على مدار الساعة

للإصلاح كلمة توضح أسباب الانفلات الأمني المذكور في الساحة (3)

5 يونيو, 2021 - 00:14
الأستاذ محمدو بن البار

أولا: كلمة الإصلاح تأسف علي مصادفة يوم كتابتها بيوم اغتيال الأستاذ المتميز من طرف اللصوص شياطين المدينة.

 

لقد نبهت كلمة الإصلاح في الأعداد السابقة أن المنفلت عن الأمن هي الدولة وليس العكس.

 

وقد أوضحت من قبل أن انفلات الدولة هذا عن الأمن بدأ من العشر الأواخر من حكم معاوية بعد الأحداث حيث استبدل الأمن تماما برجال السياسة واستغني عنه بجمع الأصوات عند الترشح، فأبيح المحرم وأصبح مفوضو الشرطة ومديروها وضباط جميع القوات المسلحة بما تطلق عليه، الجميع يؤمر بترك عمله الأمني والالتحاق بمسقط رأسه لتحصيل الأصوات ويصبح ذلك الإطار الأمني بين عشية وضحاها يخضع ويتذلل لذويه طلبا لأصواتهم، ومن ذلك العهد بقي اسم الأمن فقط من غير معناه في الدولة، وأصبحت تديره إدارة النقل فقط ومنها استشري حب المادة في أصحاب حب المادة من الهيئة.

 

وعندما جاء الرئيس السابق جاء يعرف ما طرأ من الفساد ولكن جعله فسادا ماديا فقط، بل ترأس موريتانيا وهو يكره كرها متأصلا قوات الأمن الأصيلة في الدولة وهي هيئة الشرطة، فقد كانوا يقفون في وجه تجارته بالنيابة بين مطار انواكشوط والدار البيضاء وهو يقود الحرس الرئاسي آنذاك، بل كرهه للشرطة سرى إلى رؤسائهم الإداريين: الإدارة الإٌقليمية – الولاة - الحكام إلي آخره.

 

وقد قال في هذا الكره كلمته المشهورة عندما قيل له لماذا لا تحل هيئة الشرطة بعد سحبك منها عمل المرور وإعطاء عملها الحضري داخل المدن الكبيرة لهيئة الدرك وعملها مع الإدارة الإقليمية لهيئة الحرس فقال: إن أكثر منها قضية التقاعد والموت ولذا في زمنه :

 

أولا: عين مديرين للأمن أحدهما من الجيش والآخر من الدرك، وكأن تعيينهما يعني تصفية الهيئة المفلسة في نظره، لأن مدتهما وهي سبع سنين تقريبا لم يقع فيها أي اكتتاب وفعلا نقص التقاعد والموت عدد الشرطة حتى كادت تختفي، فالاكتتاب كان 300 في السنة، إلا أنه ولله الحمد عندما حول للأمن رجلا من الجيش قطعا لا يحتاج لأستاذ أخلاق ولا أستاذ توجيه في دقة العمل حزما وعزما ولا أستاذ لين الجانب والعواطف مع المواطنين مع الصرامة في المهنة واحتواء أجزائها، ألا وهو الجنرال محمد بن بمب ولد مكت ولأجل عينيه هو فقط واعتباره عند الرئيس السابق بدأت الحياة تدب في هيئة الشرطة فبدأ الاكتتاب سنويا في أنواع رتب الشرطة وأخرجت الملفات للترقية وبدأ العمل الشرطي قادما من بعيد بعد ما اختفت التقارير الاستعلامية والمحاضر القضائية التي تراعي المساطر الجنائية إلي آخره، وبدأت الدوريات الليلية وتراجعت أعمال الجرائم التي كانت بمثابة الأمراض بلا أطباء، ويأتي بها الله ويشفي منها بدون أي سبب.

 

وبعد  هذه الفترة التي وصلت فيها الشرطة إلى ثلث نشاطها العادي العام قادمة من الموت السريري ولمدة سبع سنين عجاف من الأمن عين على هيئة الشرطة هذا الضابط الحالي الذي كان اسمه وحيويته ونشاطه في المهن التي تولاها قريب من الأمن تلقائيا يقظة واهتماما ودخولا في الموضوع كما ينبغي، فزاد نشاط الاكتتاب وأخرجت أنواع التخصصات من مخبئها كما أخرج إلى الوجود لفضيلته المعروفة في الإدارة وهي فضيلة مراعاة الترقية والعقاب للمتميز والمخالف، والآن يعتبر أن هيئة الأمن وضعها هذا القائد الفريق مسقارو بن سيدي فوق السكة، فلا تنقصها القيادة حالا، ولكن ما زالت تحتاج حثيثا إلى الرجوع إلى أصالة أدوات أمنها، ألا وهي الكثرة والتنوع والمتابعة وفتح أبواب كل شيء أمامها ولا سيما الحرية المطلقة في أداء الأمن مقابل الحرية المطلقة لأفراد الشعب الممنوحة رأسا من الدستور، بمعني أن الحرية المطلقة للأمن وهي الإيقاف والبحث الدائم عن أي فرد يتجاوز حريته إلى حرية الآخرين في أي مجال: هذا مباح للشرطة في أي وقت.

 

وتقسم الشرطة نفسها إلي مراقبة هذه الجرائم كلها، وفي جميع الميادين التي ذكرنا من قبل: الميدان السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، والثقافي إلى آخره.

 

وإذا كانت وزارة الداخلية والعدل ستساعدان الأمن بمساعدة ستحمد الوزارتان نتيجتها وهي أن تصدر وزارة العدل قرارا سريعا وشجاعا بأن تمسح طاولة سجن دار النعيم وألاك من كل شخص جريمته المسجون فيها استعمال سلاح أيا كان أبيض أو أسود أو اغتصاب أو مخدرات أو سرقة موصوفة إلى آخره، وكل هؤلاء يصبحون غدا في بير أم اكرين أو تيشيت أو ولاته تحت رعاية كتبية عسكرية، فهذه هي أكبر معونة للأمن هذه الأيام.

 

فإذا كانت وزارة العدل كل يوم تصب نفاية البشر من الشياطين ويطلق عليهم القضاء ريح الحرية، وبعد قليل من الحبس الذي يرعاه حقوق الإنسان المجرم فإن الأمن سوف لا يستطيع التنظيف إلا بعد كثير من الزمن وتوفير المادة الكثيرة.

 

وعلى كل حال فبالعودة إلى وضع الأمن الحالي فينبغي في شأنه ما يلي :

أولا: فمن جهة الدولة أن ترد له اعتباره كاملا وفي جميع مقاطعات ولاية نواكشوط بحيث يشرف ليلا ونهارا على أمنها، وإذا كانت هناك معه قوة أخرى تكون مطلوبة منه هو وتحت تصرفه في الدوريات وغيرها.

 

ثانيا: ومن جهة الأمن فعليه أن يحي مراقبة جميع ما يتحرك في الدولة سياسيا إلى آخر الميادين، وأفراد عندهم اختصاص إلى آخره، ويقومون بكثير من التقارير والمتابعة والحيوية إلى آخره، يراقب الإضرابات ويحلل أسبابها والأسعار إلى آخره.

 

فالآن عند الدولة فرصة بصلاحية إدارة الأمن الحالية بجميع طواقمها لبناء الأمن على أسس جديدة معروفة له في العالم، فالقائد الآن جنرال من الحرس، والحرس والدرك هيئاتهما تجتمع مع مهنة الشرطة في عدة أمور، والأمن العمومي يتدرب عليه الجميع إلى آخره.

 

فالدولة كانت تجعل على الشرطة قائدا من الجيش ومهنة الشرطة والجيش تباعدهما مثل تباعد مهنة الجبال والشمس، فالجبال أوتاد الأرض والشمس سراج الأرض ولا نقطة لقاء بين الأوتاد والسراج، كل له مهنته.

 

فمهنة الشرطة داخل الدولة ومهنة الجيش خارجها إلا أن بعض أفراد البشر يعطيه الله صلاحية القيادة دون المهنة لكل زمان ومكان كما أشرت أعلاه.

 

وأخيرا، أقول لوزارة الداخلية تزور مدرسة الشرطة لتنظر البروج المبنية فوقها هل يمكن لإدارة الأمن أن تجعلها بعد اليوم مكانا للحراسة النظرية، هذا إذا لم تخش على المتدربين فيها من مجرمي السماء والأرض، فمراعاة الأمن هي الأولى في كل شيء.

 

{فالله خير حفظا وهو أرحم الراحمين}