على مدار الساعة

كامنغ وأتباعه... نشاط هادئ لأكبر شبكات التنصير في البلد

10 نوفمبر, 2010 - 09:57

الأخبار (نواكشوط) -شبكة من تسعة أشخاص بينهم امرأة.. باشروا توزيع الإنجيل بموريتانيا و احتكروا تمثيل منظمات تنصيرية لا فروع لها في البلاد.. ونظموا العديد من الملتقيات داخل الوطن، وحصلوا على الكثير من التمويلات الخارجية.. تلك هي قصة " آخر دفعة من المنصرين الوطنيين" ينضوون جميعا تحت لواء الأمريكي جوزيف كامنغ.

واليوم يدير القس الأنلجيكاني برنامجا في إحدى أعرق جامعات بلاده ويعتبر شخصا ذا أهمية في الحوار بين الأديان، أما أتباعه الموريتانيون فنال من اعتقل منهم حريته فيما لا زال المطلوبون في حالة فرار ولا زالت المنظمة التي استعملوها غطاء تواصل نشاطها... هكذا كانت نهاية الشبكة.

وتعتبر منظمة دولوس المقر المركزي الذي كان يجتمع به المنصرون الوطنيون حيث استطاع المدير السابق لها "جوزيف" في حيز زمني قصير أن يقيم علاقة وطيدة مع شباب موريتانيين، أغدق عليهم المال ووجدوا في ظله الحماية اللازمة، وفتح أمامهم فرصا كثيرة.

 

قيادة مركزية

 

وطبق المصادر التي تحدثت لـ"الأخبار" فان "دولوس" تمثل القيادة المركزية لمعظم الاعمال التبشيرية في موريتانيا وتنتهج أسلوب الفصل الكلي بين أقسام "الدعوة" داخل مختلف شرائح الموريتانيين، ويتولى زنجي –سبق وأن سجن سنتين- مسؤولية إدارة ملف التبشير في الزنوج، ويحظى بالدعم اللازم والعناية من طرف "دولوس" وليست له أي صلة بـ"الـبيظان" وهو يدير مدرسة في تيارت.

وتقيم "دولوس"، التي تعرف نفسها رسميا بأنها "منظمة إنسانية مسيحية" تهتم بمنطقة الساحل وموريتانيا على نحو خاص، علاقات وطيدة مع كل مترجمي الإنجيل إلى الحسانية الذين ورد ذكرهم في الحلقة الأولى من هذا الملف.

جوزيف كامنغ أو "يوسف كامنغ" كما يسمي نفسه على موقعه الشخصي على الإنترنت اختلط بالمجتمع الموريتاني أيما اختلاط لدرجة أنه وزوجه "ميشيل" وطفليهما أقاما لسنوات بين الطبقات الموريتانية المسحوقة. ينضاف إلى هذا عشقهما للزي الموريتاني التقليدي لدرجة أن كامنغ يفضل أن يعظ في الكنائس العالمية وهو يرتدي دراعة موريتانية وهي إشارة دالة.

وفضلا عن نشاطها في نواكشوط في مجال مراكز التغذية والخدمات الصحية تركز المنظمة، ووفق المصادر، على اكتساب ثقة الزنوج الموريتانيين وتنشط في منطقة النهر، رغم أن أغلب من كشفتهم المصادر من المتعاونين معها ينحدرون من العرب.

فترة إدارة كامنغ، الذي يدير حاليا برنامجا علميا في جامعة "يال" اللاهوتية بـ"كونكتيكات" بالولايات المتحدة الأمريكية، للمنظمة شهدت تطورا في أنشطتها المعلنة وغير المعلنة. وهكذا أنفقت المنظمة طبقا لتقرير أعمالها عام 2008 زهاء 800 ألف دولار (أكثر من 220 مليون أوقية) على مشاريعها المختلفة.

وتنشط منظمة كامنغ في موريتانيا منذ 1980، ومن بين أبرز شركائها تظهر منظمات "صلة الرحم" وجمعية "Au secours" ومنظمة "Savoir" إضافة إلى عدد من القطاعات الحكومية.
 

وشاية "ليغيت"

 

ثلاثة "عاطلين"، فالدعوة إلى المسيحية عمل طوعي لا ينفي صفة العطالة، ومعلم، وموظف بولاية نواكشوط، وثلاثة مطلوبين... هؤلا هم أشياع كامنغ في مهمته التبشيرية. أكبرهم سنا ولد سنة ميلاد الدولة التي أراد أن يلحق عقائد أهلها بالمستعمر (1960). وأصغرهم سنا عاصر خطوة هامة في اتجاه الاستقلال الاقتصادي، فولد سنة ثلاثة وسبعين مع سك العمل الوطنية. هو معاصر للأوقية، إذا..أوقفت الشرطة خمسة من هؤلاء قبل أن يتم إطلاق سراحهم بضمان إحضار، وبكفالة مالية قدرها 190.000 أوقية فيما لا يزال البحث جاريا عن الباقين.

اجتمع الخمسة الموقوفون قبل ثمانية أيام فقط من اغتيال الأمريكي "كريستوف ليغيت" أي على تمام الساعة السادسة مساء من يوم الحادي عشر يونيو 2009 بمنزل "تيم جنسون" ، -وهو مواطن أمريكي صاحب مكتبة قرب "الكنيسة في نواكشوط"، و يدير وكالة للسفريات في العاصمة- ليقدموا شكوى ضد ليغيت على إثر خلافات عميقة معه حول ما اعتبره الأمريكي الراحل الفردانية في تنظيم الأنشطة [التنصيرية] دون تنسيق، و"استقلالية الشباب الموريتانيين عن توجيه الأجانب الموجودين في البلد".

وكان المواطن الأمريكي "كريستوف ليغيت" الذي قتل في مقاطعة "لكصر" أبلغ المنظمات الكنسية في الخارج، أن متعاونين موريتانيين مع برازيلي في نواكشوط، ليسوا سوى متحايلين على المنظمات، طالبا قطع الاتصال معهم وتوقيف الدعم المقدم لهم، مما جعل الخلاف يتعمق بين كل الأطراف.

وعندما تم قتل كريستوف على يد عناصر من "القاعدة" عثرت السلطات بحوزته على قائمة من الأشخاص يتعامل معهم ويقترض لهم أموالا بفوائد تبلغ 5%، وهو ما دفع لتوقيف هؤلاء.
 

شركاء متشاكسون

 

وتقول مصادر أمنية مطلعة لـ"الأخبار" إن هناك العديد من الأجانب النشطين في مجال التنصير يعملون دون تنسيق مع زملائهم من دعاة النصرانية في البلاد مثل المواطن الأمريكي "ابيتر"، الذي يزور موريتانيا منذ 2008، وهو ناشط في مجال التنصير، وليست له أية علاقة مع الأمريكيين الناشطين الآخرين في المجال، وإنما كانت علاقته محصورة على بعض الشباب الموريتانيين والسنغاليين المقيمين في موريتانيا.

كما توجد أسرة من الأرجنتين تدعى أسرة "كايينا"، تنشط هي الأخرى في مجال التنصير، تقطن في حي "المشروع" بمقاطعة تيارت.

وتتحدث وثائق خاصة حصلت عليها "الأخبار" عن علاقة وطيدة بين المنصرين الموريتانيين و عدد من الأمريكيين وفرنسي يعمل في منظمة "الأبواب المفتوحة" ونيجيري يعمل في منظمة "كريستيان أيد" الذين مولوا لهم العديد من المشاريع الكبيرة من ضمنها بناية موجودة في دار النعيم، ونظموا لهم العديد من الدورات التكوينية و الرحلات الخارجية.
 

تجاوز الأمريكيين

 

المواطن الفرنسي "الداعية" دومينيك كادر بمنظمة "الأبواب المفتوحة"، جل إقامته بفرنسا ويتردد على موريتانيا باستمرار، حيث يقيم صلات وثيقة مع مجموعة من "الشبان" الموريتانيين العاملين في مجال التنصير، يشرف شخصيا على ملتقيات للتكوين على العمل في "تحويل القناعات الإسلامية إلى قناعات نصرانية".

ارتبط دومينيك بمجموعة من الشباب الموريتانيين من دون علم الأمريكيين العاملين في مجال التنصير بموريتانيا وهو ما كان سببا في إغضاب هؤلاء. كان يلتقي بتلامذته الموريتانيين في منزل المواطن الأمريكي "تود" القاطن قرب السفارة المغربية بالعاصمة نواكشوط.

نشاطات دومينيك غالبا ما يقوم بها دون أي إشعار لزملائه الأمريكيين الناشطين في مجال التبشير، الشيء الذي كان موضع تحفظ من طرف هؤلاء، والذين يعتبرون أنفسهم الأقدم، متهمين المعني بتجاوزهم في أنشطته، التي كان من المفروض أن ينسق معهم في إطارها، نظرا لوجود هيئة منظمة يديرونها في هذا المجال، بحسب المصدر.

دومينيك مول مشاريع صغيرة للموقوفين و"مجموعات أخرى"، وكان في تمويلاته سمحا يعطي قروضا من دون فوائد ربما احتراما لديانة البلد الذي يعمل على أرضه، والتي تحرم السلف بزيادة.. خلافا لإخوانه الأمريكيين الذي كانت تصل "فوائد قروضهم" أحيانا إلى خمسة بالمائة.

 

لائحة الموقوفين:
- اعل سالم ولد محمد (1963، ازويرات)، معلم.
- حمدي ولد محمد فال ولد اعمر (1973، أطار)، عاطل عن العمل.
موظف في ولاية نواكشوط.
- المصطفى ولد الخال أمين (1960، نواكشوط) عاطل عن العمل.
- باب سيدي ولد محمد السالك (1970، أطار) عاطل عن العمل.
- فاطمه نور (1965 لعيون) رئيسة منظمة "الأمل" غير الحكومية (حقق معها ولم تعتقل)
لائحة المطلوبين:
- سيدي محمد ولد سيديا (باكو)
- محمد سالم ولد حرمه
-إسماعيل اتيام

 

التعامل المباشر مع المنصرين الموريتانيين، دون المرور على أجانب، طريق جربته المواطنة الأمريكية "راي" والمواطن النيجري إمانويل اللذين مولا مشاريع مهمة بموريتانيا. إمانويل ورفيقته الأمريكية يعملان بمنظمة "كريستيان أيد" وزارا موريتانيا عدة مرات، وهما على صلة بالمجموعة الموقوفة و"مجموعات أخرى" عاملة بـ"التنصير الوطني".

كان الثابت في المعطيات عن كل هؤلاء هو خلافهم المنهجي والمالي مع المواطن الأمريكي "كريستوف ليغيت" الذي ألبست عملية اغتياله لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، ويبدو أن عملية قتله كانت المحرك للتحقيق.

ولم تتطرق مصادر "الأخبار" لبقية المجموعات التي أفاد الموقوفون عن وجودها على التراب الموريتاني، والتي تعمل على تغيير عقائد أبناء الموريتانيين ومن بينها مجموعات شبابية، تتوجه إلى السينغال وتمتهن إدخال الكتب إلى آخرين في موريتانيا، وذلك مقابل تعويضات مالية سخية تصل في الغالب إلى 500 ألف أوقية.

كما يتسلم هؤلاء أحيانا 200 ألف أوقية مقابل توزيع الكتب المسيحية، التي يتم إدخالها إلى موريتانيا، وتسلم لهم مبالغ يقدمونها لمن يتسلم منهم تلك الكتب.

كما فضلت عدم الخوض في ملف العاملين تحت مظلات مؤسسات أو أعمال حرة داخل موريتانيا كما هو الحال مع المواطن العاجي "سمبليس"، الذي ينشط في مجال التنصير ويدير مؤسسة للمعلوماتية في مقاطعة تفرغ زينه، و كان يعمل في منظمة "نوره"، و يحسن الحديث بالحسانية.