على مدار الساعة

فيالق الغدر

11 سبتمبر, 2017 - 12:23
المصطفى ولد أحمد سالم الشريف

موريتانيا تفتك موقعا في الزحام.. تتقدم إلى الأمام، موريتانيا تسمع صوتها تضع يدها بصمتها تمسك الملفات إقليمية كانت أم دولية في عالم لا يجامل الضعفاء لا يتكرم لا يواسي البؤساء. إنها باختصار أصبحت مستفِزه للبعض.

 

ولكن للأسف لا أحد يحتفي يذكر يشكر.. {وقليل من عبادي الشكور} عند بعضنا عقدة التنقيص السخرية من كل شيء لا يكاد يسلم منه شيء لا يعجبه شيء حالة إنكار تلازمه تطوقه تكبله تقزمه.

 

هؤلاء النفر القليل يوميا ينشرون على شبكات التواصل كل المعايب والمنكرات عن بلادهم، عن شعبهم، عن تاريخهم، عن حاضرهم..

 

لذلك لا يمكن أن نلوم الآخر عن كل تجاوز إساءة فنحن من نقدم له نرسم الصورة.. المنظمات الأمريكية التي حطت في مطار أم التونسي دون سابق إعلام، بالتأكيد أصيبت بخيبة كبيرة، فاجأها المكان الإنسان.. هنا دولة. هنا قانون، هنا نظام، إن الصورة التي كانت بحوزتهم قدمها لهم سماسرة الحقوق عندنا، لقد خدعوهم، كانوا يعتبرون أنفسهم قادمون إلى أحياء بدوية حيث القوافل ومجلوب السودان من الفول والعبيد والذهب. حيث لا دولة ولا قانون قبائل تنتهب المكان وتمارس الاسترقاق.

 

من يستمع إلى خطاب ومراسلات المعارضة والمنظمات يخيل إليه أن البلد يعيش حربا وصراعا عرقيا مدمرا، ولعل إصرار المنظمات الأمريكية على المرابطة عند حدودنا الجنوبية ما يفسر حرصهم على التواجد والتواصل عن قرب مع وكلائهم المحليين، إن هذه المنظمات هي الكتائب المتقدمة لحركة الكشوف الاستعمارية الجديدة، وهي النواة الصلبة لمشروعه، إنها مجاميع مدربة على جمع المعلومات وتحليلها وتلغيمها، وزرع الكمائن للدول وابتزازها، قطاع طرق العولمة الجديدة، إنها كتائب أمنية بغلاف مدني حقوقي، لا تضيع وقتها، دولاراتها، إنهم يعملون على تحقيق أهداف ومصالح للهيمنة على الدول ومقدراتها، وإشعال الحرائق للسيطرة على الموارد، وإفراغ الدول من كفاءاتها العلمية، وتركها هياكل عارية، والرمي بالبقية في عرض البحر، ونفيه في الأرض لتخصيب أوروبا وغيرها من المواطن الباردة التي يجتاحها الصقيع.

 

وهكذا نشاهد كل يوم الدول والشعوب تترك على صفيح نار الفتن لاستخلاص شحومها ودهونها.

 

منظمات العقوق المحلية والنفاق والشقاق الأمريكية ردت على أعقابها، ولكنها عاودت الكرة، وهي ترابط  اليوم على حدودنا الجنوبية  الرخوة دائما، ربما أملا في الدخول أو التسلل، أو التواصل مع وكلائهم ومندوبيهم في موريتانيا، ولعل هذا الإصرار يكشف لنا حجم التآمر، وما يراد ويكاد لنا. إن الاحتفاء الدائم والتكريم والتوشيح المتواصل لكبيرهم في العواصم الغربية، ليس عبثا ولا كراما فائضا، وإنما يدل على أن الرجل يتم إعداده منذ فترة والدفع به للترشح للرئاسيات كل حين، ليكون الحصان المحشو هذه المرة بالكراهية والعنصرية والتعصب الأعمى، لتفجير البلد من الداخل إن الانتخابات في إفريقيا كالأعاصير، لا تمر دائما بسلام، وهي إحدى بوابات الجحيم التي تنفتح كل مرة في إفريقيا. لكن لا نقول إلا الحذر ثم الحذر ومزيدا من الرصد والتتبع لهذه الضباع، إن الشجاعة مطلوبة ولكنها لوحدها لا تكفي، وعلينا التحرر من التوصيفات والموازين القديمة للأشخاص والقضايا. وأن نعي جيدا التغيرات الحاصلة في العالم من حولنا، فكم من تافه سوقي أضحى بفعل الإعلام الموجه ومنصات التواصل شيئا يذكر، تتلقفه منظمات وأجهزة الدول لتوجهه حيث أرادت دليلا وتابعا، ينفذ لها ما عجزت عنه أو استقذرته.  موريتانيا مجال يغري وكنز يثري، يدفع بكل المغامرين واللصوص لوضع أيديهم وقبضاتهم في الجيوب وعلى الطاولة.

 

إن أم التونسي المطار والتذكار تحمل كل الإجابة لهؤلاء الطامعين وغيرهم، إنه العنوان الكبير الذي يلخص قوة وصلابة وشرف رجال الصحراء، واستعدادهم الدائم للبذل والتضحية في سبيل أن تظل العروبة والإسلام في هذه الديار حياض نضرة عليها سور من الله مدور.