على مدار الساعة

معركة دائبة ضد الرمال في أفقر بلديات موريتانيا (فيديو)

27 يونيو, 2022 - 10:02
تحاصر الرمال الزاحفة العديد من منازل قرية العين الصفره عاصمة البلدية (الأخبار)

الأخبار (العين الصفره - آدرار) – لا يتردد سكان بلدية العين الصفره التابعة لمقاطعة شنقيط في ولاية آدرار في وصف ما يقومون من جهود في مواجهة الرمال الزاحفة على منازلهم ومزارعهم بالحرب الضروس، ولا تخفى آثار هذه "الحرب" في كل تفاصيل الحياة في هذه القرية النائية، وفي الطريق إليها.

 

تدخل الرمال الزاحفة في كل تفاصيل حياة سكان هذه البلدية التي تصنف كأفقر بلدية في البلاد، وترتفع بين سكانها نسب الإصابة بالأمراض المرتبطة بسوء التغذية، وفقر الدم، نتيجة تغير كبير في نمط عيشهم خلال العقود الأخيرة، بسبب خسارة نخيلهم وقطعانهم بشكل متفاوت جراء سنوات الجفاف المتلاحقة.

 

خسائر كبيرة

يعدد المسن معط ولد محفوظ ولد بب خسائر القرية والبلدية عموما جراء الرمال الزاحفة، بل دائبة الزحف خلال العقود الأخيرة، ويقول: "لقد خسرنا نخيلنا، كما خسرنا منازلنا، وطالت الخسارة عيون الماء التي كنا نعتمد فيها في شربنا. في الحقيقة خسرنا كل شيء".

 

فيما يرفع المسن إبراهيم ولد لبيظ الراية البيضاء في هذه الحرب التي ظلت سجالا خلال العقود الماضية، معتبرا أنه من الواضح أن مواجهتها معركة خاسرة، ولا يمكن أن تثمر.

 

ورغم ذلك يطالب ولد لبيظ السلطات العمومية وكل الخيرين بدعم السكان في معركتهم ضد هذا العدو القوي، والمتربص بالقرية منذ عقود.

 

ويشير ولد لبيظ إلى أن المدينة التي نشأت قبل استقلال البلاد بنحو خمس سنوات، لم تكن فيها أي رمال طيلة العقود الأولى، باستثناء كثيب صغير، تحول مع الزمن إلى بحر رمال لا ساحل له، وحول حياة السكان إلى مواجهة دائمة، وحرب لا هوادة فيها.

 

وتوافقه عيش بنت الرسول في جدة التحدي الذي تشكله الرمال على السكانة نسبيا، لافتة إلى أنها تسكن القرية منذ العام 1989، ولم تكن الرمال آنذاك موجودة بهذه الكثرة، وهذا الخطورة.

 

وتلفت بنت الرسول إلى أنه خلال الأعوام الأولى لقدومها كان يوجد كثيب على الطريق الذي يربط المدينة بمدينة الرشيد يسمى "قرد الناموس"، قبل أن تزحف الرمال وتحاصر القرية بشكل شبه كامل.

 

نداء استغاثة

ويوجه سكان القرية نداء استغاثة للسلطات ولكل المنظمات والشركات والخيرين لتقديم المدد لهم في حربهم المستمرة، معتبرين أن أي تأخر في الدعم سيكسب هذا "العدو" الزاحف المزيد من الأرضي، ويؤدي لخسارة أكبر للسكان.

 

وتطالب بنت الرسول باسم سكان العين الصفره بجهود لمواجهة زحف الرمال من خلال إزالتها من داخل القرية، وإطلاق حملات تشجير تضع حدا لزحفها.

 

فيما يطالب الشاب عبدو ولد لبيظ بتوفير المياه للساكنة، وبدعم حملات التشجير، معتبرا أن السنوات الأخيرة كانت صعبة على الساكنة، حيث قضت الرمال على النخيل، وعلى عيون المياه.

 

ويتحدث ولد لبيظ عن هجرة كبيرة في صفوف السكان بسبب زحف الرمال على منازلهم، وعجزهم عن مواجهتها، مناشدا الحكومة بذل جهد في هذه المضمار لتثبيت السكان في أماكن سكنهم الأصلية.

 

ويثني ولد لبيظ على جهود "جمعية أصدقاء طريق أطار تجكجة"، والتي باشرت التحضير لعملية تشجير على هذا الطريق هدفها وضع حد للرمال الزاحفة، وذلك عبر جهود ذاتية، مطالبا الحكومة بدعمها.

 

وعلى وقع أحاديث سكان قرية العين الصفره النائية في أعماق ولاية آدرار، تواصل الرمال زحفها، وتنتشر مد البصر في كل جوانب القرية الصغيرة الصادمة في الجبهة الأمامية في مواجهة هذا الخطر الذي يشكل تحديا للبلاد ككل.

 

الأكثر تضررا

وتصف دراسة أعدتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية موريتانيا بأنها "واحدة من دول الساحل الأكثر تضررا بحالات الجفاف المتكررة التي أصابت المنطقة منذ نهاية الستينات"، مرجعة استمرار تزايد التصحر إلى عوامل متداخلة قانونية واجتماعية واقتصادية أحدثت تدهورا في التربة، والمواد الحرجية والتنوع الحيوي".

 

ورصدت الدراسة - التي أعدت 2010 - تأثيرات هذا التصحر في "تعرض الأمن الغذائي، والمستوى المعيشي لسكان الريف للخطر"، إضافة لـ"حركة انتقال واسعة النطاق للناس صوب المراكز الحضرية الرئيسية، وقلة إمدادات الماء لتلبية احتياجات البشر والحيوانات"، فضلا عن ما تصفه الدراسة بـ"خسائر اقتصادية فادحة".

 

وتحدد الدراسة عوائق مكافحة التصحر في بعض مناطق البلاد بـ"عوامل مناخية؛ كنقص الأمطار، والرياح الحارقة، والاختلافات الكبيرة بدرجات الحرارة"، إضافة لـ"الافتقار إلى مشاركة المستفيدين من السكان الريفين"، والافتقار إلى الدعم الفني والتدريب للمؤسسات القطرية والمجتمعات المحلية من أجل التنفيذ الفعال للبرامج.