأخبار الكاذبة وترويج الإشاعات وفقا لأهواء الصحفي اوالمؤسسة التي يعمل بها! وهو مدخل تدخل منه أطراف أخرى لها مصلحة في التشويش على صانع القرار السياسي فتحول إنجازاته في المؤسسات المختلفة إلى إخفاقات وتركز على الجوانب السلبية بدل تلك الإيجابية! ليضيع الجمهور المستهدف بين التصديق والتكذيب، وتزداد المشكلة صعوبة عندما لايتم تكذيب تلك الاخبار الكاذبة في الوقت المناسب، أو عندما يتم تكذيبها بطريقة غير منسقة كأن يتولى الرد عليها غير المختص او أن تلجأ المؤسسات إلى كتاب من خارجها للرد على وسائل الإعلام فيتحول الموضوع إلى سجال لفظي أو على صفحات المواقع والجرائد لتغيب الحقيقة في النهاية ويغيب معها وقع مشاريع تنمية هامة كان يمكن أن يكون لها دور كبير في جهود التنمية لو انه اعلن عنها للشعب في الوقت المناسب وبطريقة توضحها، وبطول الوقت وتكرار العمليات من هذ القبيل تفقد الجماهير رغبتها في متابعة الشان العام وتترك المجال للمتطفلين من أدعياء المهنة لكتابة مايرونه مناسبا لهم، وتتحول العملية الإعلامية لديهم إلى تجارة وابتزاز.

الحلول المقترحة

 

تنطلق الحلول المقترحة من مجموعة نقاط أجدها ضرورية لتغيير الواقع الإعلامي وأول تلك الحلول المقترحة:

 

إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية:

بحيث تتضمن كل مؤسسة إدارة خاصة بالعلاقات العامة والإعلام تكون مهمتها الأساسية التعامل مع الجمهور، ومع وسائل الإعلام وإمدادها بالمعلومات اللازمة بغية تصحيح الصورة السلبية عن الإدارات الحكومية وما يردده الإعلاميون من أن تلك الإدارات لاتمدهم بالمعلومات اللازمة، وتقوم بعمل تعتيم على أخبارها ! وهو ما يجعلهم يكتبون أخبارا ملفقة أو غير دقيقة على الأقل .

ومن المهم أن تتضمن كل إدارة من إدارات العلاقات العامة عددا كافيا من الصحفيين للقيام بمهام الإعلام والتحرير الصحفي والرد على استفسارات الصحفيين في القطاعين الحكومي والخاص وفريقا خاصا بالمراسم والرد على استفسارات الجمهور والمهتمين بالشأن العام والرد على استفسارات المواطنين وتقريب الإدارة منهم .

ويتطلب هذا العمل القيام ب :

• حصر شامل للوزارات والهيئات الحكومية المستقلة والإعلان عن مسابقة كبرى لاختيار الكوادر الإعلامية المطلوبة بشكل سنوي وتدريبها في المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة، مع البدء بالجهات ذات الارتباط المباشر بحياة المواطنين وفقا لما تسمح به الميزانيات الحكومية في كل وزارة، ومن شأن هذا الإجراء توفير فرص عمل للعشرات أو المئات من الصحفيين الذين يعانون من البطالة، مما يجعلهم مصدر تشويش على عمل الجهاز الحكومي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو صفحات الجرائد، ومن شأن وجودهم في العمل أن يجعلهم أكثر موضوعية في تناولهم للشأن العام وهو ما سيساهم في جهود التنمية ويحقق الاستراتيجية الوطنية في المجال الإعلامي .

• يجب أن تكون الردود على ما تنشره وسائل الإعلام من أخبار وموضوعات من اختصاص إدارة العلاقات العامة في كل مؤسسة، ويتم استقاء المعلومات الواردة في تلك الردود من المسؤولين في الدوائر الحكومية الذين يجب عليهم التعاون إلى أقصى درجة مع أقسام العلاقات العامة في مؤسساتهم لتوفير ردود مقنعة لوسائل الإعلام وللجمهور حول القضايا المختلفة .

 

• من المهم التأكيد على مسألة في غاية الأهمية وهي الابتعاد عن السجالات الصحفية والتراشق بالمقالات على صفحات الجرائد بين صحفيين مناصرين للحكومة وآخرين مع المعارضة فذلك أمر يؤثر سلبا على مصداقية الحكومة، وعلى موضوعية ما تقدمه من معلومات، ولكن من حق أي شخص يرغب في التعبير عن وجهة نظره أن يكتبها دون أن يلوح في الأفق أنه مأمور بذلك من قبل صانع القرار! كما يفعل بعض المسؤولين وهم على رأس أعمالهم الإدارية أو الوزارية! فالمسؤول عليه أن يزود إدارة العلاقات العامة في مؤسسته، أوخلية الإعلام فيها بالمعلومات ويترك صياغتها للمختصين دون أن يظهر هو في الصورة أو في السجال المرتبط بها.

 

• في حالة تعليق مسؤول حكومي على قضية هامة تتصل بمؤسسته أو بالدولة ككل فمن المهم أن يستدعي مختصا في الإعلام والعلاقات العامة لإعطائه مجموعة من النصائح حول طريقة الظهور الإعلامي وكيفية التعاطي مع الأسئلة المحرجة أو التي تتطلب أرقاما قد لاتكون متوفرة لديه، مع أهمية ترك الظهور الإعلامي لموظفين أقل درجة من المسؤولين الكبار حتى لاتتحمل الدولة أي خلل أو فشل في ظهورهم أمام الجمهور، في حين تستفيد من نجاهم مهما كانت درجتهم الوظيفية إذا وفقوا في الرد على الاستفسارات الموجهة لهم . 

• تخصيص كل وزارة أو مؤسسة خاصة ميزانية سنوية للتسويق والترويج يتم منحها على أسس موضوعية للصحف والمؤسسات الإعلامية بغية الاعلان عن أنشطتها المختلفة بشكل مؤسسي بعيدا عن المصالح الضيقة والزبونية وشخصنة عمل الإدارة، ومن شأن هذ الإجراء أن يوفر مصدر دخل ثابت للصحف ووسائل الإعلام يقلل من اعتمادها على الابتزاز ويجعلها قادرة على الصرف على موظفيها من الصحفيين وهو ماسينعكس على المهنية الصحفية، ومواكبة الصحافة لجهود التنمية (مع ملاحظة أهمية المساواة بين الإعلام الموالي والمعارض في تلك الميزانيات الخاصة بالدعم والدعاية).

• زيادة عدد أقسام الصحافة في الجامعات ومعاهد التعليم العالي واشتراط التخصص الصحفي للحصول على تراخيص إنشاء الصحف، وتقنين منح التراخيص الصحفية بحيث لايتم منح وصل الاعتماد لتأسيس الصحيفة إلا بشروط تمكن من أداء العمل بمهنية عالية وكفاءة .

• تخصيص ميزانيات لتدريب الصحفيين وتدريبهم على كل جديد في مجال العمل الإعلامي وخاصة للصحافة العاملة في المؤسسات التابعة للدولة ليتمكنوا من المنافسة ويصبحوا أكثر قدرة على جذب الرأي العام للرسالة التي يقدمها الإعلام الرسمي، واختيار المذيعين لنشرات الأخبار وإذاعة الربط، فنيي التلفزة والإذاعة على أسس موضوعية ومعايير تطبعها الشفافية حتى يقدموا النموذج للإعلام الملتزم والمعبر عن هيبة الدولة ومؤسساتها الرسمية.

• توفير الإمكانيات اللوجستية من أجهزة لتمكين طواقم التلفزة من النقل المباشر للمؤتمرات والمهرجانات التي تنظمها الدولة وخاصة في المدن الداخلية بالصوت والصورة وبعيدا عن الانقطاع أو التشويش الذي يؤثر على قدرة التلفزيون في نقل الرسالة التي يسعى صانع القرار لتوصيلها للمواطن في كل مكان .

• السهر على تطبيق معايير موحدة في الرواتب والمزايا لجميع موظفي القطاع بما يضمن شعور كل فرد بأنه محل تقدير من مؤسسته وبالتالي وضع العقوبة والمكافأة موضعمها الطبيعي لضمان سير العمل وفق أفضل المعايير .

 

 تنظيم المؤتمرات الصحفية العامة:

المقصود بالمؤتمرات الصحفية هنا تلك التي ينظمها ديوان الرئاسة بأوامر مباشرة من فخامة رئيس الجمهورية، وتكون مهمتها الإعلان عن سياسات الدولة العامة أو خططها الاستراتيجية الكبرى من أجل إطلاع الجمهور عليها والاستماع المباشر لشكاوى المواطنين بدون رقيب، وتكمن أهمية هذا النوع من المؤتمرات في أنه يمثل فرصة هامة للمواطن للاطلاع المباشر على مايقوم به صانع القرار الأول في البلاد من جهود لتحقيق تطلعات المواطن، في مجالات الرعاية الأولية والصحة والتعليم والسكن إلخ..

ولذلك يجب أن يكون التحضير على مستوى الحدث وأهميته بحيث يتم توفير كافة الأرقام والإحصائيات في كافة مناحي الحياة المرتبطة بخطة التنمية وبطريقة سلسة تمكن الرئيس من الاطلاع عليها بمجرد ضغطة زر وبحسب أولوياتها لدى المواطن، وهناك أمور لوجستية لابد منها لإنجاح هذا النوع من المؤتمرات الصحفية نوردها هنا باختصار :

• الجانب التقني: من المهم إجراء الكثير من الاختبارات على الأجهزة المستخدمة في التغطية الصحفية للتأكد من جاهزيتها، واختيار قاعة مناسبة ومريحة تتوفر فيها كافة شروط الراحة لتمكين الرئيس ومن هم حوله من الظهور بمظهر مريح وهو أمر تساهم فيه طريقة تكييف الجو واختيار الإضاءة المناسبة والديكور المناسب بحيث لا يترك أي أمر للصدفة ومحاولة تغييره في آخر لحظة !

• اختيار طاقم إعلامي وتقني مدرب يمتلك القبول اللازم لدى المواطنين بحيث يمكنه الصبر على ضغوط العمل لساعات طويلة دون ملل ولديه معرفة بأكثر من لغة للتعامل مع كافة فئات المواطنين بطريقة موحدة .

• استدعاء العدد الكافي من الصحفيين من الموالاة والمعارضة ومن المراسلين الدوليين وفق الحدود والطاقة الاستيعابية لقاعة المؤتمر الصحفي، وتقليل عدد الحضور الرسمي لمسؤولي الدولة حتى لا يتشتت ذهن المشاهد عن الهدف الرئيسي للقاء بمتابعة المسؤولين الكثر الذين تعج بهم القاعة .

• تقسيم وقت المؤتمر الصحفي على فترت زمنية يفضل أن تكون ثلاثا، تخصص الأولى للعرض الشامل الذي يقدمه الرئيس حول مختلف الجوانب التي تهم المواطن، والجزء الثاني يخصص للردود على أسئلة المواطنين الذين يجب أن يتم اختيار عينة ممثلة لهم وتحضير الأسئلة التي ستطرحها ويكون الاتصال بها منسقا قبل المقابلة ومن طرف الصحفي المشرف على الربط لضمان عدم الانقطاع والتشويش أو الدخول في موضوعات جانبية خارج السياق.

• وفي المرحلة الأخيرة من اللقاء تفتح الأسئلة للصحفيين الموريتانيين والمراسلين للقنوات الدولية لطرح أسئلتهم مع التنبيه عليهم بضرورة الاكتفاء بسؤال واحد فقط دون الدخول في حوار جانبي مع الرئيس يحول اللقاء إلى سجال مباشر - وهو أمر يلجأ إليه بعض الصحفيين للظهور والاستعراض ¬- ومن المهم التأكيد على المساواة بين صحافة الموالاة والمعارضة في هذا اللقاء الجماهيري المفتوح .

• وبعد الانتهاء من الردود يفتح المجال أمام الرئيس لإعلان قرار جماهيري ينال اهتمام الرأي العام ليكون مسك الختام في المؤتمر الصحفي .

 

الصورة الخارجية وضمان تحسينها

 

لا ينفصل تحسين الصورة الخارجية لأي بلد عن خطة التنمية الداخلية له لأن تلك الصورة مهمة في جذب الاستثمارات الخارجية والاستقرار، ويلعب الاعلام المحلي والخارجي دورا هاما فيها فكثير من الدول لاتعرف كيف تسوق لنفسها حيث يسمح مناخ الحرية فيها بلعب دور سلبي في تسويقها للخارج ! لأن حرية الصحافة تجعلها تكتب بشكل سلبي عن العمل الحكومي وعن الخدمات المقدمة للمواطن وعن السياسة الخارجية وغيرها من الامور التي تكتب عنها الصحافة، وفي مقابل ذلك ينبغي ان تمتلك الدولة جهازا إعلاميا قادرا على التعامل مع تلك الصورة من خلال امتلاكه الوسائل التقنية والبشرية لتغيير تلك الصورة او على الاقل وضع صورة مقابلة لها ولذلك ينبغي إنشاء جهاز إعلامي أو وكالة إعلام تسمى :

• وكالة الإعلام الخارجي :
إن مهمة هذه الوكالة هي الإشراف على المراسلين الأجانب ومتابعة ما يكتبونه عن البلاد ودعوتهم وتوفير الظروف المناسبة لهم لتغطية القضايا المختلفة داخل الدولة بما في ذلك تنظيم لقاءات خاصة بهم مع المسؤولين الكبار في الدولة ومدهم بتقارير  تتضمن وجهة النظر الحكومية في القضايا المختلفة وتنظيم زيارات ميدانية لهم إلى المناطق المتوترة أومناطق التماس التي تشهد عدم استقرار لإظهار جاهزية القوات المسلحة وقوات الأمن، والتركيز على النهضة الاقتصادية التي تشهدها البلاد .

• تنظيم زيارات لصحفيين من خارج الدولة من البلاد العربية والإفريقية ومن الصحفيين الأجانب بحيث يحضرون المناسبات الوطنية كيوم الاستقلال أو في مناسبات انتخابية ويوفر لهم جدول زيارات مشحون بحيث يعكسون نظرة إيجابية عن الدولة ويساهمون في تحسين الصورة الذهنية عنها ونقل صورة مشرفة لها في مؤسساتهم وعبر جماهيرهم العريضة .

• وضع قوانين إعلامية تمنع تغطية أخبار المؤسسة العسكرية وتتيح بدلا عن ذلك معلومات دورية للصحافة المحلية والدولية في كل المناسبات التي ينظمها الجيش وعدم التغاضي عن أي تغطية في الصحافة المحلية لقضايا يكون الجيش طرفا فيها بحيث يفهم الصحفيون أن أخبار الجيش مرتبطة بالسيادة الوطنية ولايسمح بتناولها جزافا في أخبارهم المختلفة، وقد لايكون ذلك من خلال السجن أو الإكراه وإنما بالاتصال المباشر بأي صحفي يكتب عن ذلك الشأن وإفهامه بلغة صارمة أنه يدخل في منطقة محظورة تهدد مستقبله المهني وتهدد وطنه وهو أمر أبلغ من السجن والإكراه. 

خاتمة : 
  سعت هذه الورقة إلى تقديم تصور لخطة إعلامية موريتانية تصبو إلى المساهمة في تحقيق التنمية الوطنية الشاملة من خلال تقديم مجموعة من المقترحات في هذا الصدد، بيد أن تحقيق هذه الأهداف مرتبط باقتناع صناع القرار بمبدأ إعطاء مسألة الإعلام والاتصال أولوية قصوى في مجال التخطيط والتمويل، ومنح الرأي العام حقه في الاتصال والحصول على المعلومات، والمشاركة في هذا المجال بحيوية وفاعلية لارتباطه بصميم الإطار النظري الذي يحدد ويحكم الممارسات الإعلامية، وقد استنتجنا أن وضع خطة إعلامية ناجحة لا يتم بمعزل عن قضايا التنمية.