على مدار الساعة

حتى نفهم أسباب ضعف أداء مجموعة الدول الخمس بالساحل

25 فبراير, 2020 - 02:10
سيدي ولد عبد المالك - كاتب مهتم بالشأن الإفريقي

لم يعد ساكنة مناطق الساحل منذ فترة يعلقون الآمال على مجموعة الدول الخمس بالساحل (موريتانيا، مالي، النيجر، بركينا فاسو، وتشاد)، نظرا لعجز منظومتها العسكرية والأمنية عن تحقيق الأمن والسلم في المنطقة من جهة، وضعف تدخل مشاريعها التنموية والاجتماعية في حل الإشكالات التنموية المعقدة التي يعاني منها ساكنة الساحل بشكل عام وساكنة مناطق الصراع بشكل أخص من جهة أخرى.

 

لذا فإن قمة نواكشوط التي تلتئم اليوم الثلاثاء لن تكون محط أنظار واهتمام سكان المناطق المتضررة من العنف بالساحل كما أن نتائجها لن تأتي بجديد ينعش أمل هؤلاء في مستقبل خال من العنف، ويطمئن فيه مواطني بؤر العنف على أرواحهم وممتلكاتهم.

 

صحيح أنه إن كان ثمة من نجاح يمكن أن يسجل في رصيد هذه المجموعة فهو قدرتها على الحفاظ على فاعلية أدائها المؤسسي كاحترام دورية قممها على مستوي مؤتمر الرؤساء وباقي الأطر التنظيمية الأخرى واحترام دورية التناوب على رئاسة المجموعة. لكن هذه الفاعلية المؤسسية يقابلها شلل وعجز على مستوى الأداء العسكري الميداني خاصة بعد الإعلان عن القوة العسكرية للمجموعة، التي توقع مراقبون أن يساهم نشرها في الحد من العنف وتحجيم رقعته وجماعاته. ولكي نفهم أكثر أسباب ضعف أداء مجموعة الدول الخمس بالساحل، فلا بأس من التوقف مع نقاط جوهرية، بعضها متصل بسياق النشأة وبعضها الآخر مرتبط باعتبارات يتداخل فيها الموقف الدولي والإقليمي، تعتبر هي المعوقات الرئيسية أمام المجموعة، وهي:

- مقايضة المجموعة بأطماع البقاء في السلطة: إن تشكيل المجموعة في البداية لم يكن باعثه إرادة إقليمية يحفزها القلق من خطر تنامي العنف بالمنطقة وضرورة تشكيل جبهة إقليمية للتصدي لهذا الخطر، وإنما كان بدافع البحث عن رضي فرنسا، مهندسة فكرة تأسيس المجموعة، مقابل تغاضي الحكومة الفرنسية مستقبلا عن أطماع كل من الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز والرئيس البوركينابي السابق بليز كومباوري والرئيس الحالي لتشاد إدريس دبي للبقاء في السلطة.

- عقدة الوصاية الفرنسية: من العوامل التي أضعفت تسويق حملة تمويل القوة العسكرية لمجموعة الدول الخمس بالساحل لدي المانحين الدوليين تنبي فرنسا الواضح والصريح لملف هذه المجموعة، مما جعل قوى دولية وأطرافا إقليمية تتبني مواقف متحفظة من هذه المجموعة كالولايات المتحدة الأمريكية، التي انتقدت مندوبتها لدى الأمم المتحدة قبل فترة قليلة قادة القمة ووصفتهم بالفشل. ويدخل الموقف الجزائري من المجموعة في نفس الاتجاه.

- هشاشة الإطار إقليمي: تعتبر مجموعة الدول الخمس للساحل أضعف تكتل إقليمي على وجه المعمورة، فدوله تتنافس على ذيل مؤشرات الفقر والبطالة الفساد وسوء التسيير في التقارير العالمية، وعليه فإن غياب دول إقليمية ذات اقتصاديات مؤثرة عن الإطار جعله يواجه أزمة الموارد الذاتية.

- حساسية المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "سيدياو" من الدور الموريتاني واتشادي في المجموعة: تنتمي ثلاث من دول مجموعة الخمس (مالي، النيجر، وبوركينا فاسو) للمنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "سيدياو". ولقادة بعض دول هذه المنظومة حساسية من موريتانيا وتشاد باعتبارهما تدخلتا في قضايا حيوية لدول أعضاء في "سيدياوو" دون تنسيق سابق ولا لاحق مع "سيدياوو"، التي باتت بضرورة أن تتخذ المنظمة خطوات في مجال التنسيق الأمني بعيدا عن إطار مجموعة الخمس. وبات بعض قادتها ينتقدون علنا أداء قوة مجموعة الخمس بالساحل كما فعل الرئيسان السنغالي ماكي صال ونظيره الإفواري الحسن واترا أثناء زيارة قام بها الأول للأخير في يونيو 2019.

 

إن استفحال حجم العنف في المنطقة بات يطرح مسؤوليات كبيرة على هذه المجموعة في المستقبل، كما أنه يطرح تساؤلات أكبر على قدرتها على الاستمرار والخروج من حالة الشلل والترددي في مرحلة تزداد فيها صعوبة الحصول على التمويلات التي تعلق عليها المجموعة شماعة فشلها العسكري.