على مدار الساعة

للإصلاح كلمة موجهة إلى رئيس الجمهورية عن طريق وزارة الشؤون الإسلامية من أجل إصلاح التعليم

18 نوفمبر, 2020 - 01:57
بقلم الأستاذ / محمد بن البار

السيد الرئيس كلمة الإصلاح هذه المرة توجه إليكم كلمتها الإصلاحية بوصفها عايشت الدولة الموريتانية من ميلادها الحسن وإنبات أولئك الرجال لها آنذاك نباتا حسنا فوق جميع خريطة موريتانيا من عين بينتيلي إلى انجاكو إلى غابو وحتى فصالة شرقا، هذه الخريطة الدائرة وما تحتوي من أرض وشعب تفضل الله عليها عند ميلادها بما يلي:

 

فعندما تخلت فرنسا عن مستعمراتها كانت موريتانيا من بينها، ولكن تخلت عنها فرنسا أرضا فقط دون منشآت حضرية، لكن في نفس الوقت تركتها شعبا أنجب آنذاك رجالا مدنيين صالحين بكل المقاييس لبناء دولة كما لو كانت موجودة منذ قرون، فهذه الصورة الجغرافية أورثها الله لكوكبة من الرجال كانت عربية القلوب كلها بأبيضها وأسودها إسلامية المعتقد بدون أي استثناء، فهم كانوا لموريتانيا الشنقيطية كل فيما يخصه بمثابة من نجح لتوه في مسابقة تمام النزاهة والكفاءة والعفة وعلو الهمة، وهم موزعون على جميع أبناء ولايات الوطن.

 

وعلى القارئ أن يسمع هؤلاء الأسماء ليرفع لها قبعته متطاولا ما استطاع ليوفي لتلك النخبة حقها الطبيعي والمكتسب: الرئيس المختار ولد داداه، حمدي ولد مكناس، صال عبد العزيز، أحمد بن محمد صالح، كمرا صيدو بوبو، وباقي الصف الأول من البناة الطيبين، وعندما التحق بهم الصف الثاني فكان صالحا للالتحاق بهم في كل صفة حميدة: محمذن ولد باباه، أحمد بن سيدي باب، سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، با عبد العزيز، إلى آخر تلك النخبة.

 

هؤلاء المهندسون في جميع الاتجاهات إلا اتجاه جمع المال والارتباط بأهله في الخارج وغياب فكرة إنشاء وطن خاص بموريتانيا كما وضع الله جغرافيتها وشعبها وخصوصيتها التي تجسدت عليها وهي عروبية القلوب وإسلامية المعتقد الخالص على كل شبر من تلك الجغرافية الطاهرة، فكأن المسؤولون الأول جميعا يعرفون تلك الخصوصية، ويتقدمون معها جميعا بالتضامن وإظهار موريتانيا في ثوبها الخاص بها وبلغة إسلامها العربية الموحدة لها، فقد سعوا إلى ذلك بالتدرج السريع راضين مرضيين للجميع مؤكدين له أنه ولدت دولة اسمها موريتانيا، ولكن لها تعليمها الخاص بها والمعروف لدى الجميع، فعلى جميع المسؤولين الآن في الدولة أن يدركوا ذلك ويبحثوا عن الوصول إليه ويعتزوا به هم وكافة الشعب، ولكن بعد هذه الفقرات الأخيرة وبفقد ذلك الجيل المعدنى الخالص الطيب النزيه فقدت موريتانيا هويتها نهائيا، وعندما أراد القدر أن ينهي تلك المسيرة الذهبية التي كانت تسير بجميع مكونات الشعب إلى تحقيق ذلك الإرث الوطني الذي تمسك به الأجداد في انسجام وتضامن اجتماعي فوق هذه الجغرافية أعلاه حتى جاء الاستعمار وذهب والجميع متماسك تماسك البنيان المرصوص (اسألوا مؤتمر ألاك الأول من نوعه).

 

وعندما جاءت نخبة الاستقلال الاستمرارية الخالصة على خط الآباء من جميع الفئات وتميز عملها بأنها خالصة فيه وأنه لصالح الجميع كله وأنه على المنهج العربي الإسلامي السليم من كل عنصرية وتعصب إلا أنه مع الأسف عندما أراد القدر أن تزول تلك النعمة العامة عن موريتانيا جاء بانقلاب يوليو 78 الذي وقعت فيه موريتانيا وحتى الآن تحت أفكار الحكم العسكري.

 

وقبل الوصول إلى موضوع الرسالة أبادر بالقول إن جيشنا ولله الحمد بدون استثناء تقريبا جيش من الصالحين (وأفسر هذه العبارة بسرعة لئلا يأخذها مريض قلب ويفسرها حسب مرضه) فإن كلمة أنه جيش من الصالحين تعني أن جيوش العالم ولا سيما العالم العربي ومنه جيراننا في كل الاتجاهات يشترون عسكريتهم بإيمانهم وتلك العملية السيئة حفظ الله منها جيشنا ولله الحمد، فالمتدينون منه لا يزيدهم التعسكر إلا إيمانا.

 

إن مشكلتنا بعد ذلك الانقلاب – الذي كان ضروريا كما نعلم جميعا – هو أن الجيش لا يعرف التخطيط المدني الاستمراري، فاتجه نحو من يستعين به من المدنيين فصادفه الله مع مواطنين يحملون أفكارا لا تمت لمسيرة موريتانيا التقليدية بصلة، وفسد الاتجاه من ذلك التاريخ وحتى الآن.

 

وعندما جاءت محاولة الانقلاب الجهنمي الأول على معاوية، ذلك الانقلاب الذي لم يأذن الله له أن يكون هو نهاية موريتانيا لو نجح، إلا أن موريتانيا منه أخذت برأس عشرين سنة من الفساد: عشرية معاوية الأخيرة وعشرية الرئيس السابق فقد أعطى معاوية في عشريته الأخيرة موريتانيا لمن يحب أن يطعمها لنفسه ولمن أحب بدون أي خجل، وعشرية الرئيس السابق فتح الله له فيها نافذة حب الثراء السريع واشتغل في ذلك بكل قواه، ونجح في ذلك، ويمكن الحلف هنا بدون حنث أنه لو تم الوصول إلى المأمورية الثالثة لاحتفلنا سنة 2022 بالملكية الوراثية وإلى الأبد، فالنخبة الفاسدة بالثراء على أخلص الولاء والفقراء لا سلاح لهم.

 

السيد الرئيس،

الآن سنصل إلى موضوع الرسالة ملخصا فيه أن القرينة – والملاحظة وإمعان الفكر – الجميع اتفق أنكم لا تريدون الثراء الطارئ في مأموريتكم هذه، وأنكم تحبون ترك آثار خاصة بكم، وبدأ ذلك مفهوما من خطابكم الأول للترشح، ونظرا لذلك نلخص ثلاثة عناوين سجلت لكم:

أولا: المصالحة مع المعارضة لأنه لا معنى لحرمان مواطن من وطنه أو حرمانه من التوظيف فيه بمجرد أنه يعارض ما تتقدم به الحكومة إذا كان لا يخدم المجتمع في نظره.

ثانيا: قراراتكم المادية بمساعدة الضعفاء أو الهيئات الهشة كما يقال إلا أننا ننبه سيادتكم أن تلك الهشاشة لا تخص شريحة عن شريحة والله سائل عن الجميع.

ثالثا: ما طرأ من محاولة الرجوع إلى الأصالة الموريتانية الشنقيطية وعلى رأس ذلك إدخال الروح العلمية العملية في هيئة العلماء بعد تغيير اسمها ونشاطها من رابطة للعلماء يكتفي أفرادها بتلقي معونة تقدمها الحكومة لذلك المسمي لتوزيعه على أفراد كان الحظ في أيام معاوية يصيب فيه من يشاء ويصرفه عن من يشاء، فهيئة العلماء وبرعاية وزارة الشؤون الإسلامية طرأ عليها عن طريق سيادتكم التفاتات في الاتجاه الصحيح مثل: مرتنة وشنقطية – إن صح التعبير – الشعب الموريتاني كله بخلق جائزة الرئيس لحفظ وفهم المتون إلى آخره وفتح المعاهد والمحظرة الكبرى الشنقيطية إلى آخر كل ذلك.

رابعا: وهو العنوان الأبرز والمرجو وهو موضوع هذه الرسالة التي يمكن أن تكون هي ( الفرا) كما يقال "الصيد في جوف الفرا"، ألا وهي خلق أربع سنوات دراسية محظرية تبدأ من السنة الخامسة للطفل كما هو مقرر أصلا في تاريخ حضور الطفل للمحظرة، وتكون هذه السنوات إجبارية في عامة التراب الوطني أي في الجغرافية الموريتانية أعلاه، ويكون راتب مشايخها جميعا على الدولة، وتكون تابعة لوزارة الشؤون الإسلامية ليصل فيه الطفل المحظري في سنته الرابعة منها إلى شهادة - وهو عمره 9 سنوات - تخوله دخول منهج السنة الخامسة الابتدائية وتكون بالنسبة له أولي ابتدائية ليصل في سنتين إلى الإعدادية وهو قد تعلم جميع مبادئ المدرسة الشنقيطية من حفظ للقرآن أو بعضه وجميع متعلقات اللغة العربية والمبادئ الفقهية وما إلى ذلك ، فيأتي التعريب والوحدة الوطنية والاندماج الوطني من تلقاء نفسه، ويكون هذا الإصلاح لا توجد فيه أي لغة أجنبية إلا كالتالي:

1.  اللغة الفرنسية لغة أجنبية أولي ابتداء من أولي ثانوي

2. اللغة الانكليزية لغة أجنبية ثانية

 

ولكن جميع اللغات الأجنبية لا تدرس إلا كلغة المراد معرفة التكلم بها وكتابتها وعدم احتياج أي موريتاني في هذا المنهج أن تترجم له.

 

أما جميع المواد في جميع المراحل حتى الجامعة فتكون دراسته باللغة العربية {وعلى الله فليتوكل المتوكلون}.

 

وكما قلت فإن هذا الاقتراح يمكن أن يحل في مادة إنجازه ما كان يصرف من النفقات في المعاهد والجوائز الرئاسية ومحو الأمية الذي يعني الخيال منذ إنشائه إلى آخر جميع المصاريف الحكومية حتى ولو كان منها تحويل ميزانية المعهد العالي أو الجامعة الإسلامية مع الميزانية أعلاه إلي موضوع هذا الاقتراح الذي لو قدر الله له أن يري النور لطوى كثيرا من الأفكار العنصرية والشرائحية إلى غير ذلك، كما أنه إذا رأي النور فعلى الوزارة المعنية أن تأخذ من كل قرية مشايخها المحظرية إلا إذا كان لا يوجد أًصلا شيخا محظريا فيحول لها من داخل البلد، وبهذا تحل وزارة الشؤون الإسلامية محل وزارة التعليم الأساسي، فكما كانت وزارة التعليم الأساسي قائمة بنفسها فتحل محلها وزارة الشؤون الإسلامية حاملة معها رسمية المحاظر وإجبارية الدخول فيها في السنة الخامسة للطفل إلى آخره.

فإذا خرج على الموريتانيين هذا المقترح بمرسوم من الرئاسة فعليهم أن يجعلوه عيد استقلال آخر: {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء}.