الأخبار (نواكشوط) شهدت العديد من المدن الموريتانية صباح ومساء الإثنين، مظاهرات ومسيرات احتجاجية منددة بعملية اغتصاب تعرضت لها فتاة، وطالبة جامعية تدعى لالة بنت سيدي محمد، داخل منزل أسرتها في مقاطعة دار النعيم بولاية نواكشوط الشمالية.
المظاهر الاحتجاجية التي أبانت الصور المتداول كما جماهيريا غفيرا للمشاركين فيها، وانتشارا جغرافيا واسعا، كانت امتدادا لحراك على وسائط التواصل الاجتماعي مندد بالحادثة، وداع لمحاسبة الجناة.
الإدارة العامة للأمن الوطني، نشرت بعد ساعات من تصاعد تداول قضية الفتاة، خبرا على صفحتها في الفيسبوك يفيد بتوقيف ثلاثة أشخاص وصفتهم بـ"القُصر"، وأكدت اعترافهم بارتكاب الجريمة وضبط أدلة بحوزتهم من بينها هاتف الضحية.
بقعة الضوء
مع تداول الحادثة التي وقعت في فجر 28 من نوفمبر، والذي يصادف ذكرى استقلال موريتانيا، بدأت الحادثة في الانتشار عبر مواقف التواصل الاجتماعي، لكن حجم التفاعل معها ظل محدودا في عمومه.
صباح اليوم المالي، كتب الدكتور عبد العزيز اظمين قصة قصيرة بعنوان "اغتصبوني" تحكي مشاعر الفتاة التي تعرضت للاعتداء، تداولها آلاف الأشخاص على وسائط الاتصال وخصوصا الفيسبوك، ورفعت أجزاء منها كشعارات في الحراك الشعبي الواسع.
وتناول عدد من الأدباء مثل الدكتور التقي ولد الشيخ في منتوجهم اللحظي مشاعر الفتاة وواقع التعامل مع الجناة في البلاد، داعين لتغيير الواقع، ووضع حد للأحداث المماثلة المؤلمة والمتكررة.
الشعب والشريعة
قبل بداية التظاهرات الشعبية الميدانية بساعات، تداول نشطاء التواصل الاجتماعي بشكل واسع وسماً (هاشتاكا) حمل عنوان "نريد تطبيق الشريعة"، ورفعت خلال التظاهرات بشكل لافت نفس الشعارات.
ذوو الفتاة الضحية، وخلال لقاءات صحفية مختلفة أبانوا عن رغبتهم المتمحضة في تطبيق ما تنص عليه الشريعة في حق الجناة، هم أيضا، فيما شدد والد أحد المشمولين في الملف على براءته من ابنه وما اقترف، ورضوخه وانقياده لما تُقره الشريعة، ويرضي الطرف المتضرر.
عفوية وتناغم
ولم تبرز للعلن أي دعوات للتظاهر في مختلف مدن البلاد عن جهة سياسية أو حقوقية محددة، إنما كان التجمهر بشكل عفوي وبدعوات من بعض نشطاء التواصل الاجتماعي.
فيما أصدرت عدة منظمات حقوقية وهيئات سياسية بيانات منددة بالحادثة، وحضرت أوجه سياسية وحقوقية في ميدان التظاهر.
مصير مؤرق
على الرغم من القبض على الشبان الثلاثة المشتبه بهم، ووضعهم قيد الحراسة النظرية إلا أن خيبة أمل شابت تعاطي المواطنين مع وصف الشرطة للمتهمين بالقُصر، وإحالتهم للمفوضية المختصة.
وفي ذات السياق رأى المحامي البارز محمد المامي ولد مولاي اعل أن المنظومة القانونية الموريتانية تعاني اختلالا فيما يخص جريمة الاغتصاب، لم تعد معه تحقق الردع المطلوب، حيث تصنف حاليا جريمة زنا وإكراه عليه معاقبان بحد الزنا إن توفرت شروطه، والأشغال الشاقة المؤقتة، مما يجعل المحاكم غالبا تحكم بالتعزير، أي الأحكام الشاقة.
ودعا ولد مولاي اعل إلى تدخل المشرع وإخراج الجريمة من دائرة جريمة الزنا وإدخالها في جريمة الحرابة.