على مدار الساعة

استدعاء "عزيز" للتحقيق البرلماني: هل تتكرر تجربة "جيسكار" و"ميتران"؟

12 أبريل, 2020 - 23:43
د. محمد عبد الجليل الشيخ القاضي

ﻳﺪﻭﺭ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺴﺎﻉ ﺣﺜﻴﺜﺔ ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﺍﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻟﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻟﻠﻤﺜﻮﻝ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﻟﻴﻘﺪﻡ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻲ.

ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻄﻮﺓ، ﺇﻥ ﺻﺤﺖ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻄﺮﺡ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻹﺷﻜﺎﻻﺕ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻻﺕ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺃﻭﻻ ﺑﻤﺪﻯ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺩﺳﺘﻮﺭﻳﺎ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ؟ ﻭﻫﻞ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻋﻦ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻣﻘﻴﺪﺓ ﺑﻔﺘﺮﺓ ﺗﻘﻠﺪﻩ ﻣﻨﺼﺐ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻡ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻤﺘﺪ ﻟﺘﺸﻤﻞ ﻋﺪﻡ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻌﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﻭﻻﻳﺘﻪ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﺫﺍﺕ ﺻﻠﺔ ﺑﺄﻓﻌﺎﻝ ﻣﺎﺭﺳﻬﺎ، ﺃﻭ ﺃﻣﺮ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻬﺎ، ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺷﻐﻠﻪ ﻣﻨﺼﺐ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ؟
 

ﺑﺪﺀﺍً، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺫﺍﺕ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻯ ﺎﻟﺘﻼﺯﻡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ، "ﻓﺤﻴﺚ ﻣﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ" ﻭﺑﺎﻧﺘﻔﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻼﺯﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻄﻴﺔ ‏(ﺇﻥ ﺻﺢ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ‏) ﺗﺼﺒﺢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺗﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺍﻟﻤﺤﻘﻖ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﺳﺎﺗﻴﺮ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺔ ﺑﻤﺮﺍﺟﻌﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﺪﺀﺍ ﺑﺪﺳﺘﻮﺭ 1961 ﻭﺻﻮﻻ ﺇﻟﻰ ﺩﺳﺘﻮﺭ 1991 ﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻊ ﺃﺧﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 2017، ﺗﻮﺍﺗﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺒﺪﺃ ﻋﺪﻡ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﻮﻟﺘﻪ ﻣﻤﺎﺭﺳﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎﺕ. ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﻧﺼﺖ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 93 ﻣﻦ ﺩﺳﺘﻮﺭ 1991 ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﻋﺪﻡ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ: "ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻣﺴﺆﻭﻻ ﻋﻦ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﻤﺎﺭﺳﺘﻪ ﻟﻤﻬﺎﻣﻪ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ".

ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻱ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻲ ﺻﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻋﺪﻡ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻋﻦ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ. ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺃﻏﻔﻞ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﺠﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ. ﻭﺩﻭﻥ ﺍﻟﺨﻮﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻭﺍﻟﺠﺪﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺛﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺣﻮﻝ ﺩﻻﻻﺕ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ، ﻓﻲ ﻇﻞ ﻏﻴﺎﺏ ﺃﻱ ﻧﺺ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ ﻳﺤﺪ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻭﻧﻄﺎﻗﻬﺎ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻲ ﺍﻛﺘﻔﻰ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺗﻬﺎﻡ ﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﻛﻤﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ، ﻭﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻀﺎﺑﻄﺔ ﻟﺬﻟﻚ. ﺑﺤﻴﺚ ﻧﺼﺖ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 93 ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ "ﻻ ﻳﺘﻬﻢ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﺖ ﺑﺘﺼﻮﻳﺖ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﻉ ﺍﻟﻌﻠﻨﻲ، ﻭﺑﺎﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻷﻋﻀﺎﺋﻬﺎ ﻭﺗﺤﺎﻛﻤﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ".

ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺗﺆﻛﺪ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻬﺎ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺗﺄﺩﻳﺘﻪ ﻟﻤﻬﺎﻣﻪ، ﻓﻬﻞ ﺳﺮﻳﺎﻥ ﻧﻔﺎﺫ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻓﻮﺭ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻤﻨﺼﺐ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ؟
 

ﻻ ﺗﺴﻌﻒ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺑﺈﺟﺎﺑﺔ ﺻﺮﻳﺤﺔ ﺗﻔﻚ ﺃﻏﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺷﻜﺎﻝ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﺗﺄﻭﻳﻼ ﻭﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺃﻥ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻬﺎ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺗﺄﺩﻳﺔ ﻣﻬﺎﻣﻪ ﺗﻈﻞ ﻣﺤﺼﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀﻟﺔ، ﺣﺘﻰ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﺠﺮﺩ ﺻﻔﺔ "ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ" ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻗﻴﺎﻡ ﻟﺠﻨﺔ التحقيق البرﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻠﻤﺜﻮﻝ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀ ﻻ ﻳﺴﺘﻨﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ ﺃﻭ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﻭﻻ ﺣﺘﻰ ﺃﻋﺮﺍﻑ ﻣﻤﺎﺭﺳﺎﺗﻴﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺔ، ﺑﻞ ﻭﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻧﺔ، ﻭﺑﺎﻟﺨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺄﻧﺲ ﺑﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻏﻴﺎﺏ ﻧﺺ ﺻﺮﻳﺢ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﺎ ﺃﻭ ﺍﻛﺘﻨﻒ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﻇﻤﺔ ﻟﻬﺎ ﻏﻤﻮﺽ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺒﺎﺱ؛ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﺘﺄﺛﺮ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻲ ﺑﻨﻈﻴﺮﻩ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ 1958.

ﻓﺒﺎﻻﺳﺘﺌﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻧﺠﺪ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ 1984 ﺻﺎﺩﻗﺖ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻟﺠﻨﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺏـLes avions renifleurs ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﻤﻮﻳﻞ ﺍﺧﺘﺮﺍﻉ ﻋﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻟﻲ ﺳﻨﺔ 1976 ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ "ﺟﻴﺴﻜﺎﺭ ﺩﻳﺴﺘﺎﻥ".

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺷﻜﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺁﻧﺬﺍﻙ "ﺍﻓﺮﺍﻧﺴﻮﺍﻣﻴﺘﺮﺍﻥ"، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻓﻲ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻭﻗﻮﻉ ﻓﻀﻴﺤﺔ ﻓﻲ ﺗﻤﻮﻳﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻟﻲ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻋﻘﺪﺕ ﺻﻔﻘﺘﻪ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ "ﺟﻴﺴﻜﺎﺭ".

ﻭﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﺭﺳﻠﺖ ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﻟـ"ﺟﻴﺴﻜﺎﺭ" ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻻﺳﺘﻤﺎﻉ ﺇﻟﻴﻪ ﺣﻮﻝ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ، ﻭﻟﻴﻘﺪﻡ ﺗﻔﺴﻴﺮﺍ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺑﻬﺎ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﻤﺎﺭﺳﺘﻪ ﻟﻤﻬﺎﻣﻪ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻟﻤﺎ ﻭﺻﻞ ﺍﻻﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺟﻴﺴﻜﺎﺭ ﻛﺘﺐ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻔﻪ "ﻣﻴﺘﺮﺍﻥ" ﻹﻃﻼﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻮﺻﻞ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻭﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺭﺃﻳﻪ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻌﻪ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻤﻲ ﻭﻛﺤﺎﻣﻲ ﻟﻠﺪﺳﺘﻮﺭ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ ﺩﺳﺘﻮﺭ 1958، ﻭﺫﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﺪﻋﺎﺀﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻲ.

ﻭﻗﺪ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺭﺳﺎﻟﺔ "ﺟﻴﺴﻜﺎﺭ" ﺍﻟﻤﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ "ﻣﻴﺘﺮﺍﻥ" ﺇﺟﻤﺎﻻ ﻧﻘﻄﺘﻴﻦ ﺃﺳﺎﺳﻴﺘﻴﻦ:

- أﻥ ﺍﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺭﺋﻴﺲ ﺳﺎﺑﻖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻟﺠﻨﺔ ﺑﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﺣﺪﺛﺖ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﺄﻣﻮﺭﻳﺘﻪ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻳﻌﺪ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻢ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻣﻨﺬ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ؛

- أﻥ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺣﺪﺩ ﺑﺘﺮﻛﻴﺰ ﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﻣﻦ 10 ﺇﻟﻰ 18 ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻀﺎﺑﻄﺔ ﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻪ. ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺳﺮﻳﺎﻥ ﺇﻋﻤﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﻭﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺕ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ؟
 

ﺭﺩ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ "ﻣﻴﺘﺮﺍﻥ" ﻋﻠﻰ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺳﻠﻔﻪ ﻣﺆﻛﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﺎﻫﺔ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﻟﺤﻴﺜﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻨﺘﻬﺎ؛ ﻟﻴﺨﻠﺺ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ "ﺍﻟﺤﺼﺎﻧﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻻ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺪﺓ ﻣﻤﺎﺭﺳﺘﻪ ﻟﻮﻇﺎﺋﻔﻪ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﺸﻤﻞ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺙ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺫﻟﻚ".

ﻭﻟﻢ ﻳﻜﺘﻒ "ﻣﻴﺘﺮﺍﻥ" ﺑﺬﻟﻚ، ﺑﻞ ﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ "ﻣﻴﺮﻣﺎﺯ" ﻳﺸﻌﺮﻩ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﻠﻔﻪ "ﺟﻴﺴﻜﺎﺭ" ﻭﺗﻀﻤﻨﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻧﺺ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ ﻭﻻ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗﻤﻨﺢ ﺃي ﻟﺠﻨﺔ ﺑﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﺣﻖ ﺍﻻﺳﺘﻤﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ "ﺟﻴﺴﻜﺎﺭ" ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻘﻴﺪ ﺑﺎﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﻤﺎ ﺗﻘﺮﺭﻩ ﻣﻦ أﺣﻜﺎﻡ.
 

ﻓﻬﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺳﻨﻜﻮﻥ ﺃﻣﺎﻡ "ﺗﺪﻭﻳﺮ" ﻟﺘﺠﺮﺑﺔ "ﺟﻴﺴﻜﺎﺭ" ﻭ"ﻣﻴﺘﺮﺍﻥ" ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ؟