على مدار الساعة

تبريد مياه الشرب... عندما يطبق الموريتانيون مبادئ الفيزياء

15 أبريل, 2017 - 13:15
المهندس: الهيبة ولد سيد الخير

استوطن الموريتانيون واحدة من أقسي البيئات وأكثرها جفافا وحرارة، ومع ذلك استطاعوا التغلب على الكثير من المصاعب، مما مكنهم من الاستفادة من عديد المزايا التي تقدمها تلك المنطقة القاحلة، كالحرية والإنتاجية الولية الطبيعية وقلة المُمرضات، مزايا لا يمكن أن يتمتع بها، إلا من يستطيع التغلب على جملة من المنقصات، وسنتناول في هذه الحلقة كيف طبق الموريتانيون مبادئ الفيزياء لتبريد مياه الشرب.

 

يعتبر تبريد المياه لغرض الشرب واحدة من التحديات للعيش في بيئة صحراوية حارة وجافة، وقد استطاع الموريتانيون تطبيق أبسط مبادئ الفيزياء لتبريد مياه الشرب، فمن المعروف أن تبخير سائل يمتص من الحرارة أكثر بكثير من كمية الحرارة المطلوبة لرفع درجة حرارته بمقدار عدة درجات، ويسمي هذا المبدأ بالتبريد التبخيري Evaporativecooling، وهذا المبدأ هو نفسه المستخدم في تبريد أجسامنا، حيث نتعرق عبر مسامات البشرة، ليتبخر العرق، مما يخفض حرارة أجسامنا،كما  أن هذه الظاهرة هي التي تُفسر انخفاض الحرارة الذي نشعر به عند تركيب أو استعمال أي قنينة غاز مضغوط، لأن الضغط يحوله إلى سائل وعند زوال الضغط يتبخر، مما يخفض الحرارة وكثيرا ما نشعر بذلك عند تركيب قناني الغاز أو استعمال قناني العطور المضغوطة.

 

الشنة:

من المعروف أن جلود الحيوان كانت وسيلة فعالة لنقل وتخزين الماء، لكن تلك التي فقدت الشعر منها تُعتبر أنجع وسيلة لتبريد الماء، لأن تساقط الأشعار يسهل من عملية تبخير الماء عبر المسامات في جلد الحيوان، وتزيد كفاءة التبريد كلما انخفضت الرطوبة النسبية في الجو المحيط وزادت الحرارة خصوصا عندما تكون مترافقة برياح الخماسين (إريفي)، فكلها عوامل تزيد تبخير الماء وبالتالي برودته، وعلى العكس تماما تقل كفاءة التبريد في فترة الخريف، حيث تزداد الرطوبة النسبية وتقل الرياح الجافة.

 

لقدور:

تعد "لقدور" إحدى أقدم وسائل حفظ ونقل الماء عبر التاريخ، إلا أننا استخدمنها لتبريد الماء أيضا، لأنها تحوي ثقوبا بسبب كونها مصنوعة من الصلصال، مما يتيح تبخر الماء منها، وهي عكس القرب تماما فالأولي تُبردّ بشكل أفضل كلما طال أمد استعمالها، ينما تقل كفاءة القدور كلما زاد استعمالها بسبب انسداد ثقوبها.

 

عبوات البلاستيك!

مع انحسار استخدام أدوات تبريد المياه التقليدية، بسبب إكراهات المدينة وانتشار استخدام عبوات البلاستيك الرخيصة والفعالة، تكيف الموريتانيون بسرعة لاستخدمها لتبريد المياه بتطبيق نفس المبدأ المذكور بالرغم من أنها لا تحمل ثقوبا للتبخير كما في وسائل التبريد التقليدية، ليستعيضوا عن تلك الثقوب بلفائف من القماش ورشها بالماء، في محاكاة ذكية للوسائل التقليدية، فتبخير الماء يُبردّ سطح عبوة البلاستيك لتمتص حرارة الماء داخل العبوة وبالتالي يبرد.