على مدار الساعة

"تودروا" وسيلة نقل متهالكة باتجاه أرقي أحياء نواكشوط

13 أكتوبر, 2010 - 09:57

الأخبار ( انوكشوط ) - من أنتم أيها الرجال إذا كنتم من الصحافة فليس من الضروري بالنسبة لنا أن نقابلكم ليس لعدم رغبتنا في الإعلام، ولكن لثقتنا بأن ما سينشر عنا لن ينال أي اهتمام من لدن السلطات الموريتانية التي تتفرج علي مأساة عدد من المواطنين يعملون في نقل سيارات "تودروا" منذ ثلاثين سنة، هكذا يتحدث سائق "تودروا" محمد الكوري ولد إبراهيم لموفد وكالة أنباء "الأخبار" المستقلة، وهو يلتفت يمينا وشمالا عل عيناه تقع علي أحد المواطنين يرغب في الوصول إلي حي "تفرغ زينه" عبر أقدم وسيلة تسير باتجاه أرقي أحياء العاصمة نواكشوط".

 

الحاجة أم الاختراع..

 

محمد الكوري ولد إبراهيم سائق احدي سيارات "تودروا" المتهالكة التي تحمل الأشخاص من سوق العاصمة المركزي (كبتال) باتجاه حي "تفرغ زينه" أرقي أحياء العاصمة الموريتانية نواكشوط".

يقول محمد الكوري لموفد "الأخبار" إنه قرر قبل (25) سنة من الآن البحث عن فرصة عمل تمكنه من العيش مع أسرته التي تعتمد في حياتها المعيشية علي ما تحصده يداه من نقود، فلم يكن حينها متوفرا من الفرص سوي مهنة سائق احدي هذه السيارات المتهالكة، وهي المهنة التي ـ يضيف محمد الكوري ـ لا زلت أعمل فيها حتى الآن، إلا أنه في نهاية المطاف جمع بين مهنة سائق "تودروا" و"ميكانيكي" من أجل الحصول علي دخل مادي أفضل مما توفره له مهنة السياقة وحدها".

ويقول محمد الكوري "إن غياب أي عدم مادي للعاملين في المهنة من طرف السلطات الموريتانية زاد من هول كارثة الفقر التي يعاني منها جل السائقين العاملين في المهنة، ويؤكد ـ ولد إبراهيم ـ أنه علي الرغم من أن السيارات متهالكة جدا ليس بوسعها العمل بشكل متواصل وتصاب بالأعطال من حين إلي آخر، كما أن سعر البنزين مرتفع جدا إضافة لعدم توفر العمل في كل الأوقات وهو ما شكل مزيدا من التعقيد لحياة مئات المواطنين من عمال "تودروا"، حيث أن السائق يمكنه فقط حصد ثلاث إلي أربع رحلات يوميا".

وطالب محمد الكوري السلطات الموريتانية بالتدخل لمساعدة القائمين علي المهنة وتوفير قطع غيار السيارات أو استبدالها بسيارات أكثر جودة من هذه السيارات المتهالكة التي أصبحت غير قادرة علي العمل".

 

عوائق الاستمرار تؤرق السائقين..

 

يقول سليمان هاميدو "سمسار سيارات تودروا"، إن حوالي 70 من أصل 200 سيارة تقل يوميا مئات الركاب من وسط سوق العاصمة إلي حي "تفرغ زينة"، وإن هناك عدد من المطالب التي يتقدم بها الركاب والسائقون علي حد سواء، لعل من بينها ـ يضيف هاميدو ـ تحسين صورة سيارات "تودروا" المتهالكة، حيث يمنع مظهرها غير اللائق الكثير من الركاب من استعمالها متذرعين بعدم ضمان واضح حيال الخطر الصحي والأمني الذي يحمله اسم "تودروا" في أذهان الكثيرين، مضيفا أن أبوابها لم تكن قادرة علي حماية الركاب من السقوط علي الأرض كما أن الواحدة منها تتوقف لعدة مرات بين سوق "كبتال" و حي "تفرغ زينه" نتيجة تهالك "الماكينا" وطول عمرها وعدم قدرتها علي الحركة".

ويقول هاميدو إن دخل السائق اليومي غير كاف للاستمرار في الحياة خاصة أن أغلب السائقين يعيلون علي أسرهم وليس لهم من المهن سوي سياقة "تودروا"، موضحا أن مقدار الدخل الأعلى للواحد منهم يوميا، لا يتجاوز نحو 4000 آلاف أوقية إلي 3000 آلاف أوقية، يذهب أكثر من نصفها في شراء البنزين والبقية تقسم بين حاجيات السيارات المتهالكة والمتطلبات المعيشية للسائق".

ويضيف هاميدو "بعض الأيام تتعطل السيارة علي صاحبها وتكلفه كثيرا من النقود ليس بإمكانه الحصول عليها عن طريقها، ليبقي حائرا حيال إصلاحها وليس أمامه سوي البحث عن وسيلة لإصلاحها ولو بحمل الدين من بعض الأصدقاء".

 

ركاب من نوع خاص..

 

محمد محمود ولد عبد الرؤوف سائق "تودروا" يقول لموفد وكالة أنباء "الأخبار" المستقلة، وهو يقود سيارته منطلقا من وسط سوق (كبتال)، باتجاه حي "تفرغ زينه" إنه حين ما يتعلق الأمر بسيارة من نوع "تودروا" فان الحديث عن تحديد نوع الركاب ذو أهمية كبيرة فكل الركاب هنا معنا ـ يضيف ولد محمد محمود ـ هم من الفقراء لسبب بسيط هو أن سكان حي "تفرغ زينه" من الأغنياء ولا يستعملون هذه السيارات المتهالكة في رحلاتهم بل إن أغلبهم يمتلك سيارات شخصية أو يتخذ من سيارات الدولة مطية له".

صحيح تماما ما قاله السائق محمد محمود فسيارة "تودروا" تحمل اثنين من محرري وكالة أنباء "الأخبار" المستقلة لإعداد التقرير، ورجلين هما المهدي ولد عبدي صاحب مزرعة (جرديه)، وآخر رفض ذكر اسمه أمام الإعلاميين كما طلب عدم التصوير، لكنه متوجها إلي أقاربه في الحي، إضافة إلي سيدتين تدعي إحداهما "الخويطرة" قادمة من مقاطعة دار النعيم في زيارة لأقاربها، والأخرى تدعي "أسماء" من سكان حي "بوحديده" بمقاطعة "توجنين" وهي الأخرى سافرت من أجل لقاء أحد أقاربها الذي يسكن حي "تفرغ زينه" بقية الحصول علي بعض النقود من عنده".

ويجمع ركاب "تودروا" وسائقوها علي أن سكان حي "تفرغ زينه" الغني وسط العاصمة نواكشوط لا يستعلمون وسيلة النقل التعيسة هذه في الركوب جيئة وذهابا إلي الحي علي الرغم من أن عددا كبيرا من سيارات "تودروا" يغادر إلي الحي كل يوم ذهابا وإيابا مئات المرات".