تعزية في نائب كرمسين

تعزية في نائب كرمسين السابق المرحوم الشدو ولد محمد المختار الذي وافاه الأجل ليل الجمعة الماضية:
الحمد لله الباقي بلا زوال، والصلاة والسلام على النبي والآل، وبعد:
فإني قد ارتأيت ان أشفع العزاء برثاء في فقيدنا وفقيد المقاطعة والوطن النائب العمدة المرحوم الشدو ولد محمد المختار ولد بلي فأنشات:
نتعزَّى    مهما     دهانا   المصابُ ☆ نتعزى    إن     العزاء     صوابُ
وصوابٌ    صبرٌ    جميلٌ     تليه ☆ صلواتٌ        ورحمةٌ       وثوابُ
وثوابٌ    على   المصاب   حميدٌ ☆ ورضاً يستدني الرضا واحتسابُ
واحتسابٌ فرضٌ وفضلٌ  عظيمٌ ☆ نأتسي   صبرا   والأسى    غلاَّبُ
إذ ثوى في الأجداث شهمٌ كريمٌ ☆ بكريم    الأخلاق    يعلو    يثابُ
من  بدور   الركاكن   الشدُّ   بذلاً☆ "وندىً  بالطرفاء   فجرا   يصابُ"
فعطيرا    رواهُ      كلاَّهُ     نشرا ☆ من    تليدٍ     وطارفٍ     ينسابُ
شاد يحيى الركونيُ الخيرَ عهداً ☆ ونماه    شيبٌ    سموْا    وشبابُ
فتجلى   في   الشدُّ حظٌّ عظيمٌ  ☆ من سناه  هول  الدجى   ينجابُ
وتحلى     من     تاجه    بنظيمٍ ☆ وعميمٌ     من     روضه     خلاَّبُ
فإلهُ      الأنام    يقبلُ       يعفو ☆ يتولاه     لا     يروعُ     الحسابُ
ويزكِّي   أهلا    وقوما   عشيرا ☆ بأفولٍ      له   دهاهم       مصابُ
وصلاةٌ     على     النبيِّ     وآلٍ ☆ وسلامٌ     على     النبيِّ     يجابُ
قد   حمدنا   بكل   حالٍ حكيماً ☆ حَكَماً     وهْو   القابض    الوهَّابُ
¤تطريز:
⊙وصلوات: دعاء ودعوة وعبارة وإشارة للآية الكريمة: {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.
⊙وندى بالطرفاء: شجر من فصيل الأثل يكثر في شريط آفطوط الساحلي؛ حيث مضارب خيام العشير الركوني منذ آماد سلفت، وبحكم قربها من نشيد التسبيح الكوني لموج المحيط تثقل أغصان الطرفاء بالندى سحرا وفجرا ليالي برد الشتاء؛ حيث يكون الضيف بحاجة للمأوى والندى، فاطراد مشهد الضيف الآوي في تلك الليالي ذات الندى بمعنييه لمضارب خيام الركاكنة هاج شاعرية الشيخ كلاه الركوني قديما فأنشد من أبيات:
إذا ابتلت الطرفاء في الفجر بالندى ☆ وشاب نداها عرف جود الركاكن
⊙يحيى الركوني: واشتهر بيحيى الخيل هو الجد الجامع لبطون عشيرة الركاكنة، ونسبته الركونية لقب أندلسي غلب عليه من أصوله الأندلسية؛ حيث توجد حارة الركاكنة بالأندلس، وقد ذكرها غير واحد من الأعلام كابن القوطية في الرواية الأندلسية، كما نسب إليها جمع من الأعلام منهم الأنصاري الركوني وحفصة الركونية التي كانت من شواعر عصر الأندلس الثالث أيام الموحدين.
⊙حظ عظيم: مضَمَّنٌ لازمَ ذلك من آية فصلت: {وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}.
⊙يجاب: إشارة للحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي تضمن أنه عليه الصلاة والسلام يجيب برد السلام على أمته.
⊙الحمد لله على كل حال؛ للأثر الوارد فيه عند حدوث ما يكرهه المرء، ووصف الله تعالى بالحكمة، وهي حكمة بالغة تجعل العبد يسلم، وبالحكم النافذ تجعله يخضع ويرضى، وبالقبض والهبة على صيغة المبالغة فعَّال تترجم ما يعيشه الناس في دار الامتحان من هبات عظيمة وقبض يسير، لا يخلوان أبدا من رحمة وحِكَمٍ لا ندرك أكثرها. فسبحان ربنا العظيم.
ورحمة الله تترى على الفقيد المرحوم وعلى جميع موتانا وموتى المسلمين، إنه بر رحيم.
والله أعلم.
كتبه:
د. علي محفوظ.
كان الله له ولأوليائه وليا ونصيرا.