على مدار الساعة

رئيس النيجر للأخبار: تحتاج بلداننا إلى تطوير رأس مالها البشري (مقابلة)

6 ديسمبر, 2021 - 19:50
رئيس النيجر محمد بازوم خلال حديثه مع وكالة الأخبار اليوم من مقر إقامته في نواكشوط

الأخبار (نواكشوط) – قال رئيس النيجر محمد بازوم إن بلدان منطقة الساحل بحاجة إلى "تطوير رأس مالها البشري"، مؤكدا إن "إحدى أكبر نقاط الضعف في اقتصاداتنا، ضعف رأس المال البشري".

 

وأضاف محمد بازوما في مقابلة مع وكالة الأخبار أن "المورد الأول في اقتصاد أي بلد، والشرط الذي لا غنى عنه، هو التعليم".

 

وأشار الرئيس إلى أنه "في بعض النواحي، يمكن أن يكون انعدام الأمن أيضا أحد أعراض انهيار أنظمتنا التعليمية. ولذلك، فليس مجرد أننا غير آمنين يعني ذلك أننا يجب أن نتخلى عما هو ضروري،  وهو، في هذه الحالة، التعليم".

 

وأردف الرئيس النيجري "على الرغم من مشاكلنا، نجتمع على الأساسيات للعمل معًا والتكاتف من أجل تعزيز أنظمة تعليمنا".

 

وعن قمة نواكشوط حول التعليم، قال رئيس النيجر: "نجد أنفسنا اليوم مع البنك الدولي، وهو منظمة لديها الوسائل وتشارك أيضا بشكل كبير في هذه المسائل والقضايا وتتوفر على تجربة رائعة وقيمة مضافة معينة في مستوى الدراسات والتفكير، حتى نتمكن معا من معرفة كيف يمكننا تحسين أنظمة التعليم في كل واحد من بلداننا".

 

وأضاف أنهم سيعملون على ذلك من "خلال تعزيز جودة التعليم، وجودة مدارس تكوين المعلمين والأساتذة، ومن خلال تعزيز تعليم الفتيات، ومن خلال تعزيز محو الأمية لدى النساء والشباب، وغيرها من الرهانات والموضوعات، التي سنطرحها، نحن دول الساحل مع البنك الدولي، وهو شريك كبير لجميع بلداننا، في هذا المجال".

 

وشملت المقابلة مواضيع أخرى عديدة حول علاقات بلاده بموريتانيا، ومشاركته من كل الرؤساء في القمة التي ينوي الرئيس الأمريكي جو بايدن تنظيمها، وعلاقة ذلك بالأوضاع في الساحل، وكذا تحديات منطقة الساحل.

رئيس النيجر محمد بازوم، والمدير الناشر لوكالة الأخبار الهيبة الشيخ سيداتي

 

وهذا نص المقابلة:

الأخبار: أنتم هنا اليوم في موريتانيا. كيف تقيمون العلاقة بين موريتانيا والنيجر؟ ما هي المجالات ذات الأولوية للتعاون الثنائي؟

 

رئيس النيجر محمد بازوم: العلاقة بين النيجر وموريتانيا هي أولاً وقبل كل شيء قصة علاقات إنسانية قوية للغاية، نشأت على مدى فترة طويلة جدًا من الزمن، تعود إلى بداية دخول الإسلام إلى إفريقيا. لقد انتشر إشعاع هذا الدين من موريتانيا وتم نشر الإسلام في النيجر بشكل رئيسي من قبل الموريتانيين. وهذا ما ترك بصمة كبيرة في العلاقة بين هذين البلدين وشعبيهما. في البداية، هذا ما على المرء أن يتذكره، لفهم الأساس الذي يمكننا اليوم بناء مشروع تعاون عليه.

 

وللإجابة على سؤالكم بشكل أدق، للأسف في السنوات الأخيرة، تميزت الأخبار لدينا بانتشار ظاهرة الإرهاب في هذا الفضاء الذي نتشاركه. وقد أنشأنا العديد من الأطر ، بما في ذلك مجموعة الدول الخمس بالساحل من أجل تجميع مواردنا لمواجهة هذا التحدي الكبير في السنوات الأخيرة. وهذا هو بالضبط المجال الذي طورنا فيه تعاوننا بشكل خاص، وهو مجال الأمن مع كل ما يتعلق به.

 

وبصرف النظر عن ذلك، من الواضح أننا بلدان يتميزان باقتصادات ضعيفة للغاية، فإن التجارة بين دولتينا، بسبب المسافة وخصائصها، لم تتطور حتى الآن بالقدر الذي كنا نتمناه. لكننا نرغب في تعزيز هذه العلاقات. وعلى أي حال، لقد أخبرتكم أنه على المستوى الإنساني يوجد الكثير من المواطنين الذين يتحركون ذهابًا وإيابًا، الذين ينتمون في نفس الوقت إلى كلا البلدين. وهذا هو الناظم والإطار الذي تمر من خلاله التبادلات بيننا.

 

الأخبار: أنتم الرئيس الوحيد لمنطقة الساحل الذي تمت دعوته من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن لحضور قمة الديمقراطية، برأيكم ماذا يمثل هذا بالنسبة للديمقراطية في النيجر؟ وما هو تأثير ذلك على دول الساحل؟

رئيس النيجر محمد بازوم: أعتقد أنه تقدير من الحكومة الأمريكية والرئيس الأمريكي شخصيا للنيجر ولتجربة ديمقراطيتها التي أدت قبل بضعة أشهر فقط إلى هذا التناوب التاريخي الذي قام، من خلاله ولأول مرة، رئيس دولة منتخب ديمقراطيا، بعد أن استنفد عدد المأموريات القانونية التي يحق له الحصول عليها، بتنظيم انتخابات، وضعت على رأس الدولة، رئيس دولة آخر.

 

تحتاج النيجر بالفعل إلى الاعتراف بهذا الجهد العظيم الذي بذلناه، في سياق الصعوبات الكبيرة، التي كان من الممكن أن تصرفنا عن هذه الرغبة التي طالما رعاها الرئيس إيسوفو، لتعزيز الديمقراطية.

 

هل سيكون هناك تأثير كبير لحقيقة ذهابنا إلى الولايات المتحدة؟ لا أعتقد ذلك، المسألة هنا رمزية. ونحن بالفعل راضون عن ذلك. سيشجعنا هذا على إقناع أنفسنا بأن علينا أن نعمل أكثر حتى يتم تعزيز الديمقراطية في النيجر.

 

وإلا، فأنا لا أقوم بالربط بين وجودنا في مؤتمر مثل هذا حيث سيحضر ما يصل إلى 110 دولة وبين مشكلات منطقة الساحل.

 

الأخبار: تحضرون في نواكشوط قمة حول التعليم في الساحل، ما هي أولويات دول الساحل الخمس؟ هل من الممكن، في منطقتنا، منطقة الساحل، الدعوة إلى تعليم جيد في مناخ من انعدام الأمن؟

رئيس النيجر محمد بازوم: في بعض النواحي، يمكن أن يكون انعدام الأمن أيضًا أحد أعراض انهيار أنظمتنا التعليمية. ولذلك، فليس مجرد أننا غير آمنين يعني ذلك أننا يجب أن نتخلى عما هو ضروري،  وهو، في هذه الحالة، التعليم. على الرغم من مشاكلنا، نجتمع على الأساسيات للعمل معًا والتكاتف من أجل تعزيز أنظمة تعليمنا. تحتاج بلداننا إلى تطوير رأس مالها البشري. إنه أحد أكبر نقاط الضعف في اقتصاداتنا، ضعف رأس المال البشري. إن المورد الأول في اقتصاد أي بلد، وهو شرط لا غنى عنه، هو التعليم.

 

نجد أنفسنا اليوم مع البنك الدولي، وهو منظمة لديها الوسائل وتشارك أيضًا بشكل كبير في هذه المسائل والقضايا وتتوفر على تجربة رائعة وقيمة مضافة معينة في مستوى الدراسات والتفكير، حتى نتمكن معًا من معرفة كيف يمكننا تحسين أنظمة التعليم في كل واحد من بلداننا.

 

وذلك، من خلال تعزيز جودة التعليم، وجودة مدارس تكوين المعلمين والأساتذة، ومن خلال تعزيز تعليم الفتيات الصغيرات، ومن خلال تعزيز محو الأمية لدى النساء والشباب، وغيرها من الرهانات والموضوعات، التي سنطرحها، نحن دول الساحل مع البنك الدولي، وهو شريك كبير لجميع بلداننا، في هذا المجال.

 

الأخبار: كنتم تتحدثون عن الوسائل، الولايات المتحدة ما تزال غير راغبة في اعتماد القوة المشتركة لمجموعة الساحل الخمس في الفصل السابع للأمم المتحدة حتى يكون هناك في نهاية المطاف تمويل دائم. كيف تفهم هذا الموقف؟

رئيس النيجر محمد بازوم: لقد قدمنا ​​هذا الطلب لأننا نقول إن الإرهاب ظاهرة تتجاوز الحدود الوطنية للدول. الإرهاب في منطقة الساحل هو نتيجة لأوضاع تطورت في أماكن أخرى. وهو بلاء أو مشكلة كبرى لا يمكن حصرها في مكان، وتتميز بطبيعتها بالانتشار والتطور. ولا يُمكن أن يتم احتواؤه في مكان أو فضاء واحد، لأنه مشكلة أولئك الذين يعيشون في ذلك الفضاء. في كلتا الحالتين، هذه الظاهرة تجعلنا وحدنا لا نمتلك الموارد الكافية للتعامل معها.

 

ولأن الأمر يتعلق بمشكلة سلام في العالم، فقد اعتقدنا أنه من المناسب أن يتخذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارًا، ويقرر بأن القوات التي سيتم حشدها من قبل دول الساحل الخمس، وهي قوى عديدة بحاجة إلى معدات كبيرة، وتحتاج إلى تطوير قدرات كبيرة، فإن هذه القوى هناك لكي تكون فاعلة وقابلة للحياة ستحتاج إلى موارد يمكن الحصول عليها في إطار قرار يضعها تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

 

الأمريكيون وشركاء آخرون لبلداننا، سواء أكانوا أعضاء في مجلس الأمن أم لا، لديهم رؤية أخرى، صالحة إلى حد ما. لنكن واضحين، اليوم دول الساحل الخمس موجودة في مثل هذا الوضع، ربما لم يكن الأمريكيون أو كل الآخرين مخطئين في الاعتقاد بذلك. لذلك، دعونا لا نقف مكتوفي الأيدي ونعتبر أن كل شيء قد ضاع. دعنا نقول بالأحرى أنه إذا كانت صيغة تمويل الحرب في إطار التضامن الدولي، والذي هذا هو جوهرها، غير ممكنة، فلنغير الصيغة.

 

الشيء الأكثر أهمية، الذي يجب أن نتذكره، هو أننا نحتاج إلى موارد أكثر مما نستطيع توفيره لمواجهة هذه الحرب، وهي ليست حربنا وحدنا، وهي حرب الإنسانية جمعاء. الإرهاب ليس ظاهرة محصورة في فضاء واحد. ذهبت هذه القوى العظمى لمحاربتها في سوريا، وفي العراق، ونحن بحاجة إليها لمحاربتها هنا أيضًا. لا يوجد إرهاب كبير وإرهاب صغير. تمامًا كما هو الحال في الشرق الأوسط وأفغانستان وأماكن أخرى، اعتقدنا في وقت من الأوقات أن تعبئة كبيرة للمجتمع الدولي ضرورية، ومن الواضح اليوم، في ضوء تطور الوضع في منطقة الساحل، أننا بحاجة إلى تعبئة دولية.

 

ما هي الطرائق وما هي الصيغ التي من المحتمل أن تستخدم لتحقيق هذا الالتزام الكبير من المجتمع الدولي؟ ليس لدي إجابة على هذا السؤال. إذا لم يكن وضع القوة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة هو الحل الصحيح، فعلينا أن نجد الإجابة الأفضل. هذا هو النقاش، هكذا تطرحه النيجر في الوقت الحالي. لقد غيرت مقاربتي، فقد لاحظت حقيقة أن الركض وراء ذلك القرار مضيعة للوقت. لكننا نطلب الموارد ونطلب أن يتمكن المجتمع الدولي من إيجاد الصيغ التي تسمح لنا بأن نكون قادرين على مواجهة هذه الظواهر.

 

الأخبار: سيادة الرئيس، أود أن تحدثونا عن علاقتكم بالرئيس السابق يوسفو، نتحدث كثيراً عن نجله النافذ جدا في الدولة. ما هي إجابتكم؟

رئيس النيجر محمد بازوم: لا أعتقد أنكم حصلتم يوما ما على مصدر جدي يمكنه أن يقول إن نجل الرئيس يوسفو نافذ أو ذو تدخل كبير في شؤون الدولة. نجل الرئيس يوسفو شاب مهذب يتولى قطاعا تقنيا هو قطاع النفط والطاقة ولم يتجاوز حدود هذا المجال الذي أوكل إليه في مهمة وزارية. لا علاقة له ببقية الدولة.

 

اليوم، الدولة هي السياسة، إنها الأمن، إنها الجيش، وهذه أشياء لا علاقة له تمامًا بها. إنه في قطاع حاسم لاقتصاد البلاد، يكرس كل وقته له، بطبيعة مزاجه وتعليمه وتكوينه ومهنته.

 

لذلك فهو ليس نجل رئيس مثلما عرفنا ذلك للأسف في أماكن أخرى في إفريقيا. في الواقع، لم يعد والده رئيسًا، ولذلك فهو وزير مثل أي وزير آخر.

 

الأخبار: تحدثتم في حديث أخير عن قدرات / إمكانيات الموريتاني مصطفى الإمام الشافي الموجود هنا معنا، هل لكم أن تخبرونا ما الذي يمكن لهذا الرجل أن يأتي به إلى موريتانيا وفي أي مجال سيكون ذلك مطلوبا أكثر؟

رئيس النيجر محمد بازوم: كلا، كنت أتحدث عنه كشخص عينته كمستشار لي، شخصيا. وأنا أعرف مصطفى، إنه مواطن ساحلي. ولد في النيجر، ويتحدث جميع لغات النيجر، والدته نيجيرية، ووالده موريتاني. وهو في الواقع أيضا مواطن موريتاني. لكنه عاش في الساحل. لم يكن يعيش في موريتانيا، بل عاش في النيجر وأماكن أخرى، لاسيما في بوركينا. وقد شارك في تسوية العديد من النزاعات، منذ أوائل التسعينيات. وكمستشار للرئيس كومباوري في بوركينا فاسو، كان عليه أن يتعامل مع القضايا التي ما تزال، للأسف، ذات صلة وحديث الساعة إلى اليوم.

 

أعتقد أنه أحد أكثر الأشخاص اطلاعا ومعرفة، والأفضل قدرة على فهم الموقف والمساعدة في اتخاذ القرارات التي لا بد أن تكون مدروسة جيدًا. هذه هي القدرات الموجودة فيه والتي قررت الاستفادة منها. أنا متأكد من أنه سيكون مفيدًا للغاية في طريقة تعاملنا مع بعض المشكلات، وكيفية معالجتنا لها من أجل إيجاد حلول لها.

 

الأخبار: هل تنصحون به الرئيس غزواني؟

رئيس النيجر محمد بازوم: نعم بالتأكيد. لكني أعتقد أنه أكثر كفاءة في النيجر وبوركينا ومالي، أكثر من موريتانيا، حتى ولو كانت موريتانيا بلده. لكنه قد يكون مفيدا فيها لأن موريتانيا في النهاية هي بلد ساحلي.

 

الأخبار: الرئيس النيجيري السابق محمدو يوسفو زار موريتانيا مؤخرا، هل كان ذلك في إطار مصالحة، هذا ما يقال على أي حال في نواكشوط، بين الرئيس الحالي وسلفه محمد ولد عبد العزيز؟

رئيس النيجر محمد بازوم: لقد حافظ الرئيس يوسفو على علاقة أخوة عالية الجودة مع الرئيس عزيز. ويحافظ على نفس العلاقة مع الرئيس غزواني، وهو رجل غاية في الحصافة واللباقة. وكان لطيفًا بما يكفي لدعوته للحضور واستقباله في بيته. ولا ينبغي له أن يتطوع للوساطة كما هو مفترض. ومن معرفتي به، فأنا متأكد بأنه لا بد أن يكون قد قدم نصيحة جيدة، في مثل هذه الحالات، لأخيه. مع العلم بصداقته لموريتانيا ومشاعره تجاه هذا البلد الشقيق، ومعرفة طبيعته المتحفظة إلى حد ما، فهو ليس ممن يتخطى الحدود. لكنني متأكد من أنه في حدود ما يمكن قوله أو فعله، كان قادرًا على تقديم بعض النصائح.

 

الأخبار: لكن.. في تلك الحدود... ربما حاول هذه الوساطة، ألا تعتقد ذلك؟

رئيس النيجر محمد بازوم: كلا، لا يمكن أن أقول لكم ذلك. لم أعلم بذلك ولم يخبرني أنه حاول الوساطة. لكنه لم يعجز عن النصح بالتهدئة.