على مدار الساعة

كيف نفهم الإسلام (25) المرأة والإسلام (2)

23 أبريل, 2022 - 03:30
الأستاذ محمدو بن البار

من المعلوم أن أي موضوع ذكر فيه الإسلام يعني أنه ملاحظ فيه انتهاء هذه الدنيا والوصول إلى الآخرة.. وهي آخر مطاف هذه الإنسانية.

 

وبذكر الإسلام والآخرة ينصرف الذهن مباشرة إلى شيئين :

أولهما: النصوص المقدسة التي هي المصدر الوحيد المطلوب لإيمان المسلم فيها بالغيب وأن كل ما جاء فيها من ذكر الآخرة وما سيجري هو صحيح وصحيح وحده دون أي كلام لا يتوافق معه مبني ولا معني.

الثاني: ساكن الآخرة وإلى الأبد وهو هذا الإنسان الذي يطلق عليه من جهة الرجل مفردا وجمعا ويطلق عليه النساء جمعا والمرأة فردا، كما يطلق عليه الذكر والأنثي مفردا وجمعا، كما يجمعه في كلمة واحدة   لفظ الناس والإنسان وبالنسبة لنا نحن المسملين: {يا أيها الذين ءامنوا} ولغيرنا: {يا أيها الذين كفروا}.

 

وبالنسبة لنا كذلك أوصافنا الخاصة بنا من الإسلام والإيمان والصبر والصدق إلي آخره، فإذا ذكرنا بأي لفظ من هذه الصفات بخطاب جمع المذكر دون تفصيل أو الاسم الموصول أو اسم الإشارة كل ذلك يعنينا جميعا ذكورا أو إناثا، وإذا وصف كلنا بوصفه الخاص به فتلك الخصوصية مقصودة في اللفظ سواء وقع التتابع في اللفظ بين الجنسين أو كان الخطاب موجها لأحدهما دون ذكر الآخر لخصوصيته.

 

وسبب ذكر هذا التفصيل وهذا التحليل لأنواع الإنسانية لنتحول منه إلى مصير هذه الإنسانية في الآخرة والتي هي النهائية المصيرية وأن الحالة التي يوجد فيها إنسان الآخرة هي المحددة لفضله أو مكانته؛ أي هي الميزان الذي أقامه الله لتحديد أفضلية الإنسان أيا كان جنس الإنسان ذكرا أو أنثي – لونه – لغته – إلى آخره.

 

وهنا يقول الله عز وجل في شأن توضيح ذلك المصير: {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}، ويقول في شأن ذلك الوقت الخصوصي لهذا الفوز: {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} أي الحياة.

 

هذه الحقيقة من ظن غيرها سواء كان في ملكه أو رئيسه أو شيخه أو ابن عمه فإنه لا يتمتع بنتيجة هذا الظن إلا مدة عمره في الدنيا، فقبل ميلاده لا يعلم شيئا وبعد وفاته يتحكم في كل إنسان قوله تعالى: {يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله} وقوله تعالى: {فربكم أعلم بمن هو أهدي سبيلا} وقوله تعالى: {يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن}، والتغابن هنا في نهايته العامة.

 

ومن هنا سوف ننطلق إلى قضية الرجل والمرأة أو الذكر والأنثي لننظر هل هناك تغابن في الآخرة التي هي الحيوان التى يتمايز فيه بعضهم عن بعض أو هناك مكيالين لهما أو مكيال الجميع من طرف الله واحد.

 

ونبدأ هذا التساوي المطلق هناك بهذه الآية: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}.

 

ويلاحظ هنا أن الذي يتولي هذا الجزاء هو الله نفسه كما تبين ذلك نون المتكلم الذي كان عظيما في الجملتين.

 

وبهذه الآية تنتهي نهائيا المفاضلة بين الجنسين نهائيا بالحكم من الله بالتساوي في الحياة الأبدية – ومن أصدق من الله قيلا -.

 

أما الطريق إلي هذا التساوي فقد وضحها الله بذكر هذه الأوصاف لكل منهما بذكر جنسه الخاص به، واكتفى هنا بذكر الصفة عن الموصوف لاستحالة وجود صفة دون موصوفها يقول تعالي ذاكرا للصفات الجميلة ذكرا متداخلا لئلا تكون اسبقية ا لسرد المستقل أو تأخره يدلان على أي تمايز يقول تعالى{إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات  إلى آخر تلك الأوصاف الموحدة توحيدا لا عوج فيه ولا أمتا، وختمها بالضمير المذكر الموحد لهما في اللغة العربية إذا اكتفي المعني بذكره ليتم الجمع في النتيجة بلفظ واحد مفهومة دلالته في اللغة وفي النهاية قال تعالي : {{أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما} الضمير يجمعهما وكذلك أوصافه.

 

وهناك آيات أخرى تتساوى فيها أوصاف العبادة بين الذكر والأنثي إلا أن الله لحكمة يعلمها وسوف أحاول الدندنة حول فهمها بالفكر الإنساني المحدود ألا وهى ذكره لهذه الأوصاف بالجمع المذكر الذي كما قلنا يدخل فيه ذكر النساء إذا لم يدخله استثناء ولا تقييد، ولكن الله هنا حذف في مكان آخر أوصافا تشابه الأولي لعدم توجه الصفات إلى قدرةالنساء عليهن في الغالب.

 

يقول تعالي بضمير جمع الذكور: {التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين}، وعندما ذكر هذه الأوصاف بضمير الأنثي قال: {عسي ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا}.

 

والوصف هنا لم يصل إلى الآمرات بالمعروف الناهيات عن المنكر والحافظات لحدود الله.

 

ويفهم من هذا والله أعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحفظ لحدود الله العامة من إقامة الحدود وتنزيل عذاب الحدود بمن يستحق ذلك هو من اختصاص السلطان، والغالب أن يكون السلطان من الرجال كما أن قيادة الرسل كلها من الذكور على الأصح لحتمية تعرض النساء لضعف محقق خلق فيهن خاصة لبقاء وجود هذا الإنسان المدة المحدودة وتلك إراده الله على هذه الأرض ولا معقب لحكمه.

 

ففي الأمر بالمعروف الذي هو إقامة حدود الله في الأرض على عباده يقول تعالى: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلواة وآتوا الزكواة وأمرا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} ويدخل في إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إقامة الصلاة أي فرض إقامتها وكذلك الزكاة فرض أدائها.

 

وبالمناسبة قبل أن نتجاوزها فقوله تعالى: {ولله عاقبة الأمور}} هي اللفظ الضارب للعنق بمعني – الضربة القاضية – لكل قادة الدول الإسلامية الذين مكن الله لهم في الأرض واقصروا  هذا التمكين على حياتهم الخاصة، فإن حصلت خيانة لهم أقاموا حدود قوانينهم وإن حصلت خيانة لحدود الله يذهب من فكرهم من جهة الأمر بالحكم قوله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} ومن جهة التنبيه على الإخلاص في الإيمان قوله تعالي:{يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون}.

 

ولنعد إلى تحليل اقتصار أوصاف النساء هنا دون المزاوجة بينهما في سورة التحريم إلى النهاية لنقول زيادة على ذلك إن الغالب أن يكون السلطان العام عند الرجال للسبب أعلاه، ولذا فإن الحدود الشرعية المتساوون في طلب حفظها ذكرت هناك في سورة الأحزاب قال تعالي: {والحافظون فروجهم والحافظات}.

 

أما هنا خاطب الذكور بقوله: {والحافظون لحدود الله} وفي هذه الآية نكتة أذكرها أنهي بها هذا المقال لتترسخ في ذهن القارئ ألا وهي أن أول ذكر هذه الأوصاف الإسلامية المخاطبة للنساء خاصة هي قوله تعالي: {وإن تظاهرا عليه} إلى آخره معناها تتعاونا ضده وهما اثنتان من زوجاته صلى الله عليه وسلمفإن مقابل تظاهركما سيظاهره هو الله وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير أي فعيل يستوي فيها الجمع والمثني والمفرد أي من جنس تظاهركما عليه.

 

وهما مجرد امرأتان: قابل تظاهرهما بولاية الله له وما ذكر فإذا كانت "الـ" في الملائكة استغراقية فعلى الرجال أن يضعوا أيديهم علة قلوبهم فزعا من غضب امرأة واحدة.