على مدار الساعة

ملاحظات على إضراب المعلمين؛

30 مارس, 2021 - 11:08
عبدالله محمد الفلالي

في الأسبوع الماضي نظمت نقابات التعليم الأساسي والثانوي إضرابا على عموم التراب الوطني، تباينت نسب المشاركة فيه من ولاية لولاية ومقاطعة لأخرى إلا أنه عد إضرابا ناجحا لاستيفاءه كافة المعايير للازمة لنجاحه، إلا أن الإضراب لم يكن مطلوبا لذاته وإنما يهدف من ورائه لتحقيق مطالب يراها المعلمون حقا طبيعيا لهم، ورفع تجاوزات يرون فيها ظلما لهم واستخفافا بمكانتهم فهل بات الهدف المنشود قريبا؟

 

 

في وجهة نظري الإضراب أوصل الرسالة لمن يهمه الأمر، إلا أنه كشف عن تباينات كبيرة داخل العاملين بالقطاع التربوي، فمقدمو الخدمة لا يعنيهم إضراب نظرائهم الرسميين، أما الطاقم الإداري فاستجاب لضعط "لوبي الوزارة" وسعى لسد النقص حتى لا تبدو ثغرة يمكن أن يستفيد منها زملاؤهم الرسميون "مكره أخاك لا بطل"،

 

 

أما النقابات وإن كانت اتفقت على موعد بدء الإضراب إلا أنها لم تتفق في موعد انتهائه وكل منها حدد أيام الإضراب بما يناسبه حرصا منهم أن لا تطول مدة التعطيل فهم مهتمون بمصلحة التلميذ الذي تسبب له الإغلاق بضياع فصل دراسي كامل، وسعيا منهم لتعويض الطلاب ما فاتهم أيام الإضراب، أو سعيا وراء تحديد نسب المنتسبين للمزايدة السياسية كما يزعم البعض. 

 

وكل ما سبق لا يخدم المعلم ولا العمل النضالي فلتسترد المظالم لابد من جرأة وشجاعة وقدرة على مقاومة الضغوط والأماني الكاذبة التي يعد بها "اللوبيات" بعض ضعاف النفوس، وليحقق الإضراب هدفه لابد أن يتوحد جميع العاملين بالقطاع التربوي وأن يضعوا عريضة مطلبية تشمل مطالب جميع العاملين بالقطاع التربوي، ثم عرضها على من يتولى الأمر واتخاذ كافة الإجراءات القانونية التي من شأنها أن توصل إلى الهدف المنشود تحقيقه.

 

فمع نهاية العام الماضي وبداية العام الجديد نظم مقدمو خدمة التعليم وقفات احتجاجية أمام مبنى الوزارة، ثم أتبعوها بإضراب شاركت فيه نسب معتبرة من مقدمي خدمة التعليم وقدموا عريضة مطلبية طالبوا فيها بتحسين العقد ومنحهم العلاوات التي يحصل عليها نظراؤهم الرسميون العاملون معهم في نفس الظروف مع وضع جدولة لترسيمهم بوثيقة مختومة تلزم الوزارة ولا يضرها تغيير الوزراء، تعاطفت معهم نقابات التعليم ببيانات شجب وتنديد ولم تحرك شيئا لنصرتهم وهكذا سرى الوهن إليهم ولم يحقق الإضراب كافة أهدافه، واستفادت الوزارة من التناقضات الحاصلة بين قطبي العملية التربوية، ومن وضعية هؤلاء المخالفة للقانون، فبأي حق سمح القائمون على الوزارة لأنفسهم باستغلال حاجة هؤلاء والزج بهم في عقود لا تستوفي المعايير القانونية؟

 

وهكذا لن يحدث تغيير في عمل المدرس بفعل العمل النقابي مادامت المصالح الخاصة تقدم على المصالح العامة والاستعراض سمة أي إضراب، ومادام التربويون يطعن بعضهم بعضا ويقدم مصلحته  الخاصة على المصالح العامة، ويستعرضون حتى يحافظوا على ما حققوا من مكاسب لا تخدم العمل الجماعي، فالعمل التربوي يسوده خلل كبير وترجيح للمصالح الشخصية والأنا، أما العمل النقابي فرغم المآخذ عليه إلا أنه يبقى الضامن لحق المعلم الذي لا زالت علاواته تتأخر ولا تصرف في موعد ثابت، ولازال الاستهزاء به سمة أغلب المسؤولين، فلم ينس المعلمون أن النواب رفضوا التصديق على قانون يحسن من علاواتهم وصوتوا لآخر يمنحهم امتيازات في البلد من هو أحوج إليها منهم دون تأنيب ضمير، أما وصف مستوياتهم بالمتدنية فهو أمر يحتاج لإثبات وإن وجد بينهم من يتميز بذلك فالخلل من الوزارة ومن طريقتها في الاكتتاب حيث يكتتب معلمون دون أن يمروا بمدارس التكوين وغياب التكوين المستمر للمعلم بعد تخرجه، فالعملية التربوية بحاجة لمتابعة مستمرة.

 

لذا لا يسعنا في هذه المقالة إلا أن نتضامن مع المدرسين ومطالبهم المحقة في نيل الحقوق، ونرجو أن يوفوا بما التزموا به وأن يراعوا تنشئة الأجيال.