على مدار الساعة

ملف الطرق: تأخر بالجملة وخروق قانونية وصفقات مثيرة

20 مايو, 2012 - 09:57

الأخبار (نواكشوط) – كشفت معلومات رسمية وتقارير ميدانية حصلت عليها "الأخبار" عن تأخر كبير في أغلب مشاريع الطرق المعلن عنها ، (انظر الجدول في الأسفل) إضافة لخروق قانونية بارزة ، كما كشفت المعطيات ذاتها عن صفقات مثيرة في بعض هذه الطرق ، منحت عن طريق التراضي من طرف لجنة الصفقات ، كما تم منح بعض الصفقات من طرف اللجنة المذكورة بعد التدشين وإعلان بدأ الأعمال.

هذا فضلا عن تفاوت كبيرة في الأسعار ، وصل في بعض الأحيان إلى ما يقارب الضعف مع اتحاد الصفة والمسافة

 

تأخر كبير

 

عرفت مجمل المشاريع الطرقية المعلن عنها منذ العام 2008 وحتى اليوم تأخرا كبيرا ومتنوعا ، فبعضها أعلن عنه وتم وضع حجره الأساس لكن أعماله لم تبدأ أصلا مع أنه حددت له فترة (12 - 16) شهرا للنهاية كطريق مونكل لكصيبة ، والتي رحلت الشركة المتعهدة فيها في اليوم الموالي لوضع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لحجرها الأساس ، وقد أثار حديث ولد عبد العزيز عن تقدم الأعمال خلال زيارته الأخيرة لكيهيدي سخرية السكان ، حين تحدث عن تقدم الأعمال في طريق "لم يبدأ أصلا

أما النوع الثاني من التأخر فهو تجاوز الفترة المحددة لإنجاز الطريق ، كما وقع في طريق كرمسين ــ لعويفية ، والتي حددت لها فترة 12 شهرا بدأت في الثاني من مارس 2010 ، وقد تجاوزت الفترة المحددة بما يقارب خمسة أشهر ، وحسب الفقرة الثانية من المادة 118 من مدونة الصفقات فإن هذه الصفقة أصبحت لاغية بعد أن تجاوزت الجزاءات نسبة 70 في المائة.

وبالطريقة نفسها تأخرت طريق مدينة العيون الحضرية ، والتي انطلقت في 02 أغسطس 2010 وحددت لها فترة 10 أشهر ، لكنها تأخرت لأكثر من شهرين حتى الآن ، دون الإعلان عن جزاءات عقابية كما تنص على ذلك مدونة الصفقات ، ويوحي توقف الأعمال في الطريق بأن التأخر قد يستمر لفترة أطول.

أما النوع الثالث من التأخر فهو تأخر الأعمال ومضي أكثر الزمن المحدد للعمل ، مما يوحي بأن الفترة المتبقية لن تسع الأعمال وحتى ولو تواصلت أحرى إذا طالها التأخر ، ومن هذا النوع – مثلا- طريق كيفة - الطينطان ، البالغ تمويلها 12.751.681.235" " والمحدد أجلها في ثلاثين شهرا ابتداء من السادس والعشرين نوفمبر 2009 (أعلن انطلاقة أشغالها الوزير الأول مؤكدا أنها ستنتهي خلال 30 شهرا) مضى حتى الآن ثلثا الوقت المحدد لها في حين لم ينجز منها على الأرض إلا حوالي عشر كلم من أصل 145 كلم هي طول الطريق إضافة لـ24 كلم داخل مدينة الطينطان ، إضافة للطريق الحضرية داخل روصو التي توقفت منذ فترة ،   ولم تتمكن الجهات المسؤولة عنها من استعادة الأعمال

كما طال التأخر المقطع المتبقي من طريق روصو ــ بوكي ، والبالغ 32 كلم ، وقل الشيء ذاته عن مقطع امبود – كيهيدي ، من طريق كيهيدي- امبود – سيلبابي – كري ، والبالغ 116 كم (24 كم منها في فم لكليته) فقد انطلق في مارس 2006 لمدة 30 شهرا ، لكنه "سجل تأخرا كبيرا" ، وفشلت المؤسسة البرتغالية التي كانت مكلفة بإنجازه في الوفاء بتعهداتها.

أما طريق امبود- سيلبابي والبالغ 117 كم والممول من الاتحاد الأوروبي فقد منحت صفقتها في يونيو 2009 على أن يتم إنجازها في 30 شهرا ، وعرفت هي الأخرى تأخرا كبيرا خلال الفترات الماضية ، وإن كان العمل قد استأنف أخيرا إلا أن جهات فنية متابعة للعمل لا تستبعد توقفه وتأخره في حال ظل بالوتيرة الحالية.

ولم تسلم طرق العاصمة من التأخر ، فقد كان مقررا إنشاء 125 كلم من الطرق الحضرية في العاصمة أنجز منها حتى الآن 78 كلم فقط.
 

التماس العذر

 

وزارة النقل وعلى موقعها على الأنترنت شهدت على نفسها بتأخر الأعمال ، وحاول تقديم "عذر" لكل تأخير مسجل ، من خلال إلقاء اللائمة على مشكل ما تسبب في عرقلة تقدم الأعمال ، فطريق كيفة الطينطان –تقول الوزارة- تأخرت بسبب "تغيير الدراسة الأصلية لأسباب عائدة إلى عدم ملاءمة المواد المستخدمة وإلى تعيين لجنة الرقابة" ، أما الطريق الحضرية داخل روصو فقد توقفت بسبب "عدم توفر مقالع للطبقات القاعدية والاسفلتية" ، أما شبكتي النعمة و العيون فتعثرتا بسبب صعوبات مرتبطة بتحرير مجال الطريق.

وسبب تأخر طريق كرمسين –حسب خطة وزارة النقل- "تأخر الدفع المسبق وقلة خبرة المؤسسة المنفذة في مجال الأشغال " -والمؤسسة المنفذة هنا الهندسة العسكرية- ، أما سبب تأخر المقطع المتبقي من طريق روصو- بوكي ، والبالغ 32 كلم فهو "عدم توفر الحجارة التي تستخدم للطبقات الأخيرة " ، وكذا مقطع امبود – كيهيدي والبالغ 116 كم (24 كم منها في فم لكليته) كان سبب تأخره "فشل المؤسسة البرتغالية التي كانت مكلفة بإنجازه ".

 

مفارقات الأسعار..

 

ولا تتوقف اختلالات الطرق عن التأخر في أغلب مقاطعها المعلنة ، بل إن الأمر يصل إلى الأسعار واختلافها بين صفقة وأخرى ، اختلاف قد يصل إلى ما يقارب الضعف في بعض الأحيان.

ولعل أبرز مثال على ذلك أن سعر طريق كيفة الحضري والبالغ 10 كلم تم تحديده في 700 مليون أوقية ، ما يعني 70 مليون للكيلومتر الواحد ، لكن رقم الكلم يقفز في طريق طريق تجكجة - أطار إلى 110 مليون أوقية للكيلومتر ، وفي طريق لعيون الحضري يقفز السعر إلى أكثر من 180 مليون أوقية ، أما في النعمة فيصل سعر الكيلومتر الواحد إلى 239 مليون أوقية ، وهكذا يظل السعر متقلبا من منطقة إلى منطقة ، ومن صفقة لأخرى ، لأسباب قد تكون الجهات المسؤولة عن الملف إضافة للجنة الوطنية للصفقات أدرى بها.

ولعل من مفارقات الأسعار والصفقات أيضا ما وقع في صفقة إنجاز " طريق المختار ولد داداه "، في العاصمة نواكشوط ، والتي منحت صفقتها في نوفمبر 2008 وبالتراضي مع شركة ATTM"" لكن الغريب فيها أن تدشينها تم قبل منح الصفقة حيث أشرف الرئيس الموريتاني على وضع الحجر الأساس لها ، لتسند اللجنة الوطنية للصفقات العمومية مهمة إقامتها لاحقا للشركة المذكورة

 

عقوبات التأخر

 

تنص مدونة الصفقات العمومية والمتضمنة في المرسوم رقم: 08- 2002 الصادر بتاريخ: 12 مارس 2002 على الإجراءات اللازم اتخاذها في حال التأخر في إنجاز الأشغال والخدمات ، فيقول في الفقرة الثانية من المادة 118 "ﻴﺤﺩﺩ ﻤﺒﻠﻎ ﺠﺯاءات ﺘﺄﺨﻴﺭ ﺍﻹﻨﺠﺎﺯ بـ 1/1000 ﻤﻥ ﻤﺒﻠﻎ ﺍﻟﺼﻔﻘﺔ ﻓﻲ ﺼﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﺘﻭﺭﻴـﺩﺍﺕ ، ﻭبـ 1/2000 ﻤـﻥ ﻤﺒﻠﻎ ﺍﻟﺼﻔﻘﺔ ﻓﻲ ﺼﻔﻘﺎﺕ ﺍﻷﺸﻐﺎل ﻭﺍﻟﺨﺩﻤﺎﺕ ﻟﻜل ﻴﻭﻡ ﺘﺄﺨﺭ ، ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻭﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﻌﻁل.

ﻭﻴﺤﺩﺩ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻟﻤﺒﻠﻎ ﺍﻟﺠﺯاءات ﺍﻹﺠﻤﺎﻟﻲ ﺒﻨﺴﺒﺔ ﺴﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺌﺔ (7%) ﻤﻥ ﻤﺒﻠﻎ ﺍﻟﺼفقة".

وتضيف الفقرة الثالثة من المادة ذاتها أن "ﺍﻵﺠﺎل ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺴﺤﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺠﺯاءات ﺍﻟﺘﺄﺨﻴﺭ ﻻ ﺘﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻥ ﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ".

ومع النص الصريح فلا حديث عن عقوبات لهذه الشركات أحرى إلغاء الصفقات معها ، خصوصا وأن بعض هذه الصفقات قارب بالفعل نسبة 7% كطريق كرمسين لعويفية والتي تصل نسبة الجزاءات فيها اليوم إلى 247.717.351 ، وستصل في الخامس عشر من الشهر الجاري إلى نسبة سبعة بالمائة ، ويصل الفارق بينها إلى 21 مليون أوقية ، وفي حال وصولها إلى هذا المبلغ فستكون عرضة للإلغاء.

أما في الطريق الحضرية لمدينة العيون فتصل قيمة الجزاءات اليوم إلى 61.207.950.15 ، وهو ما يجعلها هي الأخرى قريبة من النسبة الأعلى للجزاءات كما حددتها مدونة الصفقات العمومية.

غير أن هذا التأخر الذي تعرفه مختلف مشاريع الطرق قد يمنح فرصة مهمة لبعض الخواص ، والذين يستفيدون من تأجير شاحناتهم وجرافاتهم في إنجاز هذه الأعمال ، كما يستفيدون من دفع نقدي مقابل هذا التأجير ، وقد اتهمت جهات متعددة في المعارضة الموريتانية الرئيس الموريتاني بالاستثمار شخصيا في مجال تأجير الشاحنات باسمه وعن طريق بعد المقربين منه

في مجال الطرق عموما تقول وزارة النقل الموريتانية إن مسافة الطرق التي أنجزت في البلاد من تاريخ استقلالها حتى العام 2008 وصل إلى 3361 متر ، مضيفة أن عدد المشاريع التي بدأ بها العمل منذ العام 2008 وحتى اليوم بلغ 17 مشروعا ، ووصلت مسافته إلى 1279 متر ، مؤكدة أنها ستنتهي قبل العام 2013 ، لكن المعطيات الموضوعية تقول إن هذا التوقع كان قبل التأخر الذي طال أغلب هذه المشاريع.

وتضيف الوزارة أنها تسعى إلى إطلاق مشاريع أخرى انتهت دارساتها وتصل مسافاتها إلى 1431 ، وسيبدأ العمل فيها قبل نهاية 2015.