على مدار الساعة

ولد طالبنا: شخصنا الواقع بدقة وسنكون ضمن الخمسة الأوائل (مقابلة + فيديو)

7 مايو, 2023 - 00:30
محمد ولد طالبنا: رئيس حزب الإصلاح

الأخبار (نواكشوط) – قال رئيس حزب الإصلاح محمد ولد طالبنا إن حزبه خرج من مؤتمره المنعقد فبراير 2021 بتشخيص دقيق للمشهد السياسي، وذلك بعد ثلاثين سنة من إقرار دستور 20 يوليو 1991، فيما توقع أن يحجز حزبه مقعدا بين الأحزاب الخمسة الأوائل في انتخابات مايو 2023.

 

وقال ولد طالبنا خلال حديثه في برنامج "حزبك في خمسة أسئلة" - والتي تعده وتبثه وكالة الأخبار المستقلة – إن حزبه خلال مؤتمره شخص المشهد السياسي في البلاد من حيث التنظيم ومن حيث الماهية.

 

ورأى ولد طالبنا أنهم خلصوا إلى أن المشهد أفرز ثلاثة أنواع من الأحزاب السياسية، هي أحزاب الأشخاص، وكانوا يشكلون 95% من الأحزاب، مردفا أن انتخابات 2018 كانت منحرة لهذا النوع من الأحزاب، وبقي القليل منها في إطار الموت السريري، وذلك بسبب ارتفاع مستوى الوعي، وتفكك المركزيات التي كانت قائمة.

 

أما النوع الثاني من الأحزاب السياسية فهو الأحزاب الإيديولوجية، مشددا على أن هذا النوع من الأحزاب في تراجع هو الآخر، وذلك بسبب أن الإنسان لم يعد يقبل ذلك المستوى من الانضباط الإيديولوجي الذي يحقن بالفكرة في البيت المظلم، وإنما أضحى لديه جهازان أحدهما للتلقي والآخر للإرسال.

 

واعتبر ولد طالبنا ان هذا النوع من الأحزاب في حالة تقلص، وموت سريري.

 

وأردف ولد طالبنا أن النوع الثالث من الأحزاب التي أفرزته التعددية السياسية هي الأحزاب الحاكمة، والتي تقوم على مرتكزات موروثة وقد بدأت من 1946 إبان الاستعمار  الفرنسي، ويقوم على ثلاث مجموعات، هم رجال الأعمال، وكانوا يعرفون تقليديا بـ"السمان"، وعمال الإدارة وكانوا يعرفون بـ"آماليز"، وقادة القبائل.

 

وأضاف ولد طالبنا أن هذا الثلاثي شكل روافد للحزب الحاكم منذ ذلك العهد إلى اليوم، كما أنه يوجد في الدول المشابهة.

 

ورأى ولد طالبنا أن هذا الثلاثي أصبح يواجه ثورة جماعية من القوى الحية من العمال والشباب والنساء.

 

وخلص ولد طالبنا إلى أن المشهد في حالة تغير شامل، لافتا إلى أن الجيل الذي سيصوت اليوم ولد بعد الثامن يونيو 2003، ولا تحكمه الضوابط الاجتماعية ولا الإيدولوجية التي كانت تحكم الأجيال السابقة.

 

واعتبر ولد طالبنا أن الحزب رأى خلال مؤتمره أن المشهد السياسي اليوم يعيش حالة فراغ، إما أن تؤدي إلى حالة ما بعد الحزبية كما وقع في عدة دول غربية، أو أن نخلق مؤسسة جديدة تواكب هذا المستوى المستجد.

 

وذكر ولد طالبنا بأن للأحزاب السياسية أدوار لا بد أن تضطلع بها، وعلى رأسها تشكيل شبكة أمان سياسي للنظام بالنسبة للأحزاب الموالية من خلال تسويق برامجه وإنجازاته والرد على خصومه، إضافة للقدرة على حشد الجماهير ورفع وعيها، وتشكيل مدرسة لتكوين قادة مجتمعيين، وبعث الأمل في صفوف الشعب.

 

وعن توقعه للنتائج قال ولد طالبنا إن العملية الانتخابية في موريتانيا و في البلدان المشابهة تخضع لثلاثة عوامل تؤثر فيها بشكل كبير، وحزبه لا يحوز الكثير منها، محددا هذا العوامل في تأثير السلطة، وتأثير المال السياسي، وتأثير الخطابات غير المشروعة.

 

وشدد ولد طالبنا على أن حزبه رغم ذلك لن يكون من أتفه الأحزاب، وسيحجز مقعدا متقدما، وفي الأحزاب الخمسة الأولى في البلاد.

 

وهذه هي سادس حلقات هذه البرنامج الذي استضاف غالبية رؤساء الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات، ويهدف لتعريف الجمهور بالأحزاب السياسية من خلال حديث رؤسائها أو أمنائها العامين.

 

ويجيب الضيف خلال البرنامج على خمسة أسئلة موحدة، تم طرحها على كل الرؤساء، وهي:

- كيف تقدمون حزبكم للرأي العام الموريتاني؟

- ما هي معالم مشروعه المجتمعي وبرنامج الانتخابي؟

- كيف ترون التحضيرات التي جرت للانتخابات الحالية؟

- ما هي خارطة ترشيحات حزبكم؟

- كيف تتوقعون نتائج حزبكم في الانتخابات؟

 

 فإلى نص المقابلة: 
الأخبار: كيف تقدمون حزبكم للجمهور وللرأي العام الموريتاني؟
محمد ولد طالبنا:
في البداية نشكر موقع الأخبار على إتاحة هذه الفرصة، مبدئيا إعادة قرائتنا من خلال إعادة تأسيس حزب الإصلاح في مؤتمره الأخير في 20 و21 فبراير 2021، حاولنا تشخيصا عاما للساحة السياسية الوطنية من خلال 30 سنة، عقب دستور يوليو 1991 إلى غاية 2021.

لقد كانت 30 سنة كفيلة بتشخيص وقراءة الواقع الحزبي في حياة موريتانيا، فشخصناه من حيث التنظيم ومن حيث الماهية، من حيث التنظيم اكتشفنا أن الساحة السياسية أفرزت خلال 3 سنة 3 أنواع من الأحزاب: أحزاب الأشخاص، بدؤوا من (x) وحتى (y) وكانت تمثل 95% من الأحزاب القائمة، ويختلف حضورها في الساحة باختلاف مستوى الطموح، عند الفرد ومستوى كاريزميته، من الشخص العظيم الذي يطمح للسلطة، إلى الشخص العظيم الذي يطمح لأمور شخصية بسيطة كالتواصل مع المجتمع المدني.

وقد اكتشفنا أن هذه الأحزاب الشخصية تراجعت كثيرا خلال 2018، وبقيت بعضها في مرحلة الموت السريري، وذلك نتيجة الوعي الجماعي الذي لم يعد يقبل الشخص الكارزمي أو الشخص الذي تطوف حوله الجماعة انطلاقا مماهية التنظيم التقليدي للبشر حول شيخ القبيلة أو شيخ أدباي أو شيخ الصوفية، أو شيخ السياسة الكاريزمي، فلم تعد تلك هي الطريقة الكفيلة بتنظيم البشر، نتيجة لمستوى الوعي الجماعي الذي عرفه المجتمع الموريتاني خلال 30 سنة، ومستوى انتشار التمدرس بعد عام 1991، لأن هناك قبائل وشرائح ومجموعات لا توجد فيها 10 أشخاص حاصلين على البكالوريا.

وقد أفرز الوعي الجماعي بعد 30 سنة مستوى كبيرا من الطموح، كما جرى تفكك المركزيات التنظيمية التي كانت في المجتمع، سواء كانت قبلية أو جهوية.

هذا من جانب، ومن جانب آخر كان هناك كذلك نمط من الأحزاب اكتشفنا أنه قد انتهى، وهو الأحزاب الإيديولوجية، حيث لم يعد الإنسان يقبل ذلك المستوى من الانضباط الإيديولوجي الذي يحقن بالفكرة في البيت المظلم، ويكون مجرد متلق، فالإنسان اليوم بحكم الوعي الجماعي أصبح يحمل جهازين متلق ومرسل في نفس الوقت، وبالتالي أصبحت هذه الآليات في التفاعل أو في التواصل، كما لديكم أنتم في الاتصال، لا تقبل الحقن، والإنسان أصبحت تأتيه المعلومة دون أن يكون يريدها بحكم ثورة الوسائل الاجتماعية والتواصل، وبالتالي لم تعد الإيديولوجيا مقبولة، قد تكون مقبولة لأخلقة السياسة ونمطيتها، ولكن أكثر منها تأثير الشعبوية، ولذلك فإنها انتهت في العالم، والموجود منها هنا والذي له طابع إسلامية يعاني من أمور، أغلبها له طابع اجتماعي وأهلي، والعمل الديني والتوجيهي، أكثر من العمل السياسي البحت، كجمعية سياسية بحتة.

وهذه الأحزاب التي لها طابع إيديولوجي تعاني هي الأخرى من موت سريري مع الوقت، وتتقلص لأنها ليست لديها عملية تحديث لبرامجها لكي تواكب مستوى التغيير الذي حدث في العالم، بفعل فكرة الإرسال والتلقي وإنتاج الفكرة.

وهناك نمط ثالث نحن نعتبره حزب السلطة، وهذا بدأت تجربة موريتانيا معه منذ عام 1946، مع الحزب التقدمي في عهد يحيى ولد يحيى انجاي، نمط هذا الحزب انطلاقا من التشخيص الذي قمنا به في حزب الإصلاح من خلال إعادة تأسيسنا أنه يتكون من 3 مجموعات عبر تاريخها لم قادرة على استقطاب الكل، هي "السمان" كما كان يطلق عليهم في عهد الاستعمار، أي رجال الأعمال، وأصحاب الإدارة الذين كانوا حينها مترجمين، و"كوميات" واليوم هم "الموظفون السامون" وشيوخ القبائل.

فهذه العناصر الثلاثة التي هي روافد أساسية لحزب السلطة، من عهد الحزب التقدمي إلى اليوم، وينطبق ذلك على الدول التي مثلنا، أصبحت توجهها ثورة جماعية من القوى الحية، فإذا كان اليسار كانوا يطلقون القوى الحية على العمال والمثقفين والشباب والنساء، والقوى المغبونة كما يعبر البعض بطريقة أنيقة، فهناك قوى ميتة عانت الكثير، فبالنسبة لشيوخ القبائل، القبائل تفككت، ولم يعد هناك ذلك الشخص الكاريزمي الذي كان في 85 أو 91 يحكم القبيلة والمقاطعة والولاية، ولذلك حصل انفجار في الطموح، المجموعات الهامشية في القبائل والمجتمعات أصبحت تريد نصيبها من الدولة والحضور فيها.

و"السمان" أو رجال الأعمال لم يستطيعوا في تاريخهم أن يكونوا لنا مجموعات الثورة التي كانت تتكون في العالم "الكونترادو" أي رجال الأعمال الذي يشغلون 40 ألف أو 50 ألف عامل، ويشكلون جزءا من الضغط على الرأي العام وإدارته وتوجيهه، فنحن لدينا مجموعات صغيرة، أكثرهم تشغيلا سيكون يشغل 200 أو 300 شخص، وبالتالي فإن قدرتهم على استقطاب الرأي العام والتأثير عليه ضعيفة، والإدارة أيضا نفس الشيء.

وبالتالي فإن هذه المجموعات من الطبيعي أن تكون حول الحاكم سواء في العهد الفرنسي أو غيره، لأنها مجموعات يمكن أن نسميها القوى الميتة أو الجبانة، فهي مع الحاكم حيث كان بغض النظر عن نمطه، ولكن بعد خروجه من السلطة، تصبح من أشد الأعداء له.

وإذا في إطار هذه الثورة الجماعية نحن اليوم في 2023 في حالة تغير سوسيولوجي ووعي جماعي، فالجيل الجديد الذي سيصوت، ولد بعد 8 يونيو 2003، بمعنى أنه جيل لا تحكمه الضوابط الاجتماعية، ولا الضوبط الإيديولوجية، ولا يفهم تلك المفاهيم الابستمولوجية القديمة في المجتمع.

وعلى ضوء ذلك، عرفنا من خلال هذا التشخيص أن الساحة في حالة فراغ، وبحاجة إما إلى أن نعيش مرحلة ما بعد الحزبية وهي حالة بدأت تعيشها بعض الدول الأوروبية، كفرنسا التي بدأت تفرز بعض الشخصيات خارج الأحزاب التقليدية من اليمين واليسار الفرنسي، وفي بعض الدول الأخرى، أو أن نخلق مؤسسة جديدة مواكبة، لأن السياسة تحتاج للتحديث، كما تحتاج المعلوماتية.

وقد فهمنا أن دور الأحزاب السياسية أن تخلق الجديد، وهذا الدور لسنا نحن من يحدده، وإنما المجتمعات التي حددت أدوارا للأحزب، فالأحزاب مطلوب منها تقليديا 5 أدوار، وهي أن تشكل شبكة أمان سياسي، تسوق الإنجازات ويرد على الخصوم إذا كانت في الأغلبية، وأن تكون لديها قدرة على الحشد الجماهيري، والقدرة على أن تكون مدارس لإعداد وتكوين قادة مجتمع، وبالتالي القدرة على تشكيل أمل.

 

فهو الذي على أساسه تنتظم الجماعة السياسية داخل الحزب، من أجل تغيير المجتمع والواقع وتحقيق الطموح، لأن السياسة في الواقع نحن كمؤمنين نربطها بماهية التدبير أو فن التدبير الذي هو في الأصل من سلطة الله وخاصيته، وإذا مارسه البشر، فإنه يمارسه بنظرية الاستخلاف، وهذا يعني أنها عملية لا يمكن أن تكون عبثية، وأن يمارسها كل من هب ودب، فلا بد أن يكون الممارس جادا ومقنعا.

وعلى ضوء ذلك، انطلق حزب الإصلاح من تشخيص واقع الاعتراف بأن تاريخ الحكامة في موريتانيا في عصر ما قبل الاستعمار أو ما قبل الدولة، من عصر الإمارات، وعصر تجارب أنماط الحكم التي عرفنا، سواء في عهد المرابطون، أو في عهد الدولة الإمامية عند ناصر الدين، أو التقليدية، أو حتى في عصر ما بعد الحكم، كالأنماط المتعددة التي جاءت في عهد الاستعمار، أو أنماط اليوم، كلها جاءت بإيجابيات، نعترف لها بخطوات إيجابية في نمط الحكامة، ولكنها كلها أيضا عليها أمور ثقيلة ومؤلمة، ولذلك فنظرية الإصلاح هي المحافظة على ذلك الإيجابي ومحاولة معالجة الخلل والاعتراف به.

 

 ولذلك لسنا قادمين كحركة يسارية لمسح الطاولة، والدعوة لإعادة التأسيس، لا فنحن نحتفظ بالتجربة التراكمية للمجتمع الموريتاني في نمط الحكامة، بما تحمل من جانب إيجابي بنوا فيها الآبار بأظافرهم، وحكموا فيها الصحراء ونشروا فيها ثقافتهم، وتميزت بها الشخصية الموريتانية، بقيت هناك عيوب، ونحن نفرق في العمل السياسي وفي ماهية الفلسفة السياسية لأي حزب بين ما هو تكتيكي وبين ما هو استراتيجي.

 

الأخبار: ماهي معالم المشروع المجتمعي والبرنامج الانتخابي لحزبكم؟
محمد ولد طالبنا:
إن ماهية المشروع المجتمعي التي انطلقت من الاعتراف بالخلل، والاعتراف بما هو إيجابي، وبالتالي المعالجة ليست بمسح الطاولة وتكون الحركة ثورية، التي تبدأ من الصفر أو ما يسميه البعض بإعادة التأسيس، لأن في ذلك ظلما للتجارب الإيجابية، التي قام بها الإنسان الموريتاني في التدبير على هذا الكوكب، رغم قساوة الصحراء والطبيعة، والوضع الجيوستراتيجي للبلد، وتراكمه، وقد أثبت فيها تجارب متقدمة على الدول الإفريقية، وعلى الدول الخليجية أيضا في ظروف ما قبل الدولة، وذلك نتيجة للمزج بين نمط التعليم والإدارة، والتسيير والتشاور، والكثير أيضا من الحكامة الأخلاقية، فالقضاء تنقذ أحكامه تلقائيا بإصدار من القاضي.

وثمة الكثير من الأمور الإيجابية مكنت المجتمع من التوسع في القارة الإفريقية والمنطقة العربية، والتواصل والقيام بدور إيجابي، فعلى الرغم من العيوب التي كانت موجودة حافظنا على التميز.

نحن نعترف أنه يمكننا معالجة الخلل بثلاثة مفاتيح وهي شعارنا، ومن خلال أيضا ألواننا الثلاثة التي لها ماهية، وليست صدفة، تقف على واقع أسود وهو الخلل والاعتراف به، ولكن بعارضة بيضاء يتوسطها قلب مفتوح، بما يرمز له البياض من الاستعداد والفطرة، والأمل المرفوع إلى السماء وهو اللون الأزرق وبالتالي السعي لتغيير هذا الواقع.

 

 ولذلك تشكلت عندنا تلك المفاتيح الثلاثة، التي هي مفاتيح إصلاح الخلل، ومن أهمها العمل على وحدة الشعب، بمعنى أننا نعمل من الناحية الاستراتيجية على وحدة الشعب الموريتاني، ونحن هنا نبتعد عن المصطلح الممجوج وهو الوحدة الوطنية، فنحن نقول وحدة المجتمع الموريتاني بشكل عام، بمكونه الثقافي والتاريخي، والمحافظة على تلك الوحدة الأكثر شمولية من الوحدة الوطنية، التي أضحت من المصطلحات المطالب بتحديثها.

ومن المهم عندنا الاعتراف بأن يتوحد الشعب الموريتاني على العدالة، وقد نقول إننا نطمح إلى المساواة قبل العدالة، لأنها الضامن الأساسي لها، وبالتالي جعل المواطن الموريتاني في وضعية متساوية.

ففيما يخص العدالة فإننا قد نعلن عبر موقع الأخبار ونحن في حملة عن مسابقة نعطي خلالها مليونا لمن أجاب، فهذا يضمن المساواة، ويجعلنا في وضعية متساوية، ولكن إذا نظمت مسابقة عدو لشخص كهل معاق مقطوع الرجلين بسبب مرض السكر، وشاب في الثامنة عشرة من العمر، أنت لم تضع الشخصين في وضعية متساوية، وهذه نتيجة العدالة.

ومن هنا فإن من المهم وضع المجتمع الموريتاني في وضعية متساوية، وبعدها نطمح للعدالة وللديمقراطية، وبالتالي فإننا نطالب بخلق إنسان موريتاني جديد يحافظ على إنسانيته الكاملة، وقد كرمه الله وحمله هذه الأمانة بشكل حقيقي. 

 

فنحن مهمة عندنا الديمقراطية فهي المفتاح الثالث، فهي الوصفة التي توصل لها الإنسان، وهي الأحسن لمعالجة لإدارة الاختلاف، ولكننا لا نريد أن تكون الديمقراطية مجرد عملية انتخابية، وإنما الديمقراطية في الممارسة الثقافية والفكرية، وفي الممارسة الاقتصادية والتنمية، وأن لا تقتصر فقط على التصويت، وهذا هو الجانب الاستراتيجي.

أما الجانب التكتيكي، فهو أن حزب الإصلاح يناضل الآن تكتيكيا من أجل 5 قضايا، يرى بضرورة تحققها في المستوى القريب، من أجل أن يكون هناك أمل في الوصول إلى الأهداف  الاستراتيجية لعملية الإصلاح.

القضية الأولى أن حزب الإصلاح حريص كل الحرص في ظل التحول الجيوستراتيجي في المنطقة على عدم التصادم مع المؤسسة العسكرية، لأننا نعتبرها صمام أمان استقرار هذا البلد، وأي مساس بها لا قدر الله يحول البلد إلى دولة فاشلة كما رأينا في بعض الدول العربية.

إن حزب الإصلاح يرى من الضروري أن على الدولة الموريتانية أو المجتمع أو الحكومات والسلطات، أن تبذل مجهودا كبيرا في الاستثمار في الإنسان وخاصة من خلال التعليم، لأنه هو الوصفة العلاجية، للحصول على إنسان صالح، ونكتشف من خلال ذلك النقاط الخللية في الدولة والعدالة وغيرها، التعليم أحسن علاج للإنسان، وقد سبقنا الله تعالى إلى ذلك، فأول ما أمر به "اقرأ" وبالتالي أولوية التعليم.

وقد اكتشفنا أن التعليم انتقل بدول كانت أكثر تخلفا من موريتانيا عند استقلالها كسنغافورة وماليزيا وتايلاندا، إلى أحسن مستوى دخل قومي بفضل التعليم.

النقطة الأخرى وتهمنا في حزب الإصلاح وهي أن نعمل بشكل جاد من أجل تغيير وضعية الأرقام السابقين، لأن لهذه المجموعة دينا كبيرا على المجتمع الموريتاني، وما حصلت عليه من تحسينات كان من خلال الوطنية، فخلال 60 سنة من حكم فرنسا لنا بيمينها ويسارها، وشاركنا في برلمانها، كانت المراسيم التي تحدد الوعاء الضريبي الموريتاني "العنز والبقرة والعبد".

بينما التحسينات التي بدأت ما بعد الاستقلال، وخاصة منذ 1979، وبعضها تم في السنوات الأخيرة من خلال دسترة تجريم العبودية، إلا أنها ما تزال قائمة، فمجتمع السمر له دين ثقيل، إذ لا وجود لبئر إلا وساهموا في حفره، وشاركوا في المقاومة الوطنية وفي الثقافة الوطنية، وشاركوا في البناء، واليوم من حق المجتمع الموريتاني، ومن استقراه وأمنه جعلهم في وضعية متساوية مع باقي المكونات، وبعد ذلك تبدأ العدالة، بما في ذلك النشاطات الاجتماعية لتآزر، أو التضامن، ولكن الأولوية يجب أن تكون هي المساواة وخاصة في التعليم.

وهناك نقطة أخرى نراها ضرورية في العمل التكتيكي، وهي التفريد العقاري، وإنهاء الملكية الجماعية للأراضي الزراعية، وأراضي الثروة الحيوانية، ويتم ذلك على أساس القانون، وإنهاء أن تكون هذه الأراضي تحت سلطة القبيلة، فهذا خلل ونراه النقطة للأولى في العدالة الاجتماعية.

ومن المهم عندنا أيضا في النقاط التكتيكية مد جذور المجتمع الموريتاني مع عمقه الذي يشكل حاضنة ورافعة، سواء الأزواديين، أو الصحراويين أو الماليين، في المناطق التي تشكل لنا عمقا كمجتمع موريتاني، وهذه الشعوب الأقرب إلينا ، وبعضها وصل غاية 1978، ونحن نعتبره جزءا منا، ورافعنا في ذلك أمام الأمم المتحدة، وبالتالي يجب أن نبقى متمسكين بمد الجسور لها، فإذا كنا لم نعد نريد التوحد بالقوة والسلاح، أن نتوادد ونتعاطف، فهم الأقرب إلينا من كل شعوب الأرض.

إن هذه النقاط التكتيكية، نرى بأساسيتها في الوقت الحالي من أجل قطع خطوات نحو ما ذكرت سابقا من نقاط استراتيجية.

الأخبار: كيف ترون التحضيرات التي جرت للانتخابات الحالية؟ 
محمد ولد طالبنا:
الحوار الذي تم مع الداخلية، نعتبر في حزب الإصلاح أن الورقة التي قدمنا له، تم الأخذ ب10 نقاط من 12 نقطة تضمنتها، وكنا من أكثر الأحزاب في هذا الإطار، فاللائحة الوطنية للشباب نحن من تقدم بها، وتقطيع نواكشوط إلى 3 دوائر انتخابية كذلك، وتمديد اللائحة الانتخابية، وتقديم لوائح في الخارج في انتخابات مباشرة، وهنا أمور أيضا لم نحصل عليها كنا نرى بأنها تدعم العملية الانتخابية، فكنا نطمح إلى تحويل الداخل إلى دائرة واحدة انتخابية، من أجل محاربة الاصطفاف القبلي والأهلي، والذي لتشرذم حزب الإنصاف، وتسبب له في مشاكل.

والنقطة الثانية أنه كان مهما بالنسبة لنا إما الصوت الموحد، وإما البطاقة الموحدة، فالأول نريد منه وجود الأحزاب السياسية، والترفع عن النخاسة السياسية،  وبالتالي الابتعاد عن المقايضة، حيث تجد المواطن الواحد يصوت ل6 أحزاب، لأنه بلا قناعة.

وقد رفض هذا المقترح من طرف أحزاب موالية ومعارضة، اعتبرت أن الدوائر المحلية وخصوصا في القرى الناس تكون تحت ضغط حزب السلطة، وقلنا إنه تمكن معالجة ذلك، في المدن الكبرى بنواكشوط ونواذيبو يمكن أن نطبق الصوت الموحد، لأنه ليس هناك صندوق أو مكتب محسوب على قبيلة أو جهة، فتم الرفض أيضا.

وطلبنا البطاقة الموحدة بدل 6 بطاقات و6 صناديق، وبالتالي التقليل من عدد البطاقات اللاغية في مجتمع الأمية فيه مرتفعة.

الأخبار: ما هي خارطة ترشحاتكم في الانتخابات الحالية؟  
محمد ولد طالبنا:
خارطة ترشيحات الحزب تحكمها مجموعة من الإكراهات، ولكن الحزب عمل على أن تكون واقعية، فالحزب لم يسع للترشح وزيادة أرقام اللوائح، ولم يقدم للائحة انتخابية وضعت باسمه 1000 أوقية من أجل تخليص مخالصة، وقد كان وحيدا في ذلك، حيث باقي الأحزاب توزع يمينا وشمالا 200 ألف و300 ألف للشباب وغيرهم، من أجل الوصول لأرقام فلكية، فالحزب تقدم بحوالي 67 لائحة بلدية، وتوقعنا أن تفوز منها 20 والعدد المتبقي سيكون منافسا، لأنها قادمة من رحم مجموعات فاعلة وطامحة وجادة في المعركة السياسية، ولذا توقعنا هذه النتيجة وهي جد مشرفة، مقارنة مع أرقام فلكية أخرى يقدمها آخرون.

وبالنسبة للوائح الجهوية فقد قدمنا 10 لوائح، أحدها سحب نفسه أو باعها في سوق النخاسة السياسية، وقد جنى علينا لأنه سحب ملفنا وفي الدقائق الأخيرة.

وبالنسبة للخارطة النيابية، الحزب غطى جميع دوائر النسبية  ال11 بمرشحين جادين، دوائر نواكشوط الثلاث، الدوائر الوطنية الثلاث، ونواذيبو، كوبني، وكيفه، وكيهيدي، وامبود، فهذه الدوائر الحزب ينافس فيها بلوائح جادة، لا نستكثر عليها النجاح.

وبالنسبة للدوائر الأخرى ذات النائب المنفرد، ننافس فيها كذلك بشكل جاد، ولا نستكثر النجاح، بير أم اكرين، وادان، أوجفت، تيشيت، ولاته، هذه الدوائر نحن ننافس فيها بجدية، ولا نستبعد النجاح، ونستثني فقط شنقيط وافديرك.

والدوائر الأخرى أيضا نشارك فيها بشكل جاد ولا نستكثر النجاح، ولا نريد الترشح من أجل الترشح، وإنما عملا سياسيا جادا، له رمزية ودلالة.

الأخبار: ما هي توقعاتكم لنتائج حزبكم في هذا الاستحقاق؟
محمد ولد طالبنا:
توقع النتائج في العملية الانتخابية في موريتانيا وبعض الدول المشابهة، خاضعة لثلاثة عوامل تأثير السلطة في الحملات من خلال الوزراء، وهذا تأثيره قوي في العملية الانتخابية والنتائج.

ثانيا تأثير المال السياسي من خلال شراء الذمم، واستقطاب الناس،  وهذا ليس لدينا، فالمال السياسي هنا له ثلاثة موارد لا نملكها العون الخارجي، وريع الفساد، وتبيض الأموال لدى ممارسي التجارة غير المشروعة، أو التهرب الضريبي.

فنحن مواردنا محدودة ونعتمد على أطر الحزب ومساهماتهم،  أو بعض الفاعلين المترشحين الذين لديهم وسائل ذاتية، وبالتالي تأثير الحزب فيه محدود.

والنقطة الثالثة التي تؤثر في العملية الانتخابية، والتي لا نستطيع القيام بها هي الخطابات غير المشروعة، كالشحن العاطفي بالقبائل والجهات، والشرائح، والطوائف والإتنيات والجهات، وبالدين حتى، من خلال الفتاوي التي تصدر بأن من يصوت سيدخل الجنة.

 

نحن لا نملك أيا من ذلك، ولا يمكننا القيام به، وبالتالي ما سنحصل عليه نرجوا أن يكون مفيدا، ونتوقع أن لا نكون من أتفه الأحزاب، فغالبا سنكون ضمن الخمس الأوائل، ونحصد نتيجة مشرفة، فإما الأول أو الثاني أو الثاني أو الثالث، ووضعيتنا ستتحسن وذلك ما نرجوه من الله.