على مدار الساعة

اكتتاب محظرة اكجوجت ومنطق الإقصاء

20 مايو, 2022 - 15:43
د.أحمد ولد باب

نهل دكاترة العلوم الشرعية من العلوم المحظرية بشتى فنونها ثم كتب لبعضهم او جلهم أن يكمل مساره الأكاديمي في الخارج في عدة دول؛ يحدوهم الأمل أنهم بعد اكتمال مسارهم الأكاديمي سيرجعون إلى وطنهم ويستقبلون فيه فيه استقبال الأبطال؛ لما أضافوه لخبراتهم بغية المساهمة في بناء الوطن، لكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، حيث اصطدموا بالواقع المرير بما سمعوا من قيادة وطنهم في فترة من الفترات: أن ارجعوا لامقام لكم في أرض المنارة والرباط أرض العلم والمعرفة، فالبلد مستغن عن العلوم الإنسانية؛ حتى العلوم الشرعية منها.

 

ثم انقشع غبار تلك الفترة ولاح في الأفق بصيص أمل جعل الحلم يعاودهم من جديد، حاملا معه راية الاكتتاب، وأن البلد والمؤسسات الشرعية بحاجة ماسة لهم، لكن وبعد تشخيص لحال هذه المؤسسات التى لا تبلغ أصابع اليد؛ تبين أن الحلم لن يكون، وأن حلاوته ستزول بمرارة الواقع المرير فهذه المؤسسات هي:

    - المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية وهو أعرق هذه المؤسسات وهو الآن يغص بالمتعاونين والمتعاقدين دون أن تكلف إدارته نفسها عناء البحث عن أساتذة رسميين، فآخر عهد له بالاكتتاب كان سنة 2007 وقد أعلن فيه عن تعاقد لم ير النور إلى الآن، بينما حصل تعاقد سري مطلع هذا العام شمل 31 شخصا.

    - جامعة لعيون: عهدها بالاكتتاب هي الأخرى عام تأسيسها سنة2011، وحصلت أمور اخرى لما تستو بعد، بسبب ما حصل فيها من الظلم والغبن.

    - المحظرة الشنقيطية الكبرى بأكجوجت : أعلن فيها هذه الأيام عن اكتتاب بعد أمد من تأسيسها، والمتتبع  لهذا الاكتتاب يلاحظ أن اللجنة المشرفة عليه أعلنت  استقبال الملفات إلكترونيا، وهو مايتنافى والطبيعة التقليدية للجان والمتقدمين، حيث لوحظ عدم ضبط اللجنة للبريد الإلكتروني حتي في  كيفية كتابته أحرى ما يصله من التظلمات والرسائل.

وقد أقصت اللجنة في مراجعتها للنافذة الإلكترونية الكثير من الدكاترة حيث بلغ عدد المقصين 179 دكتورا بمبررات واهية استحدثتها اللجنة لم نسمع بها في ملة اللجان التي سبقتها مثل:
ـ غياب نسخ مصدقة 
ـ عدم تطابق المسار الأكاديمي مع متطلبات الملف 
ـ عدم توافق تخصص المترشح مع توصيف المقعد

وقد تفاجأ الدكاترة بقرار الإقصاء لما يحمل من شطط وخرق لقانون التعليم العالي خصوصا المادة 11 من المرسوم رقم 116ـ 2018 الصادر بتاريخ 05 يوليو، الذى ينص على أن مرحلة المقبولية تتمثل في التحقق من المطابقة الإدارية لملف المترشح فقط لا غير، دون التطاول على عمل الخبراء واللجان الأخرى، وقد فتحت اللجنة فترة للتظلم بعد أن ارتفعت أصوات الدكاترة والقانونيين بعدم شرعية المسار الذي اتبعته اللجنة، حيث أقصت أصحاب الشهادات المعادلة (المعهد السعودي ـ الناجحون في المعهد العالي بالمسابقة) وأرسلت التظلمات للجنة لكنها لم تتعب نفسها في بعض الملفات حيث اكتفت فيه بالنسخ واللصق للمحضر الأول دون الرجوع إلى ملف التظلم المرسل إليها.

تم الاتصال باللجنة لتوضح أسباب الرفض التى لم تذكرها في محضرها فكان ردها مضحكا حيث تعللت اللجنة بأنه لم ترسل لها شهادة المتريز ابتداء، مع إقرارها بأنها أرسلت لها في التظلم، وكأن فترة التظلم لا قيمة لها، علما أن اللجنة طلبت بعض الوثائق الناقصة في فترة التظلم كما هو مثبت في محضرها الأول، وأثناء الحديث مع اللجنة ذكروا قصة نحتج بها عليهم، وهي أن دكتورا في أحد التخصصات -التي لم يجدوا لها أي أحد- قام بإرسال ملفه كاملا لكنه حسب قولهم لم يحدد التخصص الذي يريد فكان ذلك سببا لرفضه، وكأنه أرسل ملفه للاستعراض.

 

 ومن الأدلة على عدم الاهتمام بالتظلمات ودراستها الدراسة الكافية أن بعض الدكاترة حين طلبوا منهم شهادات مصدقة أعادوا إرسال ما أرسلوه في المرة الأولى وقبل ملفه، بل إن منهم من لم يرفع بالتظلم رأسا وقبل هو الآخر، فلو تتبعنا تلك القصص لاجتمع من ذلك  كتاب ألف ليلة وليلة، فليس من المنطقي التلاعب بنخبة من الدكاترة جمعت بين الأصالة والمعاصرة في التحصيل العلمي، وتوأد أحلامهم في مهدها، وكلما لاح لهم بصيص أمل سلط عليهم سيف الإقصاء والنسخ واللصق.

 

ورحمة ربك خير مما يجمعون.