على مدار الساعة

وجهة نظر محايدة حول الجدل الذي أثاره ملف الفساد..

26 أكتوبر, 2020 - 17:53
محمد سيدينا الشيخ ـ محام

قرأت ماكتبه الأستاذ محمدن ولد إشدو ردا على نقيب المحامين إبراهيم ولد أبت في موضوع ملف الفساد وهو الرد الذي تم نشره و توزيعه عبر الإعلام على نطاق واسع.

 

ومن المعروف أن التوزيع عبر الإعلام يعني أن صاحب المنشور قد جعله مجالا من مجالات الرأي، ما منحني فرصة كي أبدي الملاحظات التالية التي تمثل رأيا ثالثا محايدا لا ينتمي لدفاع أي من الفريقين :

 

كان مربط الفرس الذي عليه مدار حديث ذ. محمدن ولد إشدو يتمحور حول اللجنة االرامانية التي بذل كل ما بوسعه لينفي عنها الإختصاص في مجال التحقيق الذي قامت به حول فساد العشرية ،إلا أنه لم ينطلق في ذلك من مقدمات مقبولة من الناحيتين القانونية والسياسية.

 

فمن الناحية القانونية تجاهل الأستاذ المذكور كون البرلمان مسؤول دستوريا عن الرقابة على عمل الحكومات سواء كانت حكومة في زمنه أو في زمن سابق عليه.

 

فما قامت به اللجنة البرلمانية المذكورة هو كشفت معلومات في إطار عملها الوظيفي، وتلك المعلومات لا تؤثر سلبا على مركز الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز أمام المحققين الحاليين التابعين للقضاء العادي ما دام تقرير اللجنة البرلمانية المذكورة لا يلزم القضاء العادي المستقل وظيفيا عن السلطة التشريعية. أي أن تلك اللجنة يستحيل في حقها أن تكون مرحلة من مراحل التحقيق أمام الشرطة القضائية التي تساعد القضاء العادي.

 

تقرير اللجنة البرلمانية المذكورة ليس حكما قضائيا يدين أيا كان لأنها ليست هي محكمة العدل السامية التي لم تتعهد، ما يعني أن تقرير اللجنة البرلمانية لا يعد مرحلة من مراحل التحقيق وإنما يصنف كإبلاغ عن جريمة، وهذا الإبلاغ يبنى عليه هو الآخر اشتباه كما حصل.مع العلم ان الإبلاغ عن الجريمة الذي قد يبنى عليه الإشتباه ربما يكون هو الآخر كاذبا وربما يكون صادقا حسب ما تتوصل إليه نتائج البحث الإبتدائي الذي تأمر به النيابة.

 

اقتصر دور اللجنة البرلمانية إذا على إبلاغ النيابة عن جريمة توصلت إلى معلومات تدل على وقوعها.

 

ومن المعروف أن إبلاغ النيابة العامة بالجرائم واجب يفرضه القانون على كل إنسان توفرت لديه معلومات عن وقوع جربمة فاحري إن كان هذا الإنسان أفراد يشكلون لجنة من لجان السلطة التشريعية.

 

ومن الناحية السياسية فإن كلام ذ. محمدنولد إشدو في هذا المجال ربما يزيد ضغط دول تقودها برلمانات تحارب الفساد لن يقنعها كلام يسعى إلى تعطيل وظيفة البرلمان كهيئة رقابية .

 

وهنا يتضح أن تقرير اللجنة البرلمانية المذكور ليس ملزما للنيابة و لا للتحقيق وعليه نستغرب تركيز الأستاذ محمدن ولد إشدو عليه مادام مجرد إبلاغ عن جريمة.

 

كانت القيمة القانونية لتقرير اللجنة البرلمانية المذكورة ستكون أكبر لو تعهدت محكمة العدل السامية في ملف الفساد،ففي تلك الحال لو وقعت كان هذا التقرير سيكون بمثابة عمل قضائي وليس مجرد إبلاغ عن جريمة.

 

وبما أن محكمة العدل السامية لم تتعهد، وبما أن الدفوع الشكلية التي كان سيدفع بها أمامها دفاع المشتبه به يستحيل أن تكون هي الدفوع الشكلية الممكنة أمام القضاء العادي.

 

وحين نسحضر ذلك في إطار الهجوم الحالي على اللجنة البرلمانية وتقريرها ونقارنه بما كان قد طالب به دفاع المشتبه به من ضرورة إعطاء الاختصاص في الملف المذكور لمحكمة العدل السامية.

 

أليس مناسبا في هذا المقام على من تقدم بمثل هذا الطلب أن يتشبث بمصداقية اللجنة البرلمانية المذكورة حتى يجعل منها مرحلة مشروعة من مراحل التحقيق أمام محكمة العدل السامية، وعندها يتخذ التقرير الذي صدر عنها قرينة على حصول مقدمات تعهد تلك المحكمة التي يريد تعهدها في الملف.

 

أم أننا لم نصل بعد مرحلة الدفوع الشكلية التي ليست مما يبحثه البحث الإبتدائي؟

 

أعتقد أن التحقيقات التي تجري حاليا تترسم بقواعد واضحة تحاكي مابه العمل في القانون المقارن السائر في فلك القانون الفرنسي، وأخشى أن تكون المحاكاة في هذا الصدد وصلت عدة الزمن التي كانت في ملفات بعض الرئيس المشتبه بهم لدى الشرطة.

 

كان الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز سيكسب مكاسب سياسية وقانونية لو تعهدت محكمة العدل السامية في ملفه ، لكن فتوى أعدها أهل الذكر في المجال الدستوري استرشدت بالقانون المقارن منعت ذلك منعا باتا،وهي الفتوى التي اعتمدتها اللجنة البرلمانية سالفة الذكر