على مدار الساعة

استعدوا للإقلاع... للرفاهية والتقدم!

7 أغسطس, 2017 - 17:01
م. محفوظ ولد أحمد

الآن أُقرت التعديلات الدستورية، التي لم تكن في الواقع إلا قرارات رئاسية فوقية أريد لها أن تمر عبر طريق معبد سالك، يبدأ بـ"ندويات" الحوار الوطني الشامل، وينتهي باستفتاء شعبي موجه بإعدادٍ وعناية كبرى!

 

صحيح أن النتائج جاءت صادمة، والتعديلات ـ رغم الجهد الحكومي والتلاعب القبلي ـ لم تنل المستوى المطلوب من الموافقة الشعبية، ورُفضت بشكل صريح وصارخ في مراكز الوعي المدني... إلا أنها في المحصلة جمعت الأغلبية البسيطة.

 

 في المقابل يعتقد الرافضون لهذه التعديلات، سواء مبدئيا أو تفصيليا، أن الشعب الموريتاني قد تبنى وجهة نظرهم ونبذ التعديلات؛ حيث لم يشارك من المؤهلين للتصويت، المقدر عددهم بحوالي مليوني ناخب، سوى زهاء 750 ألف قال منهم 47% "لا" بلسان الإعراض المدَبر!

 

بالطبع بدأ المتزلفون، الذين طُلب منهم التعليق على نتائج يعتبرونها في أنفسهم "كارثية"، في معاكسة مسارهم المعهود في تبني "الأرقام"، فأخذوا يقللون من أهمية معانيها ودلالاتها، مستشهدين بالانتخابات في الدول الديمقراطية في العالم! وزاعمين أن "انعدام التنافسية" يؤدي إلى التراخي والغياب؛ مع أن الحملة الحكومية الهائلة وحملات المعارضة التي نابذتها وشهدت مواجهات قمعية معروفة، تثبت وجود تنافس محموم بين الطرفين، الإيجابي والسلبي.

 

وذهبت آراء "محترمة" إلى أن العطلة المدرسية والـﮔـيطنة ونوم الضحى... من العوامل التي رفعت مستوى المقاطعة، وخاصة في المدن الكبرى، التي ظلت بعض مراكز الاقتراع فيها خالية، من الصباح إلى الرواح، بالمشاهدة!!

 

وقد غاب عن هؤلاء المسؤولين و"المحللين" أن الاستفتاءات المتعلقة بتغيير الرموز الوطنية أو تعديل الدستور لا بد أن تحظى بمشاركة شعبية كبيرة، وهي على كل حال معدومة أو نادرة في الدول الديمقراطية التي تحترم رموزها ودساتيرها ولا تغيرها إلا بما يرقى إلى مستوى الإجماع.

 

أما الاستفتاءات على قضايا التسيير الحكومي المتعلقة بقرارات سياسية حزبية أو اقتصادية أو بمستوى الثقة في السلطة المنتخَبة فهي الكثيرة في تلك الدول ولا تحظى غالبا بمشاركة شعبية واسعة. إلا أن مثل هذه الاستفتاءات نادرة في دول الديكتاتورية، التي يَسأَل فيها الحاكمُ ولا يُسأل!

*

المهم الآن أن التعديلات بحذافيرها مُررت بسلام، فألغي مجلس الشيوخ "الفاسد المفسد"، وأُنزل العلم الوطني "الاستعماري"، وفتح المجال للمجالس الجهوية التي ستُنهي القبلية والتخلف...

 

ولم يبق إلا أن يتنزل الغيث وتعم الرفاهية والثروة، ويرفل الناس كلهم في السعادة والصحة والمعرفة... فتهبط الأسعار ـ باستثناء أسعار الوقود طبعا ـ وتسود العدالة والقسط؛ فلا نرى بعد اليوم ـ مثلا ـ فرقا بين "تفرغ زينه" و"سيلي بابي" في مستوى المعيشة والخدمات، ولا بين عمدة بوتلميت وعمدة ازويرات الذي سيكتب النشيد الجديد! ولا فرقا في الصفقات بين عروض ذوي القربى والولاء وبين عروض ذوي الضمائر والأباعد.......!!

 

هذا ما وعودونا به...

 

وصدق الله ورسوله.