على مدار الساعة

عشرية البناء: ذكرى الخامس من أغسطس

6 أغسطس, 2020 - 02:20
محمد فال ولد عبد الله

تحل اليوم ذكرى الخامس من أغسطس 2009 ذكرى تقلد فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز مقاليد الحكم في بلادنا، وهي السانحة التي من خلالها يمكننا أن نستعرض بعضا مما تحقق لنا كموريتانيين في شتى المجالات، وهي الفترة التي تمت كتابة التاريخ فيها بنجاح، ووقفت الإنجازات شاهدة على هذا النجاح الذي تحقق خلال هذه الحقبة من تاريخ وطننا الحبيب، إن الذي يتخذ من المنجزْ أداة تقييم لعمل أي نظام لا شك سينبهر بمستوى الإنجازات التي تحققتْ خلال حكم محمد ولد عبد العزيز من ناحية الكم والكيف، ومن خلال جوهرية هذه الإنجازات ومدى أولويتها وحاجة البلد الماسة لها.

 

والذي لن يختلف عليه اثنان هو الإستراتيجية الأمنية التي انتهجها الرئيس منذ الوهلة الأولى من حكمه، فقد تم إعادة تأسيس قطاع القوات المسلحة بشكل كلي، فشهدت الميزانيات العسكرية خلال العقد المنصرم زيادات كبيرة مما مكن من شراء المعدات والأسلحة القتالية، زتمت إعادة تسليح الجيش الوطني بكل تشكيلاته وبمختلف قطاعاته العسكرية ووضعه في الظروف التي تسمح له بتأمين حوزتنا الترابية والمائية والجوية، فمن خلال مضاعفة الإنفاق العسكري الوطني أربعة أضعاف من 2008 - 2018 ليصل نحو 160 مليون دولار أمريكي ونتيجة لهذا اقتنيت الطائرات العسكرية القتالية لصالح قواتنا الجوية، والتي كانت تعتمد على طائرتين عسكريتين فقط قبل 2009، حيث تم اقتناء طائرات عسكرية قتالية برازيلية EBM-314 super Tucano والمصممة للطيران في درجات الحرارة العالية والتضاريس الوعرة مثل الصحراء الموريتانية، وعلى صعيد حدودنا البحرية تم اقتناء السفن العسكرية للمرة الأولى في تاريخ البلد ''سفينة تنبدغة وكوركل و لفرطاقة القتالية النيملان التي ستتولى حماية حقول الغاز الموريتاني والتي كلفت الخزينة العامة مبلغ 72 مليون دولار أمريكي"

 

أما على صعيد قوات المشاة العسكرية فقد تم تطوير استراتيجية ناجحة لمكافحة الإرهاب حيث تم الشروع في إنشاء ثماني مجموعات تدخل خاصة، تحمل شعار  GSI، وهذه الوحدات تم تصميمها لتكون متعددة الاستخدامات تخطيطا وتنفيذا، تتكون كل واحدة من هذه القوات الخاصة من حوالي 200 رجل عملوا معًا لعدة سنوات.

 

والأهم من ذلك، أن هذه الفرق القتالية مجهزة جيدًا بالعربات والإمدادات، وخاصة الوقود والمياه والذخيرة، من أجل عمليات مكافحة الإرهاب المستقلة المستمرة والتي تستمر عدة أيام في الصحراء النائية.

 

أما على الصعيد التنموي، فقد تم إطلاق مشاريع كبيرة تستهدف ولوج المواطنين إلى الخدمات الأساسية، فتم إنجاز مشروع اظهر الذي ظل حلما يراود كل سكان المناطق الشرقية من البلاد، وفي وسط البلاد تم إمداد عاصمة ولاية لعصابة كيفة بالمياه الصالحة للشرب عبر مشروع آبار نكط، وعلى مستوى ولاية البراكنة تم إنجاز مشروع حقل بوحشيشة المائي الذي زود مدينتي ألاك ومكطع لحجار بالماء الشروب، وعلى صعيد البنى التحتية تم إطلاق شبكة وطنية من الطرق فكت العزلة عن آلاف الموريتانيين، كفك العزلة عن ولاية كيدي ماغا وولاية تيرس الزمور وربطهما بشبكة الطرق الوطنية، بالإضافة إلى ربط المقاطعات بعواصم الولايات التابعة لها، انتهاءا بشبكة الطرق التي تحققت في عاصمتينا السياسية والاقتصادية، والتي غيرت وجه المدينتين كليا، وتعززت هذه البنى التحتية في عاصمتينا من خلال إنجاز مطارين في كلتا المدينتين حيث حظيت نواكشوط بمطار جديد بمواصفات عالمية وكذلك تم إعادة تشييد مطار نواذيبوا بشكل كلي كما استفادت مناطق أخرى من مطارات جديد فأعيد تشييد مطار الزويرات وأنْجز مطار لصالح مدينة بير أمكرين الحدودية الإستراتيجية كذلك أعيد تشييد مطاري مدينتي أطار وكيهيدي، ولم تتوقف ثورة التشييد التي طالت البنى التحتية عند هذا بل طالت مجال الموانئ البحرية، فتمت توسعة ميناء الصداقة في نواكشوط لتتضاعف قدرته الإستعابية كما تم إنشاء مينائين إستراتيجيين هما ميناء تانيت وميناء أنجاكو متعددة الاستخدامات وتم توسيع ميناء خليج الراحة ليشمل رصيفا خاصا بالشركة الوطنية للصناعة والمناجم، والأن البلد كان ورشة عمل لا تتوقف أعطى محمد ولد عبد العزيز أوامره بإنشاء شركة وطنية للطيران فتم اقتناء أسطول من الطائرات من بينه أحدث طائرة من جيلها وهي boing 737 max، ينضاف إلى ذلك إقامة نظام عصري بيومتري للحالة المدنية الوطنية، وفي مجال التعليم العالي أطلقتْ ثورة عمرانية في هذا القطاع فتم إنشاء مركب جديد للجامعات يحتوي على خمسة كليات وفق أحدث التصاميم وكذلك استحدثت أربعة معاهد مهنية جامعية، كما أطلق محمد ولد عبد العزيز إستراتيجية طموحة بمقدورها انتشال عشرات المدن ومئات القرى من عتمة الظلام الدامس فعمد إلى إطلاق محطات الطاقة الكهربائية لتزويد البلاد بالطاقة والتي كان النقص الكبير المسجل فيها هو أكبر معضل يحول دون تحقيق أي تقدم في مجال التنمية وتحسين ظروف المواطنين، فتم إنشاء محطة الشيخ زايد للطاقة الشمسية بقدرة إنتاجية تصل إلى 15 ميغاوات وكذلك محطة الرياح في بولنوار وقدرتها الإنتاجية 31 ميغاوات ومحطة توجنين الواقعة ضمن ولاية أنواكشوط الشمالية والتي تقدر قرتها الإنتاجية بـ50 ميغاوات كما تم تشييد المحطة الكهربائية الهجينة على مستوى مدينة كيفه وكذلك إنشاء محطة للطاقة الشمسية في أطار عاصمة ولاية آدرار، لترتقي بلادنا بذلك لمصاف الدول المنتجة للطاقة النظيفة محققة بذلك فائضا في الطاقة سمح لنا بأن نصدره للدول المجاورة.

 

كما شهدت العشرية إطلاق برامج اجتماعية كثيرة أثرت بالإيجاب على المستوى المعيشي للمواطنين فقد أطلقَ برنامج تكافل للتمويلات الاجتماعية والذي يخصص إعانات مالية دائمة لصالح 32 ألف أسرة فقيرة على عموم التراب الوطني، كما تم استحداث شركة وطنية لتوزيع الأسماك في كل ربوع الوطن وبأسعار رمزية وصلت لـ 50 أوقية قديمة لكلغ السمك، بالإضافة إلى إطلاق برنامج دكاكين أمل الذي يوفر المواد الغذائية الأولية للمواطنين الأقل دخلا بأسعار مخفضة.

وفي المجال الصحي ومن خلال النقص الهائل في المستشفيات والمستشفيات التخصصية عمد محمد ولد عبد العزيز إلى تبني سياسية التشييد في هذا المجال فأنجز في العاصمة نواكشوط وحدها أربعة مستشفيات كبيرة منها مستشفيان تخصصيان، كما تم تشييد مستشفى كوبا في عاصمتنا الاقتصادية والذي يتوفر على كل التخصصات و الممول عن طريق خيرية اسنيم، وكذلك مستشفى الصين في كيفة ، كما تم إنجاز مستشفى النعمة الكبير وينتظر أن تنتهي الأشغال من مستشفى الشمال والذي هو قيد الإنشاء في مدينة أطار، وكذلك إنجاز مستشفى كيهيدي هذا بالإضافة إلى إنجاز عشرات المراكز الصحية في مختلف ولايات الوطن.

 

و على صعيد الهوية والثقافة أعيد الاعتبار إلى إشعاعنا الحضاري والثقافي من خلال بعث الروح في مدننا القديمة التي شارفت معالمها على الاندثار لولى التدخل الذي حصل من خلال سن مهرجان سنوي يعيد لهذه المدن وجهها اللائق من خلال العناية والمتابعة التي سيوفرها لها هذا المهرجان.

 

أما على الصعيد الخارجي فقد شهدت الدبلوماسية الموريتانية خلال العقد الأخير أوج نشاطها وأعلى مستويات مشاركتها في الشأن العربي والإفريقي والعالمي، فتم إعادة الاعتبار للمكانة الموريتانية عند أشقائنا العرب عن طريق قطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني المحتل للأرض الفلسطينية المباركة، ليلي ذلك رئاسة بلادنا لمنظمة الدول الإفريقية مرورا بإقامة القمة العربية والقمة الإفريقية لأول مرة في تاريخ بلدنا انتهاء بدور رائد في فض النزاعات الإقليمية كالمشاركة في محاولة فض النزاع لليبي 2011، ونجاح دبلوماسيتنا في إيقاف الاقتتال المالي، بالإضافة إلى دور محوري في حل الأزمات كان آخره الوساطة التي قادتها بلادنا في دولة غامبيا.

 

كما عززت بلادنا دورها المحوري في مكافحة الإرهاب من خلال تبني فكرة إنشاء أكبر إطار إقليمي في المنطقة يعنى بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وهو تجمع دول الساحل الإفريقية.

 

وفي مجال الحريات العامة تم خلال العقد الماضي تحرير الفضاء السمعي والبصري وأطلقت القنوات الحرة والإذاعات الحرة وألغيت قوانين الرقابة على الصحافة، ونتيجة لهذه الإصلاحات حققت بلادنا أعلى المراتب على مؤشر حرية الصحافة العالمية، فتصدرت بلادنا قائمة الدول العربية في حرية الصحافة طيلة سنوات عديدة، ولعل المقام لا يتسع لذكر كل المكاسب والإنجازات التي تحققت للوطن وللموريتانيين فإن الفرصة سانحة لنقدم الشكر والامتنان وعظيم العرفان لفخامة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز على ما قدمه لموريتانيا وشعبها.