على مدار الساعة

الاحتلال ملة واحدة 

16 ديسمبر, 2020 - 13:58
يحيى ولد أحمدو

يبدو أن الحرب التحريرية الثانية التي اندلعت منذ ما يزيد على شهر في الصحراء الغربية -بعد انتهاك المغرب لوقف إطلاق النار الموقع قبل تسع وعشرين سنة بين المغرب والصحراويين تحت إشراف الأمم المتحدة-  كانت شديدة الوقع على المغرب حيث دفعت به في صفقة شديدة الغرابة إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب مقابل تغريدة من الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته يعترف له بالسيادة على الصحراء الغربية.

 

ورغم الأوجه الكثيرة لغرابة هذه الصفقة التي أثارت كثيرا من الحبر منذ الإعلان عنها، إلا أن أشد أوجهها غرابة هي طريقة الإخراج التي أخرجتها بها الدولة المغربية من خلال بيان ملكي يقول إن الخطوة حدثت خلال اتصال ملكي مع اترامب وإنه قبل ذلك أو بعده حسب الروايات تم الاتصال بالرئيس الفلسطيني محمود عباس…

 

ثم يخرج وزير الخارجية ليقول إن الصفقة كانت نتاج أكثر من سنتين من العمل …

 

في حين أن تغريدة اترامب التي يمكن أن تعتبر أشهر تغريدة في هذا العام لغرابتها تقول إنه "من المناسب أن تعترف… ثم يأتي ليقول وجهة نظره في حل المشكل وكأنه تنبه إلى أن ما قدم لهم لن يحل المشكل نهائيا.

 

ولا زلنا في الإخراج دائما الذي كلف محللي المنصوري الذين ظهروا تباعا على القنوات كلفهم الكثير من الجهد في الدفاع عن هذا الموقف الغريب: «نعترف لكم بالسيادة على القدس ونتنازل عن كل حقوق الشعب الفلسطيني بمافيها الحدود والاستيطان والعودة ونبارك السيطرة الكاملة على القدس ووو مقابل أن تعترفوا لنا بالسيادة على الصحراء الغربية». ومن أغرب ما في هذه الصفقة أن ما قدمه المغرب هو شيء يملكه نظريا على الأقل بوصفه "رئيسا للجنة القدس" وكان من « الممانعين"، حيث صرح وزيره الأول من شهر تقريبا أن التطبيع خط أحمر  ولكن ما قدمه الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته هو الوهم فقط وهو يخالف تماما الاتفاق الذي تستضيف بموجبه الولايات المتحدة مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد أظهرت التصريحات التي صدرت بعد ذلك أنه لا قيمة له سواء من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، كما أكدت الأمم المتحدة أنه لا يغير شيئا في قضية الصحراء الغربية. 

 

تعيش الصحراء الغربية منذ شهر على وقع الحرب الشرسة وتحت وقع الاقصاف اليومية التي غيرت الكثير من الأمور في حياة سكان المناطق المحتلة من الصحراء الغربية وبالرغم أن المغرب مازال يتكتم على خسائره الكبيرة في الأرواح والعتاد إلا أن هرولته للارتماء في أحضان اليهود بهذا الشكل وحدها كافية لإدراك مدى ما يصيبه من هزائم، كما أن الاحتفالات الكبيرة المتواصلة بما يعتبره النظام المغربي إنجازا وكان الأولى به أن يتستر عليه لشناعته هي كذلك دليل على مدى هزيمته في الميدان.

 

إن ما أعلنه ترامب من دعم احتلال مغربي لاحتلال إسرائيلي في صفقة رفضتها حتى الصحافة الإسرائيلية هو أسلوب مشهور من أساليب الاحتلال  في البحث عن الشرعية من الخارج حيث يتسابق الاحتلالان لفتح السفارات والقنصليات في الأراضي المحتلة بالترغيب والترهيب ربما تكون إسرائيل أكثر حكامة من المغرب الذي يفتح قنصليات لدول ليست لديها سفارات في الرباط في مسرحية عبثية مثيرة للشفقة فبمجرد أخذ الصور تغلق البناية وينتهي كل شيء.

 

سياسة الاحتلال هي التوسع الدائم والضم بالقوة فلا تعرف حتى الآن حدود رسمية للمغرب الذي تغيرت خريطته منذ استقلاله عن الحماية الفرنسية سنة 1956  أكثر من خمس مرات، أما إسرائيل فسياسة الضم والتوطين يوميا متواصلة على أنغام التطبيع العربي…

 

إن هذا التوسع  الذي يقوم به المغرب في المنطقة ويتصدى له اليوم الشعب الصحراوي بكل شجاعة وعزم  لهو الذي تقوم به إسرائيل في المشرق ويتصدى له الشعب الفلسطيني بكل شجاعة وعزم وهذا ما يعطي قوة كبيرة للشعبين الصحراوي والفلسطيني من أجل مواصلة النضال والكفاح من أجل إحقاق الحق وكبح جماح النوايا التوسعية في المشرق والمغرب العربيين.

 

لقد كان الغرب دائما داعما لقوى الاحتلال التي تنفذ له أجندته، ولكن ذلك الدعم لم يكن يوما ليقف أمام عزم المجاهدين الأحرار الصادقين الذين وعدهم الله تبارك وتعالى  إحدى الحسنيين.