على مدار الساعة

عن تجربتي مع "المؤتمر الرقمي" الأول (ARIJ2020)

6 ديسمبر, 2020 - 17:55
محمد الأمين محمد المامي

لم تكن العولمة الناتجة عن تحرير سوق الاتصالات، وتوسع نطاق تبني الإنترنت، سوى إحدى نقاط تتابع نحو عديد التطورات في حياة البشرية، باتجاه "التحول الرقمي"، وقد بلغ مستويات عالية مع ظهور الـ"كوفيد19"، وتداعياته التي قلبت المعادلات، ليتسارع الاستثمار في كافة الأشياء المتاحة وبشكل أخص الحلول التقنية، لضرورة استمرار الحياة النشطة من أجل نتائج أكثر بتكاليف أقل.. الأمر الذي لم يتطلب غير إعادة النظر فيما تتيحه التقنيات المتوفرة، علما أن الأجهزة الإلكترونية وذاكراتها، والبيانات التي نجمعها والخواريزميات الموجودة، تتطور بشكل متسارع لخدمة أهداف البشرية، بما فيها "تحقيق الرفاه التقني المشترك"، وإن بدأ ذلك بشكل تدريجي نوعا ما، عبر المحادثات الفورية كتابة، ثم صوتا، إلى محادثات جماعية بالصوت والصورة، إذ كانت ولاتزال التقنية جاهزة في انتظار طلبات المستخدمين.

 

عبر تطبيقات متعددة، أبرزها (Zoom) انعقدت ورش عمل، واجتماعات على أعلى المستويات، ليستعد ما يناهز 3 آلاف شخص حول العالم لـ"تجربة عقد ملتقى رقمي" على أساس مشاركة مئات المعنيين، المهتمين دون معرفة بواسطة أي تطبيق و لا أي منصة ستستضيف الملتقى بذلك العدد الكبير، والعديد يعتقدون أن الأمر غير ممكن باحتساب أن تطبيق زوم هو الوحيد المتاح لعقد المباحثات العملية عبر المجال الرقمي، والعملية تتطلب خبرة تقنية خارقة، وقدرة فائقة على التحكم وإدارة التفاعل بين المشاركين الأقل من عشرين غالبا!

 

تأثر كثير من الناس بتطور تفشي الجائحة واستمرار الإغلاق ومنع التجمعات، بينما ظلت عقول تعمل ساعات النهار، وعيون تسهر الليالي سبيلا للحد من خيبة الأمل، واهتماما بإثبات القدرة على التحدي والمواجهة بالنشاط الرقمي عبر توظيف الحلول التقنية التي توصل إليها الخبراء في تحليل البيانات وإجاد الخواريزميات استجابة لمتطلبات الحياة العملية.

 

ترقب المعنيون بـ"المؤتمر الرقمي التفاعلي" والمهتمون بالتجربة مواعيد التسجيل والانطلاقة بشغف بالغ، ليتفاجأ أكثر من 3000 صانع محتوى رقمي من أكثر من 60 بلدا عبر العالم، بتحول دقيق لنظام عقد الملتقيات في قصور المؤتمرات، إلى منصة رقمية myOnvent)  ) و نفس التصميم، على شكل قاعات للجلسات الرسمية، معرض للشركاء، مركز للتوجيه، ونوافذ للتواصل مباشرة مع المشاركين والتفاعل مع المحاضرين والتنقيل بين الفضاءات المتعددة، كل ذلك عبر ضغطة زر؛ كان الأمر مذهلا من حيث سلاسة العملية، بل نبه الجميع أن المرء كائن مكرم، سخر له القدر كافة الوسائل للوصول لأهدافه بالعزيمة.

 

 

بعد خوض تجربة عمرها تجاوز العقد من الزمن، مليئة بالحضور والمشاركات الفعلية في مختلف الفعاليات الثقافية، من مهرجانات وندوات ومؤتمرات محلية ودولية، من خلال هيئات تنظيمية مختلفة المستويات و متنوعة التخصصات؛ كـ"أندية شبابية، مبادرات جمعوية، هيئات نقابية ودعوية، وأخرى متخصصة في جوانب من مجالات الفعل الإعلامي"، ومن باب "وأما بنعمة ربك فحدث" فقد من الله علي بمعرفة الكثير من أسرار التنظيم والنجاحات والإخفاقات في هذا الإطار، لذلك أستطيع القول عقب (مشاركتي في ملتقى ARIJ2019 في الأردن، وهذه المرة من المكتب في نواكشوط) "أن كانت تجربة "ملتقى أريج الرقمي التفاعلي الأول 2020 م"، كفيلة بنفي كافة الفرضيات القائلة باستحالة ضبط تنظيم المؤتمرات الرقمية وحصد النتائج المتوخاة، إذ عاش المشاركون تجربة مثيرة، ممتعة عبر المجال الرقمي، حيث كان الكل حاضرا عبر شاشة حاسوبه، يكتب، يتحدث، يتفاعل، ويتنافس في المسابقات والألعاب ضمن جلسات منظمة في إطار فعاليات المؤتمر، بينما لم يتحمل عناء السفر جوى، برا، ولا بحرا .. ولا تكاليف تستحق الذكر، بل ظل الكل إلى جانب ذلك على صلة مباشرة بالتزاماته الاجتماعية والعملية خارج الإطار، وهو ما ليس سهلا تفهمه دون تجربة عملية، تشعر صاحبها فعلا بتواجده، وقدرته على العمل في أكثر من مجال (بفضل الإنترنت والحلول التقنية المتوفرة) ويتنقل بين عدة فضاءات متخصصة، بمجرد ضغطة زر؛.. تجربة نموذجية، بل ويمكن أن تكون مفصلية في الحياة العملية ودليل إلى تطور النشاط الرقمي للمستخدمين الأفراد والمؤسسات، ذلك لتلائمها مع طبيعة الحياة العصرية وديناميكية التطورات المتسارعة، في نمط حياتنا الذكية، وتنذر بمستقبل مختلف عما هي عليه اليوم.