على مدار الساعة

مزايا التعديلات الدستورية

5 يوليو, 2017 - 15:15
سيديا ولد ماء العينين

جلس "مروان الحمار" يوما وقد أحيط به، وعلى رأسه غلام له قائم، فقال مروان لأحد جلسائه، ألا ترى ما نحن فيه؟ لهفي على أيد ما ذكرت؛ ونعم ما شكرت؛ ودولة ما نصرت، فقال له الغلام: يا أمير المؤمنين من ترك القليل حتى يكثر؛ والصغير حتى يكبر؛ والخفي حتى يظهر؛ وأخر فعل اليوم إلى الغد؛ حل به ما حل بك أو أكثر.

 

بالوقوف قليلا مع شيء من التأمل في هذه الواقعة، ندرك أن حسن النوايا وحده لا يكفي لتدبير شئون الدول؛ وإنما قوة الحزم واليقظة؛ والانتباه للمخاطر المتوقعة وتقدير حجمها؛ والاستعداد للتصدي لها؛ والتعامل معها بكل هدوء وقوة؛ هو الذي يوفر للدول الهدوء والاستقرار، وهذا ما عرفته "الدولة الموريتانية" منذ ما يزيد على ثمان سنوات، خلالها نجحت في مقاربة أمنية آمنتها الخوف؛ وعرفت قفزة في مجال البنى التحتية؛ والحريات العامة؛ وحضورا دبلوماسيا إقليميا ودوليا مشرفا.

 

فما كان لهذه الإصلاحات الأمنية والسياسية والدبلوماسية... إلا أن تصاحبها إصلاحات دستورية تتماشى مع "الثورة الإصلاحية"، وذلك ما أدركته القيادة فسارعت إلى اقتراح تعديلات دستورية تحمل "للأمة الموريتانية" عدة مزايا معنوية وأخلاقية؛ تنموية واقتصادية.

 

وتأتي المزايا المعنوية في مقدمة هذه الإصلاحات؛ متمثلة في اقتراح نشيد جديد "للجمهورية"، يكون ممثلا لخصوصيتنا الثقافية والعرقية؛ باعثا في النفوس الحماس؛ ويدفع بها إلى ميدان النزال في ساحات الوغى (يعني ذلك أن النشيد الحالي فريد في مجاله، توجيه – إرشاد –  ابتهال، لا يصلح بالضرورة للاستعمال لتهييج النفوس وحملها إلى نقطة الخطر) ولعلكم تدركون معي ما يمثله الشعر الحماسي؛ من تثبيت للنفوس وحملها على الإقدام إذا حمي الوطيس، يحدث الأمير معاوية بن أبي سفيان أنه هم بالفرار على بغلته في يوم صفين؛ فتذكر أبيات ابن الإطنابة؛ فثبت في ميدان المعركة

أبـتْ لـي عـفَّـتي وأَبَـى بــلائي******وأخـذ الـحمْـدَ بـالـثَّـمنِ الرَّبـيحِ

وَإِقـدامـي عَـلـى الْمَـكروه نفسي******* وضـرْبـي  هامـةَ الْـبطَـل الْمـشيح

وقَـوْلـي  كُلَّما جشـأتْ وجـاشت*******مَـكانَك تُـحْمَـدي أَوْ تَـسْـتـريـح

 

كما نلاحظ أن أغلب التشكيلات العسكرية في الجيش الوطني؛ خلال فترة التكوين غالبا ما تكون لديهم أناشيد يرددونها مثل:

علـمـي عَـلـمـي زاه الْمَنظَــرْ*****رَفْـرِف رَفْـرِفْ عَـلَمِـي الْأَخْـضـرْ

لَكَ يَـا علَمِـي نَـحْـنُ الْـعَسْـكَرْ****إن تَــدْعُـونَـا كُـلٌّ يَــحْـضُـرْ

 

ولعل كل هذا يكفي لينهض دليلا على أن تغيير النشيد الوطني؛ أمر مطلبي حتمي وضروري.

 

أما مزاياه الأخلاقية فتتمثل في ربط صلة الرحم بين حاضر "الجمهورية" مع تاريخ مقاومتها؛ بعد أن اختفت هذه الصِّلات، وأَظهرنا العقوق وصرحنا، وكشيء قليل من مد يد البرور لهذه المقاومة؛ يجب أن نجسد هذا البرور في مقدس من مقدسات الجمهورية هو "العلَمُ" بإضافة اللون الأحمر إليه.

 

فنكون بافتخارنا بعَلَمِنا واعتزازنا به؛ ورفع الأيادي تحية له، افتخارا واعتزازا وتحية لدماء مقاومة الأمة الموريتانية .

 

أما المزايا الاقتصادية والتنموية؛ فلا تقتصر على استبدال مؤسسة بأخرى؛ أقل منها ميزانية وأكثر فائدة ونفعا، وإنما الاستغناء عن بعض المؤسسات قليلة النفع ومُضِرَّةٌ بالدخل، وإدماج بعض المؤسسات مع مؤسسات أخرى؛ تتشابه معها في التخصص والصلاحيات، ولا يخفى ما لهذا الإجراء من مردودية اقتصادية وتنموية، حيث تتقلص النفقات وتوجه موارد هذه المؤسسات؛ إلى مشاريع تنموية واقتصادية تكون مدرة ومعينة للدخل الفردي .

 

إنه وبوقوفنا إلى جانب الإصلاحات الدستورية؛ وبتصويتنا بنعم؛ وبإماطتنا عجار التضليل؛ وبقوة إرادتنا القاهرة؛ نحقق للأمة الموريتانية الإصلاح والرخاء والأمن من الجوع والخوف .