على مدار الساعة

لا تدفعوا الأمور نحو التفريط ولا الإفراط

28 أبريل, 2025 - 15:32
بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن,

يعيش البلد أوضاعا خاصة تستدعى الحذر، فقضية الحدود تمثل خطرا حقيقيا، وكل ما تقوم به الدولة في هذا الصدد، مبررا بامتياز، ولا يمكن أن يبرر أي كان باستهداف المواطنين في موضوع التهجير، ولا غرابة في حدوث أخطاء ولكنها قطعا غير مقصودة، وأما الإساءات الإيراوية المقززة، فغير جديدة، وأما تمترسهم خلف البرلمان، وإثارتهم للفوضى في ساحات الإعلام والرأي العام، فغير لائق ولا يخدم السكينة العامة، ولكن رفع الحصانة واستهداف البرلمانيين المتواصل، عند كل مخالفة، لا يخدم الاستقرار أيضا ولا يخدم سمعة الديمقراطية، ولو كان ذلك مبررا قانونيا.

 

فلا ينبغي أن ينشغل الرئيس غزواني ولا الرئيس مكت بقصة رفع الحصانة، فبيرام ما يخوض فيه أحيانا من تطرف لفظي محض أسلوب يعتبره سياسيا لقنص بعض النقاط، تعود على إحرازها، عبر التحامل على البيظان والحكومة وغير ذلك، بل العلماء أحيانا، لكنه في الفترة الأخيرة اتجه للتهدئة، وأصبحت له تجربة وأصبح يجانب الغلو، ويمكن أن يمارس العمل الحقوقي والسياسي، دون اللجوء للتطرف وتحريك جو الاستقرار والهدوء، وأما انشغال الرئاستين التنفيذية والبرلمانية برفع الحصانة عن مريم وقامو، فهذا لا يليق، فالتساوي في ردود الفعل غير مناسب، وقد يصب في مرحلة معينة في الصراعات العقيمة، والأفضل التسامي والصبر والترفع عن مستوى المتطرفين والمتطرفات، ومن حق الدولة تطبيق القانون، لكن الإصرار دائما على التطبيق الحرفي للقانون، قد لا يخدم أحيانا، منطق الاستقرار واللحمة.

 

ومن أجل تهيئة الأجواء للحوار تم العفو عن البعض بينما بقي آخرون بنفس التهم في السجن، والدولة لها اجتهاداتها الخاصة وحساباتها، لكن المبالغة في تتبع أخطاء بعض المدونين وازدواجية المعايير في هذا الملف علق عليه البعض، ولعله من الأفضل تبنى نهج الاعتذار عند توجيه التهم، كما يحصل في أرقى الديمقراطيات.

 

ففي أمريكا مثلا، عندما يصل المتخاصمون في مثل هذه النزاعات، يطلب القاضي من المتلفظ بعبارات مثيرة، مجرد الاعتذار، وقانون الرموز غريب في نسقه، فمن تولى المسؤولية العمومية، ولا غرابة أن يقصر فيها لعدم تمتعه بالعصمة، من واجبه أن يصبر على شكوى المواطنين وحتى سخريتهم وإيذاءهم أحيانا، وقانون الرموز لم يكن في قاموس القانون الموريتاني ولا الديمقراطية الموريتانية، ومن المطلوب احترام الرؤساء مع حق انتقادهم، بصيغة مؤدبة محترمة.

 

لكن الانشغال الزائد بالهفوات عند بعض المدونين أو في ساحة حرية التعبير عموما، زاد من حالات التوقيف والسجن وضيق على حرية التعبير وشغل الرأي العام في المقابل بمتابعة مسلسل الملفات القضائية بحق المخالفين، مع ما يجر ذلك على حرية التعبير من تضييق، رغم التساهل أحيانا مع المخالفين في مجال تسيير المال العمومي!

 

ولا غرابة أن ينشغل صاحب الفخامة، محمد ولد الشيخ الغزواني بالأولويات، على غرار مكافحة الهجرة غير الشرعية، عبر حماية الحدود وتطبيق القانون على المقيمين غير الشرعيين، مع حماية المال العمومي والحريات الأساسية، بعيدا عن ازدواجية المعايير، التي قد يقع فيها البعض.