على مدار الساعة

حاميدو بابا: سنقبل دخول الحكومة إذا أخذ برنامجنا في الاعتبار (مقابلة)

30 يناير, 2020 - 14:12

الأخبار (نواكشوط) ـ قال رئيس ائتلاف التعايش المشترك والمرشح للانتخابات الرئاسية الماضية كان حاميدو بابا إن الائتلاف لا يمانع من حيث المبدأ في دخول الحكومة في حال ما أُخذ برنامج الائتلاف ورؤيته بعين الاعتبار.

 

وأشاد حاميدو بابا في مقابلة مع وكالة الأخبار بإنشاء وكالة "تآرز" ووصفها بأنها "في غاية الأهمية، لافتا إلى تسجيل "عناصر إيجابية" خلال الأشهر الستة الأولى من حكم الرئيس محمد ولد الغزواني.

 

وأضاف رئيس ائتلاف التعايش المشترك: "هناك إجراءات أخرى قوية يجب أن تؤخذ فيما يخص الوحدة الوطنية، والديمقراطية، لتمكيننا من توفر عناصر تقويم جديد، وتدفعنا باتجاه اتخاذ قرار".

 

ويوضح المتحدث: "لم أر بعد إطارا متماسكا بشأن قضايا الوحدة الوطنية، والتماسك الاجتماعي، والديمقراطية، وطالما أنه لم يعلن حوار، فإن من الواضح أن الأمر يبقى غير كاف، من حيث الإنجاز، ومن حيث تعزيز الديمقراطية، وتجذير الوحدة الوطنية".

 

وهذا نص المقابلة:

الأخبار: ـ هل تجاوزتم مسألة رفض النتائج الرئاسية واعترفتم بشرعية ولد الغزواني؟

كان حاميدو بابا: إن السياسة بمثابة القيادة في الطريق، تتطلب النظر إلى الأمام، ومن حين لآخر النظر في مرآة الرؤية الخلفية. والنظر في مرآة الرؤية الخلفية للانتخابات، يعني تذكر سياق الأزمة التي مررنا بها. لقد أوشكنا على الوقوع في كارثة، فيما بعد الانتخابات، وكانت ثمة أسباب لذلك، وهو ما ينبغي التركيز عليه، غير أن الحل ليس طرح مسألة شرعية الرئيس، لقد دعوناه رئيس الجمهورية، وهذا يعني الاعتراف بشرعيته.

الأخبار: - لقد التقيم الرئيس.. ما هي الحصيلة التي تقدمون بعد مرور 6 أشهر من رئاسته؟

كان حاميدو بابا: إن 6 أشهر، فترة كثيرة وقليلة في نفس الوقت، وينبغي الحذر بشأن تقويم حصيلة في غضون 180 يوما.

ويجب القول إن الحصيلة يطبعها التباين، فمن جهة هناك مقاربة مدنية، بشأن العلاقة مع الطبقة السياسية، وقدرة على الإصغاء، أبان عنها الرئيس، وهذا يعني نية حسنة، لإنهاء حالة الجمود النسبي، التي تطبع المشهد السياسي.

أما بخصوص السياسات والبرامج المنفذة، فإننا ننتظر إطارا من التماسك، بشأن عدة قضايا، بينها الوحدة الوطنية، والانسجام الاجتماعي، والديمقراطية، وضرورة إجراء حوار سياسي كمخرج حضاري.

إننا بحاجة للاستماع لبعضنا البعض، بشأن قواعد اللعبة الديمقراطية، على سبيل المثال، وذلك من أجل تجنب مواجهة الانزلاق، أو التعثر أكثر، خلال مناسبات المواعيد الانتخابية المقبلة، وهو ما يتطلب أن يلتقي الفاعلون وأن يناقشوا وأن يجدوا حلولا توافقية.

الأخبار: - هل من مقاربات؟

كان حاميدو بابا: بالنسبة لمن وحول ماذا؟

الأخبار: - بشأن سياسة الرئيس غزواني؟

كان حاميدو بابا: لقد قلت إنني لم أر بعد إطارا متماسكا بشأن قضايا الوحدة الوطنية، والتماسك الاجتماعي، والديمقراطية، وطالما أنه لم يعلن حوار، فإن من الواضح أن الأمر يبقى غير كاف، من حيث الإنجاز، ومن حيث تعزيز الديمقراطية، وتجذير الوحدة الوطنية.

الأخبار: - كيف تنظرون للحرب الدائرة بين غزواني وعزيز؟ وعلى من تقع اللائمة؟

 كان حاميدو بابا: في السياسة، وبالنظر إلى رهاناتها، خصوصا السياسة الحزبية، تثار مسألة لمن تعود في الواقع السيطرة على الدولة - لأن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، تبين أنه حزب دولة - فالرهان كان هو بسط النفوذ على الحالة هذه.

فالأمر إلى حد ما، هو صراع بين التشاركية والشرعية، ومساعي كل طرف إلى أن يسود. لكن الأكيد أن النقاش انتقل إلى قضية "المرجعية" ومرجعية الحزب السياسي يجب أن تكون برنامجه، لا غير.

 

الأخبار: - لا أحد منهما إذا خاطئ في نظركم؟

 كان حاميدو بابا: أنا لست موزعا للأخطاء والإصابات، وإنما أراقب ظاهرة، وأحاول تحليلها، لكن ما ينبغي وضع الأصبع عليه، هو مخاطر الاستقرار، التي قد ينطوي عليها ما يحصل، وذلك في اللحظة التي سيبحث فيها الحزب عن بسط سيطرته على الدولة، أو يتغلغل في عمق الدولة، فهناك يكمن الخطر.

إننا في نظام ديمقراطي بروح دستور فرنسي، فطالما أنه لا يوجد توافق بين الجمعية الوطنية والحكومة، فمن الواضح أننا لا نلامس عمق آلامنا، وأننا مقبلون على أزمة ذات شكلين، أزمة انعدام ثقة، وقد تقود إلى تعايش، أو إلى حل للجمعية الوطنية، فالنظام الذي ورثنا منطقه: ضرورة توافق بين الجمعية الوطنية والحكومة، وهو ما ليس قائما، وأعتقد أنه ليس هناك سوى تأجيل الأزمة، ويبقى المشكل مطروحا لأمد طويل.

الأخبار: - هل ائتلاف التعايش المشترك ائتلاف انتخابي أم سياسي؟

كان حاميدو بابا: ثمة فارق طفيف، ومصدره يعود لنشأته، فالائتلاف مشروع مجتمع، ومشروع سياسي يسعى لتجاوز الإطار الانتخابي الرئاسي. وهو إذا مكون من شقين، سياسي انتخابي، وتنموي، فنحن يقظون تجاه أهمية التنمية من أجل تجذير الديمقراطية في بلادنا، لأننا ائتلاف يضم أحزابا سياسية، ومنظمات مجتمع مدني، وشخصيات مستقلة، وبالتالي فهذا التعدد المرجعي ندافع عنه من خلال ائتلاف التعايش المشترك.

إن قضية الوحدة الوطنية، ومسألة الديمقراطية، ومشاكل التنمية هي قضايا جوهرية، ومن دون الحسم فيها، لا يمكننا أن نجد ديمقراطية حية.

الأخبار: - ائتلاف التعايش المشترك إلى أي أقطاب المعارضة أقرب؟

كان حاميدو بابا: نحن لا نعرف من خلال العلاقة بباقي أقطاب المعارضة، لدينا برنامج عمل، نقدر من خلاله المسافة مع هذا القطب المعارض أو ذلك. ولكن من الواضح أن الائتلاف موقعه في المعارضة، وهذا ليس بجديد.

الأخبار: - المعارضة الراديكالية؟ أم المعاصرة؟

كان حاميدو بابا: إنني لا أؤيد هذا التصنيف، فهناك معارضة فقط، لكن مسؤولة ولديها برنامج، تدافع من خلاله عن بعض الرؤى من أجل موريتانيا. ونحن أقرب إلى من يتقاسم هذه الرؤية، والتي لها ارتباط بقضايا أخرى، كالوحدة الوطنية، والغبن، والظلم، والعنصرية، والإقصاء...

إننا مع كل من يرى أن من الأفضل لموريتانيا أن تقوم على قاعدة تهتم بكل ميراثها، ولنقل بوضوح إن خط الترسيم لا يمر وفقط منهجيا، وبشكل دائم وحصري، بين من هم في المعارضة، أو من هم في الطرف الآخر، في الأغلبية أو السلطة، ولكن بين القوى التقدمية، والقوى المحافظة.

الأخبار: - هل سيساند ائتلاف التعايش المشترك الحكومة؟

كان حاميدو بابا: ائتلاف التعايش المشترك يضع في المقدمة برنامجا، ويعقد توافقات أو اتفاقات، انطلاقا من قاعدة القرب من هذا البرنامج.

الأخبار: - وماذا لو وجدتم ذاتكم في برنامج الحكومة؟

 كان حاميدو بابا: يجب أن يكون هناك تقويم أولا، وكنتم قد سألتموني عن الأشهر الستة الأولى للرئيس غزواني. وفي الواقع هناك عناصر إيجابية، فأنا أعتبر على سبيل المثال أن وضع وكالة للتضامن بين الموريتانيين، تعتبر في غاية الأهمية، وهناك إجراءات أخرى قوية يجب أن تؤخذ فيما يخص الوحدة الوطنية، والديمقراطية، لتمكيننا من توفر عناصر تقويم جديد، وتدفعنا باتجاه اتخاذ قرار.

الأخبار: - بعبارة أخرى هل من المبدئي بالنسبة لكم الانضمام للحكومة؟

كان حاميدو بابا: جوابي مرة أخرى، نعم، إذا أخذ في الاعتبار برنامجنا ورؤيتنا.

الأخبار: ـ أي مستقبل لائتلاف التعايش المشترك؟ هل يكون تنسيقية أم حزبا سياسيا؟

كان حاميدو بابا: إذا حانت اللحظة سنقدر ذلك، أما الآن فلسنا قلقين فيما يخص النشاط السياسي الذي علينا القيام به، لا مشكل لدينا في صيغتنا هذه كائتلاف له نشاط سياسي، لأن لنا أحزابا سياسية أعضاء بالائتلاف.

الأخبار: - هل من المحتمل اندماج هذه الأحزاب؟

كان حاميدو بابا: نحن لا نستبعد أي شيء، ولكن كل شيء في وقته، فلنواصل أولا لتعزيز هذا الائتلاف، وتجذيره، وإكسابه قاعدة، وهذا ما نحن بصدده، فنحن في حملة استنبات ائتلاف التعايش المشترك.

وأنا مع ما يريده المناضلون، فإذا طالبت القواعد غدا بالتجاوز نحو مجال آخر، طابعه حزب موحد، فسنفعل، وبكل سرور.

الأخبار: - لقد أعلنتم عن مسيرة ضد الظلم والإقصاء هل تم إشراك باقي المعارضة فيها؟

كان حاميدو بابا: لقد أعلنا عن ذلك قبل أسبوع أو 10 أيام، ونحن بصدد التنظيم، وليست هناك فقط مسيرة، فقبلها ستكون هناك جلسات حول الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي.

وقد تم اعتماد ذلك في برنامج حملتنا. ولا تعني الجلسات المعارضة فقط، وإنما كل القوى الحية الساعية إلى تقديم إسهام في قضية الوحدة الوطنية، والسلطات العمومية كذلك معنية.

ولكن ينبغي أولا الحديث عن الجلسات التي تشكل إطارا للتشاور والتبادل، وقوة اقتراح لحلول ملموسة لمسألة الوحدة الوطنية، لأن الجميع يثيرها، ولكن لدينا شعور أنه يجب أن نلتقي، وندعو لوحدة وطنية وانسجام اجتماعي.

لا بد إذا من أن ننزل إلى الحلبة، لنقول وبوضوح ما لدينا للموريتانيين. إن الجلسات إذا هي تحضير للمسيرة، والنشاطان تقريبا متزامنان، لأن خلاصات الجلسات ستعلن للعموم خلال مناسبة المسيرة.

- هل أنتم مع إجراء انتخابات تشريعية عاجلة؟

كان حاميدو بابا: لقد شهدنا عام 2018 أكثر انتخابات كارثية في التاريخ السياسي الموريتاني. لقد كنا أمام 5 صناديق في نفس الوقت، في عز فصل الشتاء. وأصاب الارتباك حتى المتمرنين على التصويت، وفي النهاية لم يستطع الكثير من الناخبين الإدلاء بأصواتهم، فمن أصل مليون، أو أقل من مليونين، كان الثلث بطاقات لاغية، ونحن الدولة الوحيدة التي استطاعت تسجيل هذا الأداء.

وهكذا فإن الناخبين لم يصوتوا في 2018، لهذا السبب، فإنه ينبغي تعجيل إجراء الانتخابات، ثم إن هناك المستجد المتعلق بالحكامة الجديدة، والتي ينبغي عليها البحث عن شرعية لنفسها، من خلال التشريعيات.

الأخبار: - أنتم إذا مع إجراء انتخابات سابقة لأوانها؟

كان حاميدو بابا: نعم لكنها لا يجب أن تسبق الحوار، فلا ينبغي لنفس الأسباب أن تنتج نفس النتائج، فحاجتنا أولا لإجراء حوار مع مختلف الفاعلين، ولا نريد حوارا مناسباتيا لجمع الناس، كما يحصل في الأعياد.

لا، نحن بحاجة لحوار يصغي فيه الفاعلون السياسيون لبعضهم البعض، بشأن قواعد اللعبة الديمقراطية، وطرح كل الإشكاليات. لقد عشنا انتخابات مأساوية، وحتى الرئاسية كانت كذلك، وإلى غاية اللحظة الأخيرة كنا بصدد إيجاد اتفاق بين السلطة والمعارضة قبل أن ينهار.

الأخبار: - كيف ترون سياسة الانفتاح الجديدة لدى وسائل الإعلام العمومية؟

كان حاميدو بابا: أنا لست وفقط مع سياسة الانفتاح الجديدة لدى الإعلام العمومي، وإنما أشيد بها وأشجعها. فوسائل الإعلام هذه لديها دور خدمي عام، وليس من الطبيعي اعتبار الإذاعة والتلفزيون وسيلتي إعلام حكوميتين، وقد حان الوقت لأن تلعبا دورا في النهوض بالديمقراطية.

إن هناك تأخرا كبيرا بشأن محاولات دمقرطة البلد، في حين أن وسائل الإعلام تظل إلى حد ما أسيرة لحقب الأنظمة الأحادية أو الاستثنائية.

ثمة شيء ما بصدد التحرك، لكن يجب إثبات ذلك.

- ما تعليقكم على تقارير محكمة الحسابات التي كشفت عن سوء تسيير ضالع فيه عدد من أعضاء النظام السابق؟

كان حاميدو بابا: إن مبدأ الشفافية لا يتوقف على إيداع تقارير محكمة الحسابات لدى الجمعية الوطنية، ورئيس الجمهورية، والحكومة من أجل التسلية، إذ لا بد من الجدية في التعامل مع المؤسسات.

إن محكمة الحسابات تقوم بدور هام، وتساهم في دور المساءلة، الضروري في شفافية تسيير الموارد العمومية. وعلى صعيد آخر سمعنا غداة وصول الرئيس الحالي للسلطة، أنه سيقدم حصيلة بشأن كل ما وجد أمامه.

ونتمنى بعد 5 سنوات، أن يقول لنا غزواني "هذا ما وجدته لما قدمت، وهذا ما تركته وأنا أغادر". هذا ينبغي أن يكون أمرا اعتياديا، لا تصفية لحسابات شخصية، إذ لا ينبغي استهداف الأشخاص، وإنما وظائفهم.

وانطلاقا من ذلك يصبح الأمر قاعدة وتقليدا بشأن تسيير بلدنا، ويتيح التقدم باتجاه الشفافية، ويصبح من يأتون على اطلاع بأنهم حينما يغادرون سيأتي من يجري تقويما لحصيلتهم، بهذا سنطور الحكامة في بلدنا، فالشفافية ضرورية.

 

الأخبار: شكرا جزيلا لكم.