على مدار الساعة

قراءة في القانون رقم 2021/04 المتعلق بالجمعيات والهيئات وبالشبكات

25 يونيو, 2021 - 13:15
الشيخ سيداتي أحمد مولود أستاذ القانون الجنائي بجامعة العلوم الإسلامية بلعيون

المجتمع المدني إطار شعبي اجتماعي يمتلك أفراده بكامل حريتهم وقناعاتهم مبادرات وأهداف وأماني ومشاريع وطموحات متنوعة، على كل الأصعدة، يسعون لتحقيقها على أرض الواقع.

 

فالمجتمع المدني يظهر في شكل تنظيمات تطوعية مستقلة ذاتيا، وجدت بالأساس لتملأ المجال العام بين المجتمع والسلطة وهي غير ربحية تسعى إلى تحقيق منافع أو مصالح للمجتمع ككل أو لبعض فئاته المهمشة، وقد أثبتت التجارب المقارنة أهمية الأدوار التي يقوم بها المجتمع المدني على اختلاف تشكيلاته، سواء كانت تلك الأدوار تنموية أو اجتماعية أو ثقافية أو سياسية، وهو ما برهنت عليه جائحة كورونا التي لعبت فيها هيئات المجتمع المدني دورا  مشهودا على كل الأصعدة

 

وفي ظل الانفتاح الذي تشهده البلاد حاليا أصبح حريا بالمجتمع المدني أن يلعب كافة الأدوار المناطة به، وما كان ذلك لليتحقق في ظل القانون رقم 64/098 الصادر بتاريخ 09 يونيو 1964 المتعلق بالجمعيات، لذلك بادر المشرع إلى إلغائه واستبداله بالقانون رقم 2021/04 المتعلق بالجمعيات والهيئات وبالشبكات.

 

وفي محاولة منا لتسليط الضوء على هذا القانون من أجل المساهمة في إنارة الرأي العام  القانوني سنحاول إثارة المقتضيات الهامة التي أوردها والتي قد يضيق المقام عن حصرها فالموضوع متشعب ويحتاج الكثير  للإحاطة به وبيان كنهه، لذلك ستقتصر على بعض ما أرده، من خلال المحاور التالية:

 

 

الحور الأول:معطيات عامة عن القانون رقم 2021-04 المتعلق بالجمعيات والهيئات وبالشبكات.

أولا توصيف النص

- تضمن القانون الجديد 73 مادة موزعة على عشرة أبواب على النحو الآتي:

- الباب الأول:أحكام عامة وهو عبارة عن أربع مواد  أي من المادة 1 وحتى المادة 4

- الباب الثاني أحكام مشتركة بين الجمعيات وتضمن 25  مادة أي من المادة 5 وحتى المادة 29.

- الباب الثالث : نظام النفع العام ويتضمن 11 مادة ابتدا من المادة 30 وحتى المادة 40

- الباب الرابع: الجمعيات الأجنبية وتضمن ثلاث مواد هي المواد 41 و 42 و43.

- الباب الخامس: الهيئات والوداديات وتضمن6 مواد هي المواد من 45 إلى 50.

-الباب السادس: عن شبكة الجمعيات وتضمن 10 مواد هي تحديدا المواد من 51 إلى 60.

- الباب السابع :عن الجمعيات الموقعة لاتفاق الاطار مع الدولة وهو عبارة عن أربع مواد

- الباب الثامن أحكام جزائية وهو أيضا لايتجاوز 4 مواد من المادة 65 وحتى المادة 68

- الباب التاسع: أحكام انتقالية  وهو عبارة عن مادتين هما 69 والمادة 70

- الباب العاشر : أحكام نهائية وهو عبارة عن 3 مواد من 71 وحتى 73.

 

ثانيا : مجال تطبيق النص

 

نصت المادة الأولى من هذا القانون على أن أحكامه تطبق على جمعيات الأشخاص موضوع مادته الثانية وهي بذلك تشير إلى الجمعية التي هي اتفاق خمسة أشخاص على الأقل بضم معارفهم أو نشاطاتهم بعضها إلى بعض بشكل دائم من أجل غرض غير ربحي، لكن المادة لم تكتف بذلك بل نصت وبصريح العبارة على بعض الكيانات القانونية المشابهة واعتبرتها خارج نطاق هذا القانون رفعا لكل التباس وهي أي تلك الكيانات تتمثل في:

-الهياكل ذات الطابع السياسي؛

النقابات المهنية؛

التعاونيات؛

التسيير التشاركي للواحات.

 

ثالثا:أهم المستجدات التي استحدثها هذا القانون

 

من خلال إلقاء نظرة سريعة على هذا النص نلاحظ أنه استحدث مجموعة من الإجراءات يمكن إجمال أهمها في النقاط التالية:

 

- الانتقال إلى نظام الإشعار بدل نظام الترخيص وهي من أهم المستجدات التي استحدثها هذا القانون حيث نصت المادة 5  على مبدأ حرية تأسيس الجمعيات ومن غير ترخيص مسبق خلافا لما كان عليه الحال قبل هذا القانون، وبذلك جسدت هذه المادة نصا دستوريا تضمنته المادة 10 من الدستور التي نصت على أنه : تضمن الدولة لكافة المواطنين الحريات العمومية والفردية وعلى وجه الخصوص:

 

- حرية التنقل والإقامة في جميع أجزاء تراب الجمهورية

- حرية دخول التراب الوطني والخرج منه.. إلى أن تصل تلك المادة إلي

- حرية إنشاء الجمعيات وحرية الانخراط في أي منظمة سياسية ونقابة يختارونها

وهي حسنة تحسب للنظام القائم في تفعيل مقتضى دستوريا ظل معرقلا- كي لا نقول معطلا- حتى صدور  هذه المادة التي أراد من خلالها المشرع تسهيل وتبسيط إنشاء الجمعيات إدراكا منه لما لها من أهمية على جميع الأصعدة

- تقسيم الجمعيات إلى ثلاث مستويات جمعيات وطنية  وهي المستوى الأول/ جمعيات جهوية وهي المستوى الثاني/ جمعيات محلية وهي المستوى الثالث

ويتم طلب الوصل للجمعيات الوطنية من طرف وزارة الداخلية، ومن طرف السيد الوالي بالنسبة للجمعيات الجهوية، ومن طرف السيد الحاكم بالنسبة للجمعيات المحلية المادة 7

- الإحالة إلى خضوع الجمعيات للأحكام العامة لقانون الالتزامات والعقود (الماد2).

- إنشاء سجل وطني وقاعدة بيانات شاملة للجمعيات لدى وزارة العلاقات مع المجتمع المدني( المادة 12).

 

المحور الثاني: تعريف الجمعية وإجراءات تأسيسها

 

أولا:تعريف الجمعية

 

الجمعية هي الاتفاقية التي بمقتضاها يضم خمسة أشخاص على الأقل معارفهم أو نشاطاتهم بعضها إلى بعض بشكل دائم من أجل غرض غير ربحي

تلزم كل جمعية بأن يكون لها هدف يغطي على الأقل مجال تدخل أساسي ويجب تحديد هذا الهدف بدقة والتعبير عنه في النظام الأساسي للجمعية.

يمكن للجمعية أن تقدم خدمات معوضة شريطة أن لا تمثل هذه الخدمات غالبية النشاطات وأن لا يتم توزيع فوائدها على أعضاء الجمعية

 

ومع ذلك يجب أن يكون هدف وغايات الجمعية منسجمة مع المصلحة العامة وغير منافية للمبادئ التي يكرسها الدستور والثوابت والقيم الجمهورية والأخلاق الحميدة وكذلك أحكام القوانين والنظم المعمول بها.

يجوز للجمعية أن تكون على شكل مركز للدراسات والبحث لأغراض غير ربحية

 

ثانيا :تأسيس الجمعية واكتسابها الأهلية القانون

 

اعتمد المشرع الموريتاني في نظام تأسيس الجمعيات بموجب القانون الجديد نظام التصريح بدل نظام الترخيص حسب مقتضياه المادة 5 من القانون المذكور أعلاه، ونظام التصريح يعني أن تقدم الجمعية مباشرة إلى السلطة المحلية حسب نوع الجمعية ملف تأسيسها وفق الشروط المعينة، وتستلم عنه فورا وصلا مختوما ومؤرخا في الحال، ووصلا نهائيا داخل أجل 60 يوما على الأكثر وإلا جار للجمعية أن تمارس نشاطها ما لم تبلغ بالرفض، وهنا نفرق بين الإجراءات السابقة على التصريح والبيانات التي يجب أن يتضمنها التصريح

 

1 الإجراءات السابقة على التصريح

الخطوات الأولى لتأسيس الجمعية

- تكوين اللجنة التحضيرية

- توزيع المهام على أعضاء اللجنة التحضيرية

- إعداد مشروع التصور العام للجمعية

- إعداد مشروع القانون الأساسي

- تحديد لائحة بالأعضاء المنتسبين

- الاتصال بالأعضاء المقترحين ومناقشة الفكرة ودواعي التأسيس وطلب الموافقة المبدئية

- تحديد موعد الجمعية العامة التأسيسية

- انعقاد الجمعية العامة التأسيسية والمصادقة على النظام الأساسي

 

2 التصريح والبيانات اللازمة

نصت المادة 7 من هذا القانون على أنه يجب على كل جمعية راغبة في الحصول عل الأهلية القانونية أن تقوم عقب جمعية تأسيسية . بإيداع أربع نسخ من نظامها الأساسي مصحوبة بتصريح بالتأسيس وذلك لدى ممثل الوزارة المكلفة بالداخلية بالنسبة للجمعيات ذات النطاق الوطني والمسماة حمعيات المستوى الأول ولدى والي الولاية بالنسبة للجمعيات ذات الطابع الجهوي والمسماة جمعيات المستوى الثاني، ولدى حاكم المقاطعة بالنسبة للجمعيات ذات الطابع المحلي والمسماة جمعيات المستوى الثالث.

 

ويتضمن التصريح وجوبا حسب مقتضيات المادة 8 من نفس القانون البيانات التالية:

1)اسم الجمعية وموضوعها وأهدافها

2) أسماء المؤسسين وأرقام تعريفهم الوطنية وعناوينهم

3) أسماء المسؤولين عن الجمعية وألقابهم وأرقام تعريفهم الوطنية وجنسياتهم ومهنهم وأماكن إقامتهم وتواريخ ومحلات ميلادهم وكذلك صلاحياتهم وواجباتهم

4) الصفات المختلقة التي على أساسها يمثل المسؤولون المذكورون الجمعية

5) المقر الرئيسي للجمعية وعند الاقتضاء مقرات فروعها

6) الصلاحيات التي خولتها الجمعية التأسيسية للمصرحين بالجمعية

7 مدة الجمعية وشروط الانتساب إليها

يرفق التصريح بالنظام الأساسي الذي يتضمن

أ بيان عنوان الجمعية العامة وهدفها ومدتها ومقرها الاجتماعي

ب- شروط قبول أو فصل أعضائها

قواعد تنظيم وسير الجمعية وكذلك تحديد السلطات المخولة للأعضاء المكلفين بإدارتها، وشروط تعديل نظامها الأساسي وكذلك حلها

ج – الإلتزام بإبلاغ السلطة المختصة خلال ثلاثين يوما عن كل التغييرات التي تطرأ على إدارة أو قيادة الجمعية

د-القواعد التي بموجبها سيتم نقل ممتلكات الجمعية في حالة حلها الاختياري أو القانوني

 

ثالثا: التأسيس بالقبول الضمني

 

أفادت المادة 9 من القانون المذكور أعلاه أن السلطة المختصة أي معالي وزير الداخلية أو أحد أفراد السادة الولاة أو أحد الحكام حسب نوع كل جمعية إذا لم تقم بإشعار الجمعية بقرارها أو لم تخطرها بقرار يعلل رفضها تسليم الوصل تعتبر الجمعية قد تأسست ويمكنها بقوة القانون أن تمارس أنشطتها وفقا لهدفها المعلن في نظامها الأسسي،

 

وحينئذ تكون السلطة المختصة ملزمة في ظرف أقصاه سبعة أيام أن تمنح الجمعية بناء على طلبه هذه الأخيرة إفادة مختومة وموقعة بأنها جمعية معترف بها.

 

المحور الثالث :رقابة المعونات والتقرير عن الأنشطة:

 

لمراقبة وضبط أعمال الجمعيات وكي لا تنحرف عن الهدف الذي أنشأت من أجله فتصبح وسلة لتبيض الأموال أو تنحرف عن هدفها بغرض خدمة أجندة سياسية لجهات وطنية أو أجنية إدراكا من المشرع لكل ذلك أخضع الجمعيات بكامل أصنافها لرقابة مالية صارمة ولم يكتفي المشرع قط بمراقبة مصادر تمويل الجمعيات بل طالت رقابته أوجه إنفاق ذلك التمويل حتى يتمشى وأهداف الجمعية

 

أولا رقابة المعونات

نصت المادة 20 هذا القانون على أنه ودون مساس  بمقتضيات الفقرتن 2 و3 من المادة 10 من هذا القانون يلزم أن يكون لكل جمعية حساب لدى مصرف أو مؤسسة مالية أخرى وأن توافي القطاع المكلف بالعلاقات مع المجتمع المدني بكشف مالي في أجل أقصاه 31 مارس من السنة الموالية للسنة المالية.

كما نصت الفقرة الثانية من نفس المادة على أنه يجب على كل جمعية حصلت على دعم من أي شريك عمومي أو خصوصي وطني أو أجنبي أن تصرح بذلك لدى القطاع بالعلاقات مع المجتمع المدني في أجل لا يتجاوز 90 يوما.

وفضلا عن ذلك يمكن دعوة الجمعية لتقديم الوثائق التبريرية وغيرها من المستندات التي يعتبر الإدلاء بها مفيدا.

وأضافت الفقرة الأخيرة من نفس المادة أن كل عرقلة لممارسة الرقابة على المعونات تؤدي إلى تعليقها أو إلغائها أو إرجاعها عند الاقتضاء.

 

ثانيا التقرير عن الأنشطة

 

في هذا الصدد أوجب المشرع انطلاقا من مقتضيات المادة 21 من قانون الجمعيات على كل جمعية أن توافي القطاع المكلف بالعلاقات مع المجتمع المدني في أجل أقصاه 31 مارس من السنة المالية لإقفال السنة المالية والتقرير السنوي عن أنشطتها يحدد مضمون هذا التقرير ووثائق الملحقة بالمقرر من القطاع المذكور

يودع ملخص التقرير المذكور حول النشاطات والوثائق ذات الطابع غير السري الملحقة به وجوبا لدى مقرر الجمعية وتبقى في متناول الجمهور

وتضيف الفقرة الأخيرة من المادة 21 أن السلطة المختصة يحق لها أن تقوم بزيارة مقر وفروع الجمعية للتأكد من صحة التقرير وسلامته لكن في أوقات الدوام ومع مراعاة حقوق الإنسان وعدم انتهاك الخصوصية.

 

المحور الخامس: تعليق وحل الجمعيات

 

بما أن الجمعية قد تنحرف عن هدفها فتشكل بذلك للنظام العام والأخلاق الحميدة، كما قد يتفق أطرافها على حلها نظاميا نتيجة تحقق هدفها أو استحالة تحقيقه أو أي سبب أخر، كما قد يتم حلها بموجب قرار قضائي، لذلك تناول المشرع هذه الاحتمالات كلها ونظمها بنصوص واضحة.

 

أولا حالات التعليق

نصت المادة 23 من قانون الجمعيات على أنه يمكن للوزير المكلف بالأمن العام تعليق أي جمعية يشتبه في قيامها بأنشطة تشكل تهديدا للنظام العام أو تمس بالأخلاق الحميدة لمدة لا تتجاوز 30 يوما.

كما أضافت نفس المادة وجوب إخطار القطاع المكلف بالعلاقات مع المجتمع المدني بهذا الإجراء، وإذا انتهت مدة التعليق المشار إليها آنفا دون اتخاذ إجراءات الحل، تستأنف الجمعية نشاطها.

ويعتبر التعليق بمثابة إنذار للجمعية حتى تنتبه وتعود إلى رشدها، فإن تمادت اتبعت في حقها إجراءات الحل

 

ثانيا:حل الجمعيات

بما أن حل الجمعية قد يكون نظاميا أي نتجة قرار صادر عن الجمعية العامة طبقا للشروط التي يحددها النظام الأساسي، كما قد يكون حلها قضائيا، عند مخالفتها النصوص القانونية، فقد تطرق المشرع من خلال قانون الجمعيات لكل من الحل النظامي والحل القضائي.

 

  1. - الحل النظامي

نصت المادة 24 من قانون الجمعيات على ان الجمعية تنتهي طبقا لنظامها ب:

1قرار صادر عن الجمعية العامة طبقا للشروط التي يحددها النظام الأساسي

2 انتهاء مدتها في حالة كون المدة محددة.

يسجل قرار الحل وجوبا من قبل ممثل الجمعية أو الشخص المخول من طرف الجمعية العامة في سجل الجمعيات لدى القطاع المكلف بالعلاقات مع المجتمع المدني في أجل شهر اعتبارا من تاريخ مصادقة الجمعية العامة على قرار الحل كمايتم إشعار القطاعات المذكرة أيضا في المادة 7 من هذا القانون.

 

2  الحل القضائي

نصت المادة 25 من قانون الجمعيات على أنه يمكن حل الجمعية بقرار قضائي إذا تبين:

  1. أن هدفها غير شرعي أو أنه مناف لأحكام الدستور
  2. أن تقوم بكل ما من شأنه أن يهدد النظام العام والسكينة العامة
  3. أن تصرفها مخالف للقانون أو لنظامها الأساسي والداخلي؛
  4. أنها تمارس أنشطة مربحة بهدف توزيع أرباح؛
  5. أنها تزاول أنشطة لا تدخل في هدفها المحدد في نظامها الأساسي؛
  6. عدم مزاولة نشاطها لمدة تزيد على 6 أشهر غلا في حالات القوة القاهرة.

وفي الحالات أعلاه، يمكن أن تتعهد المحكمة بطلب من النيابة العامة أو من ثلثي مكتب الجمعية.