على مدار الساعة

الحرب القادمة بين الصين والغرب!

20 أبريل, 2020 - 08:26
محمد ولد اندح ـ إعلامي

من الواضح للمتابع الفطن للأحداث في العالم الآن، أن دول #الغرب جميعاً بدأت تتواطأ على تحميل #الصين مسؤولية تفشي فيروس #كورونا في العالم، وقد بدأت الأصوات التي تقول بذلك تتعالى بقوة في دول عظمى ظلت إلى عهد قريب تتمسك بالحد الأدنى من عبارات قاموس اللغة الدبلوماسية اللبقة لدى حديثها عن الصين.

 

فبعد إصرار الرئيس الأمريكي دونالد #ترمب لأسابيع عديدة على وصف #كورونا بالفيروس الصيني، تقدمت الأيام والأحداث لترتفع نبرة حديثه اللائم للصين، رويداً رويداً، حتى قال قبل ثلاثة أيام إن "الصين أخفت بعض المعلومات عن العالم وتكتمت على حقيقة الفيروس"، قبل أن يصرح أمس بما هو أشد وأخطر، عندما قال إنه "كان يمكن القضاء على الفيروس في الصين مبكراً، وإن العالم بأسره يعاني الآن ويفقد الأرواح بسبب عدم القيام بذلك في الوقت المناسب"، وهو تصريح ذو دلالة واضحة لا تحتاج إلى شرح أو تفسير!

 

يأتي ذلك بعد أيام قليلة من تلميح الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، لأول مرة في خطاب مباشر، بالمسؤولية النسبية للصين عن عدم توقيف الفيروس في وقت مبكر.

 

وفي إسبانيا، ارتفعت الأصوات الإعلامية في القنوات التلفزيونية التي تطالب الصين صراحة بالتعويض لذوي الضحايا عن فقد أحبائهم، وهي الحالة نفسها التي ذكرت وسائل الإعلام أنها ظهرت في دول أوروبية أخرى عديدة، من بينها ألمانيا وإيطاليا التي لم تمنعها المساعدات الصينية من الجهر بقول ذلك!

 

كلها تصريحات ومؤشرات توحي بأن العالم الغربي متجه لا محالة نحو خلاف عميق مع الصين، ربما يصل درجة "حرب باردة"، أو ريما ساخنة، من نوع جديد، قد تُستخدم فيه التكنلوجيا المتطورة والأسلحة التقليدية وغير التقليدية!

 

بموازاة ذلك، بدأ بعض الخبراء العلميين يقبل بطرح فرضية "تخليق" الفيروس مخبرياً، بما يرافقها من احتمالية قصدية نشر الفيروس، في حين يكتفي آخرون بطرح الفرضية ذاتها دون حديث عن قصدية نشره، لكن هؤلاء لا يستبعدون -في الوقت نفسه- تسربه (صدفة أو خطأ) من مكان تصنيعه قبل معرفة الأهداف الحقيقية من "تخليقه"!

 

ولئن كانت الأدلة الملموسة والدامغة على كل ذلك لم تظهر بعد، وربما يتعذر ظهورها فوراً، إلا أن العديد من شخصيات المجتمع العلمي في الغرب بدأت الحديث علناً عن ضرورة معرفة مصدر الفيروس بدقة، وهي عملية بحث لا يمكن فصلها عن الأصوات الموازية لها من اتهام صريح للصين بالمسؤولية عن ما آلت إليه أمور العالم من ضياع وخسارة.

 

في خضم هذه الأصوات والمؤشرات، هناك احتمالان بارزان، يبدو أنهما الأقرب للحدوث في نظري:

 

الأول؛ أن تنجح الدول الغربية في إثبات مسؤولية الصين بالأدلة العلمية عن نشر الفيروس، وسيترتب على ذلك سعي الغرب بالضرورة إلى إرغامها على التعويض وربما أكثر من التعويض لكل ذوي الضحايا، وهو ما لن يكون للصين قِبَل بتحمله، لأنه سيدفعها إلى الإفلاس والانهيار دون شك، كما أن رفضها المطلق له في هذه الحالة بالذات قد يؤول بالطرفين إلى مواجهة حتمية وعاجلة من أي نوع!

 

أما الاحتمال الثاني، فهو أن يفشل الغرب في إثبات هذه الفرضية علمياً، وفي هذه الحالة لن تختفي الأصوات ولا الاتهامات للصين، بل ستبقى على حالها وخاصة بين السياسيين، وسيكون للصين في المقابل رد فعل في الاتجاه ذاته، من خلال اتهام الغرب أيضاً بتصنيع الفيروس واستهدافها به أولَ الأمر، وهذا الواقع سيولد حالة من "المناوشات الإعلامية" والصراعات الاقتصادية المستمرة بين الجانبين، وقد تؤول هذه الحالة بالطرفين إلى المواجهة غير المباشرة على المديين المتوسط والبعيد، وربما تتطور إلى مواجهة مباشرة.

 

وعموماً، فإن العالم ما بعد #كورونا سيكون ساخناً لا محالة، وقد تتغير معادلات لعبة المصالح الدولية فيه رأساً على عقب، ونتمنى فقط أن يكون للأرقام "الصغيرة" في هذه المعادلات دور في صناعة وتثبيت السلام، حتى لا يبقى دورها مهملاً أمام ثقل الأرقام الكبيرة في الصراع، فتضيع فرص الجميع في البقاء آمنين!