على مدار الساعة

التسيب المدرسي تفريط أهل .. أم تقصير مؤسسات

12 يناير, 2011 - 09:57

الأخبار (نواكشوط) - بين تدافع للمسؤولية ما بين الأهل والمؤسسة التعليمية ــ المدرستين الرئيسيتين في حياة التلميذ ــ يعيش التلاميذ حياة دراسية مفتوحة (فوضوية) أسعد لحظاتها عند التلميذ لحظات التجمهر بباحة الشارع ، المظهر السائد في المراحل الدراسية الأكثر حساسية وجوهرية ضمن المسار الدراسي .

المدارس الثانوية تعتبر يتيمة العقد الدراسي في العاصمة نواكشوط ، من حيث الكم الطلابي ، والكيف العلمي ، نظرا لكونها تمثل بداية النضج الفكري والتطور العلمي في المقرر التعليمي ، وتشكل منعطفا تكوينيا بارزا في مسيرة الطالب الدراسية ، بحيث توصله مجمع العلوم ، وتخرجه إلى الجامعات والمعاهد في تطور دراسي متلاحق ، غير أن هذا الهدف لا يتحقق في نظر المعنيين دون وجود أساس تعليمي صلب في المراحل الدراسية الأولية نظرا لترابط حلقات العملية التعليمية.

 

الطلاب يفسرون الظاهرة تفسيرات مختلفة انطلاقا من رؤيتهم الخاصة ومعايشتهم لزملائهم المتسيبين، فآمنة بنت عبد الله (ستة عشر ربيعا ،باكلوريا شعبة العلوم الطبيعية) ترجع الظاهرة إلى "عدم صرامة الإدارة" ، وتدعو لاتخاذ آلية تسجيل الغياب على الطلبة المتسيبين بشكل مستمر ، وإبلاغ الأهل بمحضر الغياب .

أما خالد ولد عبد الرحمن (16عاما) فيرى أن سبب صدود الطلبة عن أقسامهم يعود إلى وضعية الاكتظاظ غير المريحة التي توجد في الأقسام "حيث يصل عدد الطلاب في القسم الواحد(90 طالبا) ، يجلس معظمهم على الأرض لعدم توفر المقاعد" ، ويرجع ولد عبد الرحمن ذلك إلى طول فترة التسجيل الذي "يظل بابه مفتوحا ، مما يؤدي إلى زيادة نسبة الاكتظاظ يوميا".

مريم بنت محمد الأمين (20سنة ، باكلوريا شعبة الآداب الأصلية) قالت إن رغبة الطلاب في الدراسة تشهد تراجعا خطيرا ، ويمثل التسيب النسبة الأكبر في المحيط الطلابي ، وأضافت بنت محمد الأمين أن الاجتهاد صار مظهرا شاذا يعاني صاحبه من السخرية ويلقب بألقاب غريبة " الفيس" ، وتصف مريم الساحة الطلابية ب "السوق الكبيرة التي أصبحت المباهاة فيها بالأزياء والهواتف بدل الدفتر والقلم ".

 

مآرب أخرى

 

(ف.ن.ج ،18 عاما ، باكلوريا شعبة العلوم الطبيعية) قالت "إن غموض المقرر الدراسي بات يشكل عقبة تحول دون استمتاع الطالب بالحصص مما يخلق لديه حالة من السأم والملل، وأضافت أن التعليم لم يعد غاية في حد ذاته بل أصبح "مجرد وسيلة " يستغلها الطالب لولوج باب العمل بمجرد الحصول على أدنى شهادة تخوله المشاركة في أي نوع من العمل يكسب منه نقودا ، أما الطالبة فإنما ترتاد المؤسسات التعليمية بهدف الحصول على "فارس الأحلام" ، مضيفة أنه لا توجد لدى الطالبات اليوم رغبة في تصدر المجالات العلمية "إلا من رحم ربك".

 

رؤية الإدارة للمشكل

 

محمد ولد زيدان مدير مدرسة العروة ـ إحدى الثانويات الحرة ـ قال إن أسباب التسيب في أوساط التلاميذ متعددة، منها ما يعود إلى الأهل الذين يهملون جانبا مهما يتمثل في مراقبة أبنائهم بشكل دائم ، ومنها ما يرجع إلى التلميذ نفسه، الذي لم يعد يتخذ من الدراسة هدفا و لاغاية ، بل صار يعتبرها ضربا من العقاب وجوا من الملل، وأضاف ولد زيدان أنه غير راض عن سلوك الطلبة المتسيبين الذين يستغلون وقت الدرس في الجلوس أمام الدكاكين وسط الشوارع.

أما موسى ولد داود ــ مستشار تربوي وأستاذ تاريخ ــ فقال إن محدودية الفضاء الاستيعابي في المؤسسات الحرة لا تتلاءم مع الكم الطلابي؛ حيث إنها تحول دون استيعاب الطلبة بالشكل المطلوب مما قد يشوب العملية التعليمية التي ينبغي أن تتم في أجواء ملائمة وبهيئة لائقة، وأضاف ولد داود أن غياب المكتبات في المؤسسات الحرة يمثل أحد أكبر أسباب تسيب الطلبة في ظل غياب وسائل المطالعة حيث "لا توجد أي مكتبة في أي مدرسة حرة".