على مدار الساعة

أمريكا... والدرس النبيل

3 يونيو, 2020 - 20:32
عثمان ولد بيجل

مَنْ منا لا يشعر بالفخر بالسود  الذين انتفضوا، في يوم واحد، قافزين على مكبوتاتهم وحنقهم واختلافاتهم وخصوماتهم وكل نظراتهم النمطية من أجل تسمين صفوف إخوتهم ممن كانوا، في السابق، عبيدهم؟..

 

كنت على الدوام فخورا بالسود لأنني نهلت من معين وليام دِي ابْوَا وماركوس غرافاي. وفي المدرسة، غرغرتُ لِباءَ الفكر الزنجَوي من إيمَى سيزار وسينغور واغرانتس فانون... كنت، وما زلت، وسأظل أحب السود لأن مرجعياتي من الحراطين، ولو باتوا غوارفَ من مناهل عربية كجمال عبد الناصر، استلهموا من كبار معلمي الفكر أمثال مارتن لوثر كينغ ومالكوم إكس وفرانز فانون ونيلسون مانديلا...

 

وإني لأعترف أنني أصبحت، منذ الأمس، أحب بيض الولايات المتحدة أكثر: أولئك الذين كنت أكن لهم التقدير، رغما عني، بسبب تعبئتهم القوية خلال المسيرة العظيمة من أجل الحقوق المدنية بقيادة مارتين لوثر كينغ، ولكن أيضا بسبب جهدهم في الاختيار غير المسبوق لباراك أوباما في الانتخابات الرئاسية.

 

ولِمَ لا نحبهم، على أية حال؟.. فوحدهم العنصريون، والإقطاعيون المتحجرون، والمتعفنون بمرارة التفوق العرقي، ومُنَظّرو الطائفية العمياء، من لا يكنون لهم المحبة، للأسف.

 

نعم، لا شك أن الأمس كان يوما مختلفا! وبفضله وفضل شمسه المشرقة سيَخْضَرُّ العالم! وستزهر الأرض، وسيُستعاد الحب المفقود. إذن لا تلوموني على أنني عدت لحب الولايات المتحدة الأمريكية وبيضها وسودها الذين كاد ريغن وبوش (الأب والابن) والرزية البشروي ترمب أن يعملوا على جَرّي لمقتهم وكرههم.

 

ألا يجب علينا، نحن الموريتانيون من كل المشارب، أن نستلهم من هذه الوثبة، ونستخلص منها دروس الحب المطلوبة ودروس الإيثار وقبول اختلافاتنا التي تم تحييدها بشكل متبادل؟.

 

ولأن الفرصة فاتتنا كي نصبح نموذجا تجعل منه الأجيالُ القادمة مثالا يحتذى، ولأننا، بالرغم من كل منجزاتنا، فشلنا في أن نضرب موعدا مع التاريخ ننحت به مكانا تحت الشمس، ألا يتوجب علينا، إخوتي-أخواتي، أن نستوحي من هؤلاء البيض والسود الأمريكيين؟. وفي غياب التملص من العقدة الدنيوية التي تجعل من العبيد والعبيد السابقين وما شابههم أناسا غير قادرين على الفِعْل، فلنكن كلنا، ومن فوق متاريس اللغات والألوان والأعراق والفئات، دعاة سلام وحب ووحدة وانسجام. وأخيرا، دعونا نكون مواطنين ضمن نسيج دولة قانون حقيقية.