على مدار الساعة

الرأي السديد للنظام المفيد قبل الاستفتاء القريب: رسالة إلى رئيس الجمهورية

20 أبريل, 2017 - 00:59
د. محمد محمود ولد أعلي                                                          

انطلاقا مما تشهده الساحة السياسية حاليا من حراك في ما يخص الاستفتاء على التعديلات الدستورية سواء من جهة المعارضين لها أو الداعمين لها، إضافة إلى الصمت الملاحظ لدى بعض الداعمين للنظام في هذا الشأن والذي يظهر في احتجاجات وتذمر بعض الجهات والمجموعات في الشرق والشمال من النظام والتي أصبحت تتزايد في الأيام الأخيرة، فإنني بوصفي من الداعمين لرئيس الجمهورية بصدق وصاحب رأي حر وجدت أنه من منطلق واجب المسؤولية اتجاه قناعتي والتواصي بالحق أن أتوجه إلى النظام وخاصة فخامة الرئيس وكل من يتحمل المسؤولية في تسيير أو مستقبل هذا البلد العزيز الغالي بهذه الرسالة التي يتلخص مضمونها في ضمان استقرار البلد ومواصلة المسار الديمقراطي والتنموي فيه من خلال الحفاظ على المكتسبات التي تحققت بفضل الله هذا من جهة، وأخذ الحيطة والتأني في كل الأمور في هذه الفترة المليئة بالمغالطات والنفاق والتملق والخداع من جهة أخرى لكي لا نقع ونوقع الوطن في فخ المؤامرات الدنيئة للأعداء والمتمصلحين الذين لا تهمهم سوى الانتهازية والمصالح الضيقة الآنية، وعلى هذا الأساس أستسمح في أن أذكركم سيدي الرئيس ومن خلالكم أصحاب الشأن العام بكل تواضع ومحبة بالمسائل التالية لأخذها في الحسبان والتي قد تكونون على علم بها وذلك قبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وهي:

  

- أن لا ننخدع وخاصة أنتم السيد الرئيس بما يقوم به بعض السياسيين المتملقين من مبادرات وحملات دعائية في دعم التعديلات الدستورية على أساس دعمهم لكم، لكونها ما زالت خجولة ومحدودة ولأن أكثرها أقيم في العاصمة وفي القاعات والقصور والصالات بعيدا عن المواطنين الذين يجب أن يكونوا هم الهدف في هذه الحملة، وعلينا أن نتساءل عن السبب في ذلك هل هو اعتراف أصحاب هذه المبادرات بعدم ثقة الشعب فيهم وبالتالي خوفهم من النزول إليه، أم هو خوف من السلطة التي يستغلونها لمصالحهم الشخصية حتى إذا كان ذلك على حساب الصدق والوفاء الذين يتطلبان الإخلاص في المواقف والجدية في العمل من أجل الدفاع عن تلك المواقف.

 

- الانتباه إلى أن هناك شريحة واسعة داخل الأغلبية والداعمين للنظام صامتة حيال موضوع الاستفتاء على التعديلات الدستورية مما يتطلب النظر في أسباب ذلك هل هو تذمر البعض من التهميش والإقصاء أم عدم رضا البعض الآخر من سياسات الحزب الحاكم ونهج الحكومة، ولهذا على النظام ممثلا في السيد الرئيس أن يشخص ذلك ليقف على حقيقة الأمور، وبالتالي تصحيح الأوضاع قبل فوات الأوان لتفادي الأخطاء التي قد تؤدي إلى عدم التصويت بنعم للتعديلات الدستورية وفقدان ثقة المواطنين في النظام.

 

- يجب أن ينصب تركيز الدولة في هذه الفترة على هموم ومشاغل المواطنين التي تزداد يوميا بسبب ظروف فصل الصيف الصعبة، هؤلاء المواطنون الذين صوتوا للرئيس بأغلبية وبقناعة في الأشواط الأولى في الاستحقاقين الرئاسيين السابقين، وإني لشاهد على ذلك لأني كنت في ساحة الحملات آنذاك بين المواطنين البسطاء سواء كانوا من الموالاة أو المعارضة في الأحياء الشعبية والعشوائية والذين أصروا على التصويت للرئيس حينها ولو كان ذلك ضد مواقف أحزابهم ووجهائهم وأقربائهم وجماعاتهم... الخ لما شاهدوه من إنجازات ملموسة والوقوف مع الفئات الهشة والفقيرة في مشاكلها ومعاناتها، لأن الاعتماد الحقيقي في نجاح الاستفتاء على التعديلات الدستورية ينطلق من كسب ثقة هؤلاء المواطنين الذين أصبحوا يتمتعون بوعي كامل، وبالتالي فهم بتصويتهم لقناعاتهم بسرية بغض النظر عن مواقفهم العلنية في الحملات الانتخابية التي ترتكز غالبا على التعاطف والمصالح.

 

- إعادة التوازن والتمثيل في المناصب والمسؤوليات الهامة للدولة وذلك على أساس الوزن الديمغرافي والدعم السياسي للنظام لكي يشعر الجميع بعدم الغبن والإقصاء الذين أصبح يشعر بهما البعض من خلال ما نشاهده من تذمر بعض الجهات والمقاطعات، بل وبعض القبائل والمجموعات ذات الوزن الديمغرافي والسياسي الكبيرين، حيث يرجع هؤلاء سبب تذمرهم إلى كون أن هنا ك بعض الجهات والمجموعات، بل والمقاطعات والأسر التي تحظى بتعدد الوظائف السامية في الدولة بالرغم من أن بعضها ليست وراءه قواعد شعبية وهذا ليس من الإنصاف والمساواة الذين يعتبران من صفات العدل الذي هو أساس وجود واستمرار الدول والأمم.

 

- إسراع الحكومة فورا في إيجاد حلول للمشاكل الملحة التي تعاني منها بعض الجهات والمناطق التي عبر عنها البعض هنا وهناك إضافة إلى وضع حد للظروف الصعبة التي يعاني منها المواطنون بصفة عامة بسبب شدة الصيف والفقر، وذلك عن طريق توفير الخدمات الأساسية كالمياه والصحة... الخ وإعداد برنامج للتدخل السريع لمؤازرة المنمين ودعم برنامج أمل الذي يعتبر حقيقة أكبر إنجاز يستفيد منه المواطنون خاصة الفئات الهشة ومحدودة الدخل لتغطية النقص الذي شهده منذ السنة الماضية.

 

- يجب حذف تغيير العلم والنشيد الوطنيين من التعديلات الدستورية لكونهما حسب استطلاعات الرأي لا يتوفران على موافقة الأغلبية، فبالأحرى المعارضة وذلك لضمان عدم الوقوع في الفشل كما حصل في مفاجأة تصويت مجلس الشيوخ بالرفض على التعديلات.

 

- على النظام عدم الاعتماد والثقة المطلقة في اتخاذ القرارات على أساس هذه المبادرات والدعايات السياسية والأبواق الإعلامية، لكون أغلبها لا ينطلق من المصداقية والقناعة ولا من قواعد شعبية حقيقية وإنما ينطلق من خداع النظام بتلك الأمور من أجل الوصول إلى مصالح ومطامع شخصية ضيقة تتركز في الحصول على تعيينات أو صفقات أو منافع مادية آنية لأصحابها الذين لا تهمهم مصلحة النظام فبالأحرى مصلحة الوطن لأن مبدأهم في الحياة الوصول إلى المنافع والمصالح الشخصية بأية طريقة وبشتى الطرق ولو كانت على حساب أن يذهب الجميع إلى الجحيم.

 

- اهتمام السلطة في أخذ المشورة و الاعتماد على أصحاب الرأي والشأن العام الصادقين في وطنيتهم والأوفياء في مواقفهم والنزيهين في آرائهم و الذين يتمتعون بالمصداقية والخلق في أوساط الشعب من أطر ومثقفين ووجهاء في هذه المرحلة التي تتطلب الإقناع والعمل الميداني المتواصل على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

 

وأخيرا نسأل الله أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين ويجنبنا الشر والفتن و يوفق ولاة أمورنا لما فيه الخير آمين، آمين، آمين.

 

والله ولي التوفيق.