على مدار الساعة

البنك المركزي الموريتاني والمعاملات المالية الإسلامية

2 أغسطس, 2022 - 13:37
د. محمدٌ محمد غلام خبير دولي في المعاملات المالية المعاصرة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..

 

١. يذكر للبنك المركزي الموريتاني فيشكر:

أ. أنه سمح للبنوك ومؤسسات التمويل الأصغر أن تلتزم (ذاتيا) بالمعاملات المالية الإسلامية دون أن يكون هنالك بيئة قانونية تنظم ذلك.

 

ب. وأنه حمى البنوك التي اختارت هذا الخيار من الازدواج الضريبي؛ حين أصبح بإمكان الضرائب أن تطلب منها الضرائب صباحا، باعتبارها مؤسسات إقراض. وتطلب منها في المساء ضرائب ذات طابع تجاري باعتبارها مؤسسات تجارية؛ لأنها تشتري البضائع والسلع لتبيعها بغرض الربح.

 

فأصدر البنك المركزي تعميما يقضي بأن جميع تلك المعاملات معاملات مصرفية بحتة.

 

ج. وأنه بوّب في نظامه الداخلي على وجود لجنة للمطابقة مع الشريعة الإسلامية نص القانون على مهنية أعضائها وتفرغهم لمسؤولياتهم؛ حيث تنص المادة 30 من القانون على أنه لا يمكن لأعضائها أن يكونوا موظفين حكوميين ولا أن يكونوا من من يتقاضى رواتب أخرى من أي جهة كانت (وهي لجنة قد تم تعيينها بالفعل)

 

د. أن قانون الإقراض 36/2018 قد خصص الباب الثالث منه للمنتجات المالية والخدمات المصرفية الإسلامية.

 

ه. وأن المادة 20 من هذا القانون قد استثنت البنوك الإسلامية من منع البنوك من البيع والشراء والإجارة ونحوها، بغرض تحصيل الربح، بعد أن كانت نفس المادة من الأمر القانوني السابق، تمنع عليها ذلك.

 

و. أنه أصدر بالتعاون مع الخزينة العامة "سندات إسلامية" على تقنية المرابحات في السلع الدولية، سمحت للبنوك الإسلامية بتوظيف فائض السيولة لديها.

 

ز. أنه قطع أشواطا نظرية مهمة في وضع أسس لسوق بينية بين البنوك الإسلامية.

 

٢. يؤخذ على البنك المركزي الموريتاني التأخر الحاصل (وغير المفهوم!) في إصدار القوانين التطبيقية لقانون الإقراض سابق الذكر:

 

  أ. وهو تأخر يحول دون إشراف البنك المركزي على الحوكمة الشرعية للبنوك الإسلامية.

 

  ب. ويحول دون إيجاد صيغة تسمح بتنظيم النوافذ الإسلامية، بل بالتحقق من وجودها فعلا؛ ضمانا للحيلولة دون تمييع القطاع وتحقيقا للمنافسة العادلة بين مؤسساته.

   ج. ولا يخفى أننا أمام مأخذ كبير يحول دون قيام البنك المركزي بمسؤولياته المتعلقة بحوكمة جزء كبير من القطاع المالي محل وصايته، كما مرّ.

 

   د. ويمنع من قيامه بحماية مستهلك المنتجات المالية الإسلامية، وذلك بالتأكد له من أن هذه المنتجات التي قدمت له (ورغب فيها) على أساس أنها إسلامية، تتصف بالخصائص والمواصفات التي قدمت إليه بها من هذه المؤسسات الواقعة تحت وصايته!

 

٣. علاقة البنك المركزي الموريتاني بالبنوك العاملة في موريتانيا - في عامتها - علاقة رقابة مهنية محايدة؛ فلا هو يمنحها القروض بفائدة لتغطية نقص السيولة، ولا هو بالذي يمنحها فوائد على "ودائعها" لديه؛ حتى الاحتياطات الإجبارية!

 

٤. لا عذر في تأخر إصدار القوانين التطبيقية من البنك المركزي، لملّاك البنوك والمؤسسات المالية عموما، حتى يستمروا في أكل الربا واستسهال العقود الفاسدة والمعاملات المحرمة شرعا؛

 

   أ.  لأن الوضع القانوني القائم لا يمنعهم من تصحيح معاملاتهم شرعا وتحوّل مؤسساتهم إلى مؤسسات إسلامية تطابق الشريعة الإسلامية، تتعاظم أرباحها وتتقوى حوكمتها وترضي ضمائر ملاكها وتنسجم مع سوقها المسلمة.

 

   ب. ولأن مخرجات الاجتهاد الجماعي المعاصر كفيلة بإيجاد طرق التحول نحو المعاملات المالية الإسلامية بطريقة آمنة تضمن عدم حدوث الهزات والمنزلقات والمخاطر؛ ماليا وقانونيا وحوكمة؛ معايير شرعية، وقرارات مجمعية وحقائب تدريبية وتوجيهات مهنية...

والله الموفق وهو خير الرازقين.