على مدار الساعة

كيف نستفيد من صناعة الغاز الطبيعي الموريتاني؟

20 يونيو, 2021 - 02:12
محمد نور الدين - مهندس في مجال النفط والغاز والبتروكيميائيات

هنا سأتكلم عن تجربتي الشخصية ومشاركتي في إنتاج الهدروجين الأزرق وأحادي الكربون أو ما يعرف بـsyngas على ضفاف بحر الصين في جنوب شرق آسيا، وهو أساس أي صناعات بتروكيميائية أو حتى هدوكربرنية:

1. الغاز الطبيعى يتكون من غاز الميثان وبعض الغازات الهيدروكربونية الخفيفة مثل الايثان والبروبان والبيتان، وبعض الشوائب مثل ثاني اكسيد الكربون والنيتروجين وبعض لكلور، والزئبق والكبريت... تكون نسبة الميثان ما بين 89 إلى 97.5%، وكل ما كانت النسبة عالية كان نوعية الغاز جيدة.

 

- مثال الغاز الطبيعي الموريتاني من حقل بندا يحتوي على نسبة 97.5% من الميثان، وهو حقل صغير يحتوي على احتياطي 1.2 ترليون قدم مكعب صالحة لإنتاج الكهرباء لمدة تزيد على العشرين عاما وهذه الدراسة موجودة ولدى مؤسسات عدة، بما فيها العمومية مثل الوزارة...

 

2. يستخرج الغاز من الحقول ويرسل لتنقيته من الشوائب وفصل الهيدروكربات التي قد تستفيد منها الشركة في إنتاج مواد أخرى.

 

عند الانتهاء من تنقيته تكون نسبة الشوائب قد قلت كثيرا مما يسمح بنقله عن طريق الأنابيب وذلك لتفادي أي نوع من الصدء عليها والذي يسببه لكلور، الزئبق او الكبريت.

- إذا خطوط الغاز أساسية ولا بد منها لأي شي، وخاصة إذا كان الغاز في أرض موريتانيا، وذلك لضمان الإمدادات لعقود قادمة.

 

3. عند وصول الغاز إلى الشاطئ يقوم المصنع بتنقيته مجددا وتوزيعه إلى ما يلي:

- إرسال جزء منه لإنتاج الكهرباء عن طريق ما يسمى التربينات الغازية مع التربينات البخارية أو CoGen وهي طريقة معروفة أثبتت نجاعتها وتمكن من إنتاج كميات كبيرة من الكهرباء تتعدى GW من مصنع واحد... وذلك عن طريق حرق الغاز في التربين ودورانه واستخدام الحرارة التي تتعدي 700 درجة لإنتاج البخار ذو الضغط العالي للمساعدة في إنتاج الكهرباء بمردودية عالية يمكن اعتماد المصانع عليها في صناعات كثيرة إضافة إلى تزويدنا بالكهرباء المنزلي.

 

- لإنتاج الغاز المسال وهي عملية بسيطة يتم من خلالها ضغط الغاز الميثان وتبريده إلى درجة - 162 درجة تحت الصفر وذلك لتسهيل نقله للأسواق العالمية.

 

يساعد هذا في تقليص حجمه بـ600 مرة.

 

- يقام بإرسال جزء من غاز الميثان إلى مصانع لإحراقه لإنتاج ما يسمى Syngas  أو الهدروجين الأزرق وأحادي الكربون عند درجة حرارة 1050 درجة و30 بار بعد خلطه مع بخار الماء، يقام بعدها بتبريده وفصل الماء ثم فصد ثاني اكسيد الكربون وما تبقى من غاز الميثان.

 

لإجراء هذا التفاعل يستخدم محفز النيكل.

 

المفاعل الذي عملت عليه كان يتكون من ما يقارب 300 مفاعل مرصوصة بشكل أفقي وهي على شكل أنابيب مصنوعة من مواد تتحمل درجة حرارة عالية والمفاعل بارتفاع 8 طوابق..

 

- بعض المعلومات التقنية سأحاول أن لا أنشرها هنا... وذلك لأن التكنولوجيا معروفة وبعض الشركات لها سرية في المعاملات.

 

- يمكن الهدروجين وأحادي الكربون من صناعة ما يلي:

1. الغاز إلى سائل GTL وهي طريق لإنتاج المحروقات مثل الديزل والبترول الخفيف المستخدم في السيارات (Essance) والوقود الثقيل والكروزين للطائرات... وهي تقنية معروفة مثال ذلك ما تقوم به دولة قطر بإنتاج 180 ألف برميل يوميا من المحروقات عبر شراكتها مع Shell الرائدة في هذا المجال في مصانعها في قطر المعروف بـPearl أو الجوهرة... مما ساعدها على تفادى تكرير النفط والاكتفاء الذاتي.

 

- يعد هذا من أنظف أنواع الوقود والتي تحترم النظام البيئي الأوربي والأمريكي ويمكن تصديره إلى هذه الأسواق... وليس من الوقود الذي نستخدم اليوم في موريتانيا، والذي يعتبر من أسوء أنواع الوقود، وهو لا يحترم الموصفات في أوربا وممنوع فيها وتعد السوق الافريقية من أكبر المستخدمين له، ويضر بمحرك السيارات لاحتوائه على نسبة معتبرة من الشوائب مثل الكبريت والذي يضر كثيرا بالمحركات والبيئة، ويستنزف مئات الملايين من الدولارات سنويا عن طريق شراء هذه المواد.

 

2. يقام بإرسال جزء من syngas إلى مفاعلات أخرى لإنتاج ما يسمى الكحولات المستخدمة في الكثير من الصناعات مثل الطب والمواد الغذائية ومواد التجميل.

 

3. يفصل أحادي الكربون مع الهدروجين عن طريق نفس التقنية المستخدمة في إسالة الغاز الطبيعي ولكن أكثر تعقيدا ودرجة حرارة -192 تحت الصفر، وهنا نقوم بفصل جميع الغازات وإرسالها إلى المصانع التي تريد استخدامها.

 

4. ويقام بارسال الهدروجين وخلطه مع النيتروجين بعد رفع الضغط إلى 170 بار إلى مفاعل الأمونيا ويحصل التفاعل عند درجة حرارة فوق 380 درجة بمساعدة محفز الحديد ( مانتايت بصيغة ما).

 

يتم تبريد الأمونيا وإسالتها عند درجة حرارة - 33 تحت الصفر وتخزينها وإرسالها للأسواق العالمية.

 

وهذه هي الطريقة التي نسمع بها اليوم لنقل الهدروجين "الأخضر أو أزرق أو رمادي" للأسواق...

 

5. جزء من الأمونيا يخلط مع ثاني اكسيد الكربون لإنتاج اليوريا، وهي الأسمدة ذات الجودة العالية (ونحن بلد في أمس الحاجة إلى ذلك).

 

6. يمكن كذلك syngas من إنتاج الميثانول واثلين اگلايكول وهي كحولات شائعة الاستخدام وذات قيمة مهمة.

 

7. يمكن ايضا إنتاج البوليمير مثل بولي بروبلين وبولي اثيلين وهي شائعة الاستخدام في حياتنا اليومية.

 

8. يمكن أيضا من صناعة PVC أو المادة المستخدمة في صناعة الأنابيب، والمقاعد...

 

9. ستتمكن شركات مثل SNIM من صناعة الصلب وذلك لتوفر أحادي الكربون والهدروجين والذي يمكن من توفير درجة الحرارة المطلوبة للصهر والتحويل.

 

الخلاصة:

هذه هي نوعية إضافة القيمة للغاز الطبيعي وبعض من الأمثلة فقط.

- إرادة استخراج الغاز وإمداد خطوط الأنابيب وتوفير صناعات حقيقية لازمة وشراكة حقيقية في "بير الله" يجب أن تقوم اليوم، الجدوائية الاقتصادية لا تقوم على استخراجه بل إضافة القيمة المضافة وإنشاء وخلق فرص العمل للموريتانيين الشباب وجلب الخبرات وإشراك الكل في تحقيق هذا الحلم القريب.

 

هذا هو ما سيخلق فرصا للعمل ويرفع الإنتاج المحلي إلى ما يقارب 2000% ويوفر العيش الكريم للمواطن.

 

اللهم إني قد بلغت، اللهم فأشهد.