الأخبار (نواكشوط) – توقّف العبور الرسمي بين موريتانيا وجارتها مالي عبر معبر "كوكي الزمال" الحدودي خلال اليومين الماضيين، وذلك في ظل بوارد أزمة حدودية بين البلدين، بدأت باختراق قوات مالية مصحوبة بقوات من فاغنر الروسية الحدود الموريتانية، ووصلت حد إصدار رئيس الجالية الموريتانية في مالي تحذيرا للموريتانيين بمغادرة المناطق الحدودية والعودةِ إلى موريتانيا، محذرا من خطر البقاء.
وتوقّفت حركة العبور عبر المعبر الحدودي الرسمي بين البلدين، والذي كان يعرف حركة دائبة للشاحنات وباصات النقل على مدار الساعة، فيما لم يكشف أي من البلدين عن أسباب التطورات المفاجئة والتي أوقفت حركة العبور.
ووفق مصادر ميدانية، فإن موريتانيا بدأت منذ يومين تقريبا إعادة بعض الماليين الذين وصلوا الأراضي الموريتانية، رغم حصولهم على إذن دخول من الشرطة، حيث تم اقتياد بعضهم من حواجز أمنية بعيدة من الحدود، وأعادتهم باصات تابعة للدرك إلى خارج الحدود.
وأدى القرار لاحتجاج عدد من منتسبي نقابات النقل في مالي، حيث لجأوا لاحقا لإغلاق المعبر من الجانب المالي، وهو ما رد عليه الجانب الموريتاني بإغلاق مماثل.
وتأتي هذه التطورات في ظل اضطرار العديد من الموريتانيين، وخصوصا من مُلاّك الحيوانات للجوء للأراضي المالية بحثا عن الكلأ، وعن الأعلاف بأسعار أقل، في ظل النقص الكبير في المراعي داخل الأراضي الموريتانية، وارتفاع أسعار الأعلاف.
وفد إلى نواكشوط
وبالتزامن مع هذه التطورات، وصل أمس الاثنين إلى نواكشوط وفد مالي وصف بأنه رفيع المستوى ضم وزيري الخارجية والتعاون عبد الله ديوب، والعقيد صوديو كامارا.
وحمل الوفد الوزاري رسالة خطية من الرئيس المالي الانتقالي عاصيمي غويتا، قال عبد الله ديوب إن مضامينها تتعلق "بتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الشقيقين، ومواصلة لسنة التشاور المستمر بين الرئيسين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك وطنيا وإقليميا، خاصة في ظل تولي الرئيس محمد ولد الغزواني، رئاسة الاتحاد الإفريقي".
ووصل الوفد الوزاري إلى نواكشوط بعد أسبوع من مكالمة هاتفية جمعت رئيسي البلدين، وكانت بمناسبة عيد الفطر المبارك، حيث تبادلا خلال التهانئ بالمناسبة، غير أنهما ناقشا أيضا – وفق المصادر الرسمية – ملفات ثنائية وإقليمية.
ولم يعلن أي من البلدين إلى الآن بشكل رسمي عن توقف العبور بينهما، رغم أن المعبر كان يعرف نشاطا كبيرا للبضائع والأفراد، وتعتمد عليه مالي في استيراد العديد من احتياجاتها عبر ميناء نواكشوط.
تطورات أمنية
وجاء توقف العبور بين البلدين في ظل تطورات أمنية على حدودهما المشتركة، حيث عرفت مناطق متاخمة للحدود الموريتانية المالية مواجهات بين الجيش المالي - مسنودا بقوات من قاغنر الروسية - مع مقاتلين ينتمون لحركات مسلحة محلية.
وأدت هذه المواجهات في مناطق قريبة من الحدود أو متاخمة لها إلى اختراق هذه القوات للأراضي الموريتانية، حيث وصلت وحدة مسلحة من قوات فاغنر الروسية تضم سيارات ودراجات نارية إلى قريتي "دار النعيم"، و"مد الله" التابعتين لبلدية فصاله الحدودية. وفق ما أكد للأخبار عمدة البلدية شيخنا ولد عبد الله.
وتداول الموريتانيون خلال الأيام اللاحقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي معلومات تفيد بتضرر موريتانيين هنا أو هناك داخل الأراضي المالية، دون أن يتم تأكيد هذه المعلومات من مصادر رسمية، أو ميدانية.
وترتبط موريتانيا مع مالي بحدود برية تتجاوز 2400 كلم، وسبق لها أن عرفت أحداثا أمنية أدت لمقتل العديد من المواطنين، كان من أكثرها دموية ما وقع في الأشهر الأولى من 2022، وخلف مقتل عشرات الموريتانيين، حيث اتفق البلدان حينها على إنشاء لجنة تحقيق مشتركة في الأحداث.
كما اتفقا في ختام اجتماع ضم العديد من وزراء البلدين على "وضع إطار مشترك للتشاور وتبادل المعلومات من أجل حماية فعالة من تكرار مثل هذه الأحداث"، وعلى وضع خطة أمنية مشتركة، وتسيير دوريات ثنائية لجيشي البلدين على حدودهما المشتركة.