على مدار الساعة

وكالة الوثائق المؤمنة: تركة "إجراءات" معقدة وتبعات مالية كبيرة

28 أغسطس, 2017 - 22:34

الأخبار (نواكشوط) – يتلمس المدير الجديد لوكالة سجل السكان والوثائق المؤمنة أحمد ولد المختار ولد بوسيف خطاه وهو يتقدم نحو إدارة إحدى أكثر الإدارات الرسمية إثارة للجدل خلال السنوات الأخيرة، ويرث تركة "من الإجراءات المعقدة"، - بشهادة الرئيس ووزير داخليه – وتبعات مالية لمئات  الأشخاص من أعضاء اللجان التي كانت في فروع الوكالة في نواكشوط والداخل، ولم تتسلم أي تعويض منذ سنوات.

 

"إرث" من التعقيد، و"تبعات" مالية لم يمهلا الإداري المدير الجديد للوكالة كثيرا، ولم يمنحاه الفرصة للالتقاط أنفاسه، أو أخذ "ًصورة" عن المشروع الذي تقول الحكومة إن البلاد تعول عليه في أمنها، ونهضتها، وخططها التنموية والاقتصادية، حيث حضرا على السطح بقوة، وفي الأسابيع الأولى لتوليه المنصب.

 

من الرئيس إلى المراجع العادي

الشكوى من تعقيد إجراءات وكالة سجل السكان، امتد من الرئيس ولد عبد العزيز إلى وزير داخليه – وهو الوزير الوصي على الوكالة – إلى طوابير المواطنين أمام مراكز الوكالة في العاصمة نواكشوط وفي الداخل.

 

يوم 17 إغسطس الجاري أدى ولد عبد العزيز زيارة لمركز الحالة المدينة في مقاطعة الرياض بالعاصمة نواكشوط، حث في ختامها القائمين على الوكالة على "تخفيف معاناة المواطنين وضمان تزويدهم بأوراقهم المؤمنة في أقرب الآجال وفي ظروف جيدة".

 

بعدها بأسبوع كان وزير الداخلية أحمد ولد عبد الله في مقر فرع الوكالة في ولاية نواكشوط الغربية، وذلك يوم الخميس 25 – 08 – 2017، وكان صريحا في تحديده لهدف الزيارة، وهو "الشروع الفوري في تنفيذ تعليمات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز بهذا الخصوص بعد زيارته الأخيرة لبعض المراكز التابعة للوكالة في بعض مقاطعات العاصمة والهادفة إلى تبسيط الإجراءات وتقريب الخدمات من المواطنين في عموم البلاد والتجاوب الفوري والمسؤول مع المراجعين". حسب نص حديث الوزير في الاجتماع

 

وشدد ولد عبد الله "على ضرورة تقريب خدمات هذا المرفق العمومي من المواطنين في عموم البلاد مع مراعاة الضوابط القانونية والفنية المعتمدة لديها للحصول على الوثائق المؤمنة".

 

ولم يكن عشرات المواطنين المتجمهرين في طوابير أمام فروع الوكالة في نواكشوط أكثر تحفظا في إبداء ملاحظاتهم على إجراءات الوكالة، والتي تبدو في بعض الأحيان كان لو كانت تعجيزية، أو تهدف لإذلال المواطنين وإهانتهم.

 

الحسين ولد المختار – وهو أحد مراجعي الوكالة – يتهم عمال الوكالة بتعمد إهانة المواطنين ومماطلتهم، ويقول في حديث للأخبار من أمام أحد مراكز الوكالة: "بعد أن تدخل الطابور وتنتظر وقتا طويلا للحصول على مستخرج أو وثيقة بسيطة تفاجأ بأحد العمال عن استخراجه وهو يقول  إن الشبكة غير متوفرة، ويسد الباب أو النافذة في وجهك، ويضيع يوم من عمرك، فيما لا طائل من ورائه".

 

ويتساءل محمدن – وهو شاب ثلاثيني تخرج من  كلية الاقتصاد 2012 - عن السبب الذي جعل الوكالة تضيف اسم العائلة في جواز السفر الجديد رغم أنه ليس موجودا "لا في شهاداتنا للباكلوريا ولا شهادتنا الجامعية"، مضيفا هذا يعني أنه "لا علاقة بين الشهادة وجواز السفر، وهذه خطوة غير مدروسة، ولا مبررة".

 

تطابق الأوراق، وتحميل المواطنين مسؤولية أخطاء عمال الوكالة في كتابة الأسماء، والمضاربة في أسعار الوثائق ليست سوى عينات من مشاكل يعددها المرابطون أمام مراكز الوكالة.

 

ويزداد الأمر سوءا مع اقتراب مواسم المسابقات والامتحانات، وخصوصا امتحان ختم الدروس الابتدائية، حيث فرضت الحكومة على الأطفال المشاركين فيها الحصول على بطاقات تعريف ما استدعى من ذويهم المرابطة لأيام – بلياليها أحيانا – أمام المراكز لإكمال الإجراءات.

 

تبعات مالية كبيرة

وفضلا عن تعقيد الإجراءات تبدو التبعات المالية للوكالة كبيرة، فعمالها الرسميون يطالبون بعشرات الملايين من العلاوات التي لم تصرف منذ فترة طويلة، وأعضاء لجان تحديد الهوية لم يجدوا أي تعويض منذ 36 شهرا.

 

وتقدر تعويضات هؤلاء بعشرات الملايين من الأوقية، وقد حصلوا على وعود متكررة من الإدارة السابقة واللاحقة بتسوية مشكلهم، وصرف رواتبهم دون أن يتحقق ذلك، حسب حديث أحد أعضاء هذه اللجان، وهو عسكري طلب عدم ذكر اسمه.

 

وتتشكل اللجان عادة من ممثلين عن مختلف أجهزة الأمن، وكذا عن الإدارة المحلية والبلدية، وكانت إدارة الوكالة تصرف لهم تعويضا شهريا قبل أن يوقفه المدير السابق للوكالة امربيه ولد الحضرمي.

 

أجهزة متهالكة

وضمن التبعات المالية للوكالة يتحدث رؤساء مراكز عن تهالك الأجهزة التي تعتمد عليها الوكالة في عملها حيث لم يتم تجديدها منذ سنوات، ويقول أحد رؤساء المراكز في حديث للأخبار: "الكثير من وقتنا وأوقات مراجعي المركز يضيع بسبب تهالك الأجهزة، سواء أجهزة الكومبيوتر، أو أجهزة سحب الأوراق، أو أجهزة توفير الشبكة، فضلا عن المولدات الكهربائية التي تعتمد عليها بعض المراكز".

 

ويضيف رئيس المركز أن عدم تجديد الوكالة لأجهزتها منذ انطلاقتها يشكل إحدى العقبات التي تعرقل عمل الوكالة، فضلا عن العراقيل الأخرى التي يصفها بالموضوعية، والتي جاءت نتيجة تطبيق إجراءات صارمة مع انطلاق المشروع، وكانت ضرورية – حسب قوله – لنجاح التجربة.