على مدار الساعة

عام آخر: حصيلة وطن

30 ديسمبر, 2020 - 22:23
لامات أحمد سيدي

بدأ العام الحالي بآمال كبيرة معقودة على النظام، عندما أعلن الحرب على الفساد وشدد على ضرورة حماية مقدرات الدولة.. فانعقدت آمالنا على هذا الكلام الكبير، فأمِلنا منه أن تنهض البلاد ويرتفع سقف الطموحات وتبدأ الحرب الشاملة على التخلف والفساد والمحسوبية... 

وتأمل الكثير خيرا بعد فترة من الفساد والارتجال لم يشهد البلد مثلها من قبل

ورغم تمسكنا بهذا الأمل إلا أن الذين بعثوه في انفسنا عمدوا إلى تصرفات تذكرنا بالمربع الأول الذي  لانريده أن يعود  ولا نتمناه... 

ولأنه لا يمكننا في سطور وجيزة أن نضمنها كل إحساسنا بالخيبة بعد كل هذا الأمل والترقب، فقد أردنا أن نلقي الضوء على نقاط قليلة ظللنا طيلة العام نقرع الآذان وننصح ونوجه في كل ما يتعلق بها.. 

بدأهذا  العام بملفات الفساد التي كشف عنها تقرير محكمة الحسابات، والذي أبان عن كارثة كبيرة في نمط حكم البلد، إذ بدى أن الفساد هو سيد الموقف، حيث سقطت رؤوس كبيرة كان الكثير يعدّهم من الأخيار.

وكذالك ماتوصلت إليه اللجنة البرلمانية من فساد يذهب بالنفس حسرات على واقع هذا الوطن وحاله وسوء ما يتعرض له من الخيانة والتخريب...

فبعد كل ما كُشف عنه من ملفات الفساد ومن كوارث سوء التسيير، لا يزال أؤلئك المسؤولون عن هذا الفعل المشين يتمتعون بمناصبهم ويأكلون المال العام كما تأكل البهائم البرسيم..

وفي أحايين كثيرة تجدد لهم الثقة وقد يحصلون على مناصب إضافية تنضاف للسابقة التي يتمتعون بفيئها..

ثم تكشفت فضيحة البنك المركزي والتي كادت أن تعصف بنظامنا المالي وثقتنا أمام شركاءنا الدوليين، حتى ظننا أننا أمام بلد يتعرض للغزو من قبل الغرباء والأعداء، لأن سهولة استبدال الأوراق النقدية وتزويرها وإرجاعها إلى رفوف البنك المركزي وخزائنه كانت أقرب للخيال منها إلى الواقع، ثم لم يزل الأمر أن طوي الملف وتم التعتيم عليه، على الرغم من الاعتقالات الواسعة بل وحتى المحاكمات التي لا تزال على قدم وساق، ولكن دون أن يطال الأمر الأسماء الكبيرة المسؤولة بشكل مباشر عن الفضيحة.

أما أهم تلك المشكلات التي لامست حياتنا في العام المنصرم، وأكثرها وضوحا وتباينا ورسوخا في وعينا السياسي وفي حياتنا الواقعية هي أزمة التعليم والطلاب، فما بين تسريب الامتحانات وإضراب الطلاب وحرمان الممنوحين من حقهم وعدم ترسيم المتعاقدين ومقدمي خدمات التعليم والزيادة الضعيفة على أجور المعلمين والمدرسين، ظلت أزمة التعليم تراوح مكانها دون أن تتطور إلا إلى الأسوإ ودون أن يكون للدولة أية آلية في سبيل تطوير التعليم والرقي بمستويات الطلاب، أو حتى ترقية المناهج التعليمية والسعي في منافسة العالم في ترسيخ ثقافة نشر العلم والفخر بالطلاب وتهيئتهم لصناعة المستقبل والنهوض بالبلاد.

 

لتجيئ أزمة كورونا وتكشف النقاب عن رداءة منشآتنا الصحية وانهيار نظامنا الاستشفائي، حيث تواجه هذه المستشفيات اليوم الكثير من العجز والضعف وقلة الموارد والإمكانات، لا لشيئ إلا لأن الميزانيات المخصصة للأغراض والوسائل الطبية قد تم نهبها وتخزينها في حسابات خاصة لأشخاص  بأصحابها ، لازالو يتمتعون اليوم بحماية النظام ويغدق عليهم بالمناصب والمنح ويسبغ عليهم دراء حماية من المساءلة ومن يد القانون..

ولم يكد العام ينقضي حتى أبانت لنا أزمة معبر الكركرات عن ضعفنا ومدى استهتارنا بأمننا القومي عامة والغذائي خاصة، حيث ارتفعت أسعار الخضروات والمواد الغذائية بشكل جنوني بسبب أزمة عابرة بين إخوة الدم والجوار،  رغم مانملك من مقدرات تجعلنا ننعم بأمن غذائي متكامل لو سلمت من يد النهب والفساد. 

في هذا العام ظهر القانون في عجز مخجل، واتضح أن المفسدون في منعة ظاهرة ومتحكمون في كل شيئ.. ينعمون بميزانية بلد كامل بلا حسيب ولا رقيب..

وحتى لا أكون كالمركز على النصف الفارغ من الكأس، فمن الجميل أن أشيد بالتقدم الذي حصل في بعض  المجالات السياسية والأمنية والصحية، والتفاعل الإيجابي  في بعض الأحيان، مع الشارع ومحاولة الحديث بشكل اكثر وضوحا يلامس واقع المواطن وإن كان لازال في خانة الكلام وتطييب الخاطر اكثر منه واقعا ملموسا، 

كما أشد على الأيادي التي تريد الخير بالوطن وتسعى للبناء والتقدم.. 

وهنا أود أن الفت  نظر الشباب والقوة الحية إلي أن تغيير البلد إلى الأحسن بيدهم  وذالك برفع سلاح معاقبة كل مقصر ومكافأة كل مهتم وجاد، عن طريق صناديق الإقتراع والكتابة  بشكل متجرد ومسؤول، والإحجام عن مجاملة المفسدين والتستر على ما يفعلون. 

هذا الوطن غال علينا جميعا وما نكتبه هو جلد للذات لنا اولا، وسعي في تحريك المياه الراكدة والنصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، متمثلا قول الباري جل من قائل: إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

يذهب هذا العام مذهب الغيم في رحلاتها، ونتمنى أن يكون العام القادم خيرا على الوطن وبركة للشعب وغوثا لأحلام الوطنيين ورشادا في سلوك الحكومة، وسعادة للجميع وتجربة واضحة نستفيد منها جميعا..

رحم الله كل الأرواح التي قضت بسبب هذا الوباء اللعين، وشفى الله كل المصابين بهذا المرض، ونسأل الله لطفه وعنايته بكل الأسر التي تعاني جراء ضربات هذا الوباء وجعله الأمور الاقتصادية صعبة..

نرجو أن يكون العام القادم عاما للتغيير والحرب الجادة على الفساد، أملنا بالله كبير ورجاؤنا في المخلصين لهذا الوطن لا حدود له، لأنه يستحق علينا البناء والإخلاص والوطنية..
بارك الله فيكم وكل عام وأنتم والوطن بألف خير..