على مدار الساعة

مساهمة في النقاش الدائر حول إصلاح التعليم في موريتانيا

7 أكتوبر, 2022 - 18:13
الدكتور السالك ولد اعل سالم

طالعت في الأيام الأخيرة في جل وسائل الإعلام حديثا واسعا في بداية العام الدراسي الجديد عن ما بات يسمى بـ"المدرسة الجمهورية" التي يرى البعض أنها السبيل الأوحد لضمان نجاح التعليم في المرحلة القادمة، ورغم أنني لم أطلع على خطط الدولة واستراتجياتها في هذا المشروع، إلا أنني طالعت بعض المواقع التي تتحدث عن مميزات هذه المدرسة، وعن برامجها المستقبلية، وتعزيزها للسلم واللحمة بين أبناء الشعب الواحد من خلال إدخال اللهجات الوطنية في التعليم (الحسانية - البولارية - الولفية - السونوكية) ومع احترامي لإخواني من جميع مكونات الشعب الموريتاني واحترامي للهجاتهم، إلا أنني أرى بأن شحن ذهن التلميذ في هذه المرحلة بكم هائل من مفردات اللهجات الوطنية قد لا تكون له مردودية كبيرة على المستوى المعرفي، لأنها مرحلة غرس المبادئ والحرف الأبجدية ولا شك أن تعلم مبادئ لغة حية واحدة كالعربية أو الفرنسية سيكون أكثر مواءمة للمناهج التربوي.

 

أما عن الأهداف السياسية المنشودة من هذا القرار، فتتعلق أساساً بتعزيز اللحمة بين الأجيال الناشئة، فهو هدف نبيل ومشروع، ولكن المؤشرات الموضوعية القابلة لقياس تحقيقه لم يتم نشرها وهو ما يجعله حلما بعيد المنال على الأقل في الوقت الحالي، وكان الأولى بالوزارة الوصية إجبار أولياء الأمور على تدريس أبنائهم اللغة العربية فهي لغة الدين، ويتكلمها أغلب السكان كما أنها اللغة الرسمية في الدستور، إضافة إلى أن دول العالم تحرص على تدريس لغة كقاسم مشترك بين جميع المكونات، وتحافظ في نفس الوقت على اللهجات الشعبية التي تتكلمها الأقليات لأنها تعتبر مصدر ثراء وتنوع وحفاظ على الهوية، ومن أراد أن يتعلمها فله ذلك دون إجبار من الجهات التعليمية، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد جارتنا الشمالية المملكة المغربية الشقيقة مع ما تتمتع به من تنوع ثقافي، وكثرة في اللهجات، تعتمد اللغة العربية في مناهجها التعليمية، ويتكلمها الكل باعتبارها الخيط الناظم لكل الشعب، ولم تعمل الحكومة على إدخال اللهجات الأمازيغية الأخرى كالريفية والسوسية والأطلسية في المناهج التعليمية رغم أن الناطقين بها يمثلون 70% من عدد السكان، وتم تصنيفها كلهجات محلية مصدر إثراء وتنوع ثقافي، وعندما فكروا في إدخال مادة اللغة الأمازيغية أخيرا في المناهج جعلوها مادة اختيارية في التعليم الجامعي فقط، وفي بعض الجامعات دون تعميمها على التعليم العالي المغربي.

 

فكان من الأجدر بالمسؤولين عن التعليم التفكير في آليات جديدة للرفع من مخرجاته والتحسين منها، وهذه الآليات سهلة وميسرة، إذا تم التفكير فيها بجدية من لدن القائمين على التعليم، ويمكننا إجمالها في الآتي:

- زيادة أجور المدرسين بحيث يكونون في وضعية نفسية مريحة تمكنهم من بذل مجهود كبير في عملية التربية والتعليم

- توفير حافلات لنقل التلاميذ والسهر على سلامتهم من وإلى المدرسة

- الإشراف على التلاميذ داخل ساحات المدارس، والرقابة عليهم، وعدم السماح لهم بالاختلاط والخروج، وتحريم بيع كلما يضر بصحتهم، أو يؤدي إلى انحرافهم في المحلات التجارية المحيطة بالمدرسة

- توفير الحقائب المدرسية المتكاملة بما في ذلك الكتب والأقلام والدفاتر

- إعادة كتابة المناهج التعليمية وانتداب خبراء متخصصين من مفتشي التعليم والمدرسين المتمرسين، لأن جل مناهجنا التربوية لا تعكس ثقافة البلد ولا بصمات أهله، وإنما هي مجتزئة من مناهج فرنسية أو تونسية أو مغربية... إلخ

- تدريس المواد العلمية باللغة العربية، لأن التجارب أثبتت أن استيعاب التلميذ للمواد العلمية بلغته الأم لا يقارن في استيعابها بلغة أجنبية أخرى

- التركيز على تدريس اللغة الإنجليزية بدلا من اللغة الفرنسية، فاللغة الإنجليزية فرضت نفسها على العالم باعتبارها لغة العلم والعالم

- تطوير أدوات التدريس والاستفادة من الأدوات الالكترونية الحديثة، مثل الألواح الذكية، وأجهزة العرض، وأجهزة الحواسيب، بعيدا عن السبورات القديمة، والطباشير التي تضر بصحة التلاميذ والمدرسين

- توفير السكن والمأكل والمشرب في مباني ومركبات قريبة من المدارس لمن لا يتوفرون على معيل أو الذين يسكنون بعيدا عن المدارس

- سن قوانين رادعة تجرم استغلال الأطفال في سن الدراسة في أي أعمال سواء كان ذلك من ذويهم أو من أناس آخرين

- استحداث فصول في كل مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة تلبي متطلباتهم في التعليم، ويشرف عليها مدرسون من أصحاب الخبرة والكفاءة في المجال

- توفير منح دراسية ومعونات للطلاب في جميع مراحل التعليم