الأخبار (نواكشوط) قال أخصائي جراحة الأعصاب، وعضو المجلس الوطني للصحة، لبروفسير سيد محمد ولد صالحي الملقب شياخ، إن المجلس رفع 460 مريضا للخارج خلال العام 2024، مقابل 1600 مريض تم رفعهم في العام 2006.
ولفت في مقابلة مع الأخبار، أن المجلس الوطني للصحة يتكون من رؤساء أقسام أكبر التخصصات التي تطرح مشكلة في التكفل بها محليا.
وأشار إلى أن المنظومة الصحية في البلاد "يوجد فيها شبه تشتت في الخبرات" مضيفا أن البلد بحاجة إلى مستشفى كبير يجمع جميع التخصصات، بحيث يتيح لفرق لأطباء النقاش جنبا إلى جنب مع تداول الآراء على الحالات الصحية والحالات العويصة".
ونبه إلى أن المستعمر لم يترك في موريتانيا أي مستشفى، لافتا إلى أن أول مستشفى موريتانيا هو المستشفى الوطني الذي أقيم 1966.
ما هي النصائح التي تقدمونها للصائمين من أجل المحافظة على صحتهم العامة؟
لبروفسير شياخ: أشكر الأخبار على الاستضافة، بالنسبة للصوم علميا هو رياضة للبدن، لأن البدن مكون من أجهزة كالمصانع والمحولات التي تمكنها صناعة كل شيء من المواد المتوفرة لها، مثل المواد الدهنية التي يمكنها تحويلها إلى سكريات والعكس صحيح.
كما أن لدى الجسم قدرة على التخزين، ومن الضروري أن يتدرب عليها.
والتوقف عن الأكل جزء من هذا التدرب، فالصوم إذن يجعل الجسم يحافظ على هذه الخاصية، وبالتالي أنصح به حتى في زمن غير رمضان لأن فوائده مثبتة طبيا، وأنصح أيضا بالصيام المتقطع بالنسبة لمن هو في مجتمع معين فيجب أن يصوم صياما متقطعا للمحافظة على هذه الخاصية وإلا سيفقدها ويتعود الجسم على التخزين فقط، وهو ما يسبب الأمراض الكثيرة بما في ذلك السكري وارتفاع الضغط.
وبالنسبة لشهر الصيام لا بد أن يعلم الصائم أن الصيام عبادة إضافة إلى أنه رياضة للبدن، وعليه أن يحد من استهلاك السكريات والشحوم حتى يحصل على الفوائد الصحية للصوم.
حبذا لو تحدثتم للجمهور عن واقع الصحة في البلاد؟
لبروفسير شياخ: بالنسبة لواقع الصحة في البلاد، لا أريد أن أقول إن هناك خطوات جبارة لكن في الواقع نحن بدأنا من العدم وأصبحنا في المستوى المغاربي.
فمن يرجع للتاريخ القريب سيجد أن الاستعمار لم يترك لنا أي منظومة صحية عكس بعض الدول التي كان لديه فيها قواعد ومواطنون كثر، أما نحن فلم يقم على أرضنا منظومة صحية وبالتالي بعد الاستقلال لا يوجد ممرضون كثر ولا أي مستشفى، هناك أطباء أجانب يخصصون للبعثات الدبلوماسية الموجودة أو العساكر الأوروبية، وبالتالي لا يوجد لدينا كلية للطب ولا مدرسة للصحة، وأول طبيب موريتاني تخرج سنة 1966 وكان طبيبا عاما وبعد ذلك تخرج طبيب آخر ولكن ليس لديهم أجهزة الفحوص والمتوفر حينئذ من الأدوية قليل فكل ما هو متوفر بعض (برستامول) وبعض المضادات الحيوية، ولا يوجد وسائل للتشخيص غير جهاز الضغط ومقياس الحرارة.
ولاحقا وبشكل تدريجي بدأت تتكون منظومة صحية تقوم أساسا على بعض الممرضين، فأصبح في كل ولاية ممرضان اثنان ويقومان بدور الطبيب والجراح، وفي 1980 وما بعد ذلك تخرج أول جراحين من الاتحاد السوفيتي ثم آخران من السنغال هما البروفسير سيد أحمد ولد مكيه والدكتور عبد الرحمن ولد أحمدو، وبدأوا الجراحة على مستوى نواكشوط، أما الداخل فلا يوجد فيه أي نوع من العمليات لا الزائدة الدودية ولا الولادة القيصرية.
وعلى العموم المنظومة الصحية مسؤولية الأطباء هم الذين يطورونها ويخلقونها، ودور الحكومة هو تنسيق عملهم ومساعدتهم عليه.
كان أول جهاز فحص (تلفزة) تحصل عليها موريتانيا في 1990 مع وصول أطباء الأشعة الأوائل عبد الله ولد بوبكر وأحمدو ولد موسى، وأول اسكانير في البلد كان عام 1996، وفي الواقع الدولة لم تكن عاجزة عن اقتنائه ولكن لا يوجد من تقدم لطلبه.
وبداية جراحة الأعصاب لم يكن هناك تشخيص، فمن أصيب بالشلل لا يوجد تشخيص له، وبالتالي قد يتسب له في الوفاة، وعندما حصلنا على جهاز اسكانير أصبح هناك تشخيص لحالات نادرة ترفع للخارج، وأول جراحة للأعصاب أجريتها أنا والدكتور سوماري سنة 2001، كما كانت هناك بعثات طبية موسمية قليلة لإجراء عمليات بسيطة في الظهر وعمليات للدماغ غير متاحة هنا ولا توجد وسائل لتشخيصها.
اليوم بالنسبة للتخصص الذي أعنى به وهو جراحة الأعصاب يمكن أن نقول إن مستواه مغاربي، فقد تجاوزنا مستوى إفريقيا جنوب الصحراء بالوسائل التقنية والخبراء ووسائل العمل، والسر في ذلك أننا بدأنا المنظومة من الواقع، وبدأنا العمل انطلاقا من ما هو موجود وتطورنا تدريجيا فقد كنا اثنان، وبعد ذلك جاء ثالث إلى أن سيطرنا على المستوى القاعدي وبدأنا نكون الشباب فكل خريج جديد نبتعثه ليتكون على نوع معين من العمليات مع مراعاة نواقصنا.
وبالنسبة لمواد التشخيص فعندي تخرجي كان يوجد اسكانير واحد في نواكشوط، والآن كل ولاية يوجد فيها اسكانير بل في مدينة كيفة يوجد اثنان، والرنين المغناطيسي أول جهاز حصلنا عليه في 2009 و2010 والآن أربعة في نواكشوط وواحد في نواذيبو، وبالتالي المنظومة الصحية على العموم وفي التخصصات جميعا هناك تقدم ملحوظ مقارنة بما قبل 10 سنوات و15 سنة، والآن قليلا ما نجد تخصصا لا يوجد فيه مستوى مغاربي، والسبب في قولي مغاربي لأننا نظر للجهة التي ترفعنا إلى الأمام، مثلا كل طبيب معين يقارن نفسه بمستوى معين من أجل أن يتطور إليه.
ما هي أبرز التحديات التي تواجه المنظومة الصحية؟
لبروفسير شياخ: المنظومة الصحية يوجد فيها شبه تشتت في الخبرات لأنه ينقصنا مستشفى كبير يجمع جميع التخصصات، ولا ننسى أن المستعمر لم يترك لنا أي مستشفى وأول مستشفى لدينا هو المستشفى الوطني الذي أقيم عام 1966 وهو مخصص لنواكشوط، والآن هو أكبر مستشفى في البلاد، وهناك مستشفيات أخرى متخصصة، ولكن ينقصنا مستشفى يجتمع فيه كل ذلك بحيث يتيح لفرق لأطباء النقاش جنبا إلى جنب مع تداول الآراء على الحالات الصحية والحالات العويصة، وعلى العموم هناك تطور في المنظومة الصحية.
تتولون رئاسة المجلس الصحي، وهو الجهة المسؤولة عن تحديد مدى أحقية المرضى في الرفع إلى الخارج من عدمه، هل من معطيات وأرقام عن المعدلات السنوية وأبرز الأمراض التي تتطلب الرفع؟
لبروفسير شياخ: بالنسبة للمجلس الوطني للصحة يتكون من رؤساء أقسام أكبر التخصصات التي تطرح مشكلة في التكفل بها محليا، وأنا أمثل فيه جراحة الأعصاب. وعلى العموم سأعطيكم أرقاما فمثلا سنة 2006 تم رفع 1600 شخص تقريبا للخارج وهذه السنة رفع للخارج 460 شخص فقط، هؤلاء الذين كانوا يرفعون سنة 2006 لم يعودوا يرفعون الآن والذين يرفعون الآن لم يكونوا يشخصون في تلك الفترة، من يحق لهم الرفع؟ أي مواطن أثبت أنه لا يوجد له علاج في موريتانيا ولديه علاج بناء في الخارج يرفع إما لديه تأمين في الصندوق الوطني للضمان الصحي فهو متكفل به مع إحدى العيادات الخاصة في المغرب العربي أو في أوروبا أو ليس لديه تأمين يأتي بشهادة فقر لتتكفل به وزارة العمل الاجتماعي في أكبر مستشفيات المغرب العربي.
وأي حالة ردها المجلس فيمكن للطبيب أن يرافع عن الملف ويناقش المجلس الذي في قراره وقد يقنعه ليوافق على حالته، ولا يوجد أي سقف للموافقة بل بالعكس فلم يكن نقص المبلغ والتكلفة شرطا للرفع، بل الجانب غير الإيجابي للتداوي في الخارج هو أن مؤسسات التأمين متعاقدة مع مستشفيات عالية الجودة لا تقارن بالمنظومة الصحية بالبلد أحرى بالمنظومة الصحية عندنا.
وبالتالي المواطنون عندما يأتون لعيادات على مستوى دولي ويرجعون إلى هنا تراهم يقارنونها بالواقع هنا، والحال أنهم كانوا في عيادات خاصة ولم يزوروا المستشفيات العمومية في تلك البلدان فعادة الخدمة العمومية متشابه في دول شبه المنطقة وفي السنوات الأخيرة وفي هذا العام بالذات هناك تطور كبير بحيث أننا كان أكثر الحالات التي نرفعها للخارج هي تخصص العيون وقد تم اقتناء التجهيزات اللازمة لعلاج هذا النوع من الحالات، وأيضا الجانب الخلفي للعينين عندما يقع نزيف للعينين أو مرض للشبكية لا بد من الرفع ويجب أن يقدم العلاج خلال ست ساعات الموالية، وإجراءات الرفع والتشخيص تتطلب يومين أو ثلاثة والآن أصبح المريض يتعالج بفضل اقتناء المعدات وتدريب الكادر البشري والاستعانة بالخبرات الأجنبية التي يعملون هنا ونستعين بخبرتهم، وهناك مشروع لاقتناء جهاز اسمه (بت إسكان) يخول لنا التفريق بين الورم الخبيث والورم العادي، وسيتم اقتناؤه قبل نهاية السنة وأظن أنه غير موجود في شبه المنطقة.
وبالنسبة للرفع لا أقول إنه خاصية إيجابية لأن دول المنطقة لا ترفع للخارج، فالعلاج إما أن يكون لديهم أو لا، المنظومة الصحية أنشئت على أن أي شخص لا يمكن أن يتداوى هنا يرفع للخارج والرفع ليس هدفا والهدف النهائي هو التكفل بالحالات التي لا يمكن أن يتكفل بها حاليا، وكذلك اقتناء الآلات اللازمة والتكوين اللازم، أظن أن الهدف أصبح قريب التحقق بعد البدء في تقديم العلاج لذوي أمراض العيون، وسيتناقص العدد إلى النصف تقريبا، ولكن ما زال لدينا جراحة القلب لدى حديثي الولادة وسيكون في مقدور المركز الوطني لأمراض القلب التكفل بها ابتداء من السنة القادمة.
ما هو المجال الصحي الأكثر تقدما في البلد؟
لبروفسير شياخ: هناك مجالات وصلنا فيها للتميز المستوى المطلوب مثل جراحة أمراض القلب وجراحة العينين وجراحة العظام، والجراحة العامة وجراحة الأعصاب، وبعد أن كان لدينا نقص في أمراض العينين بدأنا نصل للمستوى المطلوب وجراحة الجانب الخلفي للعينين هناك دول في الجوار لا يوجد فيها.
بوصفكم منسقا لمستشفى سلمان أين وصل هذا المشروع؟
لبروفسير شياخ: بالنسبة لمستشفى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أعلنت مناقصة لاختيار الشركة التي ستتولى البناء والتجهيز، من بين الشركات التي يحددها الممول وهو الصندوق السعودي للتنمية، ومن المتوقع أن تفرز النتائج في نهاية الشهر الرابع وأن تبدأ الأشغال في الشهر السادس. وهذا المستشفى سيلبي حاجيات المنظومة الصحية من معدات وكادر بشري وتقنيات