الأخبار (نواكشوط) – أثارت قروض منحتها الشركة الموريتانية للبريد "موريبوصت"، لشركات وخصوصيين، وتجاوزت 11 مليار أوقية قديمة جدلا قانونيا بخصوص مستندها، وكذا غياب صيغة لها في النظام المحاسبي للشركة، حيث أظهر النظام الإلكتروني للشركة عدم احترام الاشتراطات الواردة فيه، فيما دافع مدير الشركة عن هذه القروض وشرعيتها، وأكد فائدتها الكبيرة على الشركة.
وبلغ مجموع القروض التي قدمتها الشركة 11.539.235.436.1 أوقية قديمة، إضافة لـ2.3 مليار أوقية من الرواتب المقدمة، من ضمنها 500 مليون أوقية قديمة صنفت باعتبارها "غير متوقعة الاستعادة".
وبلغ رصيد الشركة في البنك المركزي بنهاية السنة المنصرمة 1.2 مليار أوقية قديمة، فيما بلغ رصيدها في تطبيق "بريد كاش" 296 مليون أوقية قديمة.
وقد حصلت وكالة الأخبار على معطيات قروض قدمتها شركة "موريبوصت" لشركة شنقتيل للاتصالات وأخرى لخصوصين.
قرضان لشنقيتل
قدمت "موريبوصت" قرضين لشركة شنقيتل للاتصالات، كان الأول منها في حدود شهر أغشت 2022، وقدره 500 مليون أوقية قديمة، ولمدة سنة بفائدة 12%، وعبر ضمان بطاقات تعبئة اتصالات.
وقد أظهر النظام الإلكتروني لشركة "موريبوصت" حساب شركة شنقيتل باعتباره حساب موظف عادي، وأن ضمان القرض راتبه الشهري، فيما لم تتجاوز قيمة هذا الراتب أوقية واحدة.
وقد حصلت الشركة على القرض الثاني يوم 24 يوليو 2023، وذلك قبل انتهاء فترة تسديد القرض الأول، وبلغت قيمته مليار أوقية قديمة، وسدد منه القرض القديم، فيما بلغ مجموع الدفعات التي تجاوزت أجل تسديدها بتاريخ آخر يوم من العام المنصرم 562.105.198.6 أوقية قديمة، وبقي من أصل القرض 874.043.040 أوقية قديمة.
وقال عمال في شركة "موريبوصت" إن نسبة القرب بقيت كما هي في القرض الثاني، أي 12%، فيما أكد مدير شركة موريبوصت أنها 14%.
قروض لخصوصيين
كما أظهرت المعطيات التي حصلت عليها وكالة الأخبار المستقلة تقديم الشركة قروضا لخصوصين من بينهم محمد محمد المختار الحسن، وهو صاحب مدرسة خصوصية، والمستشار بالرئاسة، محمد محمود محمد أمات، والموظف في الوكالة الموريتانية للأنباء ديدي عبد الغفور محمد محمود.
فقد قدمت الشركة لمحمد محمد المختار الحسن قرضا بـ120 مليون أوقية، فيما أظهر النظام الإلكتروني للشركة أن الدفعات المستحقة ولم تسدد بعد تبلغ 32.054.660 أوقية قديمة، وبقي من أصل الدين 88.358.790 أوقية قديمة.
وتظهر معطيات النظام الإلكتروني للشركة أنه تم توطين راتبه مقابل هذه القرض، فيما أكدت الشركة أن تغطية القرض تمت عبر منزل له في مقاطعة تفرغ زينة، وقد كان محل اتفاق جديد معه حول القرض، واستظهرت بدفعات من 4 مليون أوقية له عن الأشهر الأخيرة من العام المنصرم.
أما المستشار بالرئاسة محمد محمود محمد أمات، فقد حصل على قرض من الشركة بـ50 مليون أوقية، وذلك توليه منصب رئيس مجلس التنظيم بالمنطقة الحرة في نواذيبو.
ويظهر نظام الشركة أن الدفعات التي استحقت المؤسسة سدادها ولم تسدد بلغت 8.567.520 أوقية قديمة، أما باقي القرض فهو 36.732.630 أوقية قديمة.
مصادر الشركة، قالت إنها تفاوضت معه بعض تحويله من مجلس التنظيم إلى الرئاسة، وإنه في إجراءات متقدمة معه لتحويل رابت تقاعده من البرلمان لاستئناف تسديد الدفعات المستحقة.
وبخصوص ديدي عبد الغفور محمد محمود، فقد حصل من الشركة على قرض بـ15 مليون أوقية قديمة، وبلغت الدفعات المستحقة عليه ولم يسددها: بـ1.885.000 أوقية قديمة، فيما بقي عليه 12.343.560 أوقية قديمة.
وقالت الشركة إن القرض قدم له بناء على رهن عقاري، عكس ما يظهره النظام الإلكتروني لها أنه تم بناء على توطين راتبه.
مستند قانوني
واستندت الشركة في تقديم على هذه القروض على مذكرتي عمل، الأولى تحمل الرقم: 055 – 2008 صادرة بتاريخ: 28 – 04 – 2008، حيث نصت مادتها الأولى على أنه "اعتبارا من فاتح مايو 2008، تنشأ بموريبوصت خدمة سلفة على الراتب الموطن"، دون أي إشارة إلى القروض والمعاملات المصرفية الأخرى.
وقد اشترطت المذكرة - التي وقعها المدير العام للشركة آنذاك محمد ولد ديدي – لتقديم الراتب أن يكون بناء على ضمان، أو وثيقة توطين الراتب صادر عن المؤسسة التي تدفعه، فيما وعدت في المادة الثانية بإصدار تعميم يتضمن تفاصيل الإجراءات.
أما المذكرة الثانية فحملت الرقم: 168 – 2022، وهي صادرة – وفق ما هو مكتوب عليها – بتاريخ: 31 – 12 – 2021، وقد وقعها المدير العام الحالي للشركة علي ولد عيسى، وأقر فيها ما ورد في المذكرة السابقة، وأضاف له نصا يقول: "يبقى التوجيه المتعلق بسير وتنظيم خدمة السلفة على الراتب الموطن كما هو [في مذكرة 2008] ما لم يكن هناك استثناء صريح من المدير العام".
لكن نظام الشركة لا ينص إطلاقا إلا على قروض إلا للعمال، وبشروط الواردة في المذكرة الأولى، أو بتوطين الراتب، وهو ما لم تجاوزته الشركة.
توضيحات الشركة
وكالة الأخبار المستقلة حملت هذه الإشكالات إلى المدير العام للشركة علي ولد عيسى، وكان رده أن مذكرتي العمل الصادرتين حول موضوع القروض تعتمدان على المادة: 6 من القانون المنشئ لشركة موريبوصت، لافتا إلى أن مذكرة ثالثة صدرت حول الموضوع، وكانت أكثر توضيحا وتفصيلا في الموضوع، معتبرا أنه كان على من أرسل المذكرتين أن يرسل الثالثة.
وأضاف أن هذه المادة تنص على تقديم الشركة خدمات مالية، وقد بدأت ذلك منذ 2008، مردفا أنه منذ وصوله لإدارة الشركة بدأت في تنويع وتطوير هذه الخدمات، ممثلا لذلك بشراء الشركة لسندات الخزينة لأول مرة في تاريخها، وتقديم قروضا وفق النظام المصرفي المتعارف عليه.
وأكد ولد عيسى أن القرض الذي قدمته الشركة لشركة "شنقيتل" يوجد ضمان له من بطاقات التعبئة بأكثر من قيمة 1.5 مليار أوقية قديمة، وهي محفوظة في مخازن الشركة، مضيفا أن الشركة ربحت من هذا القرض أزيد من 150 مليون أوقية قديمة.
ونفى ولد عيسى وجود أي قرض قدمته شركته دون ضمان، أو توطين راتب.
وقال ولد عيسى إنه استلم الشركة، ولديها 18.998 حسابا بنكيا وهميا، تكلف الشركة 500 مليون أوقية قديمة، وقد نجح في القضاء عليها، وتسديد هذا المبلغ من أرباح الشركة، مشددا على أنها المرة الأولى التي تصل فيها أرباح الشركة إلى نحو 200 مليون أوقية منذ نشأتها.
وأكد ولد عيسى أن الشركة الآن أصبحت تتقدم بثقة رغم المعوقات الكثيرة، ذاكرا منها بالخصوص نظامها المعلوماتي، والمصمم بطريقة لا توائم التوسع المالي الجديد، لافتا إلى أنه وجد تعهدا من البنك الإسلامي للتنمية بتمويل نظام معلوماتي جديد ومعاصر للشركة، وهو الآن في مراحل متقدمة.
وقال ولد عيسى إنه وقع اتفاقا مع شركة موريتل في موضوع المرابحات، حيث كانت شركته تلجأ في توفير بطاقات التزويد إلى وسطاء، وقد تمكن من خلال هذا الاتفاق المباشر مع موريتل من تخفيض سعر بطاقة التعبئة على المقترضين من شركة "موريبوصت" بعشرة في الألف، وهو مبلغ مهم بالنسبة للمقترضين البسطاء، كما استفادت شركته من الامتيازات التي تخصصها شركات الاتصال للزبناء الذي يحققون أرقام معاملات مرتفعة.
وأشار ولد عيسى إلى هذه القروض وغيرها كانت محل تقرير من المفتشية العامة لوزارة المالية.
وقد اطلعت الأخبار على تقرير أعده مفوض الحسابات يحي الحاج بشير من المفتشية العام للمالية، وأكد في خلاصاته تحسن الوضعية المالية لشركة موريبوصت.