على مدار الساعة

سلاح المقاومة والدور الإيراني المبالغ فيه

16 مايو, 2021 - 02:09
الكاتب محمد غلام محمد بوب

يبالغ البعض في ربط ما أحرزته المقاومة الفلسطينية من تطور تقني بإيران، محاجّين بما تصرح به طهران أحيانا - رياء أو استثمارا في ملفات إقليمية أو دولية ذات صلة ببرنامجها النووي - وبما تصرح به حتى حماس نفسُها تغطية ًمشروعةً على أدوار أخرى لا تريد صرف النظر إليها..

 

ومع ما لطهران من دور في هذا الجانب - يذكر فيشكر - فإن ثمة أدوارا أخرى لا تقل أهمية عنه، بل لعلها تفوقه في كثير من الأحيان، ألا وهو دور بعض النخب العلمية العربية التي تمتح من نفس المنبع الفكري لحركة حماس، وبعض النخب الفلسطينية المهاجرة، حيث تفيد بعض التقارير الاستخبارية إلى هجرة معاكسة لبعض تلك النخب، ووضعها نفسها ومهاراتها التقنية تحت تصرف كتائب القسام.

 

وهنا تعود بنا الذاكرة إلى منتصف ديسمبر 2016 غداة الإعلان عن الاغتيال الغامض للعالم التونسي الطيار وخبير البرمجيات المهندس محمد الزواري، عندما أطلق عليه مجهولون 20 رصاصة من مسدسات كاتمة للصوت، داخل سيارته وأمام منزله بمحافظة صفاقس التونسية، فاستقرت ثماني رصاصات في جسده خمس منها في جمجمته.

 

فقد كشفت كتائب عز الدين القسام حينها أن الزواري - الذي كانت أطروحته للدكتوراه عن اختراع غواصة تعمل بنظام التحكم عن بعد، ورسالة تخرجه في مرحلة الماجستير عن صناعة الطائرات بدون طيار - هو أحد عناصرها البارزين، وأنه من ساعدها على صناعة الطائرات المسيرة. وقد اتهمت إذ ذاك حركةُ حماس "الموساد" باغتياله. وقد كشفت التحقيقات التونسية عن فريق ضخم، من نمساويين وكروات وبوسنيين ومصريين ولبنانيين، شاركوا كلهم في عملية اغتياله التي أنفق عليها بسخاء، وفق السطات التونسية.

 

وذكرت القناة الثانية الإسرائيلية وموقع "واللا" العبري أن الزواري، الذي كان عضوا في حركة الاتجاه الإسلامي التونسية (النهضة لاحقا) شارك في معسكرات حماس بكل من سوريا ولبنان وكان كثير التردد على تركيا، وأنه زار قطاع غزة مرارا عبر الأنفاق؛ فقدم للمقاومة الفلسطينية معلومات مهمة وأشرف على تطوير برنامج القسام العسكري في شقه التقني، ولا سيما مشروع "طائرات أبابيل" حيث برزت قدراته الهندسية ونبوغه التكنولوجي.

 

ويمكن القول هنا إن تبنيَ القسام للزواري جاء من باب الوفاء لرجل قتل بتلك البشاعة وسلخ عشرا من سني عمره في خدمة الحركة وتطوير أساليبها القتالية، وإنه لولا تضافر تلك العوامل لما كشفت عن اسمه نهائيا.

 

ويمكن القول إن حماس لا تزال تراهن على محيطها العربي وامتداداتها الفكرية بمدها بكل أشكال المساعدة وحتى المسكوت عنها.

 

وفي خطابه أمام الجماهير في الدوحة مساء السبت، كان لافتا أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية - بعد تعداده لأشكال المساعدة المطلوبة: سياسيا وإعلاميا وماليا - شدد على أن "الي بيقدر يفعل أكثر من هيك فليفعل". وبرغم أن تلك الـ"هيك" يمكن أن تنصرف إلى السلاح أو النفس، فإنه -بالنظر إلى ظروف الحصار المطبقة على القطاع - فإن الدعم المطلوب هنا يمكن أن يكون أكثر نوعية وتخصصية.