الأخبار (نواكشوط) ـ قال الدكتور الخميني ولد مولاي اعلي إن تعزيز ثقة المواطنين في الانتخابات "يتطلب إجراءات تقنية سريعة وفعالة"، معتبرا أن تحقيق المصداقية لا يمكن "دون الرياضيات".
وأضاف ولد مولاي اعلي في حديثه ضمن برنامج "رأي الخبير" الذي تبثه وكالة الأخبار أن "بُعد الثقة في الانتخابات يتحقق بإحساس المواطن عبر الشفافية أن النتائج تعبر عنه بدقة".
كما أشار إلى ضرورة "أن يكون الحصول على النتائج في ذات الحين بالنسبة للجميع من رئيس الجمهورية إلى أي ناخب"، مؤكدا الحاجة لتطوير "إجرائية الانتخابات"، بالإضافة إلى الاستشراف والتوقع واستخلاص الدروس ومعالجتها".
واعتبر أن النقطة الأولى في مسار تحسين إجرائية الانتخابات هي "الحصول على البيانات الضخمة التي تعتبر اليوم واحدة من أهم الموارد"، داعيا إلى أن "تكون بيد الدولة بدل أن تظل في الشبكة الإلكترونية غادية رائحة".
وأضاف: "يحتاج وضع اليد على البيانات إلى تجميع عبر تجريف الويب، وأن تصرف لذلك الأموال اللازمة، مما يضمن الحصول على بيانات محكمة تمتاز بالحجم والصدقية والسرعة والأهمية".
والخميني ولد مولاي اعلي حاصل على شهادة الدكتوراه التطبيقية من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء في المغرب، وهو أستاذ محاضر بجامعة نواكشوط والمعهد الجامعي المهني، ومدير المركز الجامعي للتعليم عن بعد، وله عشرت المقالات العلمية ومشارك في عشرات الندوات والمؤتمرات.
وهذا نص الحلقة:
من الصعوبة بمكان الحديث عن المحاكاة الرياضية للانتخابات، رغم أننا منذ عقود اختبرنا مختلف أنواع الانتخابات، فلا يمكن للباحث الآن أن يقدم أي دراسة موثقة ونوعية حول المسارات الانتخابية، نظرا لغياب المعطيات والبيانات والإحصائية، رغم أننا ننتخب منذ منتصف أربعينيات القرن الماضي، ورغم الترسخ النوعي في العملية الانتخابية خلال العقود الثلاثة الماضية، فإننا لا نملك البيانات الكافية لتتبع هذه المسارات وتحليل الأرقام والنتائج، لمعرفة ما ا لذي يمكن أن تؤول إليه الانتخابات التي هي على الأبواب الآن.
دون شك لا نحتاج إلى معرفة واسعة جدا ليعرف المرء كيفية الانتخابات، فقد تكفل بذلك قانون الانتخابات بشكل كامل، لكننا نحتاج على مستوى صناع القرار إلى الثقة بأن العملية الانتخابية الإجرائية تعكس القانون الانتخابي الذي نتحدث عنه.
ولذلك توجد عدة نظريات لتطبيق الرياضيات على العملية الاقتراعية من أكثرها رحابة وشهرة نظريتا " التصويت الانتخابي" ونظرية "الخيار الاجتماعي"
ويعود العمل في هذا المجال إلى آماد بعيدة، رغم أنه من الجدير بالانتباه إلى أننا إلى اليوم لا نكاد نعرف نظاما اقتراعيا تم تطبيقه على مدى تاريخ البشرية غير النظام الذي تم تجسد في القرن الثامن العشر وتم تطبيقه لاحقا في أغلب بلدان العالم
تقوم أدبيات النظرية الاجتماعية على أسئلة دقيقة مفادها مامدى إمكانية أن نصل من خلال الاختيارات الفردية للمصوتين إلى خيار جماعي جامع يمكن الثقة به.
وفي أدبيات هذه النظرية تطرح أسئلة مثيرة منها متناقضة كوندياتن، ومفادها أن نظام الأغلبية الانتخابية، رغم بديهية أنه نظام صادق ومرن وأنسب الأنظمة للتطبيق اليوم، إلا أنه في تحليله الرياضي هو نظام غير مستقر، وربما في مساره الاقتراعي يسبب اضطرابات قد لا تقود إلى نتيجة حتمية تعبر عن خيار الأغلبية.
وهنالك أيضا نظرية استحالة السهم، وهي نظرية مثبتة رياضيا أن أي نظام اقتراعي يزيد عدد المترشحين فيه على 3 فإن من المستحيل أن تكون العملية التي ستجرى عليهم مطابقة لمختلف المعايير بدقة متناهية، حيث أن الدقة تكون دائما في حساب أحد المعايير على حساب المعايير الأخرى.
وتوجد أيضا نظرية " آرو" وهو اقتصادي ورياضي كبير حاصل على جائزة نوبل في السبعينيات، ولربما كانت نظريته هذه مما ساهم في منحه الجائزة الأثيرة.
تقوم نظرية آرو بدلا من أن يكون الاقتراع على اختيار شخص آخر من بين عدة أشخاص، فإن على الناخب أن يرتبهم حسب الأفضلية، ثم إن النظام الانتخابي لاحقا بدمج هذه الخيارات، ومن خلال لوغرماتيات محددة، يقوم باختيار حل واحد أمثل يجعل الخيار الأمثل أكثر دقة وتصويبا من حيث الإجماع الوطني الوحيد.
وقد أثبت آرو أن هذا الحل الرياضي وحيد، ولأجل إثبات ذلك وضع شروطا محددة لذلك، وقد طبق هذا الخيار في انتخابات البرلمان الأوربي مطلع القرن الحالي، ويعتقد الدارسون أنه أعطى نتائج جيدة بالمقارنة مع نظريات الاقتراع التقليدي.
أما عقلية الاقتراع الأمثل بشكل عام، من خلال خيارات محددة تشوبها عقبات محددة، خصوصا أن الجانب اللوجستيكي هو العنصر الحاسم في أي مسار ذي تفاصيل إجرائية.
وقد نودي بتطبيق اقتراح آرو في فرنسا عندما استطاع نيكولاي ساركوزي التفوق على منافسه فرانسو باريرو، رغم أن استطلاعات الرأي كانت تمنح بايرو الأسبقية، مما دعا أوساطا علمية كثيرة إلى المطالبة باستخدام مقترحات آرو.
أما في الشأن المحلي فنحن أمام معضلة شديدة، وهي أن كل الاستطلاعات التي تقدم تضرب الذكر صفحا عن المعطيات والبيانات لسبب وجيه وهو أنه لا توجد بيانات ولا معطيات.
مقترحات
ولو طلب مني الاقتراح لقلت لمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة أن هنالك حاجة لتطوير إجرائية الانتخابات، وحاجة ماسة إلى الاستشراف والتوقع واستخلاص الدروس ومعالجتها.
والنقطة الأولى في مسار تحسين إجرائية الانتخابات هي الحصول على البيانات الضخمة التي تعتبر اليوم واحدة من أهم الموارد، ويبنغي أن تكون بيد الدولة بدل أن تظل في الشبكة الإلكترونية غادية رائحة، يحتاج وضع اليد على البيانات إلى تجميع عبر تجريف الويب، وأن تصرف لذلك الأموال اللازمة، مما يضمن الحصول على بيانات محكمة تمتاز بالحجم والصدقية والسرعة والأهمية.
ينضاف إلى ذلك بعد الثقة في الانتخابات، ولا يتحقق ذلك بإحساس المواطن عبر الشفافية أن النتائج تعبر عنه بدقة، وهو ما يتطلب وبشكل محدد أن يكون الحصول على النتائج في ذات الحين بالنسبة للجميع من رئيس الجمهورية إلى أي ناخب، وهو ما يتطلب إجراءات تقنية سريعة وفعالة، لكنه يعزز وبشكل تام ثقة المواطنين في الانتخابات ويرفع من مصداقيتها، وهو ما لا يمكن أن يتحقق دون الرياضيات