على مدار الساعة

للإصلاح كلمة توضح للرئيس ماذا يفعل مع هذا الشعب الذي يقال إنه سوف يموت جوعا

27 نوفمبر, 2022 - 09:52
الأستاذ محمدو بن البار

من المعلوم أن رؤساء د ول الدىمقراطية الحديثة هم أشقى عباد الله بوظيفتهم، ولا سيما الرؤساء القادمين على تسيير الدولة غير المنظمة أصلا إداريا.

 

فهم لا يمثلون الملكية الوراثية غير المنقطع تسييرها، ولا يمثلون رؤساء الدول الإسلامية غير المحدود زمنهم، ما داموا مستقمين فإن طاعتهم واجبة، ولا يجوز الخروج عليهم ولا تحديد مدة المستقيمين منهم.

 

أما رؤساء ديمقراطية الدنيا الإسلاميون الانتحاريون دنيا وأخرى، فإن مدة اختيارهم عند الشعب هي خمس سنوات فقط.

 

وهذه المدة الجهنمية داخليا بالنسبة لهم لم يحصلوا على الرئاسة فيها إلا ببيع وإعطاء ما عند الدولة ممن لا يملك لمن لايستحق، ومع ذلك فهم مطالبون بتوفير سبل الحياة والأمن والعيش الكريم للمواطنين.

 

وهذا مستحيل بالنسبة لخصوصيتنا، نحن وأمثالنا من الدول.

 

فمثلا هذا الرئيس قبل ثلاث سنوات كان موظفا عاديا لا يملك إلا راتبه ولكن من بداية سجنه الاختياري هذا بدأ يتحمل لأفراد الشعب أنهم إذا أوصلوه للرئاسة بأن يعطيهم ما يحصل من ثروات الدولة تبعا لفعل أسلافه الرؤساء.. فالمعلوم أن الدولة لا يعيش شعبها من ثرواتها إلا إذا كا ن رجال مؤسساتها المعينين لتسييرها يتنافسون فى تنمية قطاعاتهم دون مراقبة الرئيس.. وكل مؤسسة مسؤول عنها صاحبها أمام الشعب (وليس معنى ذلك أضحوكة مساءلة النواب للوزراء) فى الماضي، بل من مراقبة النتيجة تحت طائلة البقاء أو العزل من طرف هيئة تفتيش مخولة بذلك قانونا.

 

أما أن تكون مسؤولية الرئيس هي مجرد تحمله لدين نجاحه، وحمله لدين نجاح المستقبل، وقضاء ذلك كله بإعطاء مؤسسات الدولة لمساعدي النجاح ليعطوها هم بدورهم لمساعديهم أيضا، وهكذا دوليك (وهذا هو ما كان يقع منذ سنة 92 إلى يومنا هذا إلى أن يأتي الله بالفتح أو أمر من عنده) وترك باقى الشعب يتفاوت موتا جوعا حسب مقدرة بقائه المحدود.

 

فرؤساء دولة ديمقراطية الفوضى عندنا من تاريخ نجاحهم وهم يقضون ديون ما تحملوا من ديون الماضى، وتحمل دين المستقبل للبقاء، وأكثر ما يتمناه هذا الرئيس الآن هو البقاء سبع سنوات بعد الآن (مع كثير من ارفود واطروح فى سبيل ذلك).

 

ولذا، فالجميع يرى أن من أول هذه السنة، وللمحافظة على البقاء، أعلنت حالة الطوارئ فى الوزراء والمدراء، وكل من يتلقى راتبا من الدولة لنجاح هذ البقاء. وحتى لو فرضنا نجاح البقاء فإن أحسنه أن ينتهي بنهاية أسلافه الرؤساء المختلفة، ويعود هو إلى مزار فى بيته من بعض أصدقائه ما دام حيا، فاذا جاء اليقين فذلك كلام آخر ساعود إليه بإذن الله تعالى.

 

والآن، نمر مرا خفيفا على حالة سلفه الأحياء محمد خونة.. معاوية.. ولد عبد العزيز، أما قبل هؤلاء فنتمنى لهم رحمة الله الواسعة، وأطال الله عمر الباقيين.

 

ولا شك أن حال هذا الرئيس سيصبح إذا كان حيا من هؤلاء. والذي يظهر لمن يقوم بتقييمهم بعطاء ربهم إن هيدالة أعطاه الله الخوف منه في الدنيا والآخرة، ومعاوية أعطاه الله ذكاء الدنيا، وعبد العزيز أعطاه الله شخصية الدنيا أيضا، وهذا الرئيس أعطاه الله الأخلاق الحسنة فى الدنيا.

 

ويلاحظ أن كل وصف علقته بالدنيا وحدها للنهي عن التزكية من أهل الدنيا للمآل فى الآخرة، إلا أن خوف هيدالة من الله أطلقته لأن الخوف من الله لا يتعلق إلا به وهو رب الدنيا والآخرة، وقد ترك لنا هيدالة - أطال الله عمره وأحسن خاتمته وجزاه الجزاء الأوفى عن مسلمى موريتانيا - قانونا جنائيا إسلاميا سيكون حجة على كل قاض أو رئيس يأتى بعده.

 

أما رؤساء ديمقراطية هذه الفوضى فهم الذين تركوا لنا وضعا قل أن يكون في دولة غيرنا، فقد تركوا الغني منا يزداد فينا غنى إلى ما لا نهاية، من حصاد إنتاجنا التلقائي   الذي لا محرك له ولاراعي.. وتركو فقيرنا يزدادفقرا نهايته أصبحت معروفة.

 

ومن هنا أعود للعنوان، وهو كيف إغاثة هذاالشعب من الجوع؟

 

فنحن نعرف جميعا أن الشعب لايغيثه إلا ثرواته، ولكن بشرط أن تكون مؤسسات الدولة الرئيسة كل عليها خبير فيها جاءت به شهادته الثقافية والأمينة إلى إدارتها، ويكون مسؤولا فيها كل نصف سنة أمام الشعب (وليست أضحوكة مساءلة النواب للوزراء) كما تقدم التى لا يتجاوز طرحها سماع مناقشتها الحادة بين الوزير والنائب وينتهي كل شيء فى الموضوع.

 

فمثلا، كل وزير يحدد له ما هو مطلوب من وزارته ومردوديتها على الشعب من تنمية اقتصاديا وسياسيا وثقافيا إلى آخره، فعلى وزير التنمية الحيوانية مثلا أن يرخص ثمن لحومها بوسائل، ذلك ووزير الصيد كذلك إلى آخره.

 

ويكون الرئيس مجرد متابع لهذه النتيجة حتى يتضح للعيان نتيجة عمل المخلصين ويستريح الشعب من مصير دولة خصومة الانتخابات. فلا معنى لإعطاء هنا وهناك   للفقراء عن طريق الأيدي غير المأمونة على الرسائل حسب تجربة العادة حتى ولو وجد الأمين، فالفقراء لا نهاية لهم. وأنبه هنا على مغالطة أو سذاجة من الشعب أو سمها ما شئت وهو أنهم دائما يتباكون على ترك المفسدين فى وظائفهم وقد أهلكوا الحرث والنسل. فعلى الجميع أن يتنبه أن الفساد فى الدنيا والآخرة هو ما نشاهده بأعيينا من إفراغ ميزانية الدولة فى جيوب الهيئات المعينة حديثا من كثرة تعيين الرجال والنساء بالمراسيم والقرارا ت ذات الرواتب الكبيرة والمردودية الصفرية، حتى أصبحنا يمكن تسميتنا بدولة الشباب والنساء. وأترك هنا لأهل الدنيا تصور النتيجة المنتظرة المصفاة كلها، فتخصيص هذه الأموال لتسيير وراتب كل شيء يتعلق بالانتخابات فى أي خانة يصنف،

 

فمن رأى رسميا أن الدولة خصصت ثمانية مليارات للجنة الانتخابات وحدها دون ما سينفق على الانتخابات بتوابعها الأخرى يتيقن أن موريتانيا حظها من تسيير الفقر سببه فساد تسيير حكومتها لشؤونها، وأن لا تراجع فى زيادة أغنيائها غنى وفقرائها فقرا.

 

أيعقل أن شعبا يعيش هذه الأسعار المعروفة لنا جميعا يخصص هذا المبلغ للجنة الانتخابات وحدها لصرفها فى عبث أهل الدنيا الذي لا يحقق عدلا ولا تترتب عليه اي منفعة.

 

حتى كان من الممكن إذا كان ولا بد أمام الغرب أن يعلن شيئا أن يسن قانونا يعين فيه جميع من يتعلق بالانتخابات من موظفى الدولة إلى آخره، وبعد طي الانتخابات يعودون إلى وظائفهم الاصلية.. فما المانع شرعا وعقلا؟ فكل هؤلاء المعينين للانتخابات كانوا موظفين من درجة زملائهم الحاليين.

 

فرواتب النواب وتجهيز هيئتهم إلى آخره كل ذلك هو الفساد بعينه، فهذه المليارات وما معها من الإنفاق لو أعطيت لرجال الاعمال لأصبح كل رزق فى متناول كل فقير.

 

فالشعب يدرك أن المفسدين الذين ينادى عليهم هم من إفرازات الانتخابات يوم بيعت سيادة الدولة وخيراته لرجال الفساد مقابل أصوات فى الهواء لا قيمة لها دنيا ولا أخرى.

 

فبعد هذه البيعة التى طرفاها الحكومة من جهة، ووجهاء ورجال أعمال من جهة أخرى، توقفت سيادة الدولة بمعناها عند العقلاء، فأصبح لا مشاريع تنفذ، ولا امتحانات سليمة، ولا تعليم وراءه الضامن له.

 

ويكفي من سلبية مراعاة دولة الوزراء الانتخابيين لشعبها أن جميع الوزارء ومن يتبع لهم أحقر معاملة لهم مع المواطنين هي التى عجز هذا الرئيس عن إجبارهم عليها وهي رفضهم لمقابلاتهم حتى تضيع حقوقهم، ولذا قل أن تجد أي وزير سام عنده يوما للقاء المواطنين.

 

فاي مواطن غير عاض بنواجذه على منتخب يتقدمه فلن يقابل مسؤولا.

 

أما كلمة أن الرئيس حث على تقريب الإدارة من المواطنين، فهي جملة يحفظها كل مواطن، وكل موظف يعمل بعكسها.

 

والآن سوف ألخص الموضوع بإذن الله تعالى.

 

فالموضوع هو مراعاة أفراد الشعب الفقراء لئلا يموتون جوعا دون علم الدولة، وأحسن رعاية لذلك هو العزم على فعله، أما وسائله فالدول ولا سيما حالا أوجدوا علم المحافظة على ما يضرهم فى الدنيا، فالمسلم منهم أحوج إلى تفعيل ما يعلم به ما يضره فى الآخرة سواء من فعله العمدي الذي سوف يسأل عنه، أو من تقصيه فى رعاية رعيته كما قال صلى الله عليه وسلم (ما من راع يسترعيه الله رعية يموت عنها يوم يموت وهو غاش لها اإلا حرم الله عليه الجنة) ويقول تعالى: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لايظلمون}.