على مدار الساعة

حديث بين يدي منتديات إصلاح القضاء: المجلس الأعلى للقضاء (2)

6 نوفمبر, 2022 - 18:41
القاضي محمد ينج محمد محمود

المجلس الأعلى للقضاء؛ هو أعلى هيئة قضائية، وتمّ إنشاؤه ابتغاء المواءمة بين مقتضيات قانونية تنصّ على أنّ رئيس الجمهورية هو حامي الدستور والضامن للسّير المطرد لجميع السلط وأنّه هو رئيس السلطة التنفيذية وهو الممارس لها طبقا للمواد: 23 و24 و25 من الدستور والمادة: 89 منه التي تنصّ على أمور منها:

- أنّ السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية

- أنّ رئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلال القضاء

- أنّ المجلس الأعلى للقضاء يساعد رئيس الجمهورية في صيانة استقلال القضاء (1)

 

ولأن السير المطرد للسلط يجب أن يكون بالشكل الذي ينسجم مع نصّ القانون وروحه ومبادئه العامة

 

نتيجة لكلّ ذلك تمّ إنشاء المجلس الأعلى للقضاء ليتولى إدارة السلطة القضائية (2) تحت إشراف رئيس الجمهورية رئيس الدولة التي يجسدها وهو حامي دستورها والضامن للسير المطرد لجميع السلط فيها على النحو المبيّن أعلاه وتمّ تحديد معظم المهام التي أنيطت بالمجلس الأعلى للقضاء عبر المادة: 89 من الدستور والقانون النظامي 94/012 المتضمن النظام الأساسي للقضاء ونصوص أخرى ونتيجة لأهمية دوره وبمناسبة منتديات إصلاح القضاء يكون من المهمّ محاولة إنارة الرأي العام حوله عبر حديث سيكون (2) في فقرتين تتناول أولاهما أهمّ وظائفه وتشكيلاته، بينما تخصّص الثانية لاستعراض بعض قراراته الصادرة في السنوات القليلة الماضية، وأثر بعضها على عمل القضاة، تتخلّل ذلك محاولات تقديم مقترحات يحتمل أن يساهم اعتمادها في الرفع من جودة أدائه.

 

الفقرة الأولى: وظائف المجلس الأعلى للقضاء وتشكيلاته

سيتمّ تقسيم هذه الفقرة إلى (أ) ويتعرض فيه لأهمّ وظائف المجلس الأعلى للقضاء بينما تخصّص (ب) لتشكيلاته.

 

أـ وظائف المجلس الأعلى للقضاء:

بالإضافة إلى ما تمّ التعرض له أعلاه بخصوص الفقرة الثانية من المادة: 89 من دستور 1991 منح القانون النظامي 94/012 المتضمن النظام الأساسي للقضاء المعدل بالأمر القانوني رقم: 2007/016 ونصوص أخرى للمجلس الأعلى للقضاء وظائف عدة وهامّة منها:

1. اقتراح تعيين القضاة الجالسين في مختلف الوظائف القضائية حسب المستفاد من نصّ المادة: 4 من ق ن أ ق

2. تقديم استشارة لوزير العدل بشأن اقتراح تعيين القضاة القادمين من مدارس التكوين قضاة متربصين حسب الفقرة الأولى من المادة: 22 من ق ن أ ق

3. المصادقة على ترسيم القضاة المتربصين أو تمديد تدريبهم أو وضع حدّ لخدمتهم حسب نص الفقرة الثانية من المادة: 22 من ق ن أ ق

4. من أجل تطبيق المادة: 4 من ذات القانون للمجلس القيام بتوزيع استثنائي للقضاة بين مختلف الرتب تطبيقا للفقرة الأخيرة من المادة: 27 من ق ن أ ق

5. إقرار جدول تقدمات القضاة حسب نصّ الفقرة الأولى من المادة: 31 من ق ن أ ق

6. هو الهيئة التي لها السلطة التأديبية بالنسبة للقضاة حسب نصّ الفقرة الأولى من المادة: 37 من ق ن أ ق

7. هو الهيئة التي لها قبول استقالات القضاة حسب نصّ الفقرة الأولى من المادة: 59 من ق ن أ ق

8. يطعن أمامه في الانتخابات المتعلقة بانتخاب ممثلي القضاة في المجلس الأعلى للقضاء حسب نص الفقرة الثانية من المادة: 10 من المرسوم رقم: 051/ 94 الصادر بتاريخ: 27/ 06/1994..

 

ب. تشكلات المجلس: للمجلس الأعلى للقضاء تشكلتان إحداهما هي التشكلة الأساسية، وهي التي تمارس معظم الاختصاصات السابقة، وتشكلة تأديبية تقوم بالنظر والبتّ في طلبات تأديب القضاة المحالة إليها من طرف وزير العدل.

 

1. التشكلة الأساسية وتتألف من:

- رئيس الجمهورية رئيسا

- وزير العدل عضوا

- رئيس المحكمة العليا عضوا

- المدعي العام لدى المحكمة العليا عضوا

- المفتش العام للإدارة القضائية والسجون عضوا

- النائب الأول لرئيس المحكمة العليا عضوا

- ثلاثة قضاة منتخبين من طرف زملائهم لتمثيلهم في المجلس أعضاء

- ممثل عن الجمعية الوطنية غير برلماني يكون من المحامين أو أستاذة القانون عضوا وكان لمجلس الشيوخ قبل حلّه ممثل فيه

 

وفي التعديل الذي شهدته المادة: 89 من دستور 1991 بموجب القانون الدستوري رقم: 2012/015 أصبحت للمجلس تشكيلتان أساسيتان؛ إحداهما خاصة بالقضاء الواقف، والأخرى خاصة بالقضاء الجالس، لكنّ هذا المقتضى لم يدخل حيز التنفيذ لأسباب تتعلق بعدم تعديل للنظام الأساسي يطبقه، هذا مع الإشارة إلى عدم الحاجة إليه في الفترة الحالية على الأقلّ.

 

2. التشكلة التأديبية وتتألف من:

- رئيس المحكمة العليا عضوا

- المدعي العام لدى المحكمة العليا عضوا

- المفتش العام للإدارة القضائية والسجون عضوا

- النائب الأول لرئيس المحكمة العليا عضوا

- ثلاثة قضاة منتخبين من طرف زملائهم لتمثيلهم في المجلس أعضاء

 

وإذا كان القاضي محلّ المتابعة التأديبية من القضاء الجالس فإن التشكلة التأديبية يرأسها رئيس المحكمة العليا، بينما إذا كان محلّ المتابعة قاض من القضاء الواقف فإنّها يرأسها المدعي العام لدى المحكمة العليا

 

الفقرة الثانية: أمثلة من قرارات المجلس الأعلى للقضاء وأثرها:

يعقد المجلس الأعلى للقضاء دورة في السنة على الأقلّ، وتكون دوراته مناسبة لاتخاذ كثير من القرارات ذات الأهمية البالغة بالنسبة للقضاة لتعلقها بالأمور المشار إليها أعلاه عند الحديث عن وظائف المجلس هذا بالإضافة إلى أنّ تشكيلته التأديبية تنعقد تطبيقا للمادة: 38 من ق ن أ ق متى أحال إليها وزير العدل طلب إصدار عقوبة تأديبية في حقّ قاض، وستستعرض في (أ) أمثلة من القرارات التي اتخذ في الآونة الأخيرة، بينما يتناول في (ب) ما يحتمل أن يكون أثرا لهذه القرارات.

 

أـ أمثلة من قرارات المجلس الأعلى للقضاء:

لن يتمّ الحديث هنا عن جميع قرارات المجلس، بل سأختار منها قرارات صدرت عنه في السنوات العشر الأخيرة من بينها:

1. قرار المجلس الذي اتخذ في دورته المعقودة بتاريخ: 22/12/2016 وتضمن ترقيات استثنائية غير قانونية اقترحها وزير العدل شملت قضاة غير مؤكدين، والغريب أنّ هذه الترقيات لم تثر أي استغراب من طرف القضاة المهنيين داخل المجلس، بينما أومأ رئيس المحكمة العليا حينها ذ/ يحفظ يوسف غفر الله لي وله على ما يفهم منه أنّها يمكن أن تكون في جزء منها على الأقل غير قانونية، ولأنّه لم يجد دعما من القضاة المهنيين الأعضاء الآخرين للمجلس (ما يزال معظمهم أعضاء فيه والغريب أنهم أعضاء في لجنة الإشراف على المنتديات) وبعد انتظار رئيس الجمهورية لتدخلهم في الموضوع وإحجامهم عن التدخل قال وزير العدل معقبا على كلام رئيس المحكمة العليا إنّها قانونية وجيّدة، فتمّ اعتمادها وصدر بها المرسوم رقم: 100/2016 وأصبح بموجبها قضاة غير مؤكدين يعلون في الرتبة من قضّى 20 سنة في المهنة.

 

2. قرار يتعلق بدمج إداريين في سلك القضاء بطريقة غير قانونية، كان المرسوم رقم: 121/2020 الصادر بتاريخ: 09 يونيو 2020 هو محل تقرير دمجهم، وعدم قانونية الدمج هنا سببه أنّ سلك القضاء لا يولج إليه إلا عن طريق مسابقة خارجية أو مهنية حسب نصّ المواد: 21 و22 و23 و23ـ 4... ولأنّ هذا الدمج مخالف للمساطر القانونية يحتمل أنّ المجلس ارتكب من خلاله شططا في استعمال السلطة، والمرسوم رقم: 121/2020 محلّ طعن بالإلغاء أمام الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا.

 

ويشار هنا إلى أمور منها:

- أنّ هذا الدمج لم يعارضه أيّ من أعضاء المجلس على حدّ علمي المتواضع جدّا رغم أنّه لا قائل به من القانون ولا من الأعراف الجمهورية التي تجعل القضاء مهنة مقدسة Un sacerdoce لا يمكن أن يلج إليها إلا أشخاص... وبطريقة محدّدة جدّا

- أنّ دمج هؤلاء في سلك القضاء أدى إلى أزمة تمثلت في رفض رئيس الغرفة الإدارية بمحكمة الاستئناف في انواكشوط القاضي محمد يحظيه ولد محمد المختار حينها الجلوس بهؤلاء نظرا لأن المادة 59 من ق ت ق تمنع عليه ذلك بنصها على أن المستشارين الذين يجلسون في الغرف الإدارية بمحاكم الاستئناف والمحكمة العليا يكونون من الإداريين المعارين تطبيقا للمادة 54 من ق ن أ ق أو المعينين من طرف رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من وزير العدل ووزير الوظيفة العمومية وهؤلاء أصبحوا قضاة بسبب دمجهم ومن الغريب أنّه عوقب على تمسكه بالقانون بالإقالة من منصبه في أول دورة للمجلس الأعلى تلت ذلك.

 

3. قرار أصدرته التشكلة التأديبية للمجلس الأعلى للقضاء بموجبه تمّ فصل أحد القضاة، وحطّ رتبة 4 قضاة آخرين، وصدر تنفيذا لأمر من رئيس الجمهورية بمعاقبة القضاة المعنيين، ويشار إلى أنّ الزملاء أعضاء التشكيلة التأديبية عملوا على ذلك حتى بالطرق المثيرة للجدل حيث منعوا اثنين من أعضاء التشكلة التأديبية من الانضمام لها بأمر الشرطة بمنعهم من دخول القاعة خوفا من أن يعارضوا قرار الإدانة الذي صمّم بعضهم على اتخاذه تنفيذا لأمر رئيس الجمهورية، قبل الالتئام الفعلي للمجلس التأديبي هذا مع الإشارة إلى أمور منها:

- أنّ التشكلة التأديبية محكمة (5) وتشكلة المحاكم يجب أن تكون كاملة لأنّها من النظام العام، بل إنّ الفقرة الثالثة من المادة: 49 من ق ن أ ق جاء فيها: (في المجال التأديبي يجب حضور جميع أعضاء التشكيلة المختصة إلا في حالة عذر مقبول)، وأعضاء التشكلة لم يقدموا عذرا حتى يقبل بل كانوا وصلوا باب القاعة لكن منعوا من دخولها.

- أنّ القاضي لا يعاقب بسبب حكم أصدره انطلاقا من مبدإ Liberté de Juger الذي يعتبر من أهمّ أدوات صيانة حرية القاضي في الحكم التي تعتبر هي الأخرى من أهمّ ضمانات التقاضي، وبموجب هذا المبدإ يكون على من يدعي إضرار الحكم به التظلم منه بطرق الطعن المتاحة (6).

 

ويشار كذلك إلى أنّ رئيس الجمهورية صرح في مجلس لاحق بأنّه لم يأمر بفصل القاضي بل أمر بعقوبته فقط وأن زملاءه هم من فصلوه.

 

4. في أكثر المجالس يتمّ اتخاذ قرارات بتحويل كثير من القضاة بشكل تعسفي بمبادرة من وزير العدل ويشار في هذا الإطار إلى أمور منها:

- أنّ المادة: 90 من الدستور نصت على حماية جميع القضاة من الضغوط، وأنّ أكبر ضغط يمكن أن يمارس على القضاة هو التحويل (6)، وتكريسا للنصّ الدستوري أعلاه جاء في المادة: 8 من ق ن أ ق أنّه: (لا يجوز عزل قضاة الحكم ولا يحولون إلا بطلب منهم أو بعقوبة تأديبية أو لضرورة قاهرة للعمل، وبعد رأي مطابق للمجلس الأعلى للقضاء) لكن كلّ هذه النصوص لا تزال مجرد حبر على ورق.

- أنّ من الغريب أنّ هذه التحويلات رغم مخالفتها للقانون وتهديدها لاستقلال القضاء لا تجد أيّ معارضة من أعضاء المجلس إلا نادرا، ذلك أنّني لم أسمع معارضتها إلا مرة واحدة ومن طرف أحد ممثلي القضاة وعندما كان هو ذاته ضحية لها.

 

5. قرار رفع بموجبه المجلس الأعلى للقضاء الظلم عن القضاة ضحايا الترقيات الاستثنائية التي قرّرها المجلس بتاريخ: 22/12/2016 المشار إليها أعلاه.

 

6. قرار بموجبه أعيد لسلك القضاء قضاة سبق أن دفعوا إلى الاستقالة لأسباب تتعلق بدفاعهم عن استقلال القضاء.

 

7. قرار بموجبه أعيد لسلك القضاء قاض سبق فصله من طرف المجلس بطريقة غير شرعية تمّت الإشارة إليها أعلاه.

 

ب. آثار قرارات المجلس الأعلى للقضاء:

يمكن أن ينمّ ما استعرضنا أعلاه من قرارات عن تعارض أهداف إنشاء المجلس مع بعض ما يصدر عنه من قرارات، الأمر الذي جعل آثار قراراته تكون في بعض الأحيان على درجة من الخطورة على استقلال القضاء ويتضح ذلك من خلال أنّه:

1. نتيجة لكثرة اتخاذه لقرارات تعسفية بالتحويل التلقائي أصبح مجرد اقتراب انعقاد دورة للمجلس الأعلى للقضاء من الأمور التي تقضّ مضجع القضاة خاصة من يأنف منهم التوسط بالنافذين لدرجة يمكن أن تؤثر على عملهم.

 

2. نتيجة لكثرة انتهاك النظام الأساسي للقضاء من طرف المجلس الأعلى بالاكتتابات غير القانونية والترقيات الاستثنائية المشار إلى بعضها أعلاه والتحويلات التعسفية... والفصل فقد النظام الأساسي للقضاء مصداقيته كقانون نظامي ممّا أدى إلى احتمال تراجع شعور القاضي بالأمان على مستقبله المهني.

 

3. يحتمل أنّه نتيجة لقرار فصل القاضي المشار إليه أعلاه، وحطّ رتبة زملائه بسبب قرار أصدروه، أصبح بعض القضاة يخافون من إصدار الأحكام والقرارات التي تتعلق بأمور يمكن اعتبارها حساسة لاعتبارات مختلفة، لأنّها يمكن أن يترتب عليها فصلهم... فكاتب الأسطر يحتمل عنده أنّه سيفصل متى أمر بذلك رئيس الجمهورية لا قدّر الله.

 

ويعود بعض عدم نجاح المجلس الأعلى للقضاء في تأديته للمهمة المنوطة به لأمور يحتمل أنّ منها:

عدم جودة تكوين القضاة خاصة في مجال قيم الجمهورية ومبادئ دولة القانون

عدم العمل على تعيين أفضل من يمكنه القيام بالوظائف المهمة والخطيرة في هذه الوظائف وذلك مثل رئيس المحكمة العليا ووظائف أخرى حساسة ويتضح ذلك من خلال أنّه:

- بالرغم من أنّ المادة: 14 من ق ت ق تنص على أنّ رئيس المحكمة العليا يعين من بين القضاة الأعلى درجة أو القانونيين المشهود لهم بالكفاءة والخبرة، والنزاهة فإنّ المحكمة العليا أصبحت في الآونة الأخيرة لا يعين في رئاستها في أغلب الأحيان إلا أطرا من مستوري الحال ليسوا ممّن لهم مؤلفات أو مقالات علمية اشتهروا بها في المجال المهني قبل تعيينهم يمكن أن تبرهن على كفاءتهم وخبرتهم، وتعيين هؤلاء يحتمل عدم تناسبه مع ما تطلبت المادة: 14 آنفة الذكر والعمل على استقلال القضاء.

- نفس الشيء ينطبق على المدعي العام لدى المحكمة العليا، والمفتش العام، ذلك أنّهما لا يعينان عادة من بين أمثل القضاة من ناحية المعرفة والدفاع عن استقلال القضاء

 

وعلاج هذه الأمور من السهولة بمكان حيث يمكن أن تساهم فيه أمور منها:

- العمل على أن يكون المعينون في المناصب التي يعتبر من يشغلها عضوا استحقاقيا في المجلس من أكثر القضاة جدارة بالتعيين انطلاقا من اتساع معارفه وشهرته بالجد والاستقامة والاستقلال

- تعزيز استقلال المفتش العام للإدارة القضائية والسجون بحيث ينصّ في تعديل للنصوص المتعلقة به على أنّه لا تجوز إقالته إلا بعد مصادقة ثلثي المجلس الأعلى للقضاء على ذلك (7)

- زيادة عدد ممثلي القضاة المنتخبين لتمثيلهم في المجلس بثلاثة أو اثنين على الأقل وحماية استقلالهم، أعني ممثلي القضاة في المجلس بأمور منها:

1. عدم قابليتهم للتحويل أو التعيين في أيّ منصب غير المنصب الذي انتخبوا وهم يشغلونه.

2. عدم قابلة انتدابهم للتجديد.

 

هذا بالإضافة إلى أنّه يجب أن يعمل على تمثيلهم لأكثر القضاة ومختلف درجات التقاضي بحيث يكون أحدهم رئيس محكمة مقاطعة والآخر رئيس محكمة ولاية وآخر يمثل المستشارين في محاكم الاستئناف وزميل يمثل رؤساء غرف محاكم الاستئناف وواحد يمثل قضاة التحقيق وواحد عن مستشاري المحكمة العليا ويشار إلى أنّ هؤلاء أعني ممثلي القضاة لا يكون أداؤهم داخل المجلس في أغلب الأحيان أحسن من أداء الأعضاء الاستحقاقيين.

 

كما يمكن أن تكون من المناسب إضافة شخص أو اثنين من عامة الشعب للمجلس لأنّهما يمكن أن ينقلا إليه تطلعات المواطنين ومآخذهم على أداء السلطة القضائية ليتم أخذها بعين الاعتبار (8)

 

وفي الأخير، أشير إلى وشاية تسريبات المجلس وبعض قراراته، بأنّ معظم الرؤساء الموريتانيين يستوعبون مبدأ فصل السلطات، ويدركون أنّ رئاستهم للمجلس الأعلى للقضاء شرفية، ويتصرفون بمقتضى ذلك رغم أنّ المادة: 50 من ق ن أ ق تنصّ على أنّ الرئيس هو من يحدّد جدول أعمال المجلس بناء على اقتراح وزير العدل ويتضح ذلك من خلال أمور منها:

- أنّه عندما لا يتفق وزير العدل مع رئيس المحكمة العليا والمدعي العام لدى ذات المحكمة على جدول أعمال المجلس يتدخل رئيس الجمهورية لإقرار رأي القضاة وهذا ما حصل في أحد المجالس

- أنّه عندما يتفق غالبية أعضاء المجلس على أيّ قرار داخله فإن رئيس الجمهورية يتبناه حتى ولو كانت مطابقته للقانون محلّ جدل كما هو الحال في إعادة قضاة سبق أن دفعوا إلى الاستقالة عندما اتفق معظم زملائهم أعضاء المجلس على ضرورة إعادتهم لسلك القضاء.

 

لكن يحتمل أنّ عدم جودة تكوين القضاة في مجال قيم الجمهورية ومختلف مفاهيم دولة القانون وسبل تجسيد هذه القيم والمفاهيم عبر أنشطتهم المختلفة بما فيها الدور الذي يجب أن يلعبوا قبيل وأثناء انعقاد دورات المجلس هو ما أدّى إلى صدور بعض القرارات المشار إليها أعلاه ومن ثمّ الوضعية التي تعيش السلطة القضائية.

 

أهمّ الإحالات:

1. هذا المقتضى تمّ النصّ عليه أيضا في المادة: 47 من ق ن أ ق

2. ظهر أول مرة في فرنسا عبر المادة: 13 من قانون 30 أغسطس 1883 المنظم لمحكمة النقض الفرنسية وهذه المحكمة في تشكلة غرفها المجمعة هي التي كانت تلعب دور تشكلته التأديبية وكان الهدف الأساسي من هذا القانون هو نزع سلطة تأديب القضاة من يد وزير العدل أمّا ظهوره المجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة مستقلة سينتظر صدور دستور 27 أكتوبر 1946

3. Guy Canivet et Julie Joly – Hurard la discipline des juges p. 14

4. ولمعرفة أهمّ وظائف المجلس الأعلى للقضاء وأعضائه في بعض البلدان العربية يمكن الرجوع إلى د/ رحيّل غرايبة الحقوق والحريات السياسية في الشريعة الإسلامية الشبكة العربية للأبحاث والنشر ص 400 وما بعدها

 

5. منشور في عدد الجريدة الرسمية رقم: 834

6. حسب المتعارف عليه فقها وقضاء وهذا ما تشهد عليه بعض قرارات مجلس الدولة الفرنسي التي تمّت الإحالة إليه في المقال السابق

7. 7- Roger Perrot institution judiciaire Montchretien édition n 15 pp. 292-293

8. أنّ رئيس المحكمة تمّت صيانة استقلاله بالشكل المطلوب انطلاقا من المواد: 90 من الدستور التي جاء فيها أنّ القاضي لا يخضع إلا للقانون وأنّه محمي من كافة أشكال الضغوط التي يمكن أن تؤثر على ممارسته لعمله و15 و 17 من التنظيم القضائي ذلك أنّ الأولى نصت على أنّه تنطبق عليه مقتضيات النظام الأساسي للقضاء وما يحدث من حين لآخرة من إقالة له قبل انتهاء مأموريته فلا علاقة له بالقانون انطلاقا من النصوص السابقة والمبادئ العامة للقانون وما استقر عليه اجتها المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان الذي يستشف من انّ تناسب تعيين رئيس الجمهورية لقاض مع متطلبات استقلال القضاء له شروط منها:

- ألا يكون للسلطة التنفيذية توجيه أوامر للقاضي بعد تعيينه

- ألا تمتلك السلطة التنفيذية أيّ وسيلة ضغط عليه بعد تعيينه Guy Canivet et Julie Joly – Hurard op. cit. p.98

 

ومن المعلوم أنّ أهمّ وسيلة ضغط يمكن أن تمارس على القضاة هي العزل والتحويل وبذلك يحتمل أن تكون تلك الإقالات ناتجة عن عدم جودة الاستشارات القانونية التي تقدم لرئيس الجمهورية بهذا الشأن أمّا المدعي العام لدى المحكمة العليا فسنحاول بحثه ما يتعلق به في مقال لاحق

9. هذه التشكلة وأمور أخرى من هذه الفقرة مستوحاة ممّا عليه الحال في فرنسا

10. Guy Canivet et Julie Joly – Hurard op. cit. pp. 18- 19

11. للتوسع في معرفة مضامين هذا المبدإ والحدود التي ترد عليه يمكن الرجوع إلى المرجع السابق ص 30 ـ 31