على مدار الساعة

لماذا ينقمون على الددو؟

7 مايو, 2022 - 13:54
أمينة بباي عمار

في ظل الانفجار المعرفي المنفلت من عقال الضوابط… وعلى ضوء سطوة الخطاب اللاديني على منابر إعلامية: مرئية ومسموعة… بات حتميا على العاملين للإسلام وعقيدته تفكيك الخطاب العلماني الإلحادي المجاهر بالرفض للنص الشرعي المعصوم..!

 

تتنوع أساليب خصوم "الدين" فمنهم من يخاصم القرآن معترضا على أحكامه ومنهم من يلغي السنة متجاوزا مركزيتها في التشريع الإسلامي!، ومنهم الناقم على الفقه والفقهاء، ساعيا لتشويه صورتهم وخسران مكانتهم… فتتداعى أقلامهم… بذاءة وهجاء ونهشا.. في أعراض العلماء بغية إسقاط هيبتهم.. ومن ثم رفض أقوالهم المبينة والشارحة للشرع الحنيف، فمنذ صعود الخطاب الشعبوي العلماني العربي منصات التواصل الاجتماعي صرنا نرصد هجوما مكثفا على العلماء والتركيز على المؤثرين منهم وبناء صورة ذهنية مشوهة عنهم لدى الرأي العام.

 

 ولم نكن في موريتانيا بمعزل عما يدور في تلك الفضاءات المعادية للدين وإن بشكل محدود فكان ولد امخيطير وولد محمد المامي أبرز من شاق الله ورسوله مما أحدث ضجة حذت بالقطيع لتغيير استراتجية هجومه على الدين فكان استهداف العلماء والمبالغة في الإساءة لهم أهم أجندة المفارقين للإسلام فكان التركيز على الشيخ "الددو" كاسحا فهو من أوسع العلماء باعا وأكثرهم أتباعا وأبلغهم تأثيرا.. فحضوره الكثيف محليا وعالميًا جعله المستهدف رقم واحد لدى القطيع فأثخنوا في عرضه وهو الولي الحميم مع خصومه!

 

لا عصمة للددو ولا غيره من العلماء من الأخطاء ولا أقول إن كل من ينتقده

 يناصب العداء للدين فبعضهم من مبغضي "الإخوان" ومن المعلوم قوة الصلة التي تربط الددو بهذا التيار.

 

ولو تأكد عندي سلامة نيات أغلب منتقدي "الشيخ" لتناولت الموضوع من زاوية دور العالم في الوقوف في وجه سلطان جائر ومحاربة الفساد وإصلاح الأوضاع… وهنا أفرق بين الناقد المغاضب لما نلحظه من اصطفاف بعض العلماء مع جمهرة المفسدين، وبين من ينتقد العلماء محادا بذلك الله ورسوله.

 

إن التصدي للحرابة "الفيسبوكية" في حق العلماء واجب عيني على الكتاب والمثقفين وأصحاب الرأي..، وهنا أود أن أنبه إلى أن نقض عرى الدين يبدأ على مراحل فكلما غض المجتمع الطرف عن التجاسر على الشرع وأحكامه وعلمائه.. هيأ الظرف لتمرير ما هو أخطر من سابقه، فالدارس لنشأة العلمانية في العالم العربي يدرك حجم الرفض لإرهاصاتها الأولى قبل أن تستوطن الكثير من البلاد الإسلامية في ظل وجود طبقة سياسية وثقافية مارقة على الثوابت مدعومة بظهير إعلامي وفني وأدبي منسلخ من الدين يسعى لطمس معالم الشريعة في العالم الإسلامي.

 

لا يكتفي العلمانيون العرب بوجود علمانية جزئية في البلاد العربية بل يريدونها علمانية شاملة تقتلع الدين من جذوره!!!!

 

قد يعترض معترض بأن هواجسي مبالغ فيها وأن موريتانيا كانت وما زالت عصية على العلمنة وأن قوة التدين في المجتمع الموريتاني ستبقى سدا منيعا في وجه "طاعون العصر" وهذا الاعتراض له وجه من الصحة ولكن لهواجسي هي الأخرى ما يبررها وقد بينت قبل قليل أن العلمانية في البداية لا تشرع لها الأبواب بل تتسلل خلسة وبأكثر من وجه…!

 

أسرف القطيع في أذية الشيخ الددو فكانت لهم مواسم إثم يكثفون فيها هجومهم عليه

فيقابل فجورهم في الخصومة بالغفران والصفح.

 

سيتلاشى ذكر المسيئين للعلماء وتندثر أقوالهم، بينما تبقى ذكرى العلماء وتسطر سيرهم وتكتب آثارهم وتحفظ علومهم وتلهج الألسن بالثناء عليهم والترحم..

 

فحين تعرض إمام السنة الجليل أحمد بن حنبل لمحنة القول بخلق القرآن وسجن وعذب ونال منه خصومه دعاة "التنوير" و"العقلانية "في ذلك العصر لم يزده ذلك إلا صبرا واحتسابا فقد اصطفاه الله لأعظم جهاد؛ جهاد في سبيل القرآن فهو كلام الله ليس بمخلوق، كلمات صدح بها إمام المحدثين تحت سياط التعذيب.

 

مضت قرون عديدة على أحداث تلك الفتنة رفع الله خلالها إمام السنة مكانا عليا فما من مسلم إلا ولسانه رطب مدحا وتبجيلا كلما ذكر أحمد بن حنبل ومسنده وجرحه وتعديله وعلمه وورعه…أما الذين ناصبوه العداء فإننا لا نكاد نذكرهم إلا حين يطرق باب الحديث عن الفرق المبتدعة فهل من معتبر؟