على مدار الساعة

كورونا وخدعة الغرب المثالي

23 أبريل, 2020 - 17:00
محمد سالم بلاهي

لقد غرس الإعلام صورة إيجابية عن الغرب ورسخها في ذواتنا، وقد ظلت هذه الصورة مثالية في مخيلتنا ومضرب مثل لا تشوبها شائبة ومنزهة عن أي نقص إلى أن جاءت جائحة كورونا فأزاحت الستار عن حقائق هذه الدول ومدى هشاشة نظمها وعدم تماسك مجتمعاتها.

 

فمع بدء انتشار كورونا مطلع العام، بدأ العالم يئن تحت وطأة هذا الفيروس التاجي الخفي، الذي فتك بأقوى اقتصادات العالم وأنظمته الصحية بدءا بالصين مصدر الفيروس و مرورا بدول آسيا وأروبا وامريكا وبقية دول العالم.

 

لكن نصيب الأسد من هذا التضرر الاقتصادي والبشري (وفيات - إصابات) كان لأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وهي دول عرفت بالاقتصاداتها + أنظمتها القوية وانظمتها الصحية الممتازة وشعوبها الواعية المتحضرة.

 

وبدل تماسك هذه الدول وتعاونها ضد عدوها المشترك، غرق هذا العالم المتحضر في بحر لا ساحل له من الفضائح المتتالية على جميع الأصعدة، اتهامات متبادلة بين زعماء هذه الدول وقرصنة على شحنات دواء وتدافع وشجار في متاجر الغذاء والدواء ومستشفيات في حال يرثى لها.

 

دور المسنين هي الأخرى فضحت هذه الدول وأظهرتها على حقيقتها شعوبا وأنظمة من خلال هذه الجائحة.

 

ففي مقال على صحيفة ال باييس تحت عنوان ( دور المسنين الفخ القاتل ) تحدث الكاتب عن وفاة 5272 من المقيمين بدور المسنين في العاصمة مدريد وحدها بسبب كورونا حتى الآن.

 

والتقارير القادمة من كندا تقول أن نصف من ماتوا بسبب كورونا في كندا توفوا في دور المسنين بسبب الإهمال والظروف المزرية.

و في فرنسا لم تقتصر الوفيات على المستشفيات فقط بل تعدتها إلى دور المسنين أيضا، حيث قضى آلاف المسنين من نزلاء هذه الدور بسبب العدوى والإهمال.

 

لم تقتصر فضائح هذه الدول على هذا الحد بل تبين أن هذه الدول ليس لديها اكتفاء ذاتي من الدواء والأجهزة الطبية، وذلك ماتطرقت له صحيفة لوموند الفرنسية حيث أشارت إلى أن أروبا لا تصنع قناني الأوكسجين وإنما تستوردها، هذا بالاضافة إلى أن أمريكا و أغلب الدول الاوروبية بدأت تستورد أجهزة التنفس الصناعي وملابس الوقاية التي استعاض عنها طواقم بعض مستشفيات نيويورك بأكياس القمامة.

 

وفي المملكة المتحدة تحدثت صحيفة التايمز عن الملايين من اختبارات الأجسام المضادة للفيروس التاجي المستوردة من الصين التي لا تعمل.

 

 وإيطاليا كذلك يبدو أنها لم تكن مستعدة لمواجهة هذا الفيروس الزاحف الذي أظهر هشاشة نظامها الصحي.

 

 إذ ذكرت صحيفة الميرور البريطانية أن طبيبا بإحدى المستشفيات الايطالية ظل يستغيث حتى الموت بسبب نقص القفازت الطبية مما تسبب بنقل العدوى له من أحد المرضى.

 

هذا بالإضافة إلى دول أخرى لا يتسع المقام لذكرها وسرد حجم أضرارها.

 

لا أحد يمكن أن يتنبأ متى ستنكشف هذه الغمة وماهي مآلاتها و نتائجها، لكن أغلب المحللين يتوقعون أنها أزمة ستطول وستكون فاتورة تبعاتها مكلفة.

 

لكن ما هو مؤكد أن العالم بعد كورونا سيكون مختلفا تماما عن العالم قبلها، وأنها أزمة ستغير كثيرا من المفاهيم والصور وبالأخص صورة الغرب المثالي في مخيلتنا.