على مدار الساعة

مستشفي لعيون : معاناة دائمة من أمراض بدائية

11 يونيو, 2010 - 09:57

الأخبار ( لعيون ) - ينتصب مستشفي "العيون الجهوي" ببنايته العتيقة منذ عقود من الزمن شامخا في ولاية الحوض الغربي، (ذات المساحة الشاسعة والسكان الكثيرين) ضاربا بأصوله في أعماق الأرض يستقبل الكثير من حالات المرض المتنوعة، لكن ذلك الشموخ في السماء والضرب في أعماق الأرض ينقصه ـ حسب شهادات المواطنين ـ الكثير من الخدمات التي غابت منذ نشأة المستشفي ولا تزال غائبة إلي اليوم".

 

جهود رسمية تنقصها الإمكانيات

 

الخليفة ولد سيدي أحمد أحد الأطباء المساعدين يشرف على علاج بعض المرضي المتواجدين بالمستشفي في يوم الجمعة الذي يحصل فيه العاملون في المستشفي على عطلة أسبوعية يقول ولد سيدي أحمد لموفد وكالة أنباء "الأخبار" المستقلة "أنا أعمل هنا منذ شهرين تقريبا، نواجه عددا من الحالات المرضية من بينها (القرحة المعدية، فقر الدم، التهاب المعدة، وحمي الملاريا و الإسهال)، ونعمل بكل ما أوتينا من قوة على توفير الأدوية والخدمات الصحية الأخرى"

ويري ولد سيدي أحمد أن النقص الملاحظ في الخدمات الصحية في المستشفي يعود إلي أن كل الأعمال الإنسانية مهما كانت لا بد لها من نواقص

ويضيف ولد سيدي أحمد "لدينا أربع مصالح أساسية هي (حجز الأطفال، مصلحة العمليات، العناية المركزة، الحجز الطبي، إضافة إلي مركز الأمومة والطفولة المجاور للمستشفي)،وهذه المصالح يقول ولد سيدي أحمد تعمل بشكل مستمر على استقبال المرضي بمختلف أنواعهم ولديها طواقم طبية نظن أنها من أحسن الطواقم".

لكن مالم يقله ولد سيد أحمد تقوله غرف المركز الطبي وأوضاع المرضى بداخل أهم المستشفيات بولاية الحوض الغربي ،فالأطباء عاجزون عن تقديم العلاج لأغلب رواد المركز الصحي أو المستشفي – تعددت التسميات والشكل واحد- بسبب نقص الأجهزة وغياب الرعاية وضعف الوسائل المرصودة من قبل وزارة الصحة لمستشفيات البلاد الداخلية.

ليس بمقدور أغلب المصابين بالقرحة المعدية الحصول على الدواء المناسب مالم يكن التشخيص علميا وليس من الوارد تشخيص أى حالة دون اللجوء للعاصمة نواكشوط،ناهيك عن بعض التجاوزات التي قد تتسبب مضاعفاتها للمرضى في كوارث دائما ما تكون نهاية للحياة.

ويغيب عن مستشفي لعيون المركزي كنظيره بمدينة النعمة أى وحدة لأمراض الكلى ويتحتم على المرضي السفر إلى "كيفه" أو "نواكشوط".

أما الملاريا فحدث ولا حرج ،الضحايا كثر بسبب غياب حملات التوعية واقتصارها على بعض الإعلانات الممجوجة فى وسائل الإعلام الرسمية (وقليل من يسمعها من سكان الداخل) أو بعض الحفلات التقليدية التي تستعرض فيها أوجه المسؤولين أمام الكاميرا بغية تسجيل النقاط.

ويعاني المركز الصحى من نقص في الغرف وعجز عن استيعاب المرضى وخصوصا في فترة الخريف ،كما يشكوا زواره من صعوبة شراء الأدوية والمبالغة في أثمانها في ظل غياب أي حماية للمستهلك وفقر في العلاجات الأولية لدي المراكز الصحية داخل البلاد ناهيك عن الأسئلة التقليدية من أين يأتي الدواء؟ وهل هو فعلا صالح للإستعمال؟..

 

في مواجهة الملاريا

 

وغير بعيد من ولد سيد أحمد دائما ترقد أقلى جيلها بنت يبا في إحدى غرف مستشفي العيون الجهوي وهي تعاني من مرض (حمى الملاريا )،الذي ينتشر بكثرة في الولايات الشرقية
والجنوبية من موريتانيا حيث لا يمكنها الحديث لعدم قدرتها على الجلوس، لكن مرافقتها مريم بنت محمد تحكي باسمها مأساة مستشفي الولاية مرددة القول (إنه مستشفي غير جيد) وتضيف بنت محمد نحن نريد للمستشفي أن يكون على مستوى جيد ونطالب باستجلاب جهاز (اسكانير)، وتحسين الحالات المستعجلة، فأغلب المرضي هناك من الطبقات الفقيرة ولا يمكنهم السفر خارج المدينة للاستشفاء على حسابهم ولا يوجد متبرع يساعدهم على التنقل للاستشفاء".

حال "أقلى جيلها بنت يبا" تماما كحال "خطري صمب كماري" الذي يرقد هو الآخر منذ أمس الأول على سرير بالمستشفي مصابا بمحي الملاريا ولم يتمكن من الحصول ـ حسب والدته ـ على الفحوصات المطلوبة لكي يتماثل للشفاء من حمى الملاريا الفتاكة والتي تكثر الإصابة بها في فصل الخريف الذي يطل على الأبواب

 

حين تمنح الدولة لمواطنيها الحرمان !!

 

على أحد أسرة حجز الأطفال وسط المستشفي يسمع أنين الطفلة ديمي بنت محمد لكحل التي أصيبت ـ حسب والديها ـ بورم في خدها وهي حين ذلك في إحدى بوادي مقاطعة العيون فبادر ذووها بحملها إلي المستشفي لكنها لا تزال مصابة بالورم ذاته ووالدتها فاطمة غير مطمئنة إلي ما يقدمه الأطباء من الدواء والنصائح لإبنتها الوحيدة التي لا يتجاوز عمرها بضع شهور".

وتضيف الوالدة "نحن نطالب الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بتوفير مستشفي يكون قادرا على استيعاب حالات مرضية متنوعة ومختلفة، وقد مللنا من التنقل إلي العاصمة نواكشوط أو مدينة كيفه طلبا للاستشفاء والدولة يمكن أن توفر لنا ما ينقص المستشفي من المستلزمات".

الأطباء يواظبون على إعطاء الأدوية التي يرون أنها مفيدة للصغيرة ،لكن لاشيئ تغير حتى الآن،بل حتى إن الأطباء والأهل وربما الزوار غير قادرين على تمييز حالة الصغيرة الراقدة بالمركز الصحى بمدينة لعيون وما إذا كان الورم يحتاج إلى عملية أو ربما رفعا للخارج من أجل تلقى العلاج.

حتما سيقول لها الأطباء بعد أسابيع بان حالة الطفلة تحتاج إلى المزيد من الفحوص غير متوفرة في المدينة وان الأفضل نقلها للعاصمة،وحتما سيقول لها أطباء العاصمة بأن الحالة كانت تستدعى الحضور مبكرا إلى "طبيب" وإن الأهل مطالبين بمزيد من الفحوص لتحديد وضعية الورم لكن هل سيبقي في جيب الأم ما يؤمن كل تلك المصاريف إن كان لها جيب في الأصل؟!!