على مدار الساعة

أحمد يحيى.. والعلاج القادم للكرة السمراء!

9 نوفمبر, 2020 - 23:07
محمد اندح

هكذا هو شأن القادة العظماء دائماً؛ أن لا يكون لطموحهم حدود، وأن لا تكون لنجاحاتهم نهاية، أو هم تماماً كما يقول السيد أحمد ولد يحي نفسه: "إن الشخص الذي لا يتقدم دائماً نحو الأمام سيتراجع بالضرورة إلى الوراء".

 

عرفتُ الرجل منذ خمس عشرة سنة كاملة؛ عندما كان رئيساً لنادي أفسي نواذيبو؛ وكنتُ يومها ممثل موقع كووورة في موريتانيا، ولا أنسى أبداً أول لقاء مباشر جمعني به، حينما حدثني يومها عن طموحه بالوصول لرئاسة الاتحادية الموريتانية لكرة القدم، وحدّثني عن إيمانه بضرورة أن تتغير وضعية الكرة الموريتانية، وأن يتأهل منتخبنا الوطني إلى كأس أفريقيا للأمم..

 

ولا أنكر أنني -رغم طموحي وأحلامي الكثيرة لكرتنا الوطنية- كنت يومها أستمع للرجل وأرى أنه يحلم كما يحلم كل الحالمين بما لا طمع فيه؛ حيث لا شيء يشي أبداً في ذلك الوقت أننا قادرون -على المدى المنظور ولا حتى البعيد- على تحقيق نصف ما حدثني به إذ ذاك!

 

بعدها بسنوات قليلة، قرر أحمد بالفعل الترشح لرئاسة الاتحادية؛ صادعاً بكلمته الشهيرة التي باتت كالنشيد الملهم للكرة الوطنية؛ "إن الخمول الذي تعاني منه كرة القدم الموريتانية ليس قدراً محتوماً حتى نستسلم له، ولكنه مرض يحتاج إلى علاج".

 

وبعد أن تقلد الرجل رئاسة الاتحادية، أذكر أن كثيرين توقعوا أن يخيب أمله سريعاً، وتنكسر إرادته، ليستسلم للواقع الأليم ويعلن الانسحاب بهدوء!

 

بيد أن ما حدث بالفعل، أن مضى الرجل في طريقه مؤمناً بأهدافه، سعياً إلى تشخيص المرض بنجاح والبحث له عن العلاج الفعال، إلى أن أتى العلاج!

 

كانت كرة القدم الوطنية تعاني في تلك الأيام الحالكة من أسوأ فتراتها ركوداً وتخلفاً؛ فالمنتخب الوطني معاقب قارياً، والبطولة الوطنية مترهلة ضعيفة بتسعة أندية فقط، والمنشآت الكروية تكاد تختفي لشدة ما تعانيه من صدأ وهجران ونسيان وإهمال، والأسرة الرياضية تنخرها الخلافات والصراعات الجانبية بعيداً عن محيطها.

 

كما كان المنافسون من كل البلدان يكيلون للكرة الموريتانية كل أنواع السخرية والاستهزاء، والأسوأ من ذلك أنهم يؤكدون هذا الواقع الأسيف على الأرض كلما وضعتهم قرعة صدفة مع موريتانيا!

 

سنوات قليلة من العمل المضني، الذي لم يشوش عليه تشويش المشوشين، ولا تهكم المتهكمين، ولا تثبيط المثبطين، كانت كفيلة بمحو تلك الصورة تماماً من عقول كل المنافسين، وبناء صورة أخرى مشرفة هي التي سكنت عقول الجميع في النهاية؛ أن موريتانيا ليست إلا واحدة من الأمم الكروية المحترمة، تفوز وتخسر، تنجح وتخفق، تتأهل وتُقصى، لكنها ككل الأمم باتت تعيش هذه الثنائية الحتمية كطبيعة لكرة القدم، بدل أن تعرف أحادية الفشل فقط!

 

تأهلت موريتانيا إلى كأس أفريقيا للأمم، واختير منتخبها أفضل منتخب في القارة، ووجد لاعبوها فرصة للاحتراف في الخارج، وتحولت عناوين السخرية في الإعلام الدولي إلى عناوين للثناء والتمجيد والفخر، بل قال عنها رئيس أعلى سلطة كروية في العالم، إنها المثل الذي يجب أن يحتذى في قارة أفريقيا جميعاً.

 

واليوم، كان من الطبيعي أن يخطو أحمد ولد يحيى خطوة كبيرة أخرى نحو صناعة المجد والنجاح، بإعلانه الترشح رسمياً لرئاسة الاتحاد الأفريقي! ويا له من حظ عظيم للقارة السمراء؛ أن وجدت فرصة ذهبية ليدير ولد يحيى دفة الكرة فيها؛ حتى تتبوأ المكانة اللائقة بها بين قارات العالم!

 

وكأني به يقول للأفارقة جميعاً، "إن الخمول الذي تعاني منه كرة القدم الأفريقية ليس قدراً محتوماً حتى نستسلم له، ولكنه مرض يحتاج إلى علاج".

 

وصدقوني سيأتي العلاج!